عبد الله بوراي
10-07-2006, 07:27 PM
من أرض الرافدين من العراق الآشم نهر الحياة المِعطاء
لنا وقفة تقدير وترحُم و إكبار مع الدكتورة عاتكة وهبي الأمين الخزرجي
فقد رأيتُ من باب الوفاء والتقدير أن يكون لى شرف إفتتاح (كلمة تقدير ووفاء لشاعر)
وبإن تكون الإفتتاحية تحديداً من العراق ,من بغداد التي هزني شاعرها هلال ناجى زين الدين وهو يترنم فيها بالقول:_
إنْ غاب ذاك السنا بغدادُ عن أُفقنا
فاننا لم نزل نصوغ من وهْمنا
قلا ئداً من هوىً لجِيد بغدادنا
ولم يزل شوقنا يعبثُ فى جُنحنا
يا قِبلةً من شدىً وكعبةً من سنا
الليل مهما يطلْ فالفجرُ آتٍ لنا
ومع كل نبضة قلب نقول نعم وبإدن الله الفجر آتٍ ..آ تٍ..آتٍ
وبداية طيبة مع الحِكمة المأثورة
رفقاً بالقوارير... ومع المرأة العراقية التي ظلمها التأريخ!!
والتى كادت أن تُنسى , هذا ما هَتف بى هاتف الواجب . مما جعلنى أُبادر:
و بكل الوفاء والتقدير برفع السُجف عن الشاعرة القديرة الدكتورة عاتكة وهبى الخزرجى عليها رحمة الله , ويسعدنى بدايةً التعريف بها
فهى الدكتورة عاتكة وهبي الأمين الخزرجي المولودة في بغداد عام 1924 وهي شاعرة وكاتبة مسرحية وأستاذة جامعية عراقية معروفة.
بعد ولادتها بستة أشهر توفي والدها الذي ينتسب للخزرج،فربتها أمها أحسن تربية وأرضعتها الحنان العظيم وأدخلتها المدرسة،وأثناء تحصيلها للعلم انبجس نهر الشعر متدفقاً من قلبها،فخرج على لسانها شعراً عذباً رقراقاً بأنغام ساحرة، درست اللغة العربية بدار المعلمين العالية فنالت الليسانس في الآداب عام 1945 وصارت مدرسة للأدب العربي في ثانويات بغداد، وفي عام 1950 دخلت كلية الآداب في جامعة السوربون في باريس فنالت الدكتوراه في الآداب عام 1955 بأطروحة قدمتها عن الشاعر العباسي(العباس بن الأحنف).
وفي غربتها هذه عن بلدها وأمها وحبيبها إتسم شعرها بالواقعية،وعادت مدرسة في قسم اللغة العربية بدار المعلمين العالية، ثم أستاذة للأدب الحديث في كلية التربية بجامعة بغداد، وبقيت في عملها حتى أحيلت على التقاعد في أواخر الثمانينيات،ووافاها الأجل عام1988 عن أربعة وسبعين عاماً.
كتبت بل ولمعت وتفوقت على كل من كتب الشعر و ذلك فى السنوات المتقدمة
من عمر مجلة العربى الكويتية أو بالاحرى فى عصرها الذهبى أيام رئيس تحريرها المرحوم أحمد زكى .
وكيف لا وقد بدأت موهبتها الشعرية الخارقة منذ مراهقتها لتنافس مجنون ليلي لشوقي الذي عشقت شعره . لقد تعلمت في العراق الذي كان علي العهد الملكي يهتم بالمثقفين والمبدعين اهتماما لا يضاهي ، وذهبت الي باريس وتعلمت الفرنسية لتكمل دراستها ، وبدأت تقرأ وتطلع علي الاداب العالمية وتدرك معاني الحياة الجديدة ومعترك التفكير الحديث وشغلت هناك دورا رائعا في قول الشعر والتف المثقفون العرب من حولها ، وعملت علي شعر العباس بن الاحنف كثيرا وكتبت اطروحتها عنه بكل حب وإعجاب ، وبقيت طوال حياتها تذكره وتغني أبيات من شعره الجميل .. ورجعت الي بغداد لتغدو واحدة من مثقفاتها اللواتي برزن بابداعاتهن وقد شكلن ثقلا متنوعا في الساحة النسوية العربية في النصف الثاني من القرن العشرين .
كانت أيام حافلة فى عمر هذه الشاعرة التى شاركت فى العديد العديد من المحافل الادبية وقد مثلت فيها العراق بل والوطن العربى ثمثيلاً صادقاً بما عُرف عنها من أحاسيس صادقة بلغت بها الدروة فى كل ما لها من شعر فى الوطنيات فهى خير من كانت تُعربُ عن حبها لعروبتها , وحماسها لبطولات قومها
وإن طوت الايام فلن تطوى ملحمتها التى وحدت بها أُمتها العربية حتى قبل ولادة دُعاة الوِحدة ..فقد كان لها وقفة عز وهى تنشد بكل قوة واعتزاز :_
تمهل ـ ابيت اللعن ـ جرت علي القصد فليس لمثلي أن تقابل بالصد
بلادك ـ ان ترشد ـ بلادي وإنها عشيري وأحبابي وأنفس ما عندي
هواي بها ، ما حِدتُ عن حبها وحاشا لمثلي أن تَحيِدَ عن العهدِ
وكيف وقد ملكتها كل مهجتي وإني لاُخُفي في الهوي فوق ما اُبدي
هواي بها ، إني نذرت جوانحي إلي كل شبر في العروبةِ ممتد
اليكم ، الي الصحراء، للرمل ، للربي لموج الخليج الثَر ، للروح من نجد
لمكة ، للبطحاء ، للخيف من مني لسيناء ، للجولان، للقدس ، للخلد
الي كل عرق في العروبة نابض وكل فؤاد يذكر الله بالحمد
الي تونس ، او الجزائر ، للهوي بمغربنا الاقصي القريب علي البعد
يمينا لقد أحببتكم حب زاهد وأعنف أهواء المحبين في الزهد
كذلك كان للشعر القومي مساحة جيدة في دواوينها،وتأتي قضية فلسطين في الصدارة، ففي قصيدتها -سيروا إلى الحرب- تستثير نخوة العرب وحميتهم وحاستهم مذكرة إياهم بأمجادهم الغابرة:
آن الجهاد بساح المجد يا عرب فذي فلسطين تدعوكم وتنتحب
أليس عاراً علينا أن نفرّ وذي ديارنا في يد الشذّاذ تنتهــب
فهذا البيان حقاً, ولا من قول إلا_ سقى الله تلك الايام_ وتلك الاُمسيات بما كان يزخر فيها من عيون الادب وهو نِتاج التفاعل الذى كان يسود بين قمم الشعراء والكُتاب
وكا نت دُرة الجميع وبلا مُنازع الدكتورة عاتكة الخزرجى بما كانت تُلقيه فى تلك المحافل من شعر عذباً رقراقاً بإنغام ساحرة تأخدُ بالوجدان ,وغلب على سلاسل الذهب التى جادت بها فى آواخر كتاباتها
الشعور الصوفى الذى بات هو المَنحى أو السِمة الخزرجية ذات التميز الراقى فى مخاطبتها للرمز
سواءً كان الغائب الحاضر من الوطن وهو الحب الأكبر و تتوسع دوائر هذا العطاء الوجدانى لتشمل
كل المُحيط العربى , فكان هو نبض القلب عند شاعرتنا الآديبة الراحلة الباقية فى الوجدان.
وقد خلفت الدكتورة عاتكة الخزرجي أكثر من عشرة كتب ما بين شعر، وقصة، ومسرحية، ودراسة، وتحقيق،وطبع شعرها في مجموعة كاملة بلغت سبعة أجزاء عام 1986م.
ولعت حباً وشوقاً بكلِ حبة رمل فى العراق فما تركت موطناً إلا ونادته بأرق
وأعذب إسم وكانت لها معه وقفة سكبت فيها أبيات اللوعة والوجد الذى لا يُبارى , وعز عن الكتير الإتيان بمتله , فها هى الشاعرة المرهفة يحدوها الحنين الى رمز العراق الباقى الى النخلة وهى تتحدث عن حبّها للوطن الذي كان محور حديثها فقد تغزلت بحب العراق وقالت:
وطني العراق أحبهُ
أو تبلغ الروح التراقي
أهوى (النخيل) على الضفافِ
بحضنِ دجلة والسواقي
إن الشوق إلى الحبيب والوطن والأم ولا سيما في غربتها الباريسية،فلم تجد باريس بلد الحضارة والفتنة والجمال،بل رأتها صحراء قاحلة لم تعوضها عن مرأى العراق وفراته الساحر فتقول:
أواه لو تدرين كم ضـــا قت بها سبل الحيــاه
وبدت لها بنت الحضـــا رة وهي أقفر من فلاه
وتشوقت تبغي الفـــرا ت فلم تجد إلا صداه
ولنا عودة المشتاق للمزيد من شعرها مع ما تبقى من محطات خزرجية
إن يسر الله وقيض لنا (المُشجع والمُعين)
burai
لنا وقفة تقدير وترحُم و إكبار مع الدكتورة عاتكة وهبي الأمين الخزرجي
فقد رأيتُ من باب الوفاء والتقدير أن يكون لى شرف إفتتاح (كلمة تقدير ووفاء لشاعر)
وبإن تكون الإفتتاحية تحديداً من العراق ,من بغداد التي هزني شاعرها هلال ناجى زين الدين وهو يترنم فيها بالقول:_
إنْ غاب ذاك السنا بغدادُ عن أُفقنا
فاننا لم نزل نصوغ من وهْمنا
قلا ئداً من هوىً لجِيد بغدادنا
ولم يزل شوقنا يعبثُ فى جُنحنا
يا قِبلةً من شدىً وكعبةً من سنا
الليل مهما يطلْ فالفجرُ آتٍ لنا
ومع كل نبضة قلب نقول نعم وبإدن الله الفجر آتٍ ..آ تٍ..آتٍ
وبداية طيبة مع الحِكمة المأثورة
رفقاً بالقوارير... ومع المرأة العراقية التي ظلمها التأريخ!!
والتى كادت أن تُنسى , هذا ما هَتف بى هاتف الواجب . مما جعلنى أُبادر:
و بكل الوفاء والتقدير برفع السُجف عن الشاعرة القديرة الدكتورة عاتكة وهبى الخزرجى عليها رحمة الله , ويسعدنى بدايةً التعريف بها
فهى الدكتورة عاتكة وهبي الأمين الخزرجي المولودة في بغداد عام 1924 وهي شاعرة وكاتبة مسرحية وأستاذة جامعية عراقية معروفة.
بعد ولادتها بستة أشهر توفي والدها الذي ينتسب للخزرج،فربتها أمها أحسن تربية وأرضعتها الحنان العظيم وأدخلتها المدرسة،وأثناء تحصيلها للعلم انبجس نهر الشعر متدفقاً من قلبها،فخرج على لسانها شعراً عذباً رقراقاً بأنغام ساحرة، درست اللغة العربية بدار المعلمين العالية فنالت الليسانس في الآداب عام 1945 وصارت مدرسة للأدب العربي في ثانويات بغداد، وفي عام 1950 دخلت كلية الآداب في جامعة السوربون في باريس فنالت الدكتوراه في الآداب عام 1955 بأطروحة قدمتها عن الشاعر العباسي(العباس بن الأحنف).
وفي غربتها هذه عن بلدها وأمها وحبيبها إتسم شعرها بالواقعية،وعادت مدرسة في قسم اللغة العربية بدار المعلمين العالية، ثم أستاذة للأدب الحديث في كلية التربية بجامعة بغداد، وبقيت في عملها حتى أحيلت على التقاعد في أواخر الثمانينيات،ووافاها الأجل عام1988 عن أربعة وسبعين عاماً.
كتبت بل ولمعت وتفوقت على كل من كتب الشعر و ذلك فى السنوات المتقدمة
من عمر مجلة العربى الكويتية أو بالاحرى فى عصرها الذهبى أيام رئيس تحريرها المرحوم أحمد زكى .
وكيف لا وقد بدأت موهبتها الشعرية الخارقة منذ مراهقتها لتنافس مجنون ليلي لشوقي الذي عشقت شعره . لقد تعلمت في العراق الذي كان علي العهد الملكي يهتم بالمثقفين والمبدعين اهتماما لا يضاهي ، وذهبت الي باريس وتعلمت الفرنسية لتكمل دراستها ، وبدأت تقرأ وتطلع علي الاداب العالمية وتدرك معاني الحياة الجديدة ومعترك التفكير الحديث وشغلت هناك دورا رائعا في قول الشعر والتف المثقفون العرب من حولها ، وعملت علي شعر العباس بن الاحنف كثيرا وكتبت اطروحتها عنه بكل حب وإعجاب ، وبقيت طوال حياتها تذكره وتغني أبيات من شعره الجميل .. ورجعت الي بغداد لتغدو واحدة من مثقفاتها اللواتي برزن بابداعاتهن وقد شكلن ثقلا متنوعا في الساحة النسوية العربية في النصف الثاني من القرن العشرين .
كانت أيام حافلة فى عمر هذه الشاعرة التى شاركت فى العديد العديد من المحافل الادبية وقد مثلت فيها العراق بل والوطن العربى ثمثيلاً صادقاً بما عُرف عنها من أحاسيس صادقة بلغت بها الدروة فى كل ما لها من شعر فى الوطنيات فهى خير من كانت تُعربُ عن حبها لعروبتها , وحماسها لبطولات قومها
وإن طوت الايام فلن تطوى ملحمتها التى وحدت بها أُمتها العربية حتى قبل ولادة دُعاة الوِحدة ..فقد كان لها وقفة عز وهى تنشد بكل قوة واعتزاز :_
تمهل ـ ابيت اللعن ـ جرت علي القصد فليس لمثلي أن تقابل بالصد
بلادك ـ ان ترشد ـ بلادي وإنها عشيري وأحبابي وأنفس ما عندي
هواي بها ، ما حِدتُ عن حبها وحاشا لمثلي أن تَحيِدَ عن العهدِ
وكيف وقد ملكتها كل مهجتي وإني لاُخُفي في الهوي فوق ما اُبدي
هواي بها ، إني نذرت جوانحي إلي كل شبر في العروبةِ ممتد
اليكم ، الي الصحراء، للرمل ، للربي لموج الخليج الثَر ، للروح من نجد
لمكة ، للبطحاء ، للخيف من مني لسيناء ، للجولان، للقدس ، للخلد
الي كل عرق في العروبة نابض وكل فؤاد يذكر الله بالحمد
الي تونس ، او الجزائر ، للهوي بمغربنا الاقصي القريب علي البعد
يمينا لقد أحببتكم حب زاهد وأعنف أهواء المحبين في الزهد
كذلك كان للشعر القومي مساحة جيدة في دواوينها،وتأتي قضية فلسطين في الصدارة، ففي قصيدتها -سيروا إلى الحرب- تستثير نخوة العرب وحميتهم وحاستهم مذكرة إياهم بأمجادهم الغابرة:
آن الجهاد بساح المجد يا عرب فذي فلسطين تدعوكم وتنتحب
أليس عاراً علينا أن نفرّ وذي ديارنا في يد الشذّاذ تنتهــب
فهذا البيان حقاً, ولا من قول إلا_ سقى الله تلك الايام_ وتلك الاُمسيات بما كان يزخر فيها من عيون الادب وهو نِتاج التفاعل الذى كان يسود بين قمم الشعراء والكُتاب
وكا نت دُرة الجميع وبلا مُنازع الدكتورة عاتكة الخزرجى بما كانت تُلقيه فى تلك المحافل من شعر عذباً رقراقاً بإنغام ساحرة تأخدُ بالوجدان ,وغلب على سلاسل الذهب التى جادت بها فى آواخر كتاباتها
الشعور الصوفى الذى بات هو المَنحى أو السِمة الخزرجية ذات التميز الراقى فى مخاطبتها للرمز
سواءً كان الغائب الحاضر من الوطن وهو الحب الأكبر و تتوسع دوائر هذا العطاء الوجدانى لتشمل
كل المُحيط العربى , فكان هو نبض القلب عند شاعرتنا الآديبة الراحلة الباقية فى الوجدان.
وقد خلفت الدكتورة عاتكة الخزرجي أكثر من عشرة كتب ما بين شعر، وقصة، ومسرحية، ودراسة، وتحقيق،وطبع شعرها في مجموعة كاملة بلغت سبعة أجزاء عام 1986م.
ولعت حباً وشوقاً بكلِ حبة رمل فى العراق فما تركت موطناً إلا ونادته بأرق
وأعذب إسم وكانت لها معه وقفة سكبت فيها أبيات اللوعة والوجد الذى لا يُبارى , وعز عن الكتير الإتيان بمتله , فها هى الشاعرة المرهفة يحدوها الحنين الى رمز العراق الباقى الى النخلة وهى تتحدث عن حبّها للوطن الذي كان محور حديثها فقد تغزلت بحب العراق وقالت:
وطني العراق أحبهُ
أو تبلغ الروح التراقي
أهوى (النخيل) على الضفافِ
بحضنِ دجلة والسواقي
إن الشوق إلى الحبيب والوطن والأم ولا سيما في غربتها الباريسية،فلم تجد باريس بلد الحضارة والفتنة والجمال،بل رأتها صحراء قاحلة لم تعوضها عن مرأى العراق وفراته الساحر فتقول:
أواه لو تدرين كم ضـــا قت بها سبل الحيــاه
وبدت لها بنت الحضـــا رة وهي أقفر من فلاه
وتشوقت تبغي الفـــرا ت فلم تجد إلا صداه
ولنا عودة المشتاق للمزيد من شعرها مع ما تبقى من محطات خزرجية
إن يسر الله وقيض لنا (المُشجع والمُعين)
burai