مشاهدة النسخة كاملة : من صفحات التاريخ: صفحات مشرقة ومضيئة جدا
Saowt
04-08-2006, 11:02 AM
في معركة اليرموك خرج من بين صفوف الروم جَرَجَة –واسمه جورج بن تيودور، وكان يجيد اللغة العربية– حتى كان بين الصفين ونادى: ليخرج إليّ خالد، فخرج إليه خالد دون تردد، وأقام أبا عبيدة مكانه، فوافقه بين الصفين حتى اختلفت أعناق دابتيهما، وقد أمّن كل منهما صاحبه.
فقال جرجة: يا خالد اصدقني ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله، هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاكه فلا تسلّه على قوم إلا هزمتهم ؟؟
خالد: لا.
جرجة: فيم سميت سيف الله المسلول؟
خالد: إن الله عز وجل بعث فينا نبيه صلى الله عليه وسلم، فدعانا فنفرنا عنه ونأينا عنه جميعاً، ثم إن بعضنا صدّقه وتابعه وبعضنا باعده وكذّبه، فكنت فيمن كذبه وباعده وقاتله، ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به فتابعناه، فقال: أنت سيف من سيوف الله سلّه الله على المشركين، ودعا لي بالنصر، فسميت سيف الله بذلك، فأنا من أشد المسلمين على المشركين.
جرجة: صدقتني. ثم أعاد عليه جرجة: يا خالد.. أخبرني إلام تدعوني؟
خالد: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند الله.
جرجة: فمن لم يجبكم؟
خالد: فالجزية، ونمنعهم.
جرجة: فإن لم يعطها؟
خالد: نؤذنه بحرب ثم نقاتله.
جرجة: فما منزلة الذي يدخل فيكم ويجيبكم إلى هذا؟
خالد: منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا، شريفنا ووضيعنا، وأولنا وآخرنا.
جرجة: هل لمن دخل فيكم اليوم يا خالد مثل مالكم من الأجر والذخر؟
خالد: نعم وأفضل..
جرجة: وكيف يساويكم وقد سبقتموه؟
خالد: إنا دخلنا في هذا الأمر وبايعنا نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو حي بين أظهرنا، تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتب ويرينا الآيات –المعجزات–، وحقّ لمن رأى مثل ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا.
جرجة: بالله، لقد صدقتني ولم تخادعني ولم تألفني؟
خالد: بالله، لقد صدقتك، وما بي إليك ولا إلى أحد منكم حاجة، وإن الله لوليّ ما سألت عنه.
جرجة: بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ولم تألفني، علمني الإسلام!!
فمال به خالد إلى فسطاطه، وسكب على جسمه الماء من كل جهة لكي يتطهر قبل صلاته، ثم صلى ركعتين بعد أن علمه خالد الصلاة. ثم إنه دخل إلى جانب المسلمين المعركة... وقاتل حتى استشهد رحمه الله تعالى..
mohammad
04-08-2006, 12:59 PM
رحمه الله
لا حُرمت ِ أجرَه
من هناك
04-08-2006, 04:52 PM
نريد صورة مشرقة اخرى
Saowt
04-08-2006, 05:44 PM
إن شاء الله
وإن كان لديك واحدة فأتحفنا بها
من هناك
04-08-2006, 06:06 PM
انا فقير :)
Saowt
04-11-2006, 10:38 AM
معركة القادسية
في العام الرابع عشر للهجرة وفي عهد عمر بن الخطاب، جمع يزدجرد طاقاته ضد المسلمين، فبلغ ذلك المثنى بن حارثة الشيباني، فكتب إلى عمر، فقال عمر: والله لأضربنّ ملوك العجم بملوك العرب، وأعلن النفير العام للمسلمين أن يدركوا المسلمين في العراق.
واجتمع الناس بالمدينة.. فخرج عمر معهم إلى مكان يبعد عن المدينة ثلاثة أميال، على طريق العراق، والناس لا يدرون ما يريد أن يصنع عمر، واستشار عمر الصحابة في قيادته للجيش بنفسه.. فقرروا أن يبعث على رأس الجيش رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقيم هو ولا يخرج، واستشارهم فيمن يقود الجيش فقال عبد الرحمن بن عوف: إليك الأسد في براثنه، سعد بن أبي وقاص، إنه الأسد عادياً.
فاستدعاه عمر ووصاه، وأوصى الجيش الذي معه، وأمر سعد الجيش بالسير ومعه أربعة آلاف، ثم أمدّه بألفي يماني، وألفي نجديّ، وكان مع المثنّى ثمانية آلاف، ومات المثنى قبل وصول سعد، وتتابعت الإمدادات حتى صار مع سعد ثلاثون ألفاً، منهم تسعة وتسعون بدرياً، وثلاثمائة وبضعة عشر ممن كان له صحبة فيما بين بيعة الرضوان إلى ما فوق ذلك وثلاثمائة ممن شهد الفتح وسبعمائة من أبناء الصحابة، فنظم الجيش...
أما الفرس.. فقد أجبر يزدجرد رستم على قيادة الجيش الفارسي بنفسه، وأرسل سعد وفداً إلى رستم فيهم: النعمان بن مقرن المزني، وبسر بن أبي رهم، والمغيرة بن شعبة ، والمغيرة بن زرارة.
وسار رستم وفي مقدمته (الجالينوس) في أربعين ألفاً، وخرج هو في ستين ألفاً، وفي ساقته عشرون ألفاً، وجعل في ميمنته (الهرمزان)، وعلى الميسرة (مهران بن بهرام)، وهكذا تجمع لرستم 120ألفاً . ثم سار رستم حتى وصل الحيرة ثم النجف حتى وصل القادسية ومعه سبعون فيلاً، وأرسل إلى سعد أن ابعث إلينا رجلاً نكلمه ويكلمنا، فأرسل له ربعي بن عامر فدار بينهما حوار مشهور، وفي اليوم الثاني طلب رستم مقابلة ربعي فبعث له حذيفة بن محصن ليعلم رستم أن الجيش على قلب واحد، فحاوره بما يشبه الحوار الأول، وفي اليوم الثالث طلب رستم رجلاً آخر فأرسل له المغيرة بن شعبة ودار بينهما حوار جديد.
وعبر الفرس النهر في الصباح ونظموا جيشهم، ونظم سعد جيشه وحثهم على السمع والطاعة لنائبه خالد بن عرفطة لأن سعداً أصابته دمامل في فخذيه وإليتيه، فكان ينام على وجهه، وفي صدره وسادة، ويقود المعركة من فوق قصره، وصلى المسلمون الظهر، وكبّر سعد التكبيرة الأولى فاستعدوا، وكبّر الثانية فلبسوا عدّتهم، وكبّر الثالثة فنشط الفرسان، وكبّر الرابعة فزحف الجميع، وبدأ القتال والتلاحم.
ولما رأت خيل المسلمين الفيلة نفرت وركز الفرس ب (17) فيلاً على قبيلة بجيلة فكادت تهلك، فأرسل سعد إلى بني أسد أن دافعوا عن بجيلة، فأبلوا بلاء حسناً وردوا عنهم هجمة الفيلة، ولكن الفيلة عادت للفتك بقبيلة أسد، فنادى سعد عاصم بن عمرو ليصنع شيئاً بالفيلة، فأخذ رجالاً من قومه فقطعوا حبال التوابيت التي توضع على الفيلة، فارتفع عواؤها، فما بقي لهم فيل إلا أعري وقتل أصحابه، ونفّس عن قبيلة أسد، واقتتل الفريقان حتى الغروب، وأصيب من أسد تلك العشية خمسمائة كانوا ردء للناس، وهذا هو اليوم الأول من المعركة ويسمى أرماث، وهو الرابع عشر من المحرم.
Saowt
04-12-2006, 10:33 PM
وفي اليوم الثاني أصبح القوم، فوكّل سعد بالقتلى والجرحى من ينقلهم، وسلّم الجرحى إلى النساء ليقمن عليهم، وفي أثناء ذلك طلعت نواصي الخيل قادمة من الشام وكان في مقدمتها هاشم بن عتبة بن أبي وقاص والقعقاع بن عمرو التميمي، وقسّم القعقاع جيشه إلى أعشار وهم ألف فارس، وانطلق أول عشرة ومعهم القعقاع، فلما وصلوا تبعتهم العشرة الثانية، وهكذا حتى تكامل وصولهم في المساء، فألقى بهذا الرعب في قلوب الفرس، فقد ظنوا أن مائة ألف قد وصلوا من الشام، فهبطت هممهم، ونازل القعقاع (بهمن جاذويه) أول وصوله فقتله، ولم ير أهل فارس في هذا اليوم شيئاً يعجبهم.. فقد أكثر المسلمون فيهم القتل، ولم يقاتل الفرس بالفيلة في هذا اليوم لأن توابيتها قد تكسرت بالأمس فاشتغلوا هذا اليوم بإصلاحها، وألبس بعض المسلمين إبلهم فهي مجللة مبرقعة، وأمرهم القعقاع أن يحملوا على خيل الفرس يتشبهون بها بالفيلة، ففعلوا بهم هذا اليوم، وهو يوم أغواث، كما فعلت فارس يوم أرماث، فجعلت خيل الفرس تفر منها، وقاتلت الفرس حتى انتصف النهار، فلما اعتدل النهار تزاحفوا من جديد حتى انتصف الليل، فكانت ليلة أرماث تدعى الهدأة، وليلة أغواث تدعى السواد.
أصبح القوم لليوم الثالث وبين الصفين من قتلى المسلمين ألفان، ومن جريح وميت من المشركين عشرة آلاف، فنقل المسلمون شهداءهم إلى المقابر والجرحى إلى النساء، وأما قتلى الفرس فبين الصفين لم ينقلوا.
وبات القعقاع لا ينام، فجعل يسرب أصحابه إلى المكان الذي فارقهم فيه بالأمس، وقال: إذا طلعت الشمس فأقبلوا مائة مائة، ففعلوا ذلك في الصباح، فزاد ذلك في هبوط معنويات الفرس.
وابتدأ القتال في الصباح في هذا اليوم الثالث وسمي يوم عمواس، والفرس قد أصلحوا التوابيت، فأقبلت الفيلة يحميها الرجالة فنفرت الخيل، ورأى سعد الفيلة عادت لفعلها يوم أرماث فقال لعاصم بن عمرو والقعقاع: اكفياني الفيل الأبيض، وقال لحمال والربيل: اكفياني الفيل الأجرب، فأخذ الأولان رمحين وتقدما نحو الفيل الأبيض فوضعا رمحيهما في عيني الفيل الأبيض، فنفض رأسه وطرح ساسته، ودلّى مشفره فضربه القعقاع فوقع لجنبه، وحمل الآخران على الفيل الأجرب فطعنه حمال في عينه فجلس ثم استوى، وضربه الربيل فأبان مشفره، فأفلت الأجرب جريحاً وولى وألقى نفسه في النهر، واتبعته الفيلة وعدت حتى وصلت المدائن، ثم تزاحف الجيشان فاجتلدوا، وسميت هذه الليلة ليلة الهرير، وفي هذه الليلة حمل القعقاع وأخوه عاصم والجيش على الفرس بعد صلاة العشاء، فكان القتال حتى الصباح، وانقطعت الأخبار عن سعد ورستم، فلم ينم الناس تلك الليلة، وكان القعقاع محور المعركة.
فلما جاءت الظهيرة كان أول من زال عن مكانه الفيرزان والهرمزان فانفرج القلب، وأرسل الله ريحاً هوت بسرير رستم، وعلاه الغبار، ووصل القعقاع إلى السرير فلم يجد رستم الذي هرب واستظل تحت بغل فوقه حمله، فضرب هلال بن علفة الحمل الذي تحته رستم وهو لا يعرف بوجوده، فهرب رستم إلى النهر فرمى نفسه، ورآه هلال فتبعه وارتمى عليه، فأخرجه من النهر ثم قتله، ثم صعد طرف السرير وقال: قتلت رستم ورب الكعبة إليّ إليّ.
فانهارت حينئذ معنويات الفرس فانهزموا، وعبروا النهر فتبعهم المسلمون يخزونهم برماحهم فسقط من الفرس في النهر ثلاثون ألفاً. وقتل من المسلمين ليلة الهرير ويوم القادسية ألفان وخمسممائة، ومن الفرس في الليلة نفسها عشرة آلآف، ولحق زهرة بن الحوية الجالينوس فقتله.
Saowt
04-13-2006, 10:07 PM
وها هو أبو قدامة الشامي يقف خطيبا في يوم من الأيام على المنبر.. يَعِظ الناس ويذكرهم بفضيلة الجهاد في سبيل الله جل وعلا.. خرج من المسجد، وقد اشْرَأَبَّتْ الأعناق للذهاب إلى القتال في سبيل الله، وخرج يمشي في شارع من شوارع مدينته، وإذا بامرأة تقول: يا أبا قدامة السلام عليك، فلم يرد عليها السلام؛ ولم يرد عليها الثانية، وفي الثالثة قالت: السلام عليك يا أبا قدامة ما هكذا يفعل الصالحون.
قال: فتوقفت فتقدمت إليّ.. وقالت: سمعتك وأنت تشحذ الهمم للجهاد في سبيل الله، وفتشت، فلم أجد -والله- عندي غير ضفيرتَيْ شعري، فقصصتهما، فخذهما، واجعلهما لجامًا لفَرَسِك في سبيل الله؛ علَّ الله أن يكتبني من المجاهدات في سبيله.
يقول أبو قدامة: وفي اليوم التالي انطلقنا نريد الجهاد في سبيل الله، وإذا بغلام يأتي ويلحق بنا، ويقول: يا أبا قدامة سألتك بالله أن تجيزني في القتال في سبيل الله.
قلت: تطؤك الخيل بحوافرها.
قال: سألتك بالله إلا أخذتني.
قال: بشرط: إن قُتلت تشفع لي عند الله؟
قال: نعم..
فأخذته معي على فرسي، وانطلقنا حتى قابلنا الروم، وحينما قابلناهم قال: سألتك بالله ثلاثة أسهم.
قال: تضيعها إذاً.
قال: سألتك بالله ثلاثة أسهم..
فأعطيته، فأخذ سهما، وقال: باسم الله.. ثم أطلقه، فقتل روميا، ثم أطلق الثاني فقتل روميًا، ثم أطلق الثالث فقتل روميا ثالثًا، ثم جاءه سهم، فضربه في لبته، فأرداه من فوق الفرس وهو يقول: السلام عليك يا أبا قدامة سلام مودع، ثم سقط فسقطت وراءه، وقلت: لا تنسَ الوصية، لا تنسَ الوصية.
فما كان منه بعد ذلك إلا أن قال: خذ هذا وأعطِه أمي.
قلت: ومن أمك؟
قال: أمي صاحبة الضفيرتين التي أعطتك إياها بالأمس.
من هناك
04-14-2006, 03:11 PM
جزاك الله خيراً على هذا النقل.
هذه الصورة تبكيني كلما قرأتها. اللهم اجعلنا ممن يمشون على خطاهم ويتمثلون بسيرهم
Saowt
04-15-2006, 08:53 AM
أبو محجن الثقفي رضى الله عنه رجل من المسلمين كان قد ابتلي بشرب الخمر وطالما عوقب عليها ويعود ويعاقب ويعود.. بل كان من شدة تعلقه بالخمر يوصى ولده ويقول:
إذا مت فادفني إلي جنب كرمة ** تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني في الفلاة فإننــي ** أخاف إذا ما مت أن لا أذوقهــــــا
فلما تداعى المسلمون للخروج لقتال الفرس في معركة القادسية خرج معهم أبو محجن الثقفي رضي الله عنه وحمل زاده ومتاعه ولم ينس أن يحمل خمراً دسّها بين متاعه... فلما وصلوا القادسية طلب رستم مقابلة سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قائد المسلمين، وبدأت المراسلات بين الجيشين، عندها وسوس الشيطان لأبي محجن رضي الله عنه، فاختبأ في مكان بعيد وشرب الخمر، فلما علم به سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه غضب وحرمه من دخول القتال ثم أمر به فقيد بالسلاسل وأغلق عليه في خيمة.
فلما أبتدأ القتال وسمع أبي محجن صهيل الخيول وصيحات الأبطال، لم يطق أن يصبر على القيد واشتاق إلي الشهادة بل اشتاق إلى خدمة هذا الدين وبذل روحه لله تعالى.. نعم.. وإن كان عاصياً.. وإن كان مدمن خمر.. إلا أنه مسلم، يحب الله ورسوله، فأخذ يتحسر على حاله ويترنم قائلاً:
كفى حزناً أن تدحم الخيل بالقنى ** وأترك مشدوداً علـــــــيّ وثاقيــا
إذا قمت عنانـــي الحديد وغلقــت ** مصاريع من دوني تصم المناديــــا
وقد كنت ذا مال كثيــــــر وأخوة ** وقد تركوني مفرداً لا أخا ليـــــــا
فلله عهد لا أحيــــــــف بعهــــده ** لإن فرجت ألا أزور الحوانيــــــــــا
ثم أخذ ينادي بأعلى صوته.. فأجابته إمراة سعد: ماذا تريد؟؟
فقال: فكّي القيد من رجلي وأعطني البلقاء فرس سعد فأقاتل فإن رزقني الله الشهادة فهو ما أريد وإن بقيت فلك عهد الله وميثاقه أن أرجع حتى تضعي القيد في قدمي..
وأخذ يرجوها ويناشدها حتى فكّت قيده وأعطته البلقاء.. فلبس درعه وغطّى وجهه بالمغفر، ثم قفز كالأسد على ظهر الفرس وألقى نفسه بين الكفار يدافع عن هذا الدين ويحامي..
علق نفسه بالآخرة ولم يفلح إبليس في تثبيطه عن خدمة هذا الدين... حمل على القوم يلعب برقابهم بين الصفين برمحه وسلاحه.. تعجب الناس منه وهم لا يعرفونه ولم يروه في النهار.. ومضى أبو محجن يقاتل ويبذل روحه رخيصة في ذات الله... نعم مضى أبو محجن..
أما سعد بن أبي وقاص، فقد كانت به قروح في فخذيه فلم ينزل ساحة القتال.. لكنه كان يراقب القتال من بعيد، فلما رأى أبا محجن عجب من قوة قتاله.. وقال: الضرب ضرب أبي محجن والكرّ كرّ البلقاء.. وأبو محجن في القيد، والبلقاء في الحبس!!
فلما انتهي القتال، عاد أبو محجن إلى سجنه ووضع رجله في القيد ونزل سعد فوجد فرسه يعرق فقال: ما هذا؟
فذكروا له قصة أبي محجن فرضي عنه وأطلقه وقال: والله لا جلدتك في الخمر أبداً.
فقال أبو محجن: وأنا والله لا شربت الخمر أبداً...
رضي الله عنهم.....
* * * * * * * *
mohammad
04-15-2006, 03:00 PM
لا فُضّ فوك ِ
Saowt
04-15-2006, 05:20 PM
أهلا أهلا..
شكرا لكم
Saowt
04-22-2006, 08:13 PM
لقد كان في وسع التاريخ أن يمر بهذا الرجل كما مر بملايين العرب من قبله دون أن يأبه لهم أو يخطروا له على بال، لكن الإسلام العظيم أتاح لعبدالله بن حذافة السهمي أن يلقى سيدي الدنيا في زمانه: كسرى ملك الفرس، وقيصر عظيم الروم، وأن تكون له مع كل منهما قصة ما تزال تعيها ذاكرة الدهر ويرويها لسان التاريخ.
أما قصته مع كسرى ملك الفرس فكانت في السنة السادسة للهجرة حين عزم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث طائفة من أصحابه بكتب إلى ملوك الأعجام يدعهم فيها إلى الإسلام. انتدب عليه الصلاة والسلام ستة من الصحابة ليحملوا كتبه إلى ملوك العرب والعجم، وكان أحد هؤلاء الستة عبدالله بن حذافة السهمي، فقد اختير لحمل رسالة النبي صلوات الله عليه إلى كسرى ملك الفرس.
جهز عبد الله بن حذافة راحلته، وودع صاحبته وولده، ومضى إلى غايته ترفعه النجاد و تحطه الوهاد؛ وحيدا فريدا ليس معه إلا الله، حتى بلغ ديار فارس، فاستأذن بالدخول على ملكها، وأخطر الحاشية بالرسالة التي يحملها له.. عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزين، ودعا عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا، ثم أذن لعبد الله بن حذافة بالدخول عليه.
دخل عبد الله بن حذافة على سيد فارس مرتديا شملته الرقيقة، مرتديا عباءته الصفيقة، عليه بساطة الأعراب، لكنه كان عالي الهامة، مشدود القامة تتأجج بين جوانحه عزة الإسلام، وتتوقد في فؤاده كبرياء الإيمان.. فما إن رآه كسرى مقبلا حتى أومأ إلى أحد رجاله بأن يأخذ الكتاب من يده فقال: لا، إنما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدفعه لك يدا بيد وأنا لا أخالف أمرا لرسول الله..
فقال كسرى لرجاله: اتركوه يدنو مني، فدنا من كسرى حتى ناوله الكتاب بيده، ثم دعا كسرى كاتبا عربيا من أهل الحيرة وأمره أن يفض الكتاب بين يديه، وأن يقرأه عليه فإذا فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى....."
فما إن سمع كسرى من الرسالة هذا المقدار حتى اشتعلت نار الغضب في صدره، فاحمر وجهه، وانتفخت أوداجه لأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بنفسه... فجذب الرسالة من يد كاتبه وجعل يمزقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح: أيكتب لي بهذا وهو عبدي؟!!
ثم أمر بعبد الله بن حذافة أن يخرج من مجلسه فأخرج.
خرج عبد الله بن حذافة من مجلس كسرى وهو لا يدري ما يفعل الله له... أيقتل أم يترك حرا طليقا؟ لكنه ما لبث أن قال: والله ما أبالي على أي حال أكون بعد أن أديت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركب راحلته وانطلق. ولما سكت عن كسرى الغضب، أمر بأن يدخل عليه عبد الله فلم يجده. فلما قدم عبد الله على النبي الله صلى الله عليه وسلم أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب، فما زاد عليه الصلاة والسلام على أن قال: "مزق الله ملكه".
أما كسرى فقد كتب إلى (باذان ) نائبه على اليمن أن: ابعث إلى هذا الرجل الذي ظهر بالحجاز رجلين جلدين من عندك، ومرهما أن يأتياني به..
فبعث (باذان) رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله الله صلى الله عليه وسلم، وحملهما رسالة له، يأمره فيها بأن ينصرف معهما إلى لقاء كسرى دون إبطاء.
خرج الرجلان يغذان السير حتى لقيا النبي صلى الله عليه وسلم، ودفعا إليه رسالة (باذان) وقالا له:
إن ملك الملوك كسرى كتب إلى ملكنا (باذان) أن يبعث إليك من يأتيه بك... وقد أتيناك لتنطلق معنا إليه، فإن أجبتنا كلمنا كسرى بما ينفعك ويكف أذاه عنك، وإن أبيت فهو من قد علمت سطوته وبطشه وقدرته على إهلاكك وإهلاك قومك.. فتبسم الرسول صلى الله عليه وسلم وقال لهما: ارجعا إلى رحالكما اليوم وأتيا غدا.. فلما غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم التالي، قالا له: هل أعددت نفسك للمضي معنا إلى لقاء كسرى؟ فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: لن تلقيا كسرى بعد اليوم.. فلقد قتله الله حيث سلط عليه ابنه (شيرويه) في ليلة كذا من شهر كذا.. فحدقا في وجه النبي صلى الله عليه وسلم وبدت الدهشة على وجهيهما، وقالا: أتدري ما تقول؟! أنكتب بذلك (لباذان)؟! قال: نعم وقولا له: إن ديني سيبلغ ما وصل إليه ملك كسرى، وإنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك، وملكتك على قومك.
خرج الرجلان من عند الرسول صلى الله عليه وسلم وقدما على ( باذان) وأخبراه الخبر، فقال: لئن كان ما قاله محمد حقا فهو نبي، وإن لم يكن كذلك فسنرى فيه رأيا.. فلم يلبث أن قدم على (باذان) كتاب (شيرويه) وفيه يقول: أما بعد فقد قتلت كسرى، ولم أقتله إلا انتقاما لقومنا، فقد استحل قتل أشرافهم وسبي نسائهم وانتهاب أموالهم، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن عندك. فما إن قرأ (باذان) كتاب (شيرويه) حتى طرحه جانبا وأعلن دخوله في الإسلام، وأسلم من كان معه من الفرس في بلاد اليمن.
وفي السنة التاسعة عشرة للهجرة بعث سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشا لحرب الروم فيه عبد الله بن حذافة وكان قيصر الروم قد تناهت إليه أخبار المسلمين وما يتحلون به من صدق الإيمان واسترخاص النفس في سبيل الله ورسوله، فأمر رجاله إذا ظفروا بأسير من أسرى المسلمين أن يبقوا عليه وأن يأتو به حيا.. وكان عبد الله بن حذافة ممن وقع في الأسر.
نظر ملك الروم إلى عبد الله بن حذافة طويلا ثم بادره قائلا: إني أعرض عليك أمراً!!
قال: وما هو؟
فقال: أعرض عليك أن تتنصّر... فإن فعلت خليت سبيلك، وأكرمت مثواك، فقال الأسير في أنفة وحزم: هيهات.. إن الموت لأحب إلي ألف مرة مما تدعوني إليه.
فقال قيصر: إني لأراك رجلا شهما... فإن أجبتني إلى ما أعرضه عليك أشركتك في أمري وقاسمتك سلطاني.
فتبسم الأسير المكبل بقيوده وقال: والله لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد طرفة عين ما فعلت.
قال: إذن أقتلك.
قال: أنت وما تريد، ثم أمر به فصلب، وقال لقناصته -بالرومية- ارموه قريبا من رجليه، وهو يعرض عليه مفارقة دينه فأبى.
عند ذلك أمرهم أن يكفوا عنه، وطلب إليهم أن ينزلوه عن خشبة الصلب، ثم دعا بقدر عظيمة فصب فيها الزيت ورفعت على النار حتى غلت ثم دعا بأسيرين من أسارى المسلمين، فأمر بأحدهما أن يلقى فيها فألقي، فإذا لحمه يتفتت، وإذا عظامه تبدو عارية...
ثم التفت إلى عبد الله بن حذافة ودعاه إلى النصرانية، فكان أشد إباء لها من قبل.
فلما يأس منه، أمر به أن يلقى في القدر التي ألقي فيها صاحباه فلما ذهب به دمعت عيناه، فقال رجال قيصر لملكهم: إنه قد بكى... فظن أنه قد جزع وقال: ردوه إلي، فلما مثل بين يديه عرض عليه النصرانية فأبى، فقال: ويحك، فما الذي أبكاك إذا؟!
فقال: أبكاني أني قلت في نفسي: تلقى الآن في هذه القدر، فتذهب بنفسك، وقد كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعر أنفس فتلقى كلها في هذا القدر في سبيل الله.
فقال الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟
فقال له عبد الله: وعن جميع أسارى المسلمين أيضا؟
قال: وعن جميع أسارى المسلمين أيضا.
قال عبد الله: فقلت في نفسي: عدو من أعداء الله، أقبل رأسه فيخلي عني وعن أسارى المسلمين جميعا، لا ضير في ذلك علي. ثم دنا منه وقبل رأسه، فأمر ملك الروم أن يجمعوا له أسارى المسلمين، وأن يدفعوهم إليه فدفعوا له.
قدم عبد الله بن حذافة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأخبره خبره، فسر به الفاروق أعظم السرور، ولما نظر إلى الأسرى قال: حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة.. وأنا أبدأ بذلك... ثم قام وقبل رأسه...
mohammad
04-23-2006, 03:06 AM
أرجو أن أقبل رأسه أنا أيضا... وكل من يريد
Saowt
04-23-2006, 09:05 AM
جاء رجل من الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك..
فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فلما كانت إحدى الغزوات غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبيًا فقسَّمها، وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا ؟
قالوا: قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم.
فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟
قال: قسمته لك،
قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أُرمى ههنا -وأشار إلى حلقه- بسهمٍ فأموت فأدخل الجنة.
فقال صلى الله عليه وسلم: "إن تصدق الله يصدقك ".
فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتي به النبي صلى الله عليه وسلم يُحملُ قد أصاب السهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهو هو؟"
قالوا: نعم،
قال: "صدق الله فصدقه".
ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: "اللهم هذا عبدك، خرج مهاجرًا، فقُتل شهيدًا، أنا شهيد على ذلك".
Saowt
04-23-2006, 08:15 PM
في البصرة كان هناك نساء عابدات، وكان من بينهن أم إبراهيم الهاشمية توفي زوجها الصالح وترك لها إبراهيم فربّته أفضل تربية، حتى نشأ نشأة صالحة حتى أنَّ ولاة البصرة يتمنونه زوجاً لبناتهم، وفي يوم من الأيام أغار العدو على ثغر من ثغور الاسلام، فقام عبد الواحد بن زيد البصري خطيباً بالناس يحثهم على الدفاع عن الإسلام، وكانت أم إبراهيم تستمع إلى كلامه، وأخذ عبد الواحد يصف الحور الحسان فقال:
غادة ذات دلالٍ ومرح *** يجد التائه فيها ما اقترح
زانها الله بوجهٍ جمعت *** فيه أوصاف غريبات الملح
بدأ يصف اكثر واكثر، فماج الناس، وأقبلت أم إبراهيم فقالت له: يا أبي عبيد، أتعرف ولدي إبراهيم؟ رؤساء أهل البصرة يخطبونه لبناتهم، فأنا والله أعجبتني تلك الجارية، وأنا أرضاها زوجاً لولدي فكرّرْ عليّ ما قلت من زصفها وجمالها، فقال عبد الواحد وزاد:
تولّد نورُ النُّور من نورِ وجهها *** فمازج طيب الطيب من خالصِ العطرِ
فاشتاق الناس إلى الشهادة في سبيل الله، فقالت أم إبراهيم: يا أبا عبيد، هل لك أن تزوج إبراهيم تلك الجارية، فاتَّخذ مهرها عشرة آلاف دينار، ويخرج معك في هذه الغزوة، فلعل الله أن يرزقه الشهادة، فيكون شفيعاً لي ولأبيه يوم القيامة،
فقال لها عبد الواحد: لأن فعلت لتفوزن أنت وزوجك
فنادت ولدها إبراهيم من وسط الناس فقال لها لبيك يا أماه،
فقالت: أي بني، أرضيت بهذه الجارية زوجة لك ببذل مهجتك في سبيل الله؟
فقال إبراهيم: أي والله يا أمي رضيت وأي رضا،
فقالت: اللهم إني أشهدك أني قد زوجتُ ولدي هذا من هذه الحورية ببذل مهجته في سبيلك فتقبله مني يا أرحم الراحمين،
ثم انصرفت فاشترت لولدها فرساً جيداً وسلاحاً، ثم خرج الجيش للقتال، وهم يرددون قول الله تعالى: http://www.kalemat.org/gfx/braket_r.gif إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ http://www.kalemat.org/gfx/braket_l.gif [التوبة:111].
فلما أرادت أم إبراهيم فراق ولدها أعطته كفناً وحنوطاً، وقالت له: أي بني إن أردت لقاء العدو فتكفّن بهذا الكفن وتحنّط بهذا الحنوط، وإياك أن يراك الله مقصراً في سبيله، ثم ضمّته إلى صدرها وقبّلته وقالت له: لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عرصات القيامة، وارتحل الجيش، وودعت أم إبراهيم ولدها..
قال عبد الواحد: فلما واجهنا العدو برز إبراهيم في المقدمة، فقتل من العدو خلقاً كثيراً، ثم تجمعوا عليه فقتلوه، وكتب الله النصر للمسلمين، فلما رجع الجيش إلى البصرة غانماً منتصراً، خرج أهل البصرة يستقبلونهم، ومن بينهم أم إبراهيم ترقب ولدها فلما رأت عبد الواحد قالت له: يا أبا عبيد، هل قبل الله هديتي فأهنَّأ
فقال: قد قبلت هديتك فخرّت ساجدة لله تعالى
وقالت الحمد لله الذي لم يخيِّب ظنِّي وتقبَّل نسكي مني،
فلمّا كان من الغد جاءت أم إبراهيم إلى عبد الواحد بن زيد فقالت: يا أبا عبيد رأيت البارحة إبراهيم في منامي في روضة حسناء، وعليه قبة خضراء، وهو على سرير من اللؤلؤ، وعلى رأسه تاجاً وإكليلاً، وهو يقول لي: يا أماه أبشري فقد قُبِل المهر، وزُفَّت العروس.
Saowt
04-24-2006, 03:15 PM
محمود نور الدين زنكي
اسمه محمود ابن زنكي ابن آق سنقر -تركي الأصل-
أما نور الدين فهو: كنيته
يتحدث عنه ابن الأثير رحمه الله فيقول: "لقد طالعت تاريخ الملوك المتأخرين من بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم، فما وجدت ملكا مثل نور الدين أبداً" هذا الرجل كان واليا، وعاصمته حلبا.. ولما تولى بعد أبيه الأمارة التي كانت عاصمتها حلبا، توسعت على يده لتشمل مصر والعراق والشام والحجاز..
سيرته عجيبة ولم تكتب له الشهرة مثل خليفته صلاح الدين، لأن صلاح الدين هو الذي فتح بيت المقدس وحرره من الصليبين، والحقيقة هو الذي مهد لصلاح الدين فتحه.. فقد غزا الصليبيين 30 مرة في حياته...
كان هذا الرجل يكثر من الصيام جدا، وكان يفطر على ثمن غزل ينسجه بيده ويعطيه لعجائز يبعنه له سرا فيفطر بثمنه.. وكان بقوم الليل ويدعو الله في سجوده أن يحشره من حواصل الطير وبطون السباع -أي يقتل في معركة شهيدا-وتأتي الطيور والسباع فتأكل من لحمه، وكان يبكي ويتهجد ويدعو الله تعالى أن يكون فتح بيت المقدس على يده..
وكان محدثا أخذ الحديث عن الحافظ الشامي الكبير ابن عساكر رحمه الله عليهما،
وكان عالما بالفقه وأنشأ المدارس الحنفية والشافعية والربط وسبيل الحاج وقنوات السبيل وساق لأهل الحرمين أموالا...... أفعال جليلة يضيق المقام عن ذكرها.
الحملات التي كان يقودها نور الدين ضخمه نذكر منها واحده لعدم الإطالة:
كان قد أرسل طائفة عظيمة من جيشه إلى دمياط، وصلاح الدين كان واليا على مصر، فأرسل له معظم جيشه..
دمياط كان يأتيها الكثير من الصليبيين، بسفن وعتاد فيأخذون من يجدون على الساحل من عبيد ونساء ورجال وصبيان... ويهرعون هاربين ويختفون في جزر البحر الأبيض ...
أراد نور الدين أن يقطع هذه المسألة فأرسل جيشه وهنا تأتي الأنباء الصعبة:
إن هناك حملة صليبية 30 ألف من الصليبيين من الفرسان والنبلاء وفيهما طائفتان عظيمتان من النصارى "الإسبتارية والدواية" وهذه الطائفتان تربيان على القتال الشديد فكانت طائفتان صعبة وشديدة المراس وظاهرها أمير طرابلس وأمراء الصليبيين في الشام.. جميع القادة أشاروا على نور الدين بالعودة إلى حلب والاعتصام هناك -وهذه عادة معروفة- فيمل الصليبيون وينفضون عن القلعة..
نور الدين كان كثير الاستخارة وكثير الاستشارة وعقد العزم أن يخوض المعركة.... وهنا قبل المعركة شيء طريف وجميل.
نزل عن جواده خلف تل، وانفرد لا يراه إلا الله -وكيف عُرف سنعرف فيما يأتي-
قيل: فمرغ وجهه بالتراب وبكى، (وهذه عادة رائعة كانت عند المسلمين، في الشدائد والأزمات، كان ابن تيميه رحمه الله إذا استصعبت عليه مسألة يذهب إلى ظاهر دمشق ويمرغ وجهه في التراب ويقول: يا معلم آدم علمني ويا مفهم سليمان فهمني، قالوا فيرجع وقد فهم المسألة)
كان نور الدين يمرغ وجهه في التراب ويبكي ويناجي الله تعالى بدعاء عجيب فيقول:
"يا رب هولاء عبيدك وهم أعداؤك -وأشار إلى الصليبيين- وهولاء عبيدك وهم أولياؤك -وأشار إلى المسلمين- اللهم انصر أوليائك على أعدائك..... اللهم انصر دينك ولاتنصرا محموداً -أي هو- من هو محمود الكلب حتى تنصره؟"
ثم يقول "اللهم انصر دينك ولا تنصر محمودا أي بسبب ذنوب لماذا تهزم الجيش.. اللهم انصر جيشك ودينك على ذنوب محمود"
الحاصل دخل المعركة وفاز فوزا عظيما وانتصر انتصارا لا مثيل له، خلاصته: أن المحارب الصليبي كان يباع هو وعتاده ومتاعه ودوابه وسلاحه بـ 3 دراهم في سوق حلب، من كثر ماغنم المسلمون، وأسر الأميريين الصليبيين الأوربيين ( 15) عاما في بئر حلب، حتى قايض بهم صلاح الدين بعد ذلك في صفقة سياسية بعد أن تولى صلاح الدين السلطة.
كيف عُرف؟؟؟
بعد سنوات نزل الصليبيون على دمياط فأخذوها، واستنجد صلاح الدين بنور الدين فأرسل له جيشا لكنه ظل في هم عظيم وقلق كبير..
يقول صلاح الدين في مذكراته:
[مارأيت محمود الدين في حياتي اشد هماً مما كان عليه في تلك الأيام، وأنا أرسل إليه الرسائل تباع أطمئنه وهو في قلق وحزن كبير]
قالوا: كان قد صام أياما حزنا ولا يفطر إلا على الماء حتى كاد أن يصيبه التلف!
وما يستطيع احد من قواده أن يتحدث معه، فقد كان قد رزق الهيبة وورثها من أبيه وقد حصل أن جاءه طلاب الحديث يطلبونه الحديث المسلسل بالتبسم وهو الحديث الذي يكون في متنه صفه أو فعل مقترنين به في سياق المتن مثل الحديث المسلسل بالمصافحة مثلا النبي صلى الله عليه وسلم يحدث الصحابي ويصافحه والصحابي يحدث التابعي ويصافحه وهكذا...
والحديث المسلسل بالتبسم، أن النبي يحدث الصحابي ويتبسم والصحابي يحدث التابعي ويتبسم... فذهب طلبة الحديث إلى نور الدين يطلبون الحديث المسلسل بالتبسم وكان قد أخذه عن الكاتب الكبير ابن عساكر.. فرواه لهم.. فقالوا له أكمل الحديث!
قال: "والله إني لأستحي من الله أن اتبسم والصليبيون في دمياط"
بعد أن اشتد عليه الكرب....
رأى( إمام) له في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يقول: "بشر نور الدين برحيل الصليبيين عن دمياط هذه الليلة"!!
فقال الإمام: يارسول الله إن نور الدين رجلٌ مهيب وأخشى أن لا يصدقني فاذكر لي علامة يصدقني بها؟!
قال: قل له بعلامة ما سجدت وقلت اللهم انصر دينك ولا تنصر محمودا، من هو محمودا الكلب حتى تنصره؟
وهنا الإمام قام في سدس الليل الآخر وذهب إلى نور الدين فإذا به في المسجد يركع كعادته قبل الفجر.. قال ما شأنك؟
قال الإمام: فقصصت له الرؤية، وأخفيت لفظة "الكلب" إجلالا له، فأبى إلا أن أذكر له العلامة كاملة فذكرت لفظة "الكلب"، فبكى وصدق الرؤيا رحمه الله
توفي رحمه الله سنة 569 وتولى بعده صلاح الدين ويموت بعد 20 سنه من الحكم كما حكم صلاح الدين ويتوفيان أيضا عن عمر واحد (61) سنه رضي الله عنهما.
من هناك
04-24-2006, 08:50 PM
جزاك الله خيراً يا صوت على هذه المتابعة الشيقة
فـاروق
04-24-2006, 09:40 PM
ما هو مصدر هذه الصفحات
Saowt
04-25-2006, 07:53 AM
المصدر؟؟
من كل وادي عصا..
لكن معظم القصص أسمعها من الشيخ غالب السرجاني ضمن سلسلة "كن صحابيا" ومن ثم أقوم بالبحث عنها في الشبكة... لكن ماذا هناك؟؟ هل أوردت أي خطأ؟؟
بارك الله بك يا بلال على المتابعة....
Saowt
04-25-2006, 10:19 AM
أبو حنيفة.. كان يلقب بـ"الإمام الأعظم"..
كان يحمل أمه على دابة إلى مجلس واعظ قصاص يسمى "عمر بن ذر".. كانت أمه تحب حضور دروس هذا الواعظ وتعتقد بعلمه وتستخفّ بعلم ابنها أبي حنيفة... فكانت تسأله أن يذهب الى عمر بن ذر.. ويستفتيه في مسألة لها فيذهب أبو حنيفة إليه ويذكر له ما تريده أمه.. ويقول له: إن أمي أمرتني أن آتيك لأسألك عن مسألة لها..
فيتعجب عمر.. ويقول: أنت تسألني عن هذا وأنت شيخنا وإمامنا؟؟؟!!!!
فيقول أبو حنيفة: هي أمرتني..
فيقول له عمر بن ذر بصوت خافت، يهمس له: إذاً قل لي كيف الجواب حتى أفهم الفتوى منك ثم أخبرك بها..
فيخبره أبو حنيفة بالجواب سرا..
فيرفع عمر بن ذر صوته ويقول: يا أبا حنيفة، جواب مسألتك كذا وكذا
فترضى بجواب عمر ولا ترضى بجواب أبي حنيفة
مقاوم
04-25-2006, 10:25 AM
جزيت خيرا يا أختي
كنت أظن أن زوجتي تنفرد بذلك لكن إذا
كانت أم الإمام الأعظم (وهو لا زال يعرف بهذا الاسم)
هكذا ففي هذا سلوان لنفسي مع فارق القياس والتشبيه
طبعا بيني وبين الإمام أبي حنيفة!! :)
Saowt
04-25-2006, 10:15 PM
وجزاك خيرا مثله... لا عليك يا أخي... فالمزار القريب لا يشفي...
عن ابن أبي وداعة، قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً..
فلما جئته قال: أين كنت?
قال: توفيت أهلي فاشتغلت بها،
فقال: ألا أخبرتنا فشهدناها،
قال: ثم أردت أن أقوم
فقال: هل استحدثت امرأة؟؟
فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟؟
فقال: أنا
فقلت: أو تفعل؟؟
قال: نعم
ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو قال: ثلاثة قال: فقمت ولا أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وممن أستدين فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي واسترحت وكنت وحدي صائماً فقدمت عشائي أفطر كان خبزاً وزيتاً، فإذا بآت يقرع، فقلت: من هذا?
قال: سعيد
قال: فتفكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد.. فقمت فخرجت فإذا سعيد بن المسيب فظننت أنه بدا له، فقلت: يا أبا محمد إلا أرسلت إلي فآتيك
قال: لأنت أحق أن يؤتى
قلت: فما تأمر؟؟
قال: إنك كنت رجلاً عزباً فتزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك وهذا امرأتك
فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذها بيدها فدفعها بالباب ورد بالباب.. فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم قدمتها إلى القصة التي فيها الزيت والخبز فوضعتها في ظل السراج لكي لا تراه ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران، فجاءوني فقالوا: ما شأنك?
قلت: ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها على غفلة..
فقالوا: سعيد بن المسيب زوجك?
قلت: نعم، وهاهي في الدار
فنزلوا هم إليها وبلغ أمي فجاءت..
وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام
قال: فأقمت ثلاثة أيام ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس، وعندما أردت الخروج من بيتي لحضور درس سعيد (والدها) أخبرتني أنها ستقوم بتعلميي بدل خروجي إلى والدها فإذا هي من أحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج، فمكثت شهراً لا يأتيني سعيد ولا آتيه، فلما كان قرب الشهر أتيت سعيداً وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض أهل المجلس فلما لم يبق غيري،
قال: ما حال ذلك الإنسان؟؟
قلت: خيراً يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو
قال: إن رابك شيء فالعصا..
فانصرفت إلى منزلي.. ووجّه إليّ بعشرين ألف درهم
قال عبد الله بن سليمان: وكانت بنت سعيد بن المسيب خطبها عبد الملك بن مروان لابنه الوليد بن عبد الملك حين ولاه العهد فأبى سعيد أن يزوجه فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف. قال عبد الله: وابن أبي وداعة هذا هو كثير بن عبد المطلب بن أبي وداعة
mohammad
04-26-2006, 04:32 AM
أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله
اللهم ما أصبح بنا من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر
Saowt
04-26-2006, 10:24 AM
يعني تسجيل حضور؟؟
مشي الحال... تسجل
من هناك
04-26-2006, 10:37 AM
هل كان سعيد بن المسيب يأمر بالضرب :) يجب على فرقاني إضافة هذا الموضوع للموسوعة إذاً.
الله اعلم هذه الوصية من باب التحبب والممازحة إلا إن كان عند ابن المسيب رحمه الله نصاً آخر.
قال: ما حال ذلك الإنسان؟؟
قلت: خيراً يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو
قال: إن رابك شيء فالعصا..
Saowt
04-27-2006, 08:41 AM
السلام عليكم
أخي بلال.. أنت شو عرّفك أنو ابن المسيب كان يقصد الضرب بالعصا؟؟؟
يمكن التلويح بس!! شو هيدا؟؟
رح شيل الجملة هاه
فـاروق
04-27-2006, 08:47 AM
ليش الضرب بالعصا ممنوع؟ :)
Saowt
04-27-2006, 09:18 AM
اعتاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يخرج أثناء الليل، يجوب طرق المدينة، لينظر أحوال الناس ويكتشف ما عسى أن يقوم بإصلاحه من المنكر والفساد.. خرج عمر رضي الله عنه يتفقد الرعية في إحدى الليالي، بعد أن أظلمت الدنيا وهجع الناس في رقادهم.. ولم يبق نور يكشف ما تحته.. ولا ضياء يبدّد ظلمة الليل.. سكون وصمت وهدوء...
خرج رضي الله عنه يتفقد أحوال الرعية ..فهو القائل: "والله لو عثرت دابة في العراق لخشيت أن يحاسبني الله عليها ويقول:"لِمَ لَمْ تسوي لها الطريق يا عمر"".. رضي الله عنه وأرضاه.. ظل يمشي رضي الله عنه حتى تعب .. فاستراح إلى حائط منزل .. فإذا هو يسمع صوتا؛ فإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنية امذقي اللبن بالماء
قالت: يا أمي، ألم تعلمي أن أمير المؤمنين عمر نهى أن نخلط الماء باللبن؟؟
قالت لها أمها: يا بنيتي، وأين نحن من عمر، وأين عمر منا؟
فقالت البنت: يا أمي، إن كان عمر لا يرانا، فإن رب عمر يرانا..
فأعجب بمنطق هذه الفتاة وسأل عنها بعد ذلك وهل هي مشغولة أو غير مشغولة.. فتبين له أنها غير متزوجة فخطبها لابنه عاصم، وقال: أرجو أن تلد من يملأ الأرض عدلاً بعد أن تملأ جورا.
فولدت لعاصم بنتا، تزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت عمرا بن عبد العزيز، العابد الزاهد، خامس الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين... ونشأ على تربية أمه التي كانت تغذيه بسيرة جدها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتحدثه بمآثره وسلوكه ومواقفه فكان لذلك أثر كبير عليه
وكان عبدالله بن الأهتم من ضمن الذين وفدوا على عمر بن العزيز بعدما ولي الخلافة ولما دخل عليه لم يستأذنه وإنما وقف بين يديه خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي صلى الله عليه وسلّم وصلى عليه ثم قال: "أما بعد فإن الله خلق الخلق غنياً عن طاعتهم آمناً لمعصيتهم وهم في المنازل والرأي مختلفون، والعرب بِشر تلك المنازل، تستباح دونهم لذات الدنيا ورفاهتها حيهم أعمى وميتهم في النار، فلما أراد الله إكرامهم بعث الله إليهم رسولاً من أنفسهم عزيز عليه ما عنتوا حريص عليهم بالمؤمنين رؤوف رحيم، فلم يمنعهم ذلك أن جرحوه في جسمه ولقبوه في اسمه.. إلى أن ذكر ما ذكر، ثم ذكر بعد ذلك ما كان بعده صلى الله عليه وسلّم من سيرة الخلفاء الراشدين، ثم أشار إلى الانحراف الذي حصل ثم قال: ثم إنك يا عمر ابن الدنيا ولدتك ملوكها وألقمتك ثديها، فلما وُليّتها ألقيتها حيث ألقاها الله، وآثرت ما عند الله، فالحمد لله الذي جلا بك حوبتها، وكشف بك كربتها، فامض ولا تلتفت فإنه لا يغني عن الحق شيئا.
وكان قد عيّن عالماً جليلاً مستشاراً ومرافقاً له "عمر بن مهاجر"، وكانت وظيفة هذا العالم كما قال له الخليفة سيدنا عمر: "كن معي، وانظر في أحكامي، فإن رأيتني ضللت، فأمسكني من تلابيبي، وهزّني هزاً شديداً، وقل لي: "اتق الله يا عمر فإنك ستموت"، هذه وظيفتك إذا رأيتني ضللت
يُرْوى عن سيّدنا عمر بن عبد العزيز أنَّه قال: تاقَتْ نفسي إلى الإمارة، فلمَّا بلغتُها تاقت نفسي إلى الخلافة، فلمَّا بلغتها تاقَتْ نفسي إلى الجنّة.
عمر بن عبدالعزيز ذلك الأمير الصالح الزاهد حين قيل له لقد امتنعت الذئاب أن تأكل الغنم منذ توليك الخلافة.. فأجاب: أصلحت ما بيني وبين ربي فأصلح الله ما بين الذئب والغنم ...
ورحم الله الأعرابي الراعي في البادية الذي صرخ يوماً وقال: لقد مات عمر بن عبدالعزيز!!
فقالوا له: وكيف عرفت؟؟
فأجاب: لقد أكل الذئب الخراف!! وقد كان..
Saowt
04-27-2006, 09:22 AM
ضرب شو بالعصا؟؟
هو الضرب بالعصا منو ممنوع بس حسب لشو...
بعدين ما عجبكم من كل الموضوع إلا الضرب بالعصا؟؟؟
عن جد هالأعضاء غريبين!!!!!!!!!!!!! الله يساعدكم أعضاء منتدى صوت
من هناك
04-27-2006, 07:57 PM
جزاك الله خيراً على المواضيع الشيقة
صفحات مضيئة ومشرقة جداً جداً
Saowt
04-27-2006, 08:45 PM
شكرا لك يا بلال... وجزاك ربي خيرا مثله وأكثر.. أرجو من إخوتي متابعة السلسلة لأنها عن جد شيقة... والمتابعة تكون بإضافة مقاطع جديدة وبقراءة ما كتب....
أبوها عبد المطلب بن هاشم جدّ النبي...
وأمها هالة بنت وهب.. أخت آمنة بنت وهب: والدة الرسول.
وزوجها الأول، الحارث بن حرب... وقد توفي عنها.
وزوجها الثاني، العوام بن خويلد... أخو خديجة بنت خويلد...
وابنها، الزبير بن العوّام...
وقد ربّت ابنها الزبير بمزيد من القسوة والخشونة وكانت تضربه الضرب المبرّح وحين كانت تعاتب في ذلك كانت تقول: "من قال قد أبغضته فقد كذب، وإنما أضربه لكي يَلِبّ (أي يصبح ذكيا لبيباً) ويهزم الجيش ويأتي بالسلب..
وقد ربّته على الفروسية والحرب، وجعلت لعبه في بري السهام وإصلاح القسي... وكانت صفيّة من الفوج الأول ومن المسلمين الأوائل الذين أسلموا هي وفتاها الزبير. هاجرت إلى المدينة مع من هاجروا، وعانت من قريش ما عانى منه المسلمين آنذاك.
وعلى الرغم من أن السيّدة العظيمة كانت يومئذ تخطو نحو الستين من عمرها المديد الحافل، فقد كان لها في ميادين الجهاد مواقف ما يزال يذكرها التاريخ وحسبنا من هذه المواقف يوم الخندق.
- أما موقفها يوم الخندق فله قصّة مثيرة سداها الدهاء والذكاء ولحمتها البسالة والحزم...
لقد كان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عزم على غزوة من الغزوات أن يضع النساء والذراري في الحصون خشية أن يغدر بالمدينة غادر في غيبة حماتها. فلما كان يوم الخندق جعل نساءه وعمّته وطائفة من نساء المسلمين في حصن لحسان بن ثابت ورثه عن آبائه، وكان من أمنع حصون المدينة مناعة وأبعدها منالا.
وبينما كان المسلمون يرابطون على حوافّ الخندق في مواجهة قريش وأحلافها، وقد شغلوا عن النساء والذراري بمنازلة العدوّ. أبصرت صفيّة بنت عبد المطلب شبحاً يتحرك في عتمة الفجر، فأرهفت له السمع، وأحدّت إليه البصر، فإذا هو يهودي أقبل على الحصن، وجعل يطيف به متجسساً أخباره على من فيه فأدركت أنه عين لبني قومه جاء ليعلم أفي الحصن رجال يدافعون عمّن فيه أم إنه لا يضم بين جدرانه غير النساء والأطفال.
فقالت في نفسها: إن يهود بني قريظة قد نقضوا ما بينهم وبين رسول الله من عهد وظاهروا قريشاً وأحلافها على المسلمين، وليس بيننا وبينهم أحد من المسلمين يدافع عنا، ورسول الله ومن معه مرابطون في نحور العدو. فإن استطاع عدو الله أن ينقل إلى قومه حقيقة أمرنا سبى اليهود النساء، واسترقوا الذراري، وكانت الطامة على المسلمين.
استدعت حسان بن ثابت وكان يومها شيخا هرما، ليقتل اليهودي لكنه قال لها: يغفر الله لك لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا...
عند ذلك بادرت إلى خمارها فلفته على رأسها، وعمدت إلى ثيابها فشدّتها على وسطها، وأخذت عمودا على عاتقها، ونزلت إلى باب الحصن فشقته في أناة وحذق، وجعلت ترقب من خلاله عدو الله في يقظة وحذر، حتى إذا أيقنت أنه غدا في موقف يمكنها منه حملت عليه حملة حازمة صارمة، وضربته بالعمود على رأسه فطرحته أرضاً... ثم عزّزت الضربة الأولى بثانية وثالثة حتى أجهزت عليه، وأخمدت أنفاسه بين جنبيه.
ثم بادرت إليه فاحتزّت رأسه بسكين كانت معها، وقذفت بالرأس من أعلى الحصن، فطفق يتدحرج على سفوحه حتى استقر بين أيدي اليهود الذين كانوا يتربّصون في أسفله. فلما رأى اليهود رأس صاحبهم، قال بعضهم لبعض: قد علمنا إن محمداً لم يكن ليترك النساء والأطفال من غير حماة... ثم عادوا أدراجهم...
ثم إن التاريخ كتب في أنصع صفحاته: إن صفية بنت عبد المطلب كانت أول امرأة قتلت مشركا في الإسلام.
فالنساء لسن فقط جواهر مكنونة في البيوت ليس لها سوى العطور والزينة، بل هن مجاهدات مع وقف التنفيذ، يربّين أولادهن ويعدّونهم ليوم الفتح المبين. ليكْبُروا ويصبحوا مجاهدين يشرفون هذه الأمة وهذا الدين الحنيف الخالد. وهنّ نساء يشرّفن سفر التاريخ الإسلامي، ويضئن مجد الحضارة الإسلامية بخير نور نقتدي به، فالقدوة الإسلامية لم تكن يوماً حكراً على الرجال فقط بل تختص بها النساء أيضاً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
Saowt
04-28-2006, 10:13 PM
قال أحدهم: "من سرَّهُ أن ينظر إلى رجل من أهل الجنَّة فلْينظر إلى عروة بن الزبير".
فأبو عروة الزبير بن العوّام حواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وأوَّل من سلَّ سيْفًا في الإسلام، وأحد العشرة المبشَّرين في الجنَّة، أُمُّه أسماء بنت أبي بكر، الملقَّبة بِذات النِّطاقَيْن، جدُّه لأمِّه سيّدنا أبو بكر الصِّديق، خليفة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وصاحبه في الغار، جدَّته لأبيه صفيَّة بنت عبد المطَّلب، عمَّة النبي صلى الله عليه وسلّم، خالتهُ أمّ المؤمنين عائشة رضوان الله تعالى عليها، أفَبَعْد هذا النَّسَب نسَب؟ وبَعْد هذا الحسَب حسبٌ؟
بالقرْب من الركن اليماني في الحرم المكيّ جلسَ أربعة فِتيانٍ، صِباح الوُجوه، كرام الأحساب، مُعَطَّرين، كأنهم بعض حمامات المسجد، نصاعة أثواب، وأُلْفة قلوب، ومنهم عبد الله بن الزبير، وأخوه مصعب بن الزبير، وأخوهما عروة بن الزبير، ومعهم عبد الملك بن مروان ودار حديث بينهم، فتيانٌ صغار، وما لبث أحدهم أن قال: لِيَتَمَنَّ كلّ منَّا ما يحبّ، فانْطلقَت أخيِلَتُهم ترحّل في عالم الغيب الرَّحل، ومضَتْ أحلامهم تطوف في رياض الأماني الخضر، ثمَّ قال عبد الله بن الزبير: أمنيَّتي أن أملِكَ الحجاز وأن أنال الخلافة، وقال أخوه مصعب: أما أنا فأتمنَّى أن أملِك العراقَيْن وألاّ يُنازعني فيهما منازع، وقال عبد الملك بن مروان: إذا كنتما تقْنعان بذلك، فأنا لا أقْنعُ إلا أنْ أملكَ الأرض كلّها! وأن أنال الخلافة بعد معاوية بن أبي سفيان.
وسكت عروة بن الزبير، فلم يقل شيئًا، فالْتفتوا إليه، وقالوا: وأنت ماذا تتمنّى يا عروة؟
قال: بارك الله لكم فيما تمنَّيْتم من أمر دنياكم، أنا أحيانا أدعو وأقول كما في الدعاء المأثور: اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إليَّ، واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي، واقطع عني حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك، وإذا أقررت أعين أهل الدنيا من دنياهم فأقرر عيني من عبادتك
أحدهم طلب الحجاز، وآخر طلب العراقين، وأحدهم طلب الخلافة، وآخرهم طلب أن يكون عالمًا..
دارت الأيام دورتها، فإذا بعبد الله بن الزبير يُبايَعُ له بالخلافة عقبَ موت يزيد بن معاوية، فيحكم الحجاز ومصر واليمن وخراسان والعراق، ثمَّ يُقتل عند الكعبة غير بعيد عن المكان الذي تمنَّى فيه ما تمنَّى، وإذا بِمُصعب بن الزبير يتولى إمْرة العراق من قِبَل أخيه عبد الله، ويُقْتل هو الآخر دون ولايته أيضًا، وإذا بعبد الله بن مروان تؤول الخلافة إليه بعد موت أبيه، وتجتمع عليه كلمة المسلمين بعد مقتل عبد الله بن الزبير، وأخيه مصْعبٍ على أيدي جنوده، ثمّ يغدو أعظم ملوك أهل الدنيا في زمانه، فماذا كان من أمر عروة؟
روي أن عروة خرج إلى الوليد بن عبدالملك، حتى إذا كان بوادي القرى، فوجد في رجله شيئاً، فظهرت به قرحة الآكلة، ثم ترقى به الوجع، وقدم على الوليد وهو في محْمل، فقيل: ألا ندعو لك طبيباً؟
قال: إن شئتم..
فبعث إليه الوليد بالأطباء فأجمع رأيهم على أنه إن لم ينشروها قتلته،
فقال: شأنكم..
فلما دعي الجزار ليقطعها قال له: نسقيك خمراً حتى لا تجد لها ألماً
فقال: لا أستعين بحرام الله على ما أرجو من عافية.. امضوا لشأنكم، ما كنت أظن أن خلقاً يشرب ما يزيل عقله حتى لا يعرف ربه عز وجل، ولكن هلموا فاقطعوها.
قالوا: فنسقيك المرقد
قال: ما أحب أن اسلب عضواً من أعضائي وأنا لا أجد ألم ذلك فأحتسبه
ودخل قوم أنكرهم، فقال: ما هؤلاء؟
قالوا: يمسكونك فإن الألم ربما عَزَبَ معه الصبر، قال: أرجو أن أكفيكم ذلك من نفسي... فوضع المنشار على ركبته اليسرى فنشروها بالمنشار فما حرك عضواً عن عضو وصبر حتى فرغوا منها ثم حمسوها وهو يهلل ويكبر، ثم إنه أغلي له الزيت في مغارف الحديد فحسم به، ثم غشي عليه، وهو في ذلك كله كبير السن وإنه لصائم فما تضور وجهه، فأفاق وهو يمسح العرق عن وجهه.
وروي أنه لما أُمر بشرب شراب أو أكل شيء يذهب عقله قال: إن كنتم لا بد فاعلين فافعلوا ذلك وأنا في الصلاة فإن لا أحس بذلك ولا أشعر به، فنشروا رجله من فوق الآكله من المكان الحيَّ احتياطاً أنه لا يبقى منها شيء وهو قائم يصلي فما تصور ولا اختلج فلما انصرف من الصلاة عزّاه الوليد في رجله.
وقيل: إنه قطعت رجله في مجلس الوليد، والوليد مشغول عنه بمن يحدثه، فلم يتحرك ولم يشعر الوليد أنها قطعت حتى كويت فوجد رائحة الكي. وقال الوليد: ما رأيت قط شيخاً أصبر من هذا. ولما رأى رجله وقدمه في أيديهم أو في الطست دعا بها فتناولها فقلبها في يده ثم قال: أما والذي حملني عليك أنه ليعلم أن ما مشيت بك إلى حرام. ثم أمر بها فغسلت وحنطت وكفنت ولفت بقطيفه ثم أرسل بها إلى المقابر.
وكان معه في سفره ذلك ابنه محمد ، ودخل محمد اصطبل دواب الوليد، فرفسته دابة فخرّ ميتاً. فأتى عروة رجل يعزيه، فقال: إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها. قال: بل أعزيك بمحمد ابنك، قال: وما له؟ فأخبره، فقال: اللهم أخذت عضواً وتركت أعضاء، وأخذت ابناً وتركت أبناءًا. فما سمع منه شيء في ذلك حتى قدم المدينة فلما قدم المدينة. أتاه ابن المنكدر، فقال، كيف كنت؟ قال: "لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً" وقال: اللهم إنه كان لي أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد، وكان لي بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد وأيم الله لئن أخذت لقد أبقيت ولئن ابتليت لطالما عافيت. ولما دخل المدينة أتاه الناس يسلمون عليه ويعزونه في ابنه ورجله، فبلغه أن بعض الناس قال: إنما أصابه هذا بذنب عظيم أحدثه، فأنشد عروة في ذلك متمثلاً أبياتاً لمعن بن أوس:
لعمرك ما أهويت كفي لريبة *** ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها *** ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
ولست بماشٍ ماحييت لمنكر *** من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤثر نفسي على ذي قرابة *** وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة من الدهر *** إلا قد أصابت فتى قبلي
وكان أحسن من عزاه إبراهيم بن محمد بن طلحة، فقال له: والله ما بك حاجة إلى المشي، ولا أربُ في السعي، وقد تقدمك عضو من أعضائك وابن من أبنائك إلى الجنة، والكل تبع لبعض -إن شاء الله تعالى- وقد أبقى الله لنا منك ماكنا إليه فقراء من علمك ورأيك نفعك الله وإيانا به، والله ولي ثوابك، والضمين بحسابك.
وعاش بعد قطع رجله ثماني سنوات.
Saowt
04-29-2006, 04:51 PM
ظل المسلمون بعد الهجرة بمدة لا يولد لهم ولد، وأشاع اليهود أنهم سحروهم فلن ينجبوا، حتى كذبهم القدر، فولدت أسماء ابنها "عبد الله" فكان أول مولود في المدينة، فاستبشر المسلمون وكبَّروا، وولدت بعد ذلك "عروة" و"المنذر"، وما منهم إلا عالم أو فارس، على أن موقفها مع ابنها عبد الله هو الذي جعل التاريخ يصغي لها سمعه، ويكتبها في سجل الأمهات الخالدات.
بعد وفاة يزيد بن معاوية بويع لعبد الله بن الزبير بالخلافة في معظم بلاد الشام: في الحجاز، واليمن، والعراق وخراسان، وظل تسع سنوات ينادى بأمير المؤمنين، حتى شاء الله أن تزول الخلافة من أرض الحجاز.
جاء الحجاج بجند الشام فحاصر ابن الزبير في مكة، وطال المدى، واشتد الحصار، وتفرق عنه أكثر من كان معه، فدخل عبد الله على أمه قبل قتله بعشرة أيام، فقال لها: إن في الموت لراحة،
قالت: لعلك تمنيته لي؟ ما أحب أن أموت حتى يأتي علي أحد يأتي على أحد طرفيك: إما قتلت فأحتسبك، وإما ظفرت فتقر عيني..
فلما كان اليوم الذي قُتل فيه دخل عليها حين رأى من الناس ما رأى من خذلانه، فقال لها: يا أماه خذلني الناس، فلم يبق معي إلا اليسير ممن ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا فماذا ترين؟
وهناك أمسك التاريخ بقلمه ليكتب موقف الأم الصبور من ابنها وفلذة كبدها، من لحظة حاسمة من لحظات الخلود: الأم التي شاب رأسها ولم يشب قلبها، وشاخ جسدها ولم يشخ إيمانها، وانحنى ظهرها ولكن عقلها ظل مستقيماً مسدداً.. قالت أسماء: أنت والله يا بني أعلم بنفسك: إن كنت تعلم أنك على حق، وإليه تدعو، فامض له فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك غلمان بني أمية يلعبون بها، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قُتل معك، وإن قلت: كنت فلما وهن أصحابي ضعفت، فهذا ليس فعل الأحرار، ولا أهل الدين، وكم خلودك في الدنيا؟.. القتل أحسن.
قال: إني أخاف أن يُمَثِّل بي أهل الشام.
قالت: إن الكبش لا يؤلمه سلخه بعد ذبحه.
فدنا ابن الزبير فقبَّل رأسها وقال: هذا والله رأيي، والذي قمت به داعياً، إلى يومي هذا، ما ركنت إلى الدنيا، ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله أن تستحل حرمه، ولكني أحببت أن أعلم رأيك فزدتني بصيرة مع بصيرتي، فانظري يا أماه فإني مقتول من يومي هذا، فلا يشتد حزنك وسلمي لأمر الله.
قالت: إني لأرجو من الله أن يكون عزائي فيك حسناً.
قال: جزاك الله خيراً، فلا تدعي الدعاء لي قبل وبعد.
قالت: لا أدعه أبداً فقد قُتِلتُ على حق. ثم قالت: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل، وذلك الظمأ في هواجر المدينة ومكة، وبرَّه بأبيه وبي، اللهم قد سلَّمته لأمرك فيه، ورضيت بما قضيت فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين، وذهب عبد الله فقاتل الساعات الأخيرة قتال الأبطال، وهو يتمثَّل صورة أمه في عينيه، وصوتها في أذنيه، مرتجزاً منشداً:
أسماء يا أسماء لا تبكني
لم يبق إلا حسبي وديني
وصارم لأنت بـه يميني
وما زال على ثباته حتى قُتل، فكبر أهل الشام لمقتله، فبلغ ذلك ابن عمر فقال: الذين كبروا لمولده خير من الذين كبروا لموته.
صلب الحجاج عبد الله بن الزبير مبالغة في التشفي والإرهاب، ثم أرسل إلى أمه أسماء فأبت أن تأتيه، فأعاد إليها الرسول: لتأتينني أو لأبعثنّ إليك من يسحبك من قرونك فقالت: والله لا آتيه حتى يبعث إليَّ من يسحبني بقروني.
فما كان من الحجاج إلا أن رضخ لصلابتها، وانطلق حتى دخل عليها، فقال: أرأيت كيف نصر الله الحق وأظهره؟
قالت: ربما أُديل الباطل على الحق وأهاه.
قال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله.
قالت: أراك أفسدت على ابني دنياه، وأفسد عليك آخرتك.
قال: إن ابنك ألحد في هذا البيت، وقد قال الله "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"، وقد أذاقه الله ذاك العذاب الأليم.
قالت: كذبت. كان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة، وسر به رسول الله وحنَّكه بيده، وكبَّر المسلمون يومئذ حتى ارتجت المدينة فرحاً به، وكان برًّا بأبويه صواماً قواماً بكتاب الله، معظماً لحرم الله، مبغضاً لمن يعصي الله –أما إن رسول الله حدثني أن في ثقيف كذَّباً ومبيراً، فأما الكذاب فقد رأيناه (تعني المختار بن عبيد الثقفي)، وأما المبير فلا أخالك إلا إياه..
فخرج الحجاج من عندها منكسراً يتمنى لو لم يكن لقيها، بعد أن دخل عليها مزهواً يريد أن يتشفَّى.
وبلغ عبد الملك بن مروان ما صنع الحجاج مع أسماء فكتب إليه يستنكر فعله، ويقول ما لك وابنة الرجل الصالح؟ وأوصاه بها خيراً، ودخل عليها الحجاج فقال: يا أماه، إن أمير المؤمنين أوصاني بك فهل لك من حاجة؟
قالت: لست لك بأم، إنما أنا أم المصلوب على الثنية، وما لي من حاجة.
وأخيراً..
آن للفارس المصلوب أن يترجل، وينزل من فوق خشبته ويسلَّم إلى أمه فتحنّطه وتكفنه وتصلي عليه وتودعه جوف الثرى ليلتقي في دار الخلود بأبيه الزبير وجده أبي بكر، وجدته صفية، وخالته عائشة، رضي الله عنهم.
دخل عليها عبد الله بن عمر، وابنها مصلوب. فقال لها: إن هذا الجسد ليس بشيء، وإنما الأرواح عند الله فاتق الله واصبري.
فقالت: وما يمنعني من الصبر، وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل؟
ولم يطل بها المقام بعد ولدها، فما هي إلا مائة يوم _أو أقل_ حتى لحقت به عام ثلاث وسبعين للهجرة، وقد بلغت المائة عام، لم تسقط لها سن، ولم ينكر لها عقل، رحمها الله ورضي عنها.
من هناك
04-29-2006, 08:13 PM
رحمهم الله جميعاً :(
اين لنا صبر آل الزبير
Saowt
04-29-2006, 09:44 PM
أغرب قصة حفظ سمعتها في حياتي قصة البخاري رحمه الله في بغداد..
أمير أهل الحديث: الإمام الجليل والمحدث العظيم محمد بن إسماعيل البخاري أمير أهل الحديث وصاحب أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، يقول البخاري: صنفت الصحيح في ست عشرة سنة وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى. ولم يشهد تاريخ الإسلام مثله في قوة الحفظ ودقة الرواية والصبر على البحث مع قلة الإمكانات، حتى أصبح منارة في الحديث وفاق تلامذته وشيوخه على السواء. ويقول عنه أحد العلماء: لا أعلم أني رأيت مثله كأنه لم يخلق إلا للحديث.
ظهر نبوغ البخاري مبكرا فتفوق على أقرانه، وصاروا يتتلمذون على يديه، ويحتفون به في البلدان. وقد روي أن أهل المعرفة من البصريين يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه وكان شابا لم يخرج وجهه.
وروي عن يوسف بن موسى يقول كنت بالبصرة في جامعها إذ سمعت مناديا ينادي يا أهل العلم قد قدم محمد بن إسماعيل البخاري فقاموا في طلبه وكنت معهم فرأينا رجلا شابا يصلي خلف الأسطوانة فلما فرغ من الصلاة أحدقوا به وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء فأجابهم فلما كان الغد اجتمع قريب من كذا كذ ألف فجلس للإملاء وقال يا أهل البصرة أنا شاب وقد سألتموني أن أحدثكم وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون منها.
وقال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا لإسناد هذا وإسناد هذا لمتن هذا ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس فاجتمع الناس وانتدب أحدهم فسأل البخاري عن حديث من عشرته فقال: لا أعرفه.. وسأله عن آخر فقال: لا أعرفه.. وكذلك حتى فرغ من عشرته فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهم. ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز ثم انتدب آخر ففعل كما فعل الأول والبخاري يقول: لا أعرفه ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفس وهو لا يزيدهم على لا أعرفه.
فلما علم أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فكذا والثاني كذا والثالث كذا إلى العشرة فرد كل متن إلى إسناده وفعل بالآخرين مثل ذلك فأقر له الناس بالحفظ فكان ابن صاعد إذا ذكره يقول الكبش النطاح.
وروي عن أبي الأزهر قال كان بسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث فاجتمعوا سبعة أيام وأحبوا مغالطة البخاري فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق وإسناد اليمن في إسناد الحرمين فما تعلقوا منه بسقطة لا في الإسناد ولا في المتن.
وقال أحيد بن أبي جعفر والي بخارى قال محمد بن إسماعيل يوما رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر
Saowt
04-30-2006, 09:58 PM
تتضاءل الكلمات أمام ذلك الأدب الجم الذي نراه بين الصحابة.. أدبا وخلقا يسمو بهم إلى مراتب الملائكة. فها نحن نرى أبا بكر وقد عقد الألوية لفتح الشام وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وأمر خالدا بن الوليد على جيش آخر لفتح العراق.
في الشام كانت معركة اليرموك والتفت جموع الروم وتكاثفت حول المسلمين فطلبوا المدد من أبي بكر فأمر خالدا بالسير بنصف جيشه من العراق إلى الشام وليكن خالدا هناك أميرا على الجيش كله، وليظل نصف الجيش في العراق تحت إمرة المثنى بن حارثة.
يطيع خالد الأمر.. ويرسل رسوله إلى إبي عبيدة قبل أن يصل هو، يخبره بأمر تنازله عن قيادة الجيش. لكن أبا عبيدة ينزل راضيا على أمر الخليفة، ويصبح جنديا في الصفوف تحت لواء خالد.
يا الله .. ما هذا الخلق الرفيع .. فلا بغضاء ولا شحناء .. إنه السمع والطاعة. "يرسل خالد إلى أبي عبيدة يخبره بتنازله عن القيادة لكن أبا عبيدة يصر على الطاعة!!!"
فإذا بتباشير النصر تهب بعد سلسلة من المعارك دامت مدة من الزمن.. وتتأكد خبرة خالد في المواقف الصعاب، ويقتل ويأسر عدد كبير من الروم. وفي هذه الأثناء يأتي خبر وفاة الصديق وتولي عمر الخلافة وأمره بعزل خالد وتولية أبي عبيدة على الجيش.
ويفكر خالد.. سيضطرب المسلمون.. ولربما أصبح النصر هزيمة.. والنصر ما هو إلا نصرا للإسلام لا لخالد. فيخفي خالد الأمر حتى يتم الله نصره.
أما أبو عبيدة، فقد كتم الخبر هو الآخر.. ولنفس السبب!!!
فنصرة الإسلام والمسلمين أحب إليه من إمرة الجيش.
إنه يريد الرفعة لدينه لا لنفسه.
رضي الله عن صحابة رسول الله..وألحقنا بهم في الصالحين..
Saowt
04-30-2006, 10:01 PM
رحم الله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم، ورضي الله عنهم، وأعلى في عليين مقامهم، ووفقنا للسير على نهجهم وحشرنا في زمرته مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، فرحمه الله ما أصدق قول الشاعر فيهم:
جمال ذي الأرض كانوا في الحياة، وهم *** بعد الممات جمالُ الكتْبِ والسِّيَرِ
وأسأل الله تعالى أن يتقبل هذا الجهد المتواضع، وأن يسدد الخطى، ويصحح القصد ويصفي النية، ويرزقنا الإقتداء بأولئك الذين قال فيهم: ((أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين .
مقاوم
05-01-2006, 09:24 AM
آمين
طبتم وطاب مسعاكم
Saowt
05-09-2006, 09:42 AM
يقول الصدّيق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعدما حشدت الروم جيوشها الآلاف المؤلفة لتقضي على دولة الإسلام: عجزت النساء أن يلدن مثل خالد, والله لأشفينّ وساوسهم بخالد بن الوليد.
قبيل بدء المعركة قام ماهان قائد الروم يخاطب سيف الله المسلول: (لقد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع... فإن شئتم, أعطيت كل واحد منك عشرة دنانير, وكسوة, وطعاما, وترجعون إلى بلادكم, وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها).....!!!
انتفض خالد كالأسد الكاسر... وعزة المؤمن وكرامته وقوة إيمانه وشدة بأسه تملأ جنبات روحه فيرد على قائد الروم: (إنه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت, ولكننا قوم نشرب الدماء, وقد علمنا أنه لا دم أشهى ولا أطيب من دم الروم, فجئنا لذلك... نحن قوم نحرص على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة)....!!!
حينها أعلن جيش الروم الهجوم على جيش سيف الله المسلول.... أعلنت الجنة بزعفرانها وحورها وقصورها حالة الطوارئ لاستقبال أحبتها من شهداء المعركة... كما وأعلنت جهنم بأفاعيها وزقومها وغسلينها وسلاسلها حالة الطوارئ لاستقبال قتلى المشركين..
وأمر خالد بأن يصلي الفجر بالجيش وبات يشدّ على أوتار القلوب بقول: لاإله إلا الله صدق وعده ونصر عبده وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده... وما هي إلا سويعات قليلة وترفع راية الإسلام عالية خفاقة
وصلى بطل اليرموك في خيمة قائد الروم الذي فرّ هاربا إلى حمص ليعلمه بخسارة الروم !!!...
فسأل هرقل عظيم الروم جنوده: من الذين يحاربونكم, أبشر أم ملائكة؟؟...
استأذن أحد قواده ليجيب بصراحة فقال: إن الذين يحاربوننا بشر, لكنهم ليسوا كالبشر...
* كيف ذلك؟؟..
* إنهم يقومون الليل ويصومون النهار, إذا جنّ الليل سمعت لهم دويّا بالقرآن كدويّ النحل, فإذا ما أشرقت الشمس فإنهم أسود فرسان, يصومون ويصلون, ونحن لا نصوم ولا نصلي, لا يشربون الخمر ونحن نشربها، لا يأتون الفواحش ونحن نأتيها, وما من واحد منهم إلا ويتمنى أن يموت قبل صاحبه, يحملون علينا فيصدقون, ونحن نحمل عليهم فيصبرون, أما نحن إذا حملوا علينا فلا نصدق ولا نصبر...
فانتفض هرقل قائلا: لئن كانوا كما قلت فو الله ليملكن موقع قدميّ هاتين!!!!...
استنجد هرقل بملك الصين وطلب منه المدد والعون... فكانت النتيجة أن رد ملك الصين قائلا: لا طاقة لي بقوم لو أرادوا قلع الجبال لاقتلعوها.
ولقد كان... فما هي إلا أيام وشمس النصر تملأ الدنيا بهاء وضياء وسناء.. جاء اليوم الذى جعل المسلمون من البحر الابيض والبحر الاحمر بحيرتين صغيرتين تجريان فى أرض الإسلام وترفرف عليها راية القرآن... "وكان حقا علينا نصر المؤمنين"
وقال هرقل: يا سوريا سلام عليك لا لقاء بعده !!!..
Saowt
05-10-2006, 09:35 PM
كنت أتابع درسا للشيخ الدكتور محمد العريفي فأورد قصة طريفة مقرونة بمسألة فقهية
كان أبو يوسف تلميذاً عند الإمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله.. غير أنه أحيانا كان ينقطع عنها لاضطراره أن يعمل حتى يواجه نفقات الحياة، فلما رأى أبو حنيفة ذلك وأحزنه أن تصرف ضرورات العيش تلميذه النجيب عن طلب العلم؛ تكفله بالعيش، وأمدّه بماله حتى يفرغ تماما للدراسة. وقال لوالد أبي يوسف: "أعلمه علما إذا أتقنه يأكل اللوز والفالوذج على أرائك الملوك".. ومرض أبو يوسف يوما فزاره الإمام وقال له: كم تمنيت أن تخلف في الناس من بعدي... أي تكون إمامهم وتفتيهم بعد موتي...
وبعد أيام شفي أبو يوسف من مرضه ونهض يريد الذهاب لحلقة الامام أبو حنيفة النعمان لتلقي العلم فلقي أحد أصدقائه فسأله: إلى أين تذهب يا أبا يوسف؟؟
قال: عند الإمام..
فرد صاحبه :ألم تسمع ما قاله الشيخ فيك عند مرضك؟؟ لقد قال تمنيت أن تخلف الناس من بعدي..
عندها اغترّ أبو يوسف بعلمه وحدثته نرجسيته بأنه أصبح من العلم ما ينافس به الإمام فدخل المسجد وجمع حولة طلبة علم وبدأ يعلمهم.. نظر الإمام أبو حنيفة إلى الحلقة واستغرب فسأل طلابه: هل أتى إلى المدينة شيخ؟
قالوا له: لا لم يأت أحد.
قال: ومن هذا الشيخ إذا؟
قالوا له: هذا تلميذك أبو يوسف
فاستغرب الإمام وقال: وهل وجد في نفسه من العلم كفاية ليقوم بحلقات ويفتي؟؟
فقال لأحد طلابه: اذهب إليه واسأله (أتى رجل إلى خياط وأعطاه ثوباً ليقصره وعندما عاد الرجل للخياط جحد الخياط الثوب فأتت الشرطة واعترف الخياط بسرقة الثوب وأعاده فهل يحق له أخذ الأجر عن التقصير أم لا؟؟) وأكمل الإمام (فإن قال لك يحق له قل له: اخطأت. وإن قال لك لا يحق له قل له: اخطأت)
فذهب الطالب إلى أبي يوسف وقال له ما قال له الإمام.. وعندما قال أبو يوسف: يحق له
قال له: أخطأت...
عندها قال أبو يوسف: لا.. لايحق له..
فقال الطالب: أخطأت
هنا.. نظر أبو يوسف إلى الطالب وقال له: بالله عليك.. من أرسلك إلي؟؟
قال الطالب مشيرا إلى أبي حنيفة... الرجل
قام أبو يوسف وجثا على ركبتيه عند الإمام أبي حنيفة وقال علمني يا إمام مما علمك الله..
قال الإمام: إذا قصر الخياط الثوب قبل أن ينوي سرقته فله الحق في أن ياخذ الأجرة.. أما إذا قصر الثوب بعد أن نوى سرقته فلا يحق له أخذ الأجرة. فإذا كان الثوب على مقاس الخياط فيعني أنه قصره لنفسه فعندها لايستحق الأجرة على التقصير.. أما إذا كان الثوب على مقاس صاحب الثوب فعندها يستحق الخياط أجرة التقصير.
اشتغل أبو يوسف بالقضاء في عهد الخليفة العباسي "المهدي"، وبلغ الغاية في عهد الخليفة "هارون الرشيد" حيث تولى منصب قاضي القضاة، وهو منصب استُحدث لأول مرة في تاريخ القضاء، وشاءت الأقدار أن يكون أبو يوسف هو أول من يشغله في التاريخ الإسلامي
ارتبط أبو يوسف بعلاقة وثيقة مع الخليفة الرشيد، وتبوأ عنده مكانة عالية، فكان يؤاكله ويحج معه ويؤمه ويعلمه..
Saowt
05-15-2006, 08:36 PM
روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في ليلة من الليالي يطوف يتفقد أحوال المسلمين، فرأى بيتاً من الشعر مضروباً، فلم يكن قد رآه بالأمس، فدنا منه، فسمع فيه أنين امرأة، ورأى رجلا قاعداً، فدنا منه وقال له: من الرجل؟
فقال له: رجل من البادية قدمت إلى أمير المؤمنين لأصيب من فضله،
قال: فما هذا الأنين.
قال: امرأة تتمخض قد أخذها الطلق.
قال: فهل عندها أحد؟
قال: لا،
فانطلق عمر لرجل لا يعرفه فجاء إلى منزله، فقال لامرأته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بنت فاطمة الزهراء رضي الله عنهما: هل لك في أجر قد ساقه الله تعالى لك؟
قالت: وما هو؟
قال: امرأة تتمخض ليس عندها أحد.
قالت: إن شئت،
قال: فخذي معك ما يصلح للمرأة من الخرق والدهن، وائتني بقدر وشحم وحبوب.
فجاءت به، فحمل القدر، ومشت خلفه حتى أتى البيت، فقال: ادخلي إلى المرأة، ثم قال للرجل: أوقد لي ناراً، ففعل، فجعل عمر ينفخ النار ويضرمها والدخان يخرج من خلال لحيته حتى أنضجها وولدت المرأة، فقالت أم كلثوم رضي الله عنها: بشر صاحبك يا أمير المؤمنين بغلام،
فلما سمعها الرجل تقول يا أمير المؤمنين ارتاع وخجل، وقال: واخجلتاه منك يا أمير المؤمنين أهكذا تفعل بنفسك؟
قال: من ولي شيئاً من أمور المسلمين ينبغي له أن يتطلع على صغير أمورهم وكبيره، فإنه عنها مسؤول ومتى غفل عنها خسر الدنيا والآخرة.
ثم قام عمر رضي الله عنه، وأخذ القدر من على النار وحملها إلى باب البيت، وأخذتها أم كلثوم، وأطعمت المرأة، فلما استقرت وسكنت طلعت أم كلثوم، فقال عمر رضي الله عنه للرجل: قم إلى بيتك وكل ما في البرمة، وفي غد ائت إلينا، فلما أصبح جاءه، فجهزه بما أغناه به وانصرف.
*******
لما رجع عمر رضي الله عنه، من الشام إلى المدينة، انفرد عن الناس ليتعرف أخبار رعيته، فمر بعجوز في خباء لها فقصدها.. فقالت: ما فعل عمر رضي الله عنه؟
قال: قد أقبل من الشام سالماً.
فقالت: يا هذا! لا جزاه الله خيراً عني!
وقال: ولمَ؟
قالت: لأنه ما أنالني من عطائه منذ ولي أمر المسلمين ديناراً ولا درهماً.
فقال: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟
فقالت: سبحان الله ! والله ما ظننت أن أحداً يلي على الناس، ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.
فبكى عمر رضي الله عنه، وقال: وا عمراه، كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر. ثم قال لها: يا أمة الله! بكم تبيعيني ظلامتك من عمر، فإني أرحمه من النار؟
فقالت: لا تهزأ بنا، يرحمك الله.
فقال عمر: لست أهزأ بك... ولم يزل حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً.
فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين!
فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت: وا سوأتاه! شتمت أمير المؤمنين في وجهه؟
فقال لها عمر رضي الله عنه: لا بأس عليك، يرحمك الله، ثم طلب قطعة جلد يكتب فيها فلم يجد، فقطع قطعة من مرقعته وكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي الخلافة إلى يوم كذا، بخمسة وعشرين ديناراً. فما تدعي عليه عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر بريء منه، شهد على ذلك علي وابن مسعود.. ثم دفعها إلى ولده وقال له: إذا أنا مت فاجعلها في كفني ألقى بها ربي.
Saowt
05-17-2006, 09:42 PM
يحكي "أحمد بن مسكين" أحد التابعين الكبار قصة السمكة.. يقول:
كان هناك رجل اسمه أبو نصر الصياد، يعيش مع زوجته وابنه في فقر شديد فمشى في الطريق مهموماً لأن زوجته وابنه يبكيان من الجوع فمر على شيخ من علماء المسلمين وهو "أحمد بن مسكين" وقال له: أنا متعب
فقال له: اتبعني إلى البحر.
فذهبا إلى البحر، وقال له: صلي ركعتين فصلى
ثم قال له: قل باسم الله..
فقال: باسم الله... ثم رمى الشبكة فخرجت بسمكة عظيمة.
قال له: بعها واشتر طعاماً لأهلك، فذهب وباعها في السوق واشترى فطيرتين إحداهما باللحم والأخرى بالحلوى وقرر أن يذهب ليطعم الشيخ منها فذهب إلى الشيخ وأعطاه فطيرة، فقال له الشيخ: لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة. فالشيخ كان يفعل الخير للخير، ولم يكن ينتظر له ثمناً، ثم رد الفطيرة إلى الرجل وقال له: خذها أنت وعيالك.
وفي الطريق إلى بيته قابل امرأة تبكي من الجوع ومعها طفلها، فنظرا إلى الفطيرتين في يد الرجل. فسأل الرجل نفسه: هذه المرأة وابنها مثل زوجتي وابني يتضوران جوعاً فلمن أعطي الفطيرتين، ونظرا إلى عيني المرأة فلم يحتمل رؤية الدموع فيها، فقال لها: خذي الفطيرتين فابتهج وجهها وابتسم ابنها فرحاً.. وعاد يحمل الهم، فكيف سيطعم امرأته وابنه؟
خلال سيره سمع رجلاً ينادي: من يدل على أبو نصر الصياد؟..
فدله الناس على الرجل.. فقال له: إن أباك كان قد أقرضني مالاً منذ عشرين سنة. ثم مات ولم أستدل عليه، خذ يا بني 30 ألف درهم مال أبيك.
يقول أبو نصر الصياد: وتحولت إلى أغنى الناس وصارت عندي بيوت وتجارة وصرت أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة لأشكر الله.
وأعجبتني نفسي لأني كثير الصدقة، فرأيت رؤيا في المنام أن الميزان قد وضع. وينادي مناد: أبو نصر الصياد هلم لوزن حسناتك وسيئاتك، يقول فوضعت حسناتي ووضعت سيئاتي، فرجحت السيئات، فقلت: أين الأموال التي تصدقت بها؟ فوضعت الأموال، فإذا تحت كل ألف درهم شهوة نفس أو إعجاب بنفس كأنها لفافة من القطن لا تساوي شيئاً، ورجحت السيئات.
وبكيت وقلت: ما النجاة وأسمع المنادي يقول: هل بقى له من شيء؟
فأسمع الملك يقول: نعم بقت له رقاقتان فتوضع الرقاقتان في كفة الحسنات فتهبط كفة الحسنات حتى تساوت مع كفة السيئات.
فخفت وأسمع المنادي يقول: هل بقى له من شيء؟ فأسمع الملك يقول: بقى له شيء فقلت: ما هو؟ فقيل له: دموع المرأة حين أعطيت لها الرقاقتين "الفطيرتين" فوضعت الدموع فإذا بها كحجر فثقلت كفة الحسنات، ففرحت فأسمع المنادي يقول: هل بقى له من شيء؟ فقيل: نعم ابتسامة الطفل الصغير حين أعطيت له الرقاقتين وترجح وترجح وترجح كفة الحسنات.. وأسمع المنادي يقول: لقد نجا لقد نجا فاستيقظت من النوم أقول: لو أطعمنا أنفسنا هذا لما خرجت السمكة، فافعل الخير ولا تخف.
mohammad
05-17-2006, 09:47 PM
اللهم اجعلنا ممن يقرأون الكلم فيتبعون أحسنه
جعلها الله حجرا ثقيلا في ميزان أعمالك الصالحة يا صوت
Saowt
05-18-2006, 06:28 PM
اللهم آمين
جزاك ربي خيرا يا محمد.. وشكر الله لك...
ذكر موسى بن عقبة:
لما تمكن الإسلام في الناس.. بدأت القبائل ترسل وفودها لتعلن إسلامها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.. فأقبل بضعة عشر رجلاً من قبيلة ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم.. فأنزلهم المسجد ليسمعوا القرآن.. فلما أرادوا إعلان إسلامهم نظر بعضهم إلى بعض فتذكروا صنمهم الذي يعبدون.. وكانوا يسمونه الرَبّة.. فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الربا والزنا والخمر فحرم عليهم ذلك كله.. فأطاعوه.. ثم سألوه عن الربة.. ما هو صانع بها؟
قال: اهدموها..
قالوا: هيهات!! لو تعلم الربة أنك تريد أن تهدمها.. قتلت أهلها.. ومن حولها..
فقال عمر رضي الله عنه: ويحكم ما أجهلكم!! إنما الربة حجر..
قالوا: إنا لم نأتِك يا ابن الخطاب..
ثم قالوا: يا رسول الله.. تولَّ أنت هدمها أما نحن فإنا لن نهدمها أبدا..
فقال صلى الله عليه وسلم: سأبعث إليكم من يكفيكم هدمه..
فاستأذنوه أن يرجعوا إلى قومهم.. فدعوا قومهم إلى الإسلام فأسلموا ومكثوا أياماً.. وفي قلوبهم وجل من الصنم.. فقدم عليهم خالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة في نفر من الصحابة.. فأقبلوا إلى الصنم وقد اجتمع الرجال والنساء والصبيان.. وهم يرتجفون وقد أيقنوا أنها لن تنهدم وسوف تقتل من يمسها.. فأقبل عليها المغيرة بن شعبة فأخذ الفأس، وقال لأصحابه: والله لأضحكنكم من ثقيف..
فضربها بالفأس.. ثم سقط يرفس برجله.. فصاح الناس وظنوا أن الصنم قتله..
ثم قالوا لخالد بن الوليد ومن معه: من شاء منكم فليقترب..
فلما رأى المغيرة فرحتهم بنصرة صنمهم.. قام فقال: والله يا معشر ثقيف إنما هي لكاع.. حجارة ومدر.. فاقبلوا عافية الله واعبدوه..
ثم ضربها فكسرها.. ثم علا الصحابة فوقها فهدموها حجراً حجراً..
mohammad
05-18-2006, 06:34 PM
هههههه سبحان الله....
قالوا هذا ما ألفينا عليه آباءنا
أولو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يفقهون؟؟؟
من هناك
05-18-2006, 06:37 PM
مرة تناقشنا في سبب سقوط المغيرة بن شعبة ولم نصل إلى حل
* هل هي ردة الفعل التي تساوي قوة ضربته لم ضرب بالآله التي معه (السيف، الرمح، حديدة اخرى..). لقد ضرب بقوة شديدة بسبب ايمانه بأن الله معه وكان ان ارتدت عليه قوة الضربة بسبب صلابة الحجر وبسبب صغر حجم جسمه بالنسبة لقوة ضربته مما ادى إلى انتشار القوة المنعكسة من السيف في جسده كله؟
* هل هي امتحان لإيمان المسلملين الذين كانوا معه وفتنة لمن كان لا يزال مشركاً امامه؟
* هل هي عمل شيطاني؟
* هل هو ابتلاء من الله كي لا يثق المسلم كثيراً بنفسه لدرجة الغرور (اعوذ بالله ان نتهم الصحابة بذلك ولكن نتكلم بوجه عام)
mohammad
05-18-2006, 06:46 PM
الله أعلم....
الاحتمال الأول مستبعد لأنك لا ينبغي ان تشك في قدرة رجل البادية والصحراء على اختيار مواقع الضرب وكيفية التحطيم فهو لن يضرب ضربة يعلم انها سترتد على جسمه بنفس الشدة
والاحتمال الثالث مستبعد
والرابع ضعيف
والثاني غير مقبول
---------------------------
والأغلب انه اعتزم صنع ذلك وبيته في نفسه قبل وقوعه حيث قال لصحبه: والله لأضحكنكم من ثقيف
من هناك
05-18-2006, 06:50 PM
لقد غاب عن بالي هذا الإحتمال
Saowt
05-28-2006, 09:12 PM
والأغلب انه اعتزم صنع ذلك وبيته في نفسه قبل وقوعه حيث قال لصحبه: والله لأضحكنكم من ثقيف
أرجو أن يكون حضر هذا الاحتمال
نعود إن شاء الله لإكمال السلسة
Saowt
05-29-2006, 06:44 AM
صُلحُ الحديبية كانت حقيقته وباطنه رحمة للمؤمنين الموحدين، وظاهره ظلم وتعد على المستضعفين الذين حيل بينهم وبين الهجرة إلى المدينة، دار الإسلام، ولذلك ضاق بهذا الصلح طائفة من المتضررين منه ذرعاً، وشرعوا في مقاومة المشركين والنيل منهم، وشنِّ غارات على قوافلهم التجارية، والاستيلاء عليها، وقد تم لهم ذلك بقيادة بطلين من أبطال الإسلام وفارسين من فرسانه هما أبو بصير وأبو جندل رضي الله عنهما، ومن انضم إليهما من المسلمين، فكان ما قام به هؤلاء أول حرب مقاومة، واستنزاف، وعصابات ضد المشركين المتكبرين الظالمين الأشرار في الإسلام، فلأبي بصير وأبي جندل رضي الله عنهما أجر وثواب كل مقاومة قام ويقوم بها من بعدهم إلى أن تقوم الساعة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، لأنهما أول من سنا هذه السنة الحسنة، وسارا بهذه السيرة المرضية، وزرعا الرعب في نفوس الجبناء من الكفار، وأرهبا عدو الله وعدوهم، ودلا على سبيل المقاومة عندما يتراجع عن الغزو والجهاد المتراجعون، ويتقاعس عن ذلك المتقاعسون، ويُخذِّل عنه المخذِّلون.
عندما قال مفاوض المشركين في الحديبية ساعتئذ سهيل بن عمرو وكان مشركاً: "على أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا"، قال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟!
فبينما هم كذلك إذ جاء أبوجندل بن سهيل بن عمرو يَرْسَف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل -أبوه -: هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إليَّ؛
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا لم نقض الكتاب بعد"،
قال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً؛
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأجزه لي"،
قال: ما أنا بمجيزه لك؛
قال: "بلى فافعل"،
قال: ما أنا بفاعل؛
قال أبو جندل: أي معشر المسلمين، أرَدُّ إلى المشركين وقد جئتُ مسلماً، ألا ترون ما قد لقيت؟! وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله. وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أرَدُّ إلى المشركين يفتنونني في ديني؟
فزاد ذلك الناس على ما بهم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً، وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله، وإنا لا نغدر بهم.
فوثب عمر بن الخطاب إلى أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب؛ ويدني قائم السيف منه، يقول عمر: رجوتُ أن يأخذ السيف فيضرب أباه! فضنَّ الرجل بأبيه، ونفذت القضية.
ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبوبصير، رجل من قريش، وهو مسلم، أرسلوا في طلبه رَجُلين، فقالوا: العهد الذي جعلتَ لنا؛ فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيد؛ فاستله الآخر، فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت؛ فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه؛ فأمكنه منه، فضربه به حتى برد، وفرَّ الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: "لقد رأى هذا ذعراً"، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتِل واللهِ صاحبي وإني لمقتول؛ فجاء أبو بصير، فقال: يا نبي الله، أوفى الله ذمتك، قد رددتني ثم أنجاني الله منهم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل أمه مِسْعَّرَ حرب لو كان له أحد!"، فخرج حتى أتى سيف البحر.
قال: وينفلت منهم –أي من قريش– أبوجندل بن سهيل بن عمرو فيلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عَِصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم.
فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم لما أرسل إليهم، فمن أتاه فهو آمن.
فلما قدم عليهم أبوجندل، واجتمع إلى أبي جندل حين سمع بقدومه ناس من بني غفار، وأسلم، وجُهينة، وطوائف من العرب، حتى بلغوا ثلاثمائة، وهم مسلمون، فأقاموا مع أبي جندل وأبي بصير لا يمر بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها؛
وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه، ومن معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم، فقدم كتابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي جندل وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقرأه وهو فرح به، فدفنه أبوجندل مكانه وصلى عليه!!
قال أبوجندل وهو مع أبي بصير:
أبلغ قريشاً من أبي جندل *** أني بذي المروة بالساحل
في معشر تخفق أيمانُهم *** بالبيض فيها والقنى الذابل
يأبون أن تبقى لهم رفقة *** من بعد إسلامهم الواصل
أويجعل الله لهم مخرجاً *** والحـق لا يُغلب بالباطل
فيسلم المـرء بإسـلامه *** أويُقتـل المـرء ولم يأتلِ
جزى الله أبا بصير وأبا جندل وإخوانهما عن الإسلام خير الجزاء، وجزى الله الإسلام عنا وعنهم خير الجزاء، فقد سنوا هذه السنة الحميدة وهي مقاومة الكفار بالوسائل المتاحة، وكانوا سبباً في مشروعية حرب العصابات وحرب الاستنزاف والمقاومة هذه التي يخوضها الأبطال هذه الأيام في عدد من بقاع الإسلام، بعد أن خذلهم إخوانهم، وتخلت الجيوش الإسلامية عن واجبها، وركن جُلُّ الحكام إلى الكفار، واستكانوا لهم، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فقد صلح أول هذه الأمة برفع راية الجهاد، وبالتضحيات، وبالعمليات الجهادية التي سنها كذلك البراء بن مالك وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهما، وغيرهما كثير، ومن قبل غلامُ أصحاب الأخدود، فلا نامت أعين الجبناء، ولا تهنا بالعيش المخذلون التعساء.
Saowt
05-29-2006, 10:05 PM
كان من عادة السلطان بايزيد الثاني أن يجمع في قارورة ما علق بثيابه من غبار، وهو راجع من أية غزوة من غزوات جهاده في سبيل الله.
وفي إحدى المرات عندما كان السلطان يقوم بجمع هذا الغبار من على ملابسه لوضعه في القارورة، قالت له زوجته كولبهار: أرجو أن تسمح لي يا مولاي بسؤال.
- اسألي يا كولبهار.
- لم تفعل هذا مولاي؟ وما فائدة هذا الغبار الذي تجمعه في هذه القارورة؟
- إنني سأوصي يا كولبهار بعمل طابوقة من هذا الغبار، وأن توضع تحت رأسي في قبري عند وفاتي… ألا تعلمين يا كولبهار أن الله سيصون من النار يوم القيامة جسد من جاهد في سبيله؟
ونفذت فعلاً وصيته، إذ عمل من هذا الغبار المتجمع في تلك القارورة… غبار الجهاد في سبيل الله… عمل منه طابوقة، وضعت تحت رأس هذا السلطان الورع عندما توفي سنة 1512م… وقبره موجود حتى الآن بجانب الجامع الذي بناه جامع بايزيد، رحمه الله تعالى.
من هناك
05-30-2006, 12:49 AM
رحمة الله عليه
هم خلفاء حقاً شاء من شاء وابى من ابى
Saowt
05-30-2006, 07:58 PM
مروة قاوقجي.. اسم تصدر وسائل الإعلام العربية والإسلامية قبل عامين ونيف.. يحمل بين طياته معاناة المرأة المسلمة في بقعة من بقاع الأرض...
ذاك المكان الذي خرجت منه مروة كان في يومٍ ما معقل الإسلام ورمز الجهاد.. حين نجح سلاطينه في قهر بيزنطة والاستيلاء على عاصمتها القسطنطينية... واخترقوا قلب القارة الأوروبية ناشرين الإسلام في بلقانها... فخضع الغرب لصوت الإسلام وعزّه وبات أعظم تحالف تقيمه أوروبا ضد الدولة العثمانية العليّة ضربا من السخرية... وصار التقرب لها بالحفاوة والاحترام أمرا شهدته كتب التاريخ ومحافل الخطاب السياسي بين العثمانيين والدول الأوروبية أبان تلك الحقبة ....
اليوم... تغيرت الأحوال وسبحان مغيرها الذي يغيّر ولا يتغير.. وأصبحت تركيا الحديثة التي أنشأها أتاتورك معقلاً للعلمانية... قد تقبل بالإباحيات وشعارات الشواذ ولكنها تغضب بشدة إذا علا صوت الإسلام ، وقصة مروة قاوقجي خير دليل على ذلك...
خرجت مروة قاوقجي من بيئة تركية محافظة... قاومت أسرتها أعاصير العلمانية التي فرضها أتاتورك وأسلافه من بعده على كل مرافق الدولة بما فيها التعليم.. حين سنت قانونا يمنع الفتيات المحجبات من الدخول في سلك التعليم وبات على الفتاة المسلمة إما أن تظل جاهلة أو أن تخلع حجابها لتتعلم !!
حتى نجح حزب الرفاه الإسلامي في استصدار قانون يسمح بإقامة مدارس إسلامية فأمكن للفتيات ارتداء الحجاب في هذه المدارس الإسلامية التي تعلمت بها مروة قاوقجي (علما بأن المدارس الإسلامية اليوم في تركيا ممنوعة بعد انتهاء المرحلة الابتدائية) إلا أن مروة اصطدمت بعقبة الجامعات التركية التي تمنع دخول الفتاة بحجابها.. فمُنعت مروة من دراسة الطب في إحدى الجامعات بسبب حجابها لا بسبب تحصيلها الثانوي !!
كانت إرادة الدين في قلب أسرة مروة قاوقجي قوية فسعى لها والدها للدراسة في إحدى الجامعات الأمريكية لتدرس هندسة الكومبيوتر ..
عادت مروة بعد أعوام من دراستها في الولايات المتحدة الأمريكية مفعمة بإرادة التحدي ونشوة الانتصار على العلمانية التي تسعى إلى تحطيم حجاب المرأة المسلمة في بلد يُفترض أن يكون إسلاميا!! فالتحقت بحزب الفضيلة الإسلامي لتظهر في شخصها صورة المرأة المسلمة التي تتحدى صعاب الواقع لا تبالي بمآسي الحياة.. فمثلت حزب الفضيلة في الانتخابات النيابية عن منطقة استانبول وفازت بنيل ثقة الشعب بأغلبية ساحقة كدليل على تحدي بذور الإسلام في تركيا لقوى العلمانية الأتاتوركية التي تسعى للقضاء على كل ما يمثل الإسلام في هذا البلد الطيب... امتعضت القوى العلمانية من هذا الأمر، ولكنها لم تقو على رفض ممثل قادم من الشعب... لكنها بدأت تتحين الفرصة لطرد مروة من المجلس النيابي..
وكان ذلك حين حضرت مروة قاوقجي إلى البرلمان التركي يحدوها بريق أمل جديد قد تشرق معه شمس الإسلام على بلد لطختها العلمانية بثوب الحريات المزعومة على أيدي جماعة من اليهود المتمرسين على الطعن في الإسلام في كل مكان على وجه الأرض .. وما إن أطلّ وجه مروة في قاعة البرلمان مرتدية حجابها البسيط لأداء اليمين الدستورية ممثلة عن استانبول حتى امتلأت القاعة بالضجيج والسباب تحت شعار أن مروة اخترقت أصول العلمانية ودخلت قاعة البرلمان مرتدية حجابها.. إذ كان عليها حسب القانون الأتاتوركي العلماني أن تخلع حجابها عند الدخول إلى قاعة البرلمان..!!! لم تكن هذه المحاولة الأولى من قبل البرلمان التركي والأحزاب العلمانية فقد سبق وأن منع البرلمان إحدى النائبات من دخول القاعة بعلة ارتدائها لحجابها... لكن مروة قاوقجي المؤمنة صمدت أمام التحدي معلنة رفضها خلع الحجاب واضطرت للخروج من القاعة تحت ضغط موجة الاحتجاج التي قام بها النواب العلمانيون.. هؤلاء النواب الذين لم يحترموا إرادة الشعب التركي في انتخاب سيدة مسلمة بحجابها... ليظهر الوجه العلماني الحقيقي لتركيا الحديثة والذي لا يمت إلى الديموقراطية بصلة إنما يهدف فقط لمحاربة الإسلام وجذوره المتأصلة في أعماق الشعب التركي المسلم.
خرجت مروة قاوقجي من قاعة البرلمان مرفوعة الجبين معتزة بإسلامها لتكون نموذجا للمرأة المسلمة التي تتحدى الطغيان... فلم يتركها البرلمان التركي لتخرج من القاعة منتصرة حين أظهرت صلف هذا المجلس وظلمه أمام الرأي العام العالمي بل سعى العلمانيون لملاحقتها وإفقادها الحصانة الدبلوماسية التي تمتعت بها بحكم انتخابها.. بل إنهم اتهموها بالإرهاب وأن لها علاقات مع منظمات إرهابية وذلك حين تلقت دعوة من إحدى الجهات الإسلامية لحضور إحدى المؤتمرات!!!! ولم يكتفوا بذلك بل أرادوا انتزاع جنسيتها التركية بحجة حصولها على الجنسية الأمريكية !!
أي جريمة ارتكبتها مروة قاوقجي بحق المجتمع والشرائع والقانون لتنال كل هذا العقاب... أم أن كل من يقول ربي الله أصبح معرضا لتهمة الإرهاب ومنعه من تمثيل الشعب الذي أراده بحجة القانون الأتاتوركي!!!
ختاما إليك أيتها المرأة التركية المسلمة القابضة على دينها كالقابض على الجمر نقول : سينتهي الظلم الأتاتوركي قريبا كما انتهت الشيوعية في عقر دارها.. وسيأتي اليوم الذي يحطم فيه المسلمون تماثيل أتاتورك كما حطم الروس تماثيل ستالين ولينين...
أما نحن على أرضنا الطيبة المباركة فلنحمد الله عز وجل على نعمة الإسلام والسترة والحجاب.. والله من وراء القصد..
من هناك
05-30-2006, 09:37 PM
رحم الله جدها فقد جاهد حق الجهاد ضد اليهود في فلسطين وهو من ابناء طرابلس الأبية
Saowt
06-01-2006, 10:07 PM
ومن يكون جدها؟ رحمه الله
قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام فقال لأبي عبيدة: اذهب بنا إلى منزلك
قال: وما تصنع عندي؟؟ أخشى أن تعصر عينيك عليّ،
فدخل عمر فلم يجد عند أبي عبيدة شيئاً يذكر، قال عمر: أعندك طعام؟
فقام أبو عبيدة إلى كسيرات في جونة، فبكى عمر وقال: غيرتنا الدنيا كلنا إلا أبا عبيدة.
وأرسل عمر أيضا ً لأبي عبيدة رضي الله عنهما أربعمائة دينار ليوسع بها على نفسه، فقسمها في الفقراء قبل انصراف الرسول، فلما بلغ ذلك عمر رضي الله عنه قال: الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا!!
صورتان فقط أوردتهما تدل على صورة رائعة من التعلق بالآخرة والبعد عن الدنيا، وكلا الصورتين لأبي عبيدة بن الجراح الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمين هذه الأمة. إنه الزهد الحقيقي في الدنيا الذي جعل من هذا الجيل الفريد خفافاً حين ينادي المنادي: يا خيل الله اركبي، ويجعلهم أرق دمعة حين يسمعون آيات الله تتلى، ويحملهم على طول القيام بين يدي الله تعالي ناصبين أقداهم في محراب الصلاة، ما شغلتهم أموال يجمعونها، ولا بيوت يعمرونها، ولا أزواج يلهونهم، فهل عرفنا لماذا سبقوا وتخلفنا؟
من هناك
06-01-2006, 10:20 PM
انظري هنا
http://www.asharqalarabi.org.uk/center/rijal-fa.htm
http://www.liberation-inside-imperialists-cage.150m.com/chpt3_files/page0003.htm
Saowt
06-03-2006, 10:08 PM
شكرا لك...
أردف وراءه غلامه الصغير الوحيد, و خلف في يثرب تسع بنات, إذ لم يكن له صبي غيره... لقد كان الشيخ حريصا أشد الحرص على أن يشهد غلامه الصغير البيعة... وألا يفوته ذلك اليوم من أيام الله... أما ذلك الشيخ فهو ((عبدالله بن عمرو الخزرجي الأنصاري))... وأما غلامه فهو ((جابر بن عبدالله الأنصاري))...
أشرق الإيمان في فؤاد جابر بن عبدالله وهو صغير غض، فأضاء كل جانب من جوانبه... ومس الإسلام قلبه الصغير كما تمس قطرات الندى أكمام الزهر فَتُفَتِّحُهَا, وتُفْعِمُهَا بالشذى والعطر... وتوثقت صِلاته بالرسول صلوات الله وسلامه عليه منذ نعومة أظفاره...
ولما وفد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم على المدينة مهاجراً تتلمذ الصبي المؤمن على يدي نبي الهدى والرحمة, فكان من أنجب من أخرجتهم المدرسة المحمدية للناس حفظاً لكتاب الله... وفِقْهاً في دين الله... ورواية لحديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وحسبك أن تعلم أن مسند جابر بن عبدالله يضم بين دفتيه ألفاً وخمسمائة وأربعين حديثاً... حفظها التلميذ النجيب, ورواها للمسلمين عن نبيهم الأعظم صلى الله عليه وسلم. وأن البخاريّ ومسلماً أثبتا في صحيحيهما ما ينوف على مائتين من أحاديثه تلك...
ظلّ مصدر إشعاع وهداية للمسلمين دهراً طويلاً؛ فلقد مد الله في حياته حتى أوشك أن يبلغ من العمر قرناً من الزمان. لم يشهد جابر بن عبدالله ((بدرا)) ولا ((أُحداً)) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم... لأنه كان صغيراً من جهةٍ... ولأن أباه كان يأمره بالبقاء مع إخوته التسع من جهة أخرى, ذلك لأنه لم يكن لهن أحدٌ سواه يقوم على أمرهن.
حَدَّث جابرٌ, قال: لما كانت تلك الليلة التي سبقت ((أُحدا)) دعاني أبي وقال: إني لا أراني إلا مقتولاً مع أول من يقتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, و إني والله ما أدع أحداً أعزَّ علي منك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنّ عليّ دينا, فاقض ديني... وارحم أخواتك... واستوص بهن خيراً.
فلما أصبحنا كان أبي أول قتيلٍ قتل في ((أحد)). فنظر إليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: "يا جابر مالي اراك مهتماً؟" قلت: يا رسول اللّه استشهد ابي وترك ديناً عليه، فقال: "ألا أخبرك ما كلم اللّه أحداً قط إلا من وراء حجاب، وإنه كلم اباك كفاحاً"، قال سلني أعطك قال: اسالك أن أرد إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال الرب عزّ وجلّ إنه قد سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون، قال: أي رب فأبلغ من ورائي فأنزل اللّه: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم} الآية.
قال جابر: لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه، فجعل أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينهوني والنبي صلى اللّه عليه وسلم لم ينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تبكيه -أو ما تبكيه- ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع"
ومنذ توفي والد جابر لم تفته غزوة واحده مع الرسول صلوات الله وسلامه عليه. ولقد كانت له في كل غزوة حادثة تروى وتحفظ.
ولقد خرج ذات سنة إلى بلاد الروم غازياً قي سبيل الله. وكان الجيش بقيادة مالك بن عبدالله الخثعمي. وكان مالك يطوف بجنوده وهم منطلقون ليقف على أحوالهم, ويشد من أزرهم, و يولي كبارهم ما يستحقونه من عناية ورعاية. فمر بجابر بن عبدالله, فوجده ماشياً... ومعه بغل له يمسك بزمامه, ويقوده.
فقال له: ما بك يا أبا عبد الله؟... لم لا تركب, وقد يسر الله لك ظهراً يحملك عليه؟؟.
فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اغبرت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النار). فتركه مالك ومضى حتى غدا في مقدمة الجيش. ثم التفت إليه وناداه بأعلى صوته, وقال: يا أبا عبد الله, مالك لا تركب بغلك, وهو في حوزتك؟!.
فعرف جابر قصده, وأجابه بصوت عال وقال: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اغبرَّت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النار).
فتواثب الناس عن دوابهم... وكل منهم يريد أن يفوز بهذا الأجر. فما رُئِيَ جيش أكثر مشاةً من ذلك الجيش.
Saowt
06-05-2006, 10:43 PM
هو أحد من زعماء المدينة، وسيدا من سادات بني سلمة.. سبقه الى الاسلام ابنه معاذ بن عمرو الذي كان أحد الأنصار السبعين، أصحاب البيعة الثانية..
وكان معاذ بن عمرو وصديقه معاذ بن جبل يدعوان للاسلام بين أهل المدينة في حماسة الشباب المؤمن الجريء.. كان عمرو بن الجموح والد معاذ قد اتخذ في داره صنما من خشب يقال له مناة..
وكان الفتيان يدلجان على صنم عمرو بن الجموح ليلا، ثم يحملانه ويطرحانه في حفرة يطرح الناس فيه فضلاتهم.. فإذا أصبح عمرو، قال: ويلكم من عدا على إلهتنا هذه الليلة؟؟ ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطهره وطيبه (http://وطيبه)، ثم قال: أما والله لو أعلم من فعل هذا بك لأخزينه.
فإذا أمسى ونام عمرو، عدوا عليه ففعلوا به مثل ذلك فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى، فيغسله ويطهره ويطيبه ثم يغدوان عليه إذا أمسى، فيفعلون به مثل ذلك. فلما أكثروا عليه استخرجه من حيث ألقوه يوما، فغسله وطهره وطيبه (http://<font color=)، ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال: إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى، فإن كان فيك خير فامتنع فهذا السيف معك.
فلما أمسى ونام عمرو، غدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل ثم ألقوه في بئر من آبار سلمة فيها عذر من عذر الناس ثم غدا عمرو بن الجموح (http://<font color=)فلم يجده في مكانه الذي كان به ووجده في البئر
**
أسلم عمرو بن الجموح قلبه، وحياته لله رب العالمين، وعلى الرغم من أنه كان مفطورا على الجود والسخاء، فان الاسلام زاد جوده مضاء، فوضع كل ماله في خدمة دينه واخوانه.. وبمثل ما كان عمرو بن الجموح يجود بماله في سبيل الله، أراد أن يجود بروحه وبحياته.. ولكن كيف السبيل؟؟
إن في ساقه عرجا يجعله غير صالح للاشتراك في قتال. وله أربعة أولاد، كلهم مسلمون، وكلهم رجال كالأسود، كانوا يخرجون مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزو، ويثابرون على الجهاد.. ولقد حاول عمرو أن يخرج في غزوة بدر فتوسّل أبناؤه الى النبي صلى الله عليه وسلم كي يقنعه بعدم الخروج، أو أن يأمره به اذا هو لم يقتنع..
وفعلا، أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن الإسلام يعفيه من الجهاد كفريضة، وذلك لعجزه الماثل في عرجه الشديد.. بيد أنه راح يلحّ ويرجو.. فأمره الرسول بالبقاء في المدينة.
وجاءت غزوة أحد فذهب عمرو الى النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل اليه أن يأذن له وقال له: "يا رسول الله انّ بنيّ يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك الى الجهاد.. ووالله اني لأرجو أن أخطر، بعرجتي هذه في الجنة"..
وأمام إصراره العظيم أذن له النبي عليه السلام بالخروج، فأخذ سلاحه، وانطلق يخطر في حبور وغبطة، ودعا ربه بصوت ضارع: " اللهم ارزقني الشهادة ولا تردّني الى أهلي".
والتقى الجمعان يوم أحد..
وجاء ما كان ينتظر.. أجل.. فلقد سأل ربه الشهادة، وهو واثق أن الله سبحانه وتعالى قد استجاب له.. ضربة سيف أومضت، معلنة ساعة الزفاف.. زفاف شهيد مجيد الى جنات الخلد، وفردوس الرحمن!
واذ كان المسلمون يدفنون شهداءهم قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "انظروا، فاجعلوا عبدالله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر واحد، فإنهما كانا في الدنيا متحابين متصافيين"!!
ودفن الحبيبان الشهيدان الصديقان في قبر واحد، تحت ثرى الأرض التي تلقت جثمانيهما الطاهرين، بعد أن شهدت بطولتهما الخارقة.
وبعد مضي ست وأربعين سنة على دفنهما، نزل سيل شديد غطّى أرض القبور، بسبب عين من الماء أجراها هناك معاوية، فسارع المسلمون الى نقل رفات الشهداء، فاذا هم كما وصفهم الذين اشتركوا في نقل رفاتهم: " ليّنة أجسادهم.. تتثنى أطرافهم"..!
وكان جابر بن عبدالله لا يزال حيا، فذهب مع أهله لينقل رفات أبيه عبدالله بن عمرو بن حرام، ورفات زوج عمته عمرو بن الجموح.. فوجدهما في قبرهما، كأنهما نائمان، ويقول عبدالله: إلا أنني رأيت بعض الشيب الزائد في لحية والدي ..
لم تأكل الأرض منهما شيئا، ولم تفارق شفاههما بسمة الرضا والغبطة التي كانت يوم دعيا للقاء الله.. إن الأرواح الكبيرة، التقية، النقية، التي سيطرت على مصيرها.. تترك في الأجساد التي كانت موئلا لها، قدرا من المناعة يدرأ عنها عوامل التحلل، وسطوة التراب..
Saowt
06-07-2006, 06:40 AM
المكان: مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
الزمان: السنة الثالثة والعشرين من الهجرة
يخرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من بيته ليصلي بالناسصلاة الفجر.. يدخل المسجد.. تقام الصلاة.. يتقدم عمر ويسوي الصفوف.. يكبر فماهو إلا أن كبر حتى تقدم إليه المجرم أبو لؤلؤة المجوسي فيطعنه عدة طعنات بسكين ذاتحدين .
أما الصحابة الذين خلف عمر فذهلوا وسقط في أيديهم أمام هذا المنظرالمؤلم. وأما من كان في خلف الصفوف في آخر المسجد فلم يدروا ما الخبر.. فما إنفقدوا صوت عمر رفعوا أصواتهم: سبحان الله.. سبحان الله. ولكن لا مجيب.
يتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فيقدمه فيصلي بالناس .
يحملالفاروق إلى بيته.. فيغشى عليه حتى يسفر الصبح. اجتمع الصحابة عند رأسه فأرادواأن يفزعوه بشيء ليفيق من غشيته. نظروا فتذكروا أن قلب عمر معلق بالصلاة. فقال بعضهم:إنكم لن تفزعوه بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة. فصاحوا عند رأسه: الصلاة يا أمير المؤمنين، الصلاة. فانتبه من غشيته وقال: الصلاة والله. ثم قال لابن عباس: أصلى الناس؟ قال: نعم. قال عمر: لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة. ثم دعا بالماء فتوضأ وصلى وإن جرحه لينزف دماً .
هكذا كان حالهم مع الصلاة. حتى في أحلك الظروف، بل وحتى وهم يفارقون الحياة في سكرات الموت. كيف لا وقد كانت هذه الفريضة الهم الأول لمعلم البشرية صلى الله عليه وسلم وهو يعالج نفسه في سكرات الموت فيقول: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم .
Saowt
06-10-2006, 08:23 PM
اختلف الصحابي مع زوجته، واشتد الخلاف بينهما فلم يجد ملجأ إلا بيت الخليفة يطرق بابه ويشكو إليه حاله. هكذا عوَّد عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رعيته أن الإمام هو أقرب من يطرقون بابه ليحمل معهم همومهم، وهو يفضل ذلك لأنه يخشى أن تتعثر بغلة في أرض العراق فيُسأل عمر: لماذا لم يسوِّ لها الطريق. توجه الصحابي لبيت عمر بن الخطاب، وطرق الباب، وإذا بالصوت يصله من الداخل، إنه صوت زوجة عمر الصاخب الغاضب.. فالخليفة في خلاف مع زوجته..
هكذا حدث الصحابي نفسه، فتحرك بعيدا عن الباب، ولكن صوت الطرقة كان قد وصل إلى عمر، وكان لا بد أن يستجيب فلعل الطارق في حاجة، لا بد للخليفة أن يقضيها حتى ولو كان وقت راحته أو خلافه مع زوجته، فتح عمر الباب ليرى الصاحبي يولي مبتعدا.. يناديه عمر: ماذا تريد؟
يعود الصحابي يقول: جئتك أشكو زوجتي فوجدتك تعاني مما أعاني منه، فما أردت أن أشغلك بحالي فيكفيك حالك،
يبتسم أمير المؤمنين ويقول: يا هذا إنهن زوجاتنا؛ إن كرهنا منهن سلوكا قبلنا غيره، إنهن يربين أولادنا، ويقمن على شأننا، إني سمعت الرسول الكريم يقول: إن المرأة قد خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه؛ فإن أردت أن تستمتع بها فاستمتع بها على عوجها، وإنك إن ذهبت تقوِّمه كسرته، وإن كسر المرأة طلاقها، فاستوصوا بالنساء خيرا.
mohammad
06-11-2006, 03:01 AM
إن المرأة قد خلقت من ضلع أعوج،.
هذا كل ما يذكره الناس من هذه الصفحة الوضاءة
Saowt
06-11-2006, 05:51 PM
يروى أن الشيخ آق شمس الدين الذي تولى تربية السلطان محمد الفاتح العثماني رحمه الله كان يأخذ بيده ويمر به على الساحل ويشير إلى أسوار القسطنطينية التي تلوح من بعيد شاهقة حصينة، ثم يقول له: أترى هذه المدينة التي تلوح في الأفق؟ إنها القسطنطينية، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً من أمته سيفتحها بجيشه ويضمها إلى أمة التوحيد، فقال عليه الصلاة والسلام فيما روي عنه: (لَتَفْتَحْنّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش).
وما زال يكرر هذه الإشارة على مسمع الأمير الصبي إلى أن نمت شجرة الهمة في نفسه العبقرية وترعرعت في قلبه، فعقد العزم على أن يجتهد ليكون هو ذلك الفاتح الذي بشر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وقد كان.
فقد كان والده السلطان مراد الثاني –منذ صغره– يصطحبه معه بين حين وآخر إلى بعض المعارك، ليعتاد مشاهدة الحرب والطعان، ومناظر الجنود في تحركاتهم واستعداداتهم ونزالهم، وليتعلم قيادة الجيش وفنون القتال عملياً، حتى إذا ما ولي السلطنة وخاض غمار المعارك خاضها عن دراية وخبرة.
ولما جاء اليوم الموعود شرع السلطان محمد الفاتح في مفاوضة الإمبراطور قسطنطين ليسلمه القسطنطينية، فلما بلغه رفض الإمبراطور تسليم المدينة قال رحمه الله: (حسناً، عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر).
وحاصر السلطان القسطنطينية واحداً وخمسين يوماً، وبعدها سقطت المدينة الحصينة التي استعصت على الفاتحين قبله، على يد بطل شاب له من العمر ثلاث وعشرون سنة.
Saowt
06-12-2006, 08:09 PM
مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس متسترا ليتعرف أخبار رعيته.. فرأى عجوزا فسلم عليها وقال لها ما فعل عمر؟
قالت: لا جزاه الله عني خيرا.
قال: ولم؟
قالت: لأنه -والله- ما نالني من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين دينار ولا درهم
فقال لها: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟
قالت: سبحان الله! والله ما ظننت أن أحدا يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.
فبكى عمر ثم قال: وا عمراه! كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر. ثم قال لها: يا أمة الله، بكم تبيعني ظلامتك من عمر؟ فإني أرحمه من النار
قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله
فقال لها: لست بهزاء.... ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين دينارا
وبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت: وا سوأتاه.. أشتمت أمير المؤمنين في وجهه؟؟
فقال لها عمر: لا بأس عليك رحمك الله، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد، فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين دينارا، فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه بريء" وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود ورفع عمر الكتاب إلى ولده وقال(إذا أنا مت فاجعله في كفني، ألقى به ربي)
mohammad
06-13-2006, 01:54 AM
تابعي لا كلّت يمينك... فهذا مما يغسل القلوب
Saowt
06-16-2006, 12:25 PM
ضرب ابن لعمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو وال على مصر، ابنا لقبطي من أقباط مصر بالسوط، وهو يقول: أنا ابن الأكرمين.
فأتى القبطي عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، يشتكي واليهم عمرو بن العاص، قال أنس رضي الله عنه: "كنا عند عمر بن الخطاب إذ جاءه رجل من أهل مصر، فقال: يا أمير المؤمنين! هذا مقام العائذ بك!
قال: وما لك؟
قال: أجرى عمرو بن العاص بمصر الخيل، فأقبلت فرسي، فلما رآها الناس قام محمد بن عمرو فقال: فرسي ورب الكعبة، فلما دنا مني عرفته، فقلت: فرسي ورب الكعبة،فقام إلي يضربني بالسوط، ويقول: خذها وأنا ابن الأكرمين..
فوالله ما زاد عمر على أن قال له: اجلس. ثم كتب إلى عمرو بن العاص: إذا جاءك كتابي هذا فأقبل، وأقبل معك بابنك محمد.. وقال للمصري: أقم حتى يأتيك..
فدعا عمرو ابنه فقال: أأحدثت حدثا؟ أجنيت جناية؟
قال: لا.
قال: فما بال عمر يكتب فيك؟
فقدما على عمر. قال أنس: فوالله إنا عند عمر، إذ نحن بعمرو وقد أقبل في إزار ورداء، فجعل عمر يلتفت هل يرى ابنه، فإذا هو خلف أبيه، فقال: أين المصري؟
قال: ها أنذا..
قال: دونك الدرة.. فاضرب بها ابن الأكرمين
فضربه حتى أثخنه ونحن نشتهي أن يضربه، فلم ينزع حتى أحببنا أن ينزع من كثرة ما ضربه، وعمر يقول: اضرب ابن الأكرمين.. ثم قال: أجلها على صلعة عمرو، فوالله ما ضربك إلا بفضل سلطانه..
قال: يا أمير المؤمنين قد استوفيت واشتفيت، وقد ضربت من ضربني
فقال: أما والله لو ضربته ما حلنا بينك وبينه حتى تكون أنت الذي تدعه، ثم قال عمر: أيا عمرو! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟
فجعل يعتذر ويقول: إني لم أشعر بهذا، ثم التفت عمر إلى المصري فقال: انصرف راشدا، فإن رابك ريب فاكتب إلي
Saowt
06-18-2006, 08:48 PM
في بيت من بيوت المدينة جلس خيثمة بن الحارث يتجاذب أطراف الحديث مع ابنه سعد فيما يتعرض له الإسلام من مكائد الكفار، وفجأة يكف خيثمة عن الحديث ويصيخ بأذنيه كأنما يحاول أن يلتقط صوتاً آت من بعيد، لكنّ أذنيه تخذلانه فيطلب من ابنه أن يستجلي الأمر ويأتي له بالخبر اليقين. ويسارع سعد يلبي طلب أبيه، ثم لا يلبث أن يعود والبشر يعلو وجهه ويتجه نحو سلاحه فيتمنطق به ويهم بالخروج وقد نسي أن يخبر أباه بالذي رأى وسمع.
ويثب خيثمة من مجلسه ويعترض طريق ابنه سعد وهو يقول: يا بني أرسلتك تستجلي حقيقة الأمر وأراك تحمل سلاحك وتنطلق مسارعاً دون أن تخبرني شيئاً.
فيقول سعد وقد أدرك الخطأ الذي وقع فيه: عذراً يا أبتاه شغلني عنك نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو للنفرة إلى بدر فأسرعت أجيب النداء.
ويطرق خيثمة قليلاً ثم يقول: مهلاً يا بني أتراك أقدر مني على النفرة مع رسول الله، إني والله لأشد رغبة في النفرة منك ولكن لا بد لأحدنا أن يقيم مع نسائنا فأقم أنت يا سعد وخل بيني وبين النفرة مع رسول الله.
ويجيبه سعد: لا والله يا أبتاه ما يقعدني عن النفرة مع رسول الله أمر فإن شئت أن تخرج أنت فاخرج ولنسائنا ربٌ يحميهن.
ويكرر الأب الشيخ رجاءه: يا بني إني قد بلغ مني الكبر مبلغه وأنت ما يزال أمامك بإذن الله متسع من العمر وما هذه بآخر نفرة تنفرها مع رسول الله فآثرني بالخروج اليوم يا سعد وأقم أنت مع نسائنا.
ويطرق سعد قليلاً ثم يخاطب أباه بأدب جم: يا أبتاه والله ما في الدنيا شيءٌ تطمع به نفسي من دونك، أما هذه فلا.. إنها الجنة ووالله لو كان غير الجنة لآثرتك به.
ويطول الحديث بين الأب الشيخ والابن الشاب دون جدوى فلا يجدان بداً من الاستهام فيفوز سهم سعد فيعانق أباه ويودع أهل بيته وينطلق يلحق بركب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتمضي الأيام والأب الشيخ المؤمن لا يفتأ يدعو لابنه بخير أن يرزقه الله الجنة أو النصر.. ثم لا تلبث أخبار بدر تتوالى ويأتي لخيثمة من يبشره باستشهاد ابنه سعد فلا يزيد أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، صدقت الله يا سعد فصدقك الله وإني لأرجو أن تكون فزت بالجنة.
وتتوالى الأيام والليالي وخيثمة بن الحارث لا يفتأ يذكر ابنه سعداً شهيد بدر. وينطلق في أجواء المدينة صوت منادي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يدعو المؤمنين للنفرة إلى أحد فيسارع خيثمة يلبي النداء، فيتلقاه الرسول القائد ببسمة مشفقة. ولكأن خيثمة يدرك ما في نفس رسوله القائد من إشفاق على شيخوخته وضعفه فيقول: يا رسول الله والله لقد كنت حريصاً أن أنفر معك إلى بدر لكن ولدي سعداً فاز فيها من دوني فرزقه الله الشهادة والجنة ولقد رأيته البارحة في نومي وهو على أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها ويلح علي يقول:
يا أبتاه إلحق بنا ترافقنا في الجنة فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً. وإني يا رسول الله قد أصبحت مشتاقاً إلى مرافقة سعد في الجنة وقد كبرت سني ورق عظمي وأحببت لقاء ربي فخل بيني وبين أحد وادع الله لي أن يرزقني الله الشهادة فأدخل الجنة وألحق بولدي سعد. ويرق قلب الرسول القائد لخثيمة فيدعو له بما أراد.
وحين احتدمت المعركة كان خيثمة بن الحارث يصول ويجول كأنما هو في شرخ الشباب وما زال يثخن بالكافرين الجراح ويثخنون به الجراح حتى تغلبه الجراح فيخر شهيداً في سبيل الله ويلحق بإذن الله بولده سعد في الجنة يسرح في ثمارها وأنهارها.... رضي الله عنهما وأرضاهما.
Saowt
06-21-2006, 10:03 AM
كانوا ثلاثة في قريش، اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنف مقاومتهم دعوته وإيذائهم أصحابه.. وراح الرسول يدعو عليهم، ويبتهل الى ربه الكريم أن ينزل بهم عقابه.. وتنزّل الوحي على قلبه بهذه الآية الكريمة (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم، فإنهم ظالمون)..
لم يكن عمرو بن العاص من السابقين إلى الاسلام، فقد أسلم مع خالد بن الوليد قبيل فتح مكة بقليل.. ومن العجب أن إسلامه بدأ على يد النجاشي بالحبشة وذلك أن النجاشي يعرف عمرا ويحترمه بسبب تردده الكثير على الحبشة والهدايا الجزيلة التي كان يحملها للنجاشي، وفي زيارته الأخيرة لتلك البلاد جاء ذكر لرسول الذي يهتف بالتوحيد وبمكارم الأخلاق في جزيرة العرب.. وسأل عاهل الحبشة عمرا، كيف لم يؤمن به ويتبعه، وهو رسول من الله حقا؟؟
فسأل عمرو النجاشي قائلا: "أهو كذلك؟؟"
وأجابه النجاشي: "نعم، فأطعني يا عمرو واتبعه، فإنه والله لعلى الحق، وليظهرنّ على من خالفه"!!
وركب عمرو ثبج البحر من فوره، عائدا إلى بلاده، وميمّما وجهه شطر المدينة ليسلم لله رب العالمين.. وفي الطريق المقضية الى المدينة التقى بخالد بن الوليد قادما من مكة ساعيا إلى الرسول ليبايعه على الإسلام.. ولك يكد الرسول يراهما قادمين حتى تهلل وجهه وقال لأصحابه: "لقد رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها"..
وتقدم خالد فبايع.. ثم تقدم عمرو فقال: " اني أبايعك على أن يغفر الله لي ما تقدّم من ذنبي"..
فأجابه الرسول عليه السلام قائلا: " يا عمرو.. بايع، فان الإسلام يجبّ ما كان قبله"..
وبايع عمرو ووضع دهاءه وشجاعته في خدمة الدين الجديد.
وعندما انتقل الرسول الى الرفيق الأعلى، كان عمرو واليا على عمان.. وفي خلافة عمر أبلى بلاءه المشهود في حروب الشام، ثم في تحرير مصر من حكم الرومان.
ويا ليت عمرو بن العاص كان قد قاوم نفسه في حب الامارة.. اذا لكان قد تفوّق كثيرا على بعض المواقف التي ورّطه فيها الحب. على أن حب عمرو الامارة، كان الى حد ما، تعبيرا تلقائيا عن طبيعته الجياشة بالمواهب.. بل ان شكله الخارجي، وطريقته في المشي وفي الحديث، كانت تومي الى أنه خلق للامارة..!! حتى لقد روي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رآه ذات يوم مقبلا، فابتسم لمشيته وقال: "ما ينبغي لأبي عبدالله أن يمشي على الأرض الا أميرا"..! والحق أن أبا عبدالله لم يبخس نفسه هذا الحق..
وحتى حين كانت الأحداث الخطيرة تجتاح المسلمين.. كان عمرو يتعامل مع هذه الأحداث بأسلوب أمير، أمير معه من الذكاء والدهاء، والمقدرة ما يجعله واثقا بنفسه معتزا بتفوقه..!! ولكن معه كذلك من الأمانة ما جعل عمر بن الخطاب وهو الصارم في اختيار ولاته، واليا على فلسطين والأردن، ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين عمر...
وكان عمرو رضي الله عنه حادّ الذكاء، قوي البديهة عميق الرؤية.. حتى لقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، كلما رأى إنسانا عاجز الحيلة، صكّ كفيّه عجبا وقال: "سبحان الله..!! إن خالق هذا، وخالق عمرو بن العاص إله واحد!!
كما كان بالغ الجرأة مقداما.. ولقد كان يمزج جرأته بدهائه في بعض المواطن، فيظن به الجبن أو الهلع.. بيد أنها سعة الحيلة، كان عمرو يجيد استعمالها في حذق هائل ليخرج نفسه من المآزق المهلكة..!!
ولقد كان أمير المؤمنين عمر يعرف مواهبه هذه ويقدرها قدرها، من أجل ذلك عندما أرسله الى الشام قبل مجيئه الى مصر، قيل لأمير المؤمنين: ان على رأس جيوش الروم بالشام أرطبونا أي قائدا وأميرا من الشجعان الدهاة، فكان جواب عمر: " لقد رمينا أرطبون الروم، بأرطبون العرب، فلننظر عمّ تنفرج الأمور"..!!
ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب، وداهيتهم الخطير عمرو بن العاص، على أرطبون الروم الذي ترك جيشه للهزيمة وولى هاربا الى مصر، التي سيلحقه بها عمرو بعد قليل، ليرفع فوق ربوعها الآمنة راية الاسلام.
وما أكثر المواقف التي تألق فيها ذكاء عمرو ودهاؤه... وان كنا لا نحسب منها بحال موقفه من أبي موسى الأشعري في واقعة التحكيم حين اتفقا على أن يخلع كل منهما عليا ومعاوية، ليرجع الأمر شورى بين المسلمين، فأنفذ أبو موسى الاتفاق، وقعد عن انفاذه عمرو.
واذا اردنا أن نشهد صورة لدهائه، وحذق بديهته، ففي موقفه من قائد حصن بابليون أثناء حربه مع الرومان في مصر وفي رواية تاريخية أخرى أنها الواقعة التي سنذكرها وقعت في اليرموك مع أرطبون الروم..
إذ دعاه الأرطبون والقائد ليحادثه، وكان قد أعطى أمرا لبعض رجاله بإلقاء صخرة فوقه إثر انصرافه من الحصن، وأعدّ كل شيء ليكون قتل عمرو أمرا محتوما.. ودخل عمرو على القائد، لا يريبه شيء، وانفضّ لقاؤهما، وبينما هو في الطريق الى خارج الحصن، لمح فوق أسواره حركة مريبة حركت فيه حاسة الحذر بشدّة.
وعلى الفور تصرّف بشكل باهر... لقد عاد الى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة وئيدة ومشاعر متهللة واثقة، كأن لم يفزعه شيء قط، ولم يثر شكوكه أمر!! ودخل على القائد وقال له:
لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه.. إن معي حيث يقيم أصحابي جماعة من أصحاب الرسول السابقين إلى الإسلام، لا يقطع أمير المؤمنين أمرا دون مشورتهم، ولا يرسل جيشا من جيوش الإسلام إلا جعلهم على رأس مقاتلته وجنوده، وقد رأيت أن آتيك بهم، حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت، ويكونوا من الأمر على مثل ما أنا عليه من بيّنة..
وأدرك قائد الروم أن عمرا بسذاجة قد منحه فرصة العمر..!! فليوافقه إذن على رأيه، حتى اذا عاد ومعه هذا العدد من زعماء المسلمين وخيرة رجالهم وقوادهم، أجهز عليهم جميعا، بدلا من أن يجهز على عمرو وحده..
وبطريقة غير منظورة أعطى أمره بإرجاء الخطة التي كانت معدّة لاغتيال عمرو.. وودّع عمرا بحفاوة، وصافحه بحرارة، وابتسم داهية العرب، وهو يغادر الحصن..
وفي الصباح عاد عمرو على رأس جيشه الى الحصن، ممتطيا صهوة فرسه، التي راحت تقهقه في صهيل شامت وساخر. أجل فهي الأخرى كانت تعرف من دهاء صاحبها الشيء الكثير..!!
وفي السنة الثالثة والأربعين من الهجرة أدركت الوفاة عمرو بن العاص بمصر، حيث كان واليا عليها.. وراح يستعرض حياته في لحظات الرحيل فقال: "كنت أول أمري كافرا.. وكنت أشد الناس على رسول الله، فلو متّ يومئذ لوجبت لي النار.. ثم بايعت رسول الله، فما كان في الناس أحد أحب اليّ منه، ولا أجلّ في عيني منه.. ولو سئلت أن أنعته ما استطعت، لأني لم أكن أقدر أن أملأ عيني منه إجلالا له.. فلو متّ يومئذ لرجوت أن أكون من أهل الجنة.. ثم بليت بعد ذلك بالسلطان، وبأشياء لا أدري أهي لي أم عليّ".. ثم رفع بصره الى السماء في ضراعة، مناجيا ربه الرحيم العظيم قائلا: "اللهم لا بريء فأعتذر، ولا عزيز فأنتصر، وإلا تدركني رحمتك أكن من الهالكين"!!
وظل في ضراعاته، وابتهالاته حتى صعدت الى الله روحه.
وتحت ثرى مصر، التي عرّفها عمرو طريق الاسلام، ثوى رفاته.. وفوق أرضها الصلبة، لا يزال مجلسه حيث كان يعلم، ويقضي ويحكم.. قائما عبر القرون تحت سقف مسجده العتيق جامع عمرو، أول مسجد في مصر يذكر فيه اسم الله الواحد الأحد، وأعلنت بين أرجائه ومن فوق منبره كلمات الله، ومبادئ الإسلام.
Saowt
06-24-2006, 07:49 AM
بينما كان أسيد بن حضير يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فسكت وسكنت الفرس، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف إلى ابنه يحيى وكان قريبًا منها فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه في السماء فإذا هو بمثل الظلة، فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها...
فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتدري ما ذاك؟؟». قال: لا. قال: «تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم».
كان أسيد بن حضير، ذو الصوت الحسن الرقيق، يقرأ سورة البقرة في منزله في جوف الليل وقد ربط فرسه في مربطه بحبل مزدوج، لأنه جموح ونام ابنه يحيى على الأرض قريبًا من الفرس، وجلس أسيد أو قام يصلي في مكان قريب من ابنه، في حائط صغير يتخذ مخزنًا للتمر يجفف فيه ويحفظ، وما كان لهم بيوت بحجرات ولا فرش وأسرة، وفي هدوء الليل وروعته تجلجل صوت أسيد بن حضير بالقرآن الكريم وسورة البقرة، وسمعت ملائكة اللَّه الصوت الرقيق يقرأ سورة البقرة، فتنزلت له من قرب، حتى دنت من الفرس، ورآها الفرس كأن سحابة تهبط عليه فنفر وأخذ يضرب الأرض بقوائمه ويشيح ذات اليمين وذات الشمال بعنقه ورأسه ويحاول الجري والفرار خوفًا ورعبًا، سكت أسيد عن القراءة فهدأ الفرس، وسكن كأن السحابة تلاشت حين سكت، فقرأ فنفر الفرس، وسكت فسكن الفرس فقرأ فهاجت، عجبًا يرى ظلة فيها مصابيح تدنو وتقرب والفرس يُحس بها ويراها وينفر، والولد قريب من الفرس، يخشى عليه أن تطأه بحوافرها أثناء جموحها، لقد دفعته عاطفة الأبوة أن يرفع ولده ويبعده عن الفرس ثم يعود للقراءة، لكنه - واأسفاه - ما إن قام نحو ابنه حتى رأى الظلة تعرج وتمضي نحو السماء حتى اختفت عن ناظريه، فأصبح يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر العجيب، فقال له صلى الله عليه وسلم «ليتك مضيت في القراءة حتى الصباح، إنها السكينة والملائكة جاءت تستمع لقراءتك، ولو بقيت حتى الصباح تقرأ لبقيت مشغولة بالسماع لا تتستر حتى يراها الناس».
من هناك
06-24-2006, 04:31 PM
اللهم انعم علينا بحلاوة التلاوة وطمأنينة اليقين
Saowt
06-27-2006, 06:45 PM
.. فبينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مقيم هناك اقتتل على الماء جهجاه بن سعيد الغفاري وكان أجيراً لعمر بن الخطاب وسنان بن يزيد فقال سنان: يا معشر الأنصار، وقال الجهجاه: يا معشر المهاجرين، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما بال دعوى الجاهلية؟ دعوها فإنها منتنة)
وكان زيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند عبد اللّه بن أُبي فلما سمعها قال: قد ثاورونا في بلادنا واللّه ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلاكما قال القائل: سّمن كلبك يأكلك، واللّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم أقبل على من عنده من قومه، وقال: هذا ما صنعتم بأنفسكم أحللتموه مبلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما واللّه لو كففتم عنهم لتحولوا عنكم من بلادكم إلى غيرها..
فسمعها زيد بن أرقم رضي اللّه عنه فذهب بها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وعنده عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فأخبره الخبر، فقال عمر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه! مر عباد بن بشر فليضرب عنقه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.. لا، ولكن ناد يا عمر الرحيل).
وروي أن رسول الله قال له: لعلك غضبت عليه قال: لا قال: فلعله أخطأ سمعك قال: لا قال: فلعله شبه عليك قال: لا.
فلما بلغ عبد اللّه بن أُبي أن ذلك قد بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أتاه فاعتذر إليه، وحلف باللّه ما قال، ما قال عليه زيد بن أرقم، وراح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مهجراً في ساعة كان لا يروح فيها، فلقيه أسيد بن حضير رضي اللّه عنه، فسلم عليه، ثم قال:واللّه لقد رحت في ساعة مبكرة ما كنت تروح فيها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أما بلغك ما قال صاحبك ابن اُبي؟ زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل)، قال: فأنت يا رسول اللّه العزيز وهو الذليل، ثم قال: ارفق به يارسول اللّه، فواللّه لقد جاء اللّه بك، وإنا لننظم له الخرز لنتوجه، فإنه ليرى أنقد سلبته ملكاً، فسار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالناس حتى أمسوا وليلته حتى أصبحوا، وصدر يومه حتى اشتد الضحى، ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث، فلم يأمن الناس أن وجدوا مس الأرض فناموا
قال زيد: فلامني قومي وقالوا: ما أردت إلى هذا؟ قال: فانطلقت فنمت كئيباً حزيناً، فلحق رسول الله زيداً من خلفه فعرك أذنه وقال: وفت أذنك يا غلام إنّ الله قد صدقك وكذب المنافقين، فنزلت هذه الآية: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفضوا} حتى بلغ {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل}، ونزلت سورة المنافقين،
ولما بلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي (وكان اسمه حبابا فغيره له رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه وأخبره بأنه اسم شيطان) ما كان من أمر أبيه، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلاً فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني، إني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمسي في الناس فأقتله فأقتل مؤمنا ًبكافر فأدخل النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا).
ولم يكتفِ "عبد الله بن عبد الله" بهذا الموقف، ولكن لما قفل الناس راجعين إلى المدينة، وقف عبد الله بن عبد الله على باب المدينة، واستل سيفه فجعل الناس يمرون عليه، فلما جاء أبوه عبد الله بن أبي قال له ابنه: وراءك!! فقال: ما لك ويلك؟ فقال: والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه العزيز وأنت الذليل!! فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه عبد الله بن أبي ابنه، فقال ابنه عبد الله: والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له!! فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما إذ أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجز الآن.
شهد بدراً وما بعدها واستشهد عبد الله يوم اليمامة رحمه الله.
عن أنس رضي الله عنه قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر, وجاء المشركون..
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقترب أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه" فدنا المشركون, فقال الرسول صلى الله عليه وسلم "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض"
قال عمير بن الحمام: يا رسول الله! جنة عرضها السموات والأرض؟؟
قال: نعم
قال عمير: بخٍ بخٍ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يحملك على بخٍ بخٍ؟؟"
قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون أنا من أهلها
قال: "فإنك من أهلها"
فأخرج تمراتٍ من قربة فجعل يأكل منهّن ثم قال: "إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه, إنها لحياة طويلة"
فرمى بما كان معه من التمر, ثم قاتلهم حتى قُتل رضي الله عنه ومات شهيداً.. وتحققت بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم..
Saowt
06-29-2006, 09:19 PM
أمر السلطان (محمد الفاتح) ببناء أحد الجوامع في مدينة (اسطنبول)، وكلف أحد المعمارين الروم واسمه (إبسلانتي) بالإشراف على بناء هذا الجامع، إذ كان هذا الرومي معمارياً بارعاً. وكان من بين أوامر السلطان: أن تكون أعمدة هذا الجامع من المرمر، وأن تكون هذه الأعمدة مرتفعة ليبدو الجامع فخماً، وحدد هذا الارتفاع لهذا المعماري.
ولكن هذا المعماري الرومي -لسبب من الأسباب- أمر بقص هذه الأعمدة، وتقصير طولها دون أن يخبر السلطان، أو يستشيره في ذلك، وعندما سمع السلطان (محمد الفاتح) بذلك استشاط غضباً، إذ أن هذه الأعمدة التي جلبت من مكان بعيد لم تعد ذات فائدة في نظره، وفي ثورة غضبه هذا أمر بقطع يد هذا المعماري. ومع أنه ندم على ذلك إلا أنه كان ندماً بعد فوات الأوان.
ولم يسكت المعماري عن الظلم الذي لحقه، بل راجع قاضي اسطنبول الشيخ (صاري خضر جلبي) الذي كان صيت عدالته قد ذاع وانتشر في جميع أنحاء الإمبراطورية، واشتكى إليه ما لحقه من ظلم من قبل السلطان (محمد الفاتح).
ولم يتردد القاضي في قبول هذه الشكوى، بل أرسل من فوره رسولاً إلى السلطان يستدعيه للمثول أمامه في المحكمة، لوجود شكوى ضده من أحد الرعايا.
ولم يتردد السلطان كذلك في قبول دعوة القاضي، فالحق والعدل يجب أن يكون فوق كل سلطان.
وفي اليوم المحدد حضر السلطان إلى المحكمة، وتوجه للجلوس على المقعد قال له القاضي: لا يجوز لك الجلوس يا سيدي… بل عليك الوقوف بجانب خصمك.
وقف السلطان (محمد الفاتح) بجانب خصمه الرومي، الذي شرح مظلمته للقاضي، وعندما جاء دور السلطان في الكلام، أيد ما قاله الرومي.
وبعد انتهاء كلامه وقف ينتظر حكم القاضي، الذي فكر برهة ثم توجه إليه قائلاًَ: حسب الأوامر الشرعية، يجب قطع يدك أيها السلطان قصاصاً لك!!
ذهل المعماري الرومي، وارتجف دهشة من هذا الحكم الذي نطق به القاضي، والذي ما كان يدور بخلده، أو بخياله لا من قريب ولا من بعيد، فقد كان أقصى ما يتوقعه أن يحكم له القاضي بتعويض مالي. أما أن يحكم له القاضي بقطع يد السلطان (محمد الفاتح) فاتح (القسطنطينية) الذي كانت دول أوروبا كلها ترتجف منه رعباً، فكان أمراً وراء الخيال… وبصوت ذاهل، وبعبارات متعثرة قال الرومي للقاضي بأنه يتنازل عن دعواه، وأن ما يرجوه منه هو الحكم له بتعويض مالي فقط، لأن قطع يد السلطان لن يفيده شيئاً، فحكم له القاضي بعشر قطع نقدية، لكل يوم طوال حياته، تعويضاً له عن الضرر البالغ الذي لحق به.
ولكن السلطان (محمد الفاتح) قرر أن يعطيه عشرين قطعة نقدية، كل يوم تعبيراً عن فرحه لخلاصه من حكم القصاص، وتعبيراً عن ندمه كذلك.
Saowt
07-12-2006, 08:31 AM
بعد أن تم فتح مدينة (اسطنبول)، وضع السلطان (محمد الفاتح) تعليمات معينة حول القلاع، والأسوار المحيطة بالمدينة، ومن هذه التعليمات، أوامر مشددة على وجوب سد وغلق جميع أبواب أسوار هذه القلاع بعد أذان المغرب، وتبقي هذه الأبواب مغلقة حتى أذان الفجر. وعينت مفارز عديدة على هذه القلاع، لتطبيق هذه الأوامر، وذلك لدواعي الأمن، وبذلك كان يمنع أي شخص من دخول المدينة، أو الخروج منها ضمن هذه الفترة. كان (سنان جلبي باشا) على رأس إحدى هذه المفارز في القلعة الموجودة في منطقة (أون قباني).
في أحد الأيام، والسلطان (محمد الفاتح) مع كوكبة من حرسه خارج أسوار مدينة (اسطنبول)، وتأخر في الرجوع إلى المدينة، إذ عندما وصل إلى باب السور منطقة (أون قباني) رأى أن الباب مغلق، إذ كان أذان المغرب قد أذن قبل مدة.
صاح أحد حراس السلطان: سنان باشا… سنان باشا… افتح الباب.
قام (سنان باشا) من مكان ، وتطلع إلى تحت… لم يستطع أن يتعرف على أحد، فقد كان الظلام مخيماً… نزل إلى تحت وصاح من خلف السور:
- من أنتم؟
قال السلطان (محمد الفاتح): افتح الباب (يا سنان جلبي).
- من أنتم؟ ولماذا تأخرتم حتى الآن؟
لم يستطع أن يميز صوت السلطان، ولم يكن السلطان يعلن عن هويته.
قال السلطان: لا تسأل من نحن… افتح الباب.
احتد ( سنان باشا): كيف لا أسألكم؟ ألم تسمعوا بأمر السلطان؟ كيف أستطيع أن أفتح باب القلعة في هذه الساعة المتأخرة؟ اذهبوا من هنا، أو انتظروا حتى أذان الفجر… لا أستطيع مخالفة أمر السلطان، أم تريدون أن أسمع منه تقريعاً بسببكم؟
ضحك السلطان: كلا (يا سنان جلبي)… لن تسمع تقريعاً من السلطان… إنني أتكفل بهذا لك.
- لكن من أنت حتى تستطيع أن تكفلني لدى السلطان؟ أم تحسب نفسك سلطاناً؟
- أنا السلطان يا (سنان جلبي)… ألم تعرفني؟
فوجئ (سنان باشا) عند سماعه هذا، وأسرع بفتح الباب وهو يدمدم:
- أعذرني يا مولاي… لم أعرفكم… لم أكن أتوقع أن تخالفوا التعليمات التي وضعتموها بأنفسكم يا مولاي.
دخل السلطان من باب السور، ثم ترجل عن جواده ووضع يده على كتف (سنان باشا) وقال له:
- أنت عسكري جيد يا (سنان باشا)… لقد سررت جداً من التزامك بتعليماتي، لذا فتمن منى ما تشاء.
ذهل (سنان باشا) من كلام السلطان، فها هي كل الأبواب مفتوحة أمامه.. يستطيع أن يطلب أي مبلغ، وأي منصب… كان السلطان ينظر إليه مبتسماً، منتظراً الجواب منه… لم يتردد (سنان باشا) طويلاً… كلا لن يطلب من السلطان لا مالاً ولا جاهاً سيطلب منه تحقيق أمله الذي كان يحلم به منذ سنوات:
- ابن لي يا سلطاني جامعاً باسمي… لا أريد منك شيئاً آخر… جامعاً باسمي.
قبل السلطان هذا الرجاء، وأمر ببناء جامع باسمه.
فإذا قدر لك أن تزور (اسطنبول) فاسأل عن (جامع سنان باشا) وزر هذا الجامع التاريخي الجميل، فقد عرفت قصة بنائه، وبعد انتهاء صلاتك، ادع لـ (سنان باشا).
مقاوم
07-13-2006, 06:27 AM
تحياتي لكم من إسلامبول (اسطنبول)
Saowt
07-20-2006, 08:22 PM
عُرف الرجال بقوتهم، وصلابتهم، وشجاعتهم.. وعرف النساء بضعفهن، ورقتهم، وخوفهن.. ولكن.. عندما يحمى الوطيس، ويرى الناس الموت، لا تفرق بين الرجل والمرأة، فكل منهم في ذلك الموقف يقول نفسي نفسي، ولا يثبت إلا عدد قليل، ممن وهب نفسه لله، لا يخشى الموت في سبيله.
وهذا الثبات، لا يقتصر على الرجال فقط، بل في مواقف عدة ثبتت النساء حين انهزم الرجال.. وأبطال هذه المواقف هم: نسيبة بنت كعب، صفية بنت عبد المطلب، أم حكيم.
أما نسيبة رضي الله عنها، فكان ثباتها يوم أحد، حينما انهزم المسلمون وتركوا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، يواجه ثلاثة آلف مشرك لوحده. هنا برزت شجاعة عدد قليل جدا من الصحابة، فتجمعوا حول الرسول الكريم، ولم يكن عددهم يتجاوز العشرة. في هذا الموقف، تجلت هذه المرأة العظيمة، نسيبة بنت كعب، وحملت السيف، وأخذت تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال عنها المصطفى ما التفت يمينا ولا شمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني.
والموقف الأخر، كان في غزوة الأحزاب، حيث كانت شجاعة صفية بنت عبد المطلب، سبب في حماية جميع نساء وأطفال المسلمين. لقد جمع الرسول الكريم النساء والأطفال والشيوخ في أحد الحصون في المدينة، وخيّم هو وأصحابه وراء الخندق لحمايته. وعندما غدر اليهود بالمسلمين، ونقضوا العهد الذي بينهم وبين المسلمين، أرسلوا مجموعة منهم إلى داخل المدينة، ليرى أحوال المسلمين ونسائهم، ومن أين يمكن ضربهم. فاقتربوا من الحصن الذي فيه النساء والأطفال والشيوخ، ثم أرسلوا واحدا منهم ليستكشف لهم الأمر. فتوجهت صفية رضي الله عنها وكانت من بين نساء الحصن، إلى حسان بن ثابت رضي الله عنه، وكان شيخا كبيرا، وطلبت منه أن يقتل هذا اليهودي، حتى لا يرجع بالخبر لليهود فيهجمون على الحصن ويأخذون كل من فيه سبايا، إلا أن حسانا لم يتحرك حيث أنه لا يقوى على القتال. فقامت هذه المرأة المؤمنة، واختبأت خلف جدار، ثم انقضت على اليهودي فقتلته، وقطعت رأسه، وصعدت فوق الحصن، ورمت رأس اليهودي على أصحابه. فولّوا هاربين، وهم يظنون أن الحصن مليء بالرجال.
الموقف الثالث، وقد برزت فيه كل من أم عمارة نسيبة بنت كعب وأم حكيم رضي اللهم عنهما. ففي بداية غزوة حنين، عندما هجمت هوازن على المسلمين فجأة، فرّ المسلمون، وكانوا يومها اثنا عشر ألفا، وتركوا الرسول الكريم ليواجه عشرين ألفا من هوازن ومن عاونهم من القبائل. فصرخ العباس بن عبد المطلب ينادي أصحاب بيعة الرضوان، فتجمع حول النبي الكريم مئة فقط، منهم امرأتان، هن أم حكيم وأم عمارة. في هذا الموقف الذي زاغت به أبصار الرجال وانخلعت قلوبهم، ثبتت هاتان المؤمنتان مع من ثبت من الرجال. وكانت أم حكيم تحمل معها خنجرا، فسألها الرسول الكريم عنه، فقالت لأبقر به بطن أي مشرك يعتدي علي. أما أم عمارة فتجلت بطولتها كالعادة، وقالت لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه، دعني أقتل الفارّين من أصحابك يا رسول الله، إلا أن الرسول أمرها بتركهم. ويقول أحد الصحابة: كان هؤلاء المئة كالإعصار لا يقف في طريقهم شيء.
إن ثبات هؤلاء النسوة في هذه المواقف لهو أمر يستحق الوقوف والتأمل. وأريدكم أخي القارئ وأختي القارئة، أن تضعوا أنفسكم مكانهن، فهل ستثبتون أم ستنهزمون مثلما انهزم الآخرون!!؟؟
اللهم إنا نسألك الثبات في الدنيا والآخرة
Saowt
07-23-2006, 10:46 PM
وهذا هو نعيم بن مسعود رضي الله عنه، ذلكم الفدائي البطل الذي جاء للمصطفى في وقت عصيب رهيب كادت القلوب أن تخرج من الصدور في غزوة الأحزاب، أحاط المشركون بالمدينة من كل ناحية من حول الخندق وفي لحظات حرجة قاسية نقض يهود بني قريظة العهد مع رسول الله وشكلوا تهديداً داخلياً خطيراً على النساء والأطفال وتعاهدوا مع المشركين أن يحاربوا محمداً معهم وهذا هو فعل اليهود وهذه هي صفة اليهود فهم لا يجيدون إلا الغدر ونقض العهود… نقضوا العهد مع رسول الله في وقت حرج، "وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديدا* وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا"
هناك من يقول ما وعدنا الله و رسوله إلا غرورا!!… المشركون يحيطون بنا واليهود نقضوا العهد وسيدمروننا من الداخل ويقتلون نسائنا وأطفالنا..
قام المصطفى ليتضرع إلى الله... اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم…
في هذا الوقت الحرج جاء نعيم بن مسعود رضي الله عنه!… لماذا؟ أقبل على النبي والنبي يصلي بين المغرب والعشاء فالتفت إليه المصطفى وقال ما جاء بك يا نعيم؟!
قال: جئت أشهد ألا إله إلا الله وانك رسول الله وأن ما جئت به هو الحق!!! ابسط إلي يدك لأبايعك يا رسول الله
فبايعه المصطفى وشهد نعيم شهادة التوحيد وعلى الفور في التو واللحظة قال نعيم: يا رسول الله مرني بما شئت!! فوالله لا تأمرني بشيء إلا قضيته فإنه لا يعلم أحد من القوم بإسلامي،
فقال له النبي يا نعيم: إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة….
فانطلق نعيم، لم يضع النبي له تفاصيل خطة!.. لا… بل أمره أمراً عاما: خذل عنا ما استطعت، وانطلق نعيم الذي استشعر مسئوليته تجاه هذا الدين، الرجل في مأزق!
فالإسلام يتعرض لخطر، انطلق يفكر كيف يعمل لدين الله؟
انطلق نعيم إلى يهود بني قريظة فقال: لقد جئتكم أبذل لكم النصيحة، فاكتموا عني!،
فقالوا: قل يا نعيم،
قال: تعلمون ما بيني وبينكم،
قالوا: لست عندنا بمتهم وأنت عندنا على ما نحب من الصدق والبر
فقال نعيم: ان قريشا وغطفان لهم في هذه الحرب شأن غير شأنكم فأنتم هذا البلد بلدكم وفيه اموالكم وابناؤكم ونساؤكم وليس بوسعكم ان تهجروه، اما قريش وغطفان فليس حالهم كحالكم فهم ان انتصروا على محمد فقد غنموا وان اخفقوا ولم يقهروه عادوا الى بلدهم آمنين وتركوكم له لينتقم منكم ولا طاقة لكم به اذا خلا بكم.
فقالوا: صدقت فما الرأي عندك؟
قال: الرأي عندي الا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا طائفة من اشرافهم رهائن عندكم وبذلك تحملونهم على قتال محمد معكم الى ان تنتصروا عليه او يفنى آخر رجل منكم ومنهم
قالوا: نعم الرأي يا نعيم،
قال: اكتموا عني هذا فإني ناصح لكم،
قالوا: نفعل…
فتركهم نعيم الفدائي البطل وذهب إلى قائد جيوش الشرك أبي سفيان، وقال: يا أبا سفيان تعلم الود الذي بيني وبينك،
قال: نعم يا نعيم،
قال: لقد جئتك الآن بنصيحة،
قال: ابذلها،
قال: ألا تعلم يا أبا سفيان أن يهود بني قريظة قد ندموا على نقضهم للعهد مع محمد بن عبد الله وذهبوا إليه وقالوا أننا لا نقاتل مع قريش ضدك ولنثبت لك صدقنا سوف نرسل لك سبعين رجلاً من أشراف قريش وغطفان لتقتلهم لتعلم أننا ندمنا على نقضنا للعهد معك؟…
ففزع أبو سفيان، فقال نعيم: إياك أن تسلم اليهود رجلاً واحداً من أشرافكم
قال: أفعل يا نعيم… وشكر له هذه النصيحة الغالية
وتركهم وذهب إلى غطفان و قال لهم مثلما قال لأبي سفيان وفي الوقت ذاته أرسل اليهود إلى قريش وغطفان ليقولوا لهم: ادفعوا لنا سبعين رجلاً من أشرافكم لنستوثق بهم أنكم لن تبرحوا المدينة حتى تقاتلوا معنا محمدا ولن تدعونا لينفرد محمد بقتالنا!..
فقالت قريش وغطفان صدق والله نعيم، كذب اليهود عليهم لعائن الله… ولما رفض القرشيون أن يسلموا اليهود الأشراف وعاد الرسل لليهود قالوا صدق والله نعيم! إنهم يريدون أن ينصرفوا لينفرد محمد بقتالنا… فخذل الله عز وجل بين قريش وغطفان وبين اليهود على يد نعيم بن مسعود رضي الله عنه.. ويئس هؤلاء من نصر هؤلاء ويئس هؤلاء من نصر هؤلاء واستراح قلب النبي داخل المدينة لأن اليهود قد نقضت العهد مرة أخرى مع قريش وغطفان…
هكذا رجل واحد بذكائه واخلاصه وتضحيته يمزق صفوف الأحزاب ويشتت جموعهم ويفرق كلمتهم بزرعه بذور الشك في النفوس ثم لتلتقي عواصف الشك هذه مع عواصف من الرياح العاتية يرسلها رب العالمين على جموع اعداء الله من الأحزاب المتحزبين لمحاربة دينه لتقتلعهم من معسكراتهم فيعودون الى بلادهم منهزمين خائبين، ثم لتصبح مكيدة " نعيم" من اعظم مكائد الحروب التي تروى على مر التاريخ والدهور.
ثم تمر الأيام والأعوام ويزداد نعيم - رضي الله عنه- قربا من الحبيب صلى الله عليه وسلم مجاهدا معه حاملا الرايات بين يديه، ويراه ابو سفيان يوم فتح مكة حاملا لواء قومه بين صفوف المسلمين فيقول: بئس ما صنع بنا يوم الخندق، والله، لقد كان من اشد الناس عداوة لمحمد وها هو ذا يحمل راية قومه بين يديه ويمضي لحربنا تحت لوائه.
وهكذا يتحول نعيم من الد الأعداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم الى حامل لواء بين يديه محاربا ومجاهدا ومدافعا عن الاسلام بعزيمة ماضية وحماس متقد واخلاص نبيل وحب صاف وثقة عظيمة بسلامة الدرب وصواب المسلك. هذا ما يفعله الاسلام حينما يخالط النفوس الكبار والهمم العظام!! هذا ما يفعله الايمان حينما يغشى القلوب اليقظة والألباب الحكيمة.
اننا بحاجة لعقل نعيم ولحكمة نعيم ولذكاء نعيم ولتفكير نعيم ليس فقط في مجال الحروب، بل كل منا بحاجة الى كل ذلك في كل موقع من مواقع المسؤولية: الأب في البيت بحاجة الى تدبير وذكاء وعقل راجح يوازن به الأمور ويسير في الطريق السليم، الأم مع ابنائها وزوجها ومن حولها، المعلم المربي مع طلابه بحاجة الى ذكاء لابتكار كل طريق سليم وكل اسلوب نافع في مهمته العظيمة التي بها ينشىء الأجيال ويبني مستقبل الأمة في بناء ابنائها. السياسي بحاجة الى فكر سليم يوصل الى مصالح الأمة ويبعد عن خيانة من يأتمنونه على مصالحهم، وكل من بيده مسؤولية ويشعر بعظمها مطالب ان يقدح زناد عقله دائما ليصل الى النور المنشود المتلألىء في نهاية الدرب نور اليقين ونور السعادة الحقيقية الخالدة لنفسه ولمن معه على الطريق.
Saowt
07-28-2006, 03:14 AM
في أحد الأيام حدث شجار بين أبو ذر وبلال بن رباح رضي الله عنهما... وكان مما قاله أبو ذر لبلال بن رباح: "يا ابن السوداء" فحزن بلال رضي الله عنه فما كان منه إلا أن ذهب للرسول عليه الصلاة والسلام يشكو له أبا ذر..
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا و انتهر أبا ذر و قال: "طف الصاع.. طف الصاع" ثم اتجه إلى أبي ذر و قال له: "إنك امرؤ فيك جاهلية، ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى"
فاغتمّ أبو ذر وقال "والله أحببت أن تدق عنقي ولا أسمع ذلك الكلام" فذهب في تواضع جم لبلال وقال له "هذا خدي أضعه على الأرض ضع قدمك عليه والله لا أرفعه حتى تضعها"
فقال بلال "والله ما كنت أضع قدمي على جبهة سجدت لله" -أو كما جاء في الحديث-
فتعانقا وصفت النفوس بين ذلك الصحابيين الجليلين رضي الله عنهما.
Saowt
08-01-2006, 09:04 PM
روى مسلم بسنده عن حذيفة بن اليمان طرفا مما حدث في تلك الليلة الحاسمة، فقال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب، وأخذتنا ريح شديدة وقر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا رجل يأتني بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة)، فسكتنا فلم يجبه منا أحد، … وردد ذلك ثلاثا ثم قال: (قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم)، فلم أجد بداً إذ دعاني باسمي أن أقوم.
قال: (اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي). فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم، فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهما في كبد القوس فأردت أن أرميه، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا تذعرهم علي)، ولو رميته لأصبته، فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام.
فدخلت في القوم، والريح جنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قدرا ولا إناء ولا بناء، فقام أبو سفيان، فقال: يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه؟
فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جانبي على اليمين فقلت له: من أنت؟
قال: فلان بن فلان.
ثم التفت على يساري فقلت: من الرجل؟
فقال: فلان بن فلان.
ولم يسألني أحد..
ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون… فارتحلوا فإني مرتحل.
فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم وفرغت، ألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها. فلم أزل نائما حتى أصبحت فقال: قم يا نومان).
وختم الله هذا الامتحان الرهيب بهذه النهاية السعيدة، وجنب المسلمين شر القتال، قال تعالى معلقا على هذه الخاتمة: (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خير وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا). وكانت هذه الخاتمة استجابة لضراعة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله أثناء محنة الحصار: (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم).
Saowt
08-02-2006, 08:06 PM
أم سليم الرميصاء بتت ملحان ويقال لها الغميصاء بنت ملحان الأنصارية الخزرجية أم خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك رضي الله عنه.
هي امرأة عظيمة المواقف والأحداث وعلى جميع المستويات، أولها لما توفي زوجها مالك بن النضر خطبها أبو طلحة ورفضته لأنه كافر وقالت له إن تسلم فداك مهري، وقال عنها تابت رضي الله عنه ما سمعت بامرأة قط أكرم مهرا من أم سليم: الإسلام. يا له من مهر لا يعدله مال ولا جاه، بل أعظم من ذلك محبة عظمى لدين الله عزوجل، وخوف على آخرتها وآخرة غيرها، شرطت خيرا فوجدت خيرا منه، عظمت دين الله تعالى فنالت الشرف العظيم.. بشرطها ذاك أصبح أبو طلحة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم البارزين ومن الأبطال الأفداد والباذلين في سبيل الله بسخاء. مثل كبير في صناعة الرجال.
توفي ابنها، فصبرت واحتسبت وصبرت زوجها فأبدلهما ربهما خيرا، كما دعا لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يعوضهما ربهما بالولد الصالح فرزقت عبد الله رضي الله عنه فكان من أهل القرآن الكريم.
قال أنس رضي الله عنه: "اشتكى ابن لأبي طلحة فمات، وأبو طلحة خارج، فلما رأت امرأته أنه مات هيأت شيئا ونحته في جانب البيت، فلما جاء أبو طلحة قال: كيف الغلام؟ قالت: هدأت نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أبو طلحة أنها صادقة قال: فبات فلما أصبح اغتسل، فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما كان منهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما"
قال سفيان: قال رجل من الأنصار فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قرأوا القران. رواه البخاري.
عن أنس رضي الله عنه قال: "لما كان يومُ أحُد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأمَّ سُلَيم وإنهما لمشَمرتان أرى خَدَمَ سوقهما تنقلان القرب على متونهما، ثم تُفْرِغانِهِ في أفواه القوم. ثم ترجعان تملآنها، ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم". رواه البخاري.
لم تكتفي أم سليم بهذا بل شاركت في الجهاد أكثر من مرة، بحيث كان لها موقف أضحكت به سيد الخلق عليه السلام وذلك يوم حنين، يقول أنس رضي الله عنه في هذا اليوم المشهود: {أن أم سليم أخذت خنجرا يوم حنين، فقال أبو طلحة: يا رسول الله، إن أم سليم معها خنجرا، فقالت: يا رسول الله، إن دنا مني مشرك بقرت به بطنه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك...} جاء في الطبقات.
كانت ثمرة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن إتباعه خاتمة عظمى يتمناها كل من كان مراده طلب وجه الله والدار الآخرة، وهذا ما كان لأم سليم الأنصارية رضي الله عنها وأرضاها. فقد تقبلها ربها بقبول حسن فكانت من المبشرات بالجنة:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهـما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة فقلت: من هذا؟ فقال: بلال، ورأيت قصرا بفنائه جارية فقلت لمن؟ فقال: لعمر فأردت أن أدخله، فأنظر إليه فذكرت غيرتك فقال عمر بأبي وأمي يا رسول الله: أعليك أغار" رواه البخاري.
وفي رواية لمسلم "فسمعت خشفة فقلت: من هذه؟ قالوا هذه الغميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك".
Saowt
08-04-2006, 07:41 AM
أخرج الإمام البخاري ومسلم حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، والقصة كلها يرويها هذا الصحابي الجليل بلسانه، وقد وردت في كتب التفسير كسبب لنزول آية عظيمة من سورة التوبة...
عن كعب بن مالك رضي الله عنه يقول: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، غير أني تخلفت عن غزوة بد وم يعاتب أحد تخلف عنها، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد...
ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها كان من خبري أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط لغزاة..
وكانت من أصعب الغزوات، أولاً لبُعْدِها عن المدينة، وكانت في الصيف، في وقت نضج العنب والتمر، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا واستقبل عدوا كثيرا فجلا للمسلمين أمرهم ليبتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجههم الذي يريد...
فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئا وأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى اسرعوا وتفارط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء.
قال كعب: ولم يذكرني رسول اله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالك؟؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه بُرداه والنظر في عِطْفَيْهِ
فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلتَ والله.. يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا.. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثّي، وإذا سألني رسول الله: لماذا تخلفت يا كعب؟ فبماذا أجيبه؟
فطفقت أتذكر الكذب وأقل بم أخرج من سخطه غدا؟ وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي.. ماذا أقول له؟ مالذي شغلني عنك يا رسول الله؟؟
فلما قيل لي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدا، فأجمعت صِدقه وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع ركعتين ثم جلس للناس... فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له يقبل منهم ظواهرهم ويستغفر لهم، وكانوا بضعا وثمانين رجلاًَ، فجئت فسلمت عليه، فتبسم تبسم المغضب، فقال لي: ما خلّفك؟
قلت: يا رسول الله والله لو جلست إلى غيرك من أهل الدنيا، لخرجت من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلاً، والله ما كان لي عذر حين تخلفت عنك،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك.
فخرجت من عنده فلحقني بعض أهلي يلوموني على أني لم أعتذر، ويستغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى هممت أن أرجع عن صدقي، فسألت هل قال أحد بمثل ما قلت؟ فذكروا لي رجلين صالحين: مرارة بن الربيع وهلال بن أبي أمية وكان فيهما لي أسوة.
ثم إن رسول الله نهى عن محادثتنا نحن الثلاثة، فاجتبنا الناس، وتغيروا لنا، فتنكرت لي نفسي والأرض، أما صاحبيّ فاستكانا وقعدا في بيتيهما، أما أنا فأصلى مع المسلمين وأطوف الأسواق ولا يكلمني أحد حتى أقاربي.
بينما أنا في هذا الحال إذا جاءت رسالة من ملك غسان يقول لي: الحق بنا نواسيك بعد أن هجرك صاحبك، قلت: هذا من البلاء أيضا، فحرقت الرسالة، فلما مضت أربعون ليلة إذ رسول من النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني باعتزال امرأتي فقلت: الحقي بأهلك، وكان الأمر باعتزال النساء لصاحبيّ أيضاً.
فلما مضت خمسون ليلة أذن الله بالفرج وجاءت التوبة، قال كعب: فما أنعم الله علي بنعمة بعد الإسلام، أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، والله ما أعلم أحداً ابتلاه الله بصدق الحديث بمثل ما ابتلاني.
والآيات التي نزلت في توبتهم هي قوله تعالى: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لاملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم* يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} ( التوبة:118،119).
وهكذا أزاح الله هذه الغشاوة المحزنة عن هؤلاء النفر الثلاثة، بعدما كادوا يقعون في الهلاك بسبب تخلفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضاقت عليهم الأرض رغم رحابتها، وضاقت عليهم أنفسهم، فعلموا أن الملجأ من الله لا يتم إلا بالعودة إليه، فاستجاب الله لهم، وغفر زلتهم.
كيف تلقى المخلفون الثلاثة أمر نزول توبتهم؟
يحكي كعب بن مالك عن ذلك فيقول: "... فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، قال: فخررت ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرج وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، وذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض إلي رجل فرسًا، وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني سمعت صوته يبشرني، نزعت ثوبيّ فكسوته إياه ببشراه والله! ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فيتلقاني الناس فوجًا فوجًا يهنئوني بالتوبة".
Saowt
08-06-2006, 08:11 AM
قال تعـالى: {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ...} سورة الأنعام آية 125
( 1 )
جهَّز عبد الله بن حذافة راحلته، وودَّع صاحبته وولده، ومضى إلى غايته ترفعه النجاد، وتحطه الوهاد، وحيداً فريداً، ليس معه إلا الله.
حتى بلغ ديار فارس، فاستأذن بالدخول على ملكها، وأخطرَ الحاشية بالرسالة التي يحملها له، عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزُيِّن، ودعَا عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا، ثم أذِنَ لعبد الله ابن حذافة بالدخول عليه.
دخل عبد الله بن حذافة على سيد فارس، مشتملاً شملته الرقيقة، مرتدياً عباءته الصفيقة، عليه بساطة الأعراب، لكنه كان عاليَ الهمَّة، مشدود القامة، تتأجج بين جوانحه عزَّةُ الإسلام، وتتوقَّد في فؤاده كبرياءُ الإيمان. المؤمن له هيبة، ومَن هاب اللهَ هابه كلُّ شيء.
فما إن رآه كسرى مقبلاً، حتى أومأ إلى أحدِ رجاله أن يأخذ الكتاب من يده، فقال عبد الله بن حذافة:
لا، إنما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدفعه إليك يداً بيد، وأنا لا أخالف أمر رسول الله.
فقال كسرى لرجاله: اتركوه يدنو مني، فدنا من كسرى حتى ناوله الكتاب بيده، ثم دعا كسرى كاتبًا عربيًا مِن أهل الحيرة، وأمَرَه أن يفضَّ الكتاب بين يديه، وأن يقرأه عليه ، فإذا فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام الله على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك."
فما إن سمع كسرى هذه الرسالة، حتى اشتعلت نار الغضب في صدره، فاحمر وجهه، وانتفخت أوداجه، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، بدأ بنفسه، وبدأه بقوله: من محمدٍ رسول الله إلى كسرى، فكان تفكير كسرى تفكيرًا شكليًّا، ولم يفهم المضمون، ولم يهتمَّ له، فغضِبَ للشكل.
غضب هذا الرجل المغرور المتكبر رغم أن النبى صلى الله عليه وسلم خاطبه بالعظمة فقال (إلى عظيم الفرس)، وكان النبى صلى الله عليه وسلم دقيقًا فى ألفاظه فلم يقل (سلام عليك) بل قال (سلامٌ على من اتّبع الهدى)، أي إن اتبعتَ الهدى فسلامٌ عليك، وإن لم تتبع الهدى، فالسلام ليس عليك، على من اتبع الهدى... وهكذا..
ولكن أنَّى يأتى الخير من رجل امتلأت نفسه كبرًا وتيها فظن أنه الوحيد وما عداه صفرًا.
وكيف يؤمل الإنسان خيرا... وما ينفك مُتبعًا هواه
يظن بنفسه قدرًا وشرفًا ... كأن الله لم يخلق سواه
ولعل كسرى انفعل هذا الانفعال الشديد بسبب هزيمته الأخيرة التى نالها على أيدى الروم، فظن أن الأعراب والتابعين بدأوا يتجرأون عليه بسبب هزيمته.
لقد فقد كسرى توازنه تمامًا إذ إنه جلب الرسالة من يد كاتبه، وجعل يمزِّقها دون أن أى شر يجره على نفسه، مزقها وهو يصيح: أيكتبُ لي بهذا، وهو عبدي؟.
لأنه من أتباعه، ولأن باذان عامله على اليمن، تابع لكسرى، والمناذرة وعاصمتهم الحيرة يتبعون كسرى، فهذا الذي قال له:
من محمد رسول الله هو من عبيده، هكذا يفهم كِسرى، قال: أيكتب لي بهذا وهو عبدي؟!!!
ثم أمر بعبد الله بن حذافة، أن يُخًرَج من مجلسه، فأُخرج.
فلما بلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذلك الخبرُ قال: "مزق رسالتي... مزِّق الله ملكه"
Saowt
08-07-2006, 07:20 AM
قام كسرى منتفخا وأمر كاتبه أن يكتب إلى باذان نائبه على اليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل، الذي ظهر بالحجاز، رجلين جَلْدين من عندك، ومُرهما أن يأتياني به.
وقد سمع أهل اليمن عن رجل يدعى النبوة من أهل مكة وسمعوا أنه خرج طريدًا إلى يثرب وأقام بها حتى الآن أى قرابة عشرين عامًا.
لكن باذان ما إن وصلته رسالة سيده كسرى حتى انتدب رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمَّلهما رسالةً له، يأمره فيها بأن ينصرف معهما إلى لقاء كِسرى، دون إبطاء، وطلب إلى الرجلين أن يقفا على خبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يستقصيا أمره، وأن يأتياه بما يقفان عليه من معلومات.
فخرج الرجلان يُغِذَّان السير الى غايتهما شطر المدينة، حتى إذا بلغاها علما مما رأيا من تعظيم أهل المدينة للنبى صلى الله عليه وسلم وحبهم له مدى خطورة المهمة التى أقبلا من أجلها حيث إنهما لا يستطيعان أن يأتيا بمحمد إلا إذا أتيا بأهل المدينة أجمعين، نظرًا للمحبة والفداء التى يصنعها أهل المدينة لمحمد صلى الله عليه وسلم.
ولما دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما، وأظهر ذلك لهما وقد أشاح بوجهه الى الجانب الآخر حتى لا ينظر إليهما وقال: ويلكما.. من أمركما بهذا؟
قالا: أمرنا ربنا يعنيان كسرى..
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي.
ودفع الرجلان إلى النبى صلى الله عليه وسلم رسالة باذان، وقالا له: إن ملك الملوك كسرى كتب إلى ملكنا باذان، أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد أتيناك لتنطلق معنا إليه.. فإن أجبتنا، كلَّمنا كسرى بما ينفعك، ويكفُّ أذاه عنك، وإن أبيت، فهو مَن قد علمت سطوته وبطشه وقدرته على إهلاكك، وإهلاك قومك
لم يغضب النبي صلى الله عليه وسلم بل تبسَّم عليه الصلاة والسلام، وقال لهما: ارجعا إلى رحالكما اليوم، وائتيا غداً.
فلما غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم التالي، قالا له: هل أعددتَ نفسك للمُضِيِّ معنا إلى لقاء كسرى؟
فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: إن ربى قتل ربكما الليلة. لن تلقيا كسرى بعد اليوم، فلقد قتله الله، حيث سلَّط عليه ابنه شيرويه في ليلة كذا من شهر كذا وقتَله.
فحدَّقا في وجه النبي، وبدت الدهشة على وجهيهما، وقالا: أتدري ما تقول؟؟ أنكتب بذلك لباذان؟
قال: نعم، وقولا له: إن ديني سيبلغ ما وصل إليه ملك كسرى، وإنَّك إن أسلمتَ، أعطيتكَ ما تحت يديك، وملَّكتكَ على قومك.
Saowt
08-08-2006, 07:30 AM
خرج الرجلان من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدما على باذان، وقالا له: لقد أرسلتنا إلى رجل نأتيك به لا نستطيع أن نأتى به إلا إذا أتيناك بأهل المدينة جميعاً، وأخبراه الخبر.
طار عقل باذان، لكنه كان رجلا لبيبًا عاقلا حازما يعرف مصادر الأمور ومواردها، فقال لمن حوله: إن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من شهر لنعرف حقيقة محمد.
قال له جلساؤه: كيف ذلك؟
قال باذان: ننتظر حتى تأتينا الرسل من فارس، فلئن كان ما قال محمّدٌ من قتل كسرى حقًا فإن محمد نبيّ صادق. أما إن كان غير ذلك فلنا معه شأنا آخر.
علم أهل اليمن بالقصة كلها، فظل باذان ومن معه من أهل اليمن فى انتظار الرسل من قبل كسرى.. انتظروا شهرًا كاملاً.. حتى جاءت الرسل..
فقال لهم أهل اليمن: هل حقًا قُتل كسرى؟؟
فتعجب الرسل.. فغروا أفواههم قائلين: من أخبركم؟! من أعلمكم؟!
قال باذان: كيف تم ذلك؟!
قالوا: لقد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله، وأخذ الملك لنفسه، وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة كذا، واستلم حكمه
فحسبوا الليلة التى قتل فيها فإذا هى الليلة التى أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فض باذان رسالة شيرويه التى فيها: "أما بعد فقد قتلت كسرى، ولم أقتله إلا انتقامًا لقومنا، فقد استحلَّ قتلَ أشرافهم، وسبيَ نسائهم، وانتهابَ أموالهم، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممّن عندك".
فما إن قرأ باذان كتاب شيرويه، حتى طرحه جانبًا، وأعلن دخوله في الإسلام، وأسلم من كان معه من الفرس في بلاد اليمن.
Saowt
08-10-2006, 06:31 PM
(4)
وصل الخبر إلى مدينة رسول الله يعلمهم بإسلام باذان وإسلام أهل اليمن التى هى امتدادًا جعرافيًا للجزيرة العربية. وفرح النبى صلى الله عليه وسلم بإسلامهم فرحًا شديدًا، وقال لأصحابه مُرحبًا بوفدهم: (أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبًا منكم، وألين أفئدة، وهم أول من جاء بالمصافحة) .. ثم قال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يمان، الفقه يمان، والحكمة يمانية".
وأرسل إليهم جماعة من أكابر أصحابه يعلمونهم الإسلام منهم الصحابى الجليل على بن أبى طالب ثم معاذ بن جبل الذى قال معلمًا إياه: "إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات فى يومهم وليلتهم فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة فى أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقيرهم فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس"
وأمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يظل باذان على ملكه..
يا لباذان .. نال عز الدنيا، وسعادة الآخرة!
أما كسرى ففى مزبلة التاريخ، لقد مزق الله ملكه، فلم تقم له قائمة بعد ذلك. وما هى إلا سنوات معدودات حتى كانت مطارق الفتح الإسلامى تضرب إيوان كسرى وتسيطر عليه ودخل الصحابى الجليل سعد بن أبى وقاص إيوان كسرى بعد هزيمتهم دخل باكيًا يقرأ قول الله تعالى:
{كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ. كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ . فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ} سورة الدخان آية 25 : 29.
mohammad
08-10-2006, 09:29 PM
اللهم عجل نصرك .... وارزقنا حكاما كهؤلاء يحكمون بما انزلت ويتقونك فينا
Saowt
08-13-2006, 10:14 AM
بانتهاء الحملة الصليبية الثامنة بهلاك لويس التاسع اطمأن بيبرس، وبعد أن كان يستعد لمواجهة الحملة ترك استعداده، وانطلق ثانية إلى طرابلس عام 670هـ غير أن أميرها بوهمند قد طلب المسالمة والصلح فأجابه السلطان بيبرس إلى ذلك لأن حملة صليبية جديدة قد جاءت بقيادة الأمير إدوارد ونزلت في عكا، وكان الصلح بين الظاهر بيبرس وأمير طرابلس الصليبي بوهمند لمدة عشر سنوات.
لم يصبر قلاوون على انتهاء المعاهدة التي عقدها مع الصليبيين، وكانوا لا يزالون خطرًا على الدولة، يحتلون أجزاءً من أراضيها، ولا يحترمون عهدًا ولا ذمة إذا ما سنحت لهم فرصة، أو اشتدت بهم قوة، فهاجم قلاوون حصن المرقب، وهو من أمنع الحصون الصليبية في الشام، وذلك في سنة (684هـ=1285م)، ونجح في الاستيلاء عليه، ولم يبق للصليبيين من إماراتهم سوى "طرابلس" التي يحكمها أمراء النورمان، وعكا التي أصبحت مقر مملكة بيت المقدس، بالإضافة إلى بعض الحصون مثل حصني المرقب وطرسوس.
ولم تكن الجبهة الصليبية متماسكة البناء، بل كانت الخلافات تفتك بها، فوجد قلاوون في ذلك فرصة سانحة للانقضاض على الإمارات الصليبية المتبقية، فأرسل حملة عسكرية تمكنت من الاستيلاء على اللاذقية سنة (686هـ=1287م)، وبعد سنتين خرج السلطان بنفسه إلى طرابلس على رأس قوة كبيرة قوامها أكثر من أربعين ألف جندي، وحاصرها أربعة وثلاثين يومًا استسلمت بعدها في (ربيع الآخر 688هـ= 26 بريل 1289م). وعلى إثرها سقطت المدن الأخرى المجاورة مثل بيروت، وجبلة، وانحصر الوجود الصليبي في عكا وصيدا وصور وغيليت، بعد أن كانت ممتلكاته واسعة تمتد على طول الساحل الشامي للبحر المتوسط.
وتوفي السلطان المنصور دون أن يتحقق أمله في إسقاط "عكا" آخر الإمارات الصليبية، غير أن الله شاء أن ينال ابنه خليل قلاوون شرف إنهاء الوجود الصليبي في بلاد الشام، بعد أن نجح في اقتحام أسوار عكا المنيعة وكان قد دعا من دمشق وطرابلس وحماه، فجاء المجاهدون وحاصروا عكا، وحررت عكا في يوم الجمعة (17 من جمادى الآخرة سنة 690هـ=18 من مايو 1290م)، وبعد عكا سقطت بقية المعاقل الصليبية في الشام، وطويت آخر صفحة من صفحاتها
Saowt
08-13-2006, 10:43 AM
طيب بالمناسبة.... الرابط التالي ينفع أيضا:
http://www.saowt.com/forum/showthread.php?t=8109
أختي من لبنان زوري الروابط التالية:
http://tripoli-city.org/arabicmameluke.html
www.tripoli.gov.lb/pics/history/intro5.jpg (http://www.tripoli.gov.lb/pics/history/intro5.jpg)
Saowt
08-15-2006, 09:49 AM
حين عجز المسلمون عن أداء حقوق أهل الذمة وحمايتهم من عدوهم ردوا إليهم ما أخذوه من الجزية لفوات شرطها، وهو الحماية، فقد روى القاضي أبو يوسف في كتاب الخراج وغيره من أصحاب السير عن مكحول: "أن الأخبار تتابعت على أبي عبيدة بجموع الروم، فاشتد ذلك عليه وعلى المسلمين ، فكتب أبو عبيدة لكل والٍ ممن خلَّفه في المدن التي صالح أهلها يأمرهم أن يردوا عليهم ما جُبي منهم من الجزية والخراج ، كتب إليهم أن يقولوا لهم: إنما رددنا عليكم أموالكم، لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع ، وإنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم، وإنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشرط وما كان بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم".
وحين قام أهل الذمة بالمشاركة في الذود عن بلادهم أسقط عنهم المسلمون الجزية، كما صنع معاوية رضي الله عنه مع الأرمن، يقول لوران المؤرخ الفرنسي في كتابه "أرمينية بين بيزنطة والإسلام" : "إن الأرمن أحسنوا استقبال المسلمين ليتحرروا من ربقة بيزنطة، وتحالفوا معهم ليستعينوا بهم على مقاتلة الخزر، وترك العرب لهم أوضاعهم التي ألفوها وساروا عليها، والعهد أعطاه معاوية سنة 653م، إلى القائد تيودور رختوني ولجميع أبناء جنسه ماداموا راغبين فيه، وفي جملته: ((أن لا يأخذ منهم جزية ثلاث سنين، ثم يبذلون بعدها ما شاؤوا، كما عاهدوه وأوثقوه على أن يقوموا بحاجة خمسة عشر ألف مقاتل من الفرسان منهم بدلا من الجزية، وأن لا يرسل الخليفة إلى معاقل أرمينا أمراء ولا قادة ولا خيلا ولا قضاة... وإذا أغار عليهم الروم أمدهم بكل ما يريدونه من نجدات. وأشهد معاويةُ الله على ذلك)).
السلاااااااام عليكم
بارك الله بكِ اختى صوت بس مش عارفة تحطى رابط للموضوع بالصوت الاسلامى؟
اصل بصراحة من اول لما دخلت المنتدى وانا اخاف من بعض ساحاته ولا ادخلها.!.!.
المهم ياريت بعد كل مشاركة تضعى المصدر عشان يسهل علينا متابعته لو احتجنا لتفصيل
ومذكور فى اخر مشاركة بالصفحة الثانية النقل عن د.غالب السرجانى هل تقصدين راغب السرجانى ام ان لديكم شخص اخر اسمه د.غالب؟
وجزاك الله كل خير وبارك الله بك
Saowt
10-08-2006, 09:18 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هو بالاصل يا منال، كانت مشاركاتي هذه في الصوت الاسلامي الا انه اقترح علي نقله للوثائق والملفات.. ان شاء الله... لكن معظم ما هو موجود في هذه الصفحات هو منقول من موقع التاريخ
مم... لا تؤاخذيني... راغب السرجاني اقصد... هو راغب على وزن غالب... طنشي يا عمتي شوية لو سمحت.. وجزاك خيرا مثله... بارك الله لنا بك يا منال
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: إني لواقف يوم بدر في الصف، فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلَع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عماه! أتعرف أبا جهل؟
فقلت: نعم، وما حاجتك إليه؟
قال: أُخبِرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده [أي شخصي شخصه] حتى يموت الأعجل منا..
فتعجبت لذلك!!
فغمزني الآخر فقال لي أيضًا مثلها..
فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس. فقلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني.
فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه. ثم انصرفا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبراه فقال: أيكم قتله؟
قال كل منهما: أنا قتلته.
قال: هل مسحتما سيفيكما؟
قالا: لا
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في السيفين، فقال: كلاكما قتله.
وكانا معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء
رحم الله المعاذَيْن. معاذ بن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح. وإذا كانت الأمة الإسلامية قديمًا بهذه العزة وهذه الكرامة التي هي منظومة بين جميع أفراد الأسرة الرجال والنساء والأطفال، فما الذي جعل أعداء الإسلام يطمعون في أمة الإسلام ويتوجهون إليها بالإهانة حتى يصل الأمر إلى سب نبيها والوقوع فيه؟
وهؤلاء فتية يتسابقون ويبكون من أجل المشاركة في جيش النبي صلى الله عليه وسلم لنصرته.
طيب هطنش بس انا لم الاحظ هذا الموضوع من قبل :)
عموما بارك الله بك وجزاك كل خير
Saowt
10-09-2006, 07:40 PM
أهلا أهلا....
نورتي الموضوع يا منال
من هناك
01-07-2007, 07:43 PM
يبدو ان هذا الموضوع خسر الكثير من جواهره؟
Saowt
01-08-2007, 03:28 PM
جواهره!!!!!!!
سقى الله تلك الأيام....
Saowt
01-08-2007, 04:24 PM
عطش أبي بكر الصديق
يقول سيدنا أبو بكر: كنا في الهجرة وأنا عطشان جدا، فجئت بمذقة لبن فناولتها للرسول صلى الله عليه وسلم، وقلت له: اشرب يا رسول الله، يقول أبو بكر: فشرب النبي صلى الله عليه وسلم حتى ارتويت!!
لا تكذّب عينيك!! فالكلمة صحيحة ومقصودة، فهكذا قالها أبو بكرالصديق.. (رضي الله عنه وارضاه)
هل ذقت جمال هذا الحب؟ انه حب من نوع خاص..!! أين نحن من هذا الحب!؟
واليك هذه ولا تتعجب، انه الحب.. حب النبي أكثر من النفس..
يوم فتح مكة أسلم أبو قحافة [أبو سيدنا أبي بكر]، وكان إسلامه متأخرا جدا وكان قد عمي، فأخذه سيدنا أبو بكر وذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعلن إسلامه ويبايع النبي صلى الله عليه وسلم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم 'يا أبا بكر هلا تركت الشيخ في بيته، فذهبنا نحن إليه' فقال أبو بكر: لأنت أحق أن يؤتى إليك يا رسول الله.. وأسلم أبو قحافة.. فبكى سيدنا أبو بكر الصديق، فقالوا له: هذا يوم فرحة، فأبوك أسلم ونجا من النار فما الذي يبكيك؟
تخيّلماذا قال أبو بكر؟ قال: لأني كنت أحب أن الذي بايع النبي الآن ليس أبي ولكن أبو طالب،لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر..
سبحان الله، فرحته لفرح النبي أكبر من فرحته لأبيه أين نحن من هذا؟
ثوبان رضي الله عنه
غاب النبي صلى الله عليه وسلم طوال اليوم عن سيدنا ثوبان خادمه وحينما جاء قال له ثوبان: أوحشتني يا رسول الله وبكى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: 'اهذا يبكيك؟'
قال ثوبان: لا يا رسول الله ولكن تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة فنزل قول الله تعالى {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [69] سورة النساء
سواد رضي الله عنه
سواد بن عزيّة يوم غزوة أحد واقف في وسط الجيش فقال النبي صلى الله عليه وسلم للجيش: 'استووا.. استقيموا'. فينظر النبي فيرى سوادا لم ينضبط فقال النبي صلى الله عليه وسلم: 'استو يا سواد' فقال سواد: نعم يا رسول الله ووقف ولكنه لم ينضبط، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم بسواكه ونغز سوادا في بطنه قال: 'استو يا سواد'، فقال سواد: أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق فأقدني! فكشف النبي عن بطنه الشريفة وقال:'اقتص ياسواد'. فانكب سواد على بطن النبي يقبلها. يقول: هذا ما أردت وقال: يا رسول الله أظن أن هذا اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر العهد بك أن تمس جلدي جلدك
فما رأيك في هذا الحب؟
وأخيرا لا تكن أقل من الجذع....
كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في مسجده قبل أن يقام المنبر بجوار جذع الشجرة حتى يراه الصحابة.. فيقف النبي صلى الله عليه وسلم يمسك الجذع، فلما بنوا له المنبر ترك الجذع وذهب إلى المنبر 'فسمعنا للجذع أنينا لفراق النبي صلى الله عليه وسلم،فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عن المنبر ويعود للجذع ويمسح عليه ويقول له النبي صلى الله عليه وسلم :'ألا ترضى أن تدفن هاهنا وتكون معي في الجنة؟'. فسكن الجذع..
منقول من صوت الشباب والمجتمع لعنوان مقاله: صور من مشاعر الحب!
من هناك
01-08-2007, 04:27 PM
جزاك الله خيراً
من هناك
02-02-2007, 10:06 PM
أين لنا مثل هذا، أو قريب ؟
كان فتى ذا نعمة، واختيال في مشية..
عطره يفوح في طرقات المدينة..
شبابها يحاكونه ويقتدون به في حركاته..
لم يكن فاسقا أو ظالما، بل كان عادلا حكيما، مقبلا على العلم وحب العلماء.
كان من قدره أن يكون واليا على المدينة، فقرب العلماء وأكرمهم، فإذا وقع له أمر مشكل جمعهم، فلا يقطع أمرا دونهم.
سئل: "ما كان بدء إنابتك؟. فقال: أردت ضرب غلام لي، فقال: اذكر ليلة صبيحتها يوم القيامة".
قال أنس بن مالك: "ما صليت وراء إمام أشبه بصلاة رسول الله من هذا الفتى".
كتب الله أن يكون خليفة الأمة وإمامها، جاءته الخلافة وهو لها كاره، فخلع نفسه أمام الناس، فتنادى الناس به، وأبوا إلا هو، لما يعلمون من حسن ديانته ورأيه، فثبت عليها، واستعان بالله على ما يراه مصيبة وقعت عليه.
أجمع العلماء قاطبة على أنه من أئمة العدل، وأحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، وقد ذكر جماعة من الأئمة أنه إمام مجدد، ينطبق عليه قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إن الله يبعث لهذه الأمة، على رأس كل مائة سنة، من يجدد لها أمر دينها) [رواه أبو داود في الملاحم باب مايذكر في قرن المائة، عن أبي هريرة، صحيح أبي داود 3606]
كان هذا الإمام الخليفة الزاهد، حجة على العباد في أقواله وأفعاله وسيرته.. أحيا من السنن ما كان قد اندرس، وأعاد المظالم إلى أهلها، ولم يحاب أحدا في الله تعالى، ولو كان أقرب الأقربين.
فبدأ بأهله وعياله، فخير زوجته بين أن تقيم معه على: أنه لا فراغ له إليها. وبين أن تلحق بأهلها، فاختارت المقام معه.
وكذا فعل مع جواريه، فأعتق من أعتق منهن، وانصرف عن البواقي فلم يصل إليهن، شغلا بما هو فيه من أمور الخلافة، تقول زوجه: ما جامع واحتلم وهو خليفة".
كان يغتم ويهتم لأمر رعيته كثيرا، تقول زوجته: "دخلت عليه يوما، وهو جالس في مصلاه، واضعا خده على يده، ودموعه تسيل على خديه، فقلت: مالك؟، فقال:
"ويحك يا فاطمة، قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت فتفكرت في: الفقير الجائع، والمريض الجائع، والعاري المجهود، واليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، والمظلوم المقهور، والغريب، والأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد.
فعلمت أن ربي عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم، فخشيت أن لا يثبت لي حجة عند خصومته، فرحمت نفسي، فبكيت".
ولما كان بهذا الشعور بالمسؤولية تجاه رعيته: عمّ الرخاء في الناس، حتى صار الساعي يسعى بصدقته في أقطار الأرض، فلا يجد من يقبلها.
فقد كان يعطي كل مستحق ومحتاج..
وكان يعطي المنقطع لتعلم الفقه والقرآن..
ويكتب إلى عماله أن يستعملوا أهل القرآن، وأن يجتنبوا الأشغال عند حضور الصلاة..
وأن يأخذوا الناس بما ثبت في السنة من أحكام، ويقول: " إن لم تصلحهم السنة فلا أصلحهم الله".
يكتب بالموعظة إلى العامل من عماله فينخلع قلبه، وربما يعزل نفسه ويطوى البلاد، كتب إلى بعضهم:
"اذكرك طول سهر أهل النار في النار، مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله، فيكون آخر العهد بك، وانقطاع الرجاء منك".
فخلع العامل نفسه، وقدم على عمر، فقال له: "مالك؟، فقال: خلعت قلبي بكتابك يا أمير المؤمنين، والله لا أعود إلى ولاية أبدا".
إذا خلي في بيته، غل نفسه، ولبس المسوح، وقام يصلي يناجي ربه كالعبد الآبق ويقول:
"اللهم إن عمر ليس بأهل أن تناله رحمتك، ولكن رحمتك أهل أن تنال عمر".
يكثر أن يقول: "اللهم سلم سلم".
تقول زوجه: " ما رأيت أحدا أكثر صلاة وصياما منه، ولا أحدا أشد فرقا من ربه منه، كان يصلي العشاء، ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه، ثم ينتبه فلا يزال يبكي حتى تغلبه عيناه.
قالت: ولقد كان يكون معي في الفراش، فيذكر الشيء من أمر الآخرة، فينتفض كما ينتفض العصفور في الماء، ويجلس يبكي، فاطرح عليه اللحاف رحمة له، وأنا أقول: ياليت كان بيننا وبين الخلافة بعد المشرقين، فوالله ما رأينا سرورا منذ دخلنا فيها".
وبكى مرة فبكى لبكائه أهل الدار، فلما سري عنه سألوه فقال: "ذكرت منصرف الناس يوم القيامة، فريق في الجنة وفريق في السعير".
يجتمع كل ليلة إلى أصحابه من الفقهاء، فلا يذكرون إلا الموت والآخرة، ثم يبكون حتى كأن بينهم جنازة. كتب مرة إلى أحد إخوانه وكان في طريقه إلى الجهاد:
"إن أحق العباد بإجلال الله والخشية منه، مَنِ ابتلاه الله بمثل ما ابتلاني به، ولا أحد أشد حسابا ولا أهون على الله إن عصاه مني، فقد ضاق بما أنا فيه ذرعي، وخفت أن تكون منزلتي التي أنا بها هلاكا لي، إلا أن يتداركني الله منه برحمة، وقد بلغني أنك تريد الخروج في سبيل الله، فأحب يا أخي إذا أخذت موقفك أن تدعو الله أن يرزقني الشهادة، فإن حالي شديدة وخطري عظيم، فأسأل الله الذي ابتلاني به أن يرحمني ويعفو عني".
قبل الخلافة نشأ ناعم العيش، يؤتى بالقميص الرفيع اللين جدا فيقول: "ما أحسنه، لولا خشونة فيه".
فلما ولي الخلافة صار يلبس الغليظ المرقوع ويقول: "ما أحسنه لولا لينه".
ولا يأكل إلا العدس ونحوه، قال مالك بن دينار: " يقولون مالك زاهد، أي زهد عندي؟، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز أتته الدنيا فاغرة فاها، فتركها جملة".
قال له رجل: جزاك الله عن الإسلام خيرا، فقال: " بل جزى الله الإسلام عني خيرا".
وقيل له: "يا أمير المؤمنين، لو أتيت المدينة، فإن قضى الله موتا، دفنت في موضع القبر الرابع مع رسول الله، فقال: " والله لأن يعذبني الله بغير النار، أحب إلي من أن يعلم من قلبي أني لذلك أهل".
ومن أقواله:
- " إنه ليمنعني من كثير الكلام مخافة المباهاة".
- " إن نفسي تواقة، وإنها لم تعط شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل، فلما أعطيت الذي لاشيء أفضل منه في الدنيا، تاقت إلى ما هو أفضل من ذلك"؛ أي الجنة.
ولم يكن رحمه الله عنه مجرد خليفة بل كان فقيها أيضا، فهو معدود من العلماء، وله آراء مذكورة في كتب الفقه والتفسير والحديث، فمن فتاواه أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل، وهذا القول نصره ابن تيمية، وألف كتابا في ذلك عنوانه:" الصارم المسلول على شاتم الرسول".
وفي خلافته منع أهل الذمة من إدخال الخمور بلاد المسلمين، ونهى عن النياحة، ونهى عن الغناء، وأمر بالتنكيل بمن خالف ذلك.
وبالجملة فإن خلافته كانت راشدة، اجتمعت القلوب على محبته، ولم يشذ منهم إلا من كان مريض القلب، ممن يحب نفسه، ويقدم مصلحته، ولو كان في ذلك ضرر على الأمة.
* * *
انتشر العدل في زمنه حتى بين البهائم..
فقد روى ابن سعد في طبقاته بسنده عن راعي من رعاة الغنم: "كنا نرعى الشاء بكرمان في خلافة عمر بن عبدالعزيز، فكانت الشاء والذئاب والوحش ترعى في موضع واحد، فبينا نحن ذات ليلة إذ عرض الذئب لشاة، فقلت: ما أرى الرجل الصالح إلا قد هلك. قال حماد بن زيد: فحدثني هو أو غيره أنهم نظروا فوجدوه قد هلك في تلك الليلة".
وروى كذلك بسنده إلى مالك بن دينار: " لما استعمل عمر بن عبد العزيز على الناس، قالت رعاء الشاء في رؤوس الجبال: من هذا العبد الصالح الذي قام على الناس؟، قيل لهم: وما علمكم بذاك؟، قالوا: إنه إذا قام على الناس خليفة عدل كفت الذئاب عن شائنا".
إن الله قادر على شيء، فالذي جعل الأنعام طعاما للسباع، يقدر أن يجعل طعامها في الأعشاب، ومثل هذا يحدث إذا نزل عيسى عليه السلام، والسبب صلاح الناس وزوال الشر من نفوسهم والقيام بالعدل، فإذا آمن الناس، واتقوا: أمنت البهائم. قال تعالى: { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم}.
مات رضي الله عنه سنة 101هـ وعمره تسع وثلاثون سنة، كانت مدة خلافته سنتين وخمسة أشهر، وهو من نسل عمر بن الخطاب، فهو جده لأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان يلقب بالأشج، لشجة كانت في وجهه، لما مات.
قال الحسن البصري: " مات خير الناس".
وعن خالد الربعي: " إنا نجد في التوراة أن السموات والأرض تبكي على عمر بن عبدالعزيز أربعين صباحا".
وسواء صح ذلك في التوراة أم لا؟، فإن معناه صحيح، سأل رجل ابن عباس: "يا أبا عباس، أرأيت قول الله: { فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين}، فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟، قال: نعم، إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن، فأغلق بابه من السماء، الذي كان يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه: بكى عليه.
وإذا فقده مصلاه من الأرض، التي كان يصلي فيها، ويذكر الله فيها: بكت عليه. وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة، ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير، فلم تبك عليهم السماء والأرض" [تفسير ابن كثير سورة الزخرف]
قال الذهبي: "قلبي منشرح للشهادة لعمر أنه من أهل الجنة".
هذه القصة عبرة، وذكر الصالحين يشرح الصدور، ويقيم الحجة على الناس، فهم القدوة الحسنة لكل طالب للحق، محب لإقامة العدل.
[طبقات بن سعد 5/253ـ320، ابن كثير 5/9/192، السير 5/114]
* * *
أين لنا مثل هذا، أو قريب ؟
د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
فـاروق
02-03-2007, 10:35 AM
بارك الله بك يا بلال....
اين الاخت صوت لكي تكمل لنا هذه الصفحات المشرقة؟
من هناك
02-03-2007, 06:11 PM
إن شاء الله تعود من جديد لتتابع