تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جورج ثابت او جون فرنسوا او الميت الحي؟؟



من هناك
11-13-2006, 05:28 AM
[size=24:d9db3fb58f][color=blue:d9db3fb58f][align=center:d9db3fb58f] ترعرع بعيد ولادته في كنف عائلة في فرنسا.. "بعد تخلي والديه عنه"

جورج الثلاثيني يخوض حرباً على وثيقة وفاته
ولانتزاع اعتراف أهله "البيولوجيين" به
[/align:d9db3fb58f][/color:d9db3fb58f][/size:d9db3fb58f]

زينه يوسف

[color=red:d9db3fb58f]"أريد أن أصرخ إنني حي، فليعترفوا بجرمهم وليقولوا ان الطفل جورج تابت لم يمت وهو نفسه اليوم الشاب جان فرانسوا ابن الثلاثة والثلاثين عاماً".
[/color:d9db3fb58f]تسمع هذه العبارة، فتظن أنك لم تفهمها. ترددها في ذهنك لعلك تستوعب فظاعة القضية الإنسانية المطروحة أمامك، فيبادر Jean Francois جان فرنسوا اللبناني ـ الفرنسي الجنسي الى رواية قصة حياته منذ لحظة ولادته مع اعاقة في يده اليمنى وأخرى في رجله، وصولاً الى لقائه بأهله "البيولوجيين" ومعرفته أنه بعد مرور ثلاث سنوات على تبنيه من قبل عائلة فرنسية، أعلنت وفاته لدى السجل المدني اللبناني.

في الثامن والعشرين من أيار من العام 1973، ولد جورج تابت Georges Tabel "في مستشفى أبو جودة في جل الديب"، إلا أن والديه تخليا عنه بعد مرور خمسة أيام على ولادته، وتركوه في ملجأ مار منصور دي بول في الأشرفية. ومن الملجأ انتقل جان فرانسوا ا لى أحضان عائلة فرنسية حيث عاش وكبر ودرس القانون والمحاسبة والسكريتاريا، ليعمل الآن في احدى وزارات الدولة في فرنسا.

تحولت حياته من طفل مترك "غير مرغوب به"، الى شاب في الثالثة والثلاثين، [color=brown:d9db3fb58f]يريد أن يؤسس عائلة ويبحث عن حقيقة وجوده، وأسباب إعاقته التي لم تثنه عن إكمال مسيرة حياته رغم الآلام التي تسببت فيها ست عشرة عملية حيكت في رجله منذ أن كان في الثالثة والعشرين.[/color:d9db3fb58f]

"هناك قطعة ناقصة من ELLZUP، أريد إيجادها لإكمال بناء حياتي"، يقول جان فرنسوا الذي يزور لبنان للمرة الثانية بحثاً عمن يعترف به بعد زيارته الأولى في 17 أيار 2004. زيارته الأولى كانت "جبرية" فهو لم يحب وطنه الأم الذي لم يكن يمثل بالنسبة اليه سوى ذلك المكان الذي رمي فيه على الطريق، الا انها لم تنته كما بدأت بعدما عرفت الأم بسول "المرأة المثالية"، رئيسة ملجأ مار منصوردي بول حيث أمضى عشرة أشهر من عمره، كيف[color=red:d9db3fb58f] "تصالحه مع لبنان وشعبه".[/color:d9db3fb58f]

جان اليوم على علاقة وثيقة بأصدقاء لبنانيين، وأحدهم يعيش عنده في فرنسا حيث يكمل دراسته الجامعية [color=blue:d9db3fb58f]"أنا أحبه كثيراً، وأقول له دوماً يا ليت أهلك هم أهلي البيولوجيون، لكنت أنت أخي الحقيقي".[/color:d9db3fb58f]

في 28 أيار 2005 عاد الى لبنان، استقبله أصدقاؤه بعيدية مميزة على المطار. عاد هذه المرة مصمماً على إيجاد عائلته وفي حوزته بضع معلومات عنها رفض الافصاح عن مصدرها، رقم هاتف مجهول صاحبه، كان أول الخيط، وبعد الإتصال عرف أنها شقيقته البيولوجية من اسمها، ولما سألها "رفضت أن أسميها بتلك الصفة"، وأعطته موعداً في "مكتب ليس لها، لا ورقة فيه ولا قلم".

كان اللقاء قاسياً جداً بالنسبة الى جان الذي عرف، وبعد روايات عدة منها انه ميت. فكانت الصفعة المباشرة، جورج تابت المتوفى منذ ثلاثين عاماً، هو جان فرنسوا حي يرزق. كل ما يريده هو معرفة قصة وجوده وأسباب تركه.

فكانت وثيقة الوفاة التي حصل عليها لاحقاً سبباً لإصراره على رؤية والديه البيولوجيين وسماع تبريرهما.
[align=center:d9db3fb58f]
[color=red:d9db3fb58f][size=18:d9db3fb58f]في احد المطاعم، التقى جان فرنسوا والديه وشقيقته. أسئلة كثيرة طرحها، قوبلت "بصيغ متعصبة ومتعددة". حاول إفهامهم أنه لا يبحث عن عائلة، ولا يريد منهم سوى "هويته الحقيقة، والحقيقة كاملة"، الا أنه لم يحصل سوى "على الأكاذيب". [/size:d9db3fb58f][/color:d9db3fb58f][/align:d9db3fb58f]

لم يعد يعنيه أن يعرف سبب تخليهما عنه، فطلب شرحاً لوثيقة وفاته. "لو كنت بقيت في لبنان، لكان الأطباء قتلوك قال لي والدي البيولوجي على الرغم من انني قابلت الطبيب الذي أشرف على ولادتي وقال لي إن إعاقتي بسيطة وليس لها تداعيات".

في لحظة معينة سحبت الأم يد جان، قلبتها مراراً، تأملت أصابعه الثلاثة، نظرت في عينيه ثم التفتت الى زوجها وخاطبته بالفرنسية: "إنه ابني، لديه عيناي". بهذه الدقة يروي جان فرنسوا تفاصيل لقائه الأول بأبويه "البيولوجيين" والذي أصر على مناداتهما هكذا "إذ لا شيء يربطني بهما سوى ذلك".

ويكمل "في لحظة معينة سحبت تلك المرأة خاتماً من يدها وقدمته اليّ، رفضته بداية، إذ أنه ليس ما أريده منها، ثم مع إصرارها أخذته ونظرت في عيني والدي البيولوجي وكانت الدموع منهمرة منهما، بعدما كان بارداً صلباً طوال الوقت". وقف الوالد وانسحب، وبقي جان فرنسوا يفكر بسبب بكائه.

خلال اللقاء تعرف الى شقيقته الثانية "التي أبدت تأثراً وسروراً لرؤيته، وعبرت عن أمنيتها الدائمة بأن يكون لها أخ"، والتقى خالته أيضاً التي كانت تجالسها على طاولة قريبة. تأثر الأم وحزنها بدوا واضحين "للإبن الميت الحي" الذي عاد لمواجهة حقيقة وجوده.

لقاء استجوابي ثان، جمعه بالأم وأخواته الثلاث في غياب الوالد هذه المرة. "لقاء لم أخرج منه بنتيجة. أجوبة متضاربة على أسئلتي الكثيرة. أمي البيولوجية ألقت اللوم على جدتي لأبي البيولوجي التي حسبما تقول رفضت وجود طفل معوق في عائلة تابت وقررت أن يكون مصيري الملجأ".

منذ عام وجان فرنسوا يحاول الحصول على الحقيقة وسماع اعتذار أهله البيولوجيين على "الجرمين المعنوي والإجتماعي اللذين وقعا عليّ بسببهما". حاول مراسلة شقيقاته عبر الإنترنت إذ لا يملك عناوينهن ولا حتى أرقام هواتفهن. ارسل رسائل الى والديه. هاتف أمه وطلب التحدث الى "زوجها" عله يصل معه الى نتيجة، فما لقي منه الا "الصد والتأكيد على أن ضميره مرتاح". محاولات فاشلة أراد جان من خلالها الحصول على اعتذار واعتراف منهما بوجوده ليس إلا. [color=blue:d9db3fb58f]"لو كان حصل ما أردته لكنا ذهبنا كل في طريقه. فما معنى ذلك الآن إن فعلوه مرغمين؟".[/color:d9db3fb58f]

وثيقة الوفاة تلك، تقض مضجع جان فرنسوا الذي يحاول تخطي الصدمة، الا أنه ما زال مصمماً و"أكثر من الأول على استرجاع حقي الشرعي والطبيعي"، فهو لا يريد عائلة ولا مالاً "أنا أفخر بعائلتي الفرنسية المتواضعة، والديّ وإخوتي الثلاث"، ويؤكد أنه لن يتخلى عن والديه الفرنسيين "فهما ضحّيا بالكثير من أجلي".

[size=20:d9db3fb58f][color=red:d9db3fb58f][align=center:d9db3fb58f]"أنا لست وحشا" يقول، "حاولت مع أهلي البيولوجيين كثيراً، إلا أنني لم ألق منهم سوى الرفض والتهديد بالمواجهة حتى النهاية". وبحرقة يروي "قصدت المدافن في قريتي الأم، مع أني أخاف الموتى، بحثت كالمجنون عن قبر يحمل اسمي"، ثم يصمت ليتساءل من جديد: "هل اقترف جرماً إن صرخت عالياً بأنني حي؟".
[/align:d9db3fb58f][/color:d9db3fb58f][/size:d9db3fb58f]