Ghiath
07-24-2007, 05:43 PM
أردوغان.. يطيح بجنرالات العلمانية !
J. C. SANZ
ترجمة : إدريس الكنبوري
10/7/1428
24/07/2007
"بتحديه للعسكريين عندما رشّح لرئاسة الجمهورية شخصاً من مرجعية إسلامية حاول رئيس الوزراء تجاوز الحدود التي رسمها أتاتورك للدولة، واليوم سوف يثبت عن قدراته الحقيقية من خلال صناديق الاقتراع؛ لكي يعرف إلى أي حد يمكن أن تصل الإصلاحات التي يقترحها ".
هذه الكلمات لدبلوماسي أوروبي يعمل في أنقرة تحدد بوضوح مهارة رجل الحركة والإستراتيجي رجب طيب أردوغان الذي يبلغ من العمر اليوم (53) سنة.
مثلما يفعل قروي في الأناضول لكي يتأكد من عمق الوادي حتى يعرف كيف يعبره في فترات الفيضان، يستعد زعيم حزب العدالة والتنمية ليقود حكومة جديدة في أنقرة، ببرنامج يتضمن التفكيك الممنهج للدولة الشمولية والمركزية العلمانية في تركيا التي يبلغ عدد سكانها (75) مليون نسمة، 99% منهم من المسلمين.
وُلد أردوغان في بلدة " ريزة " على جانب البحر الأسود شمال تركيا ، وقضى حياته في أحياء إسطانبول التي هاجرت إليها أسرته. على ضفاف البوسفور الآهل بالسكان، أكبر أحواض المتوسط، تعلّم كيف يعيش كبائع لليمون في الشارع، قبل أن يبدأ في تلقي دروسه الأولى بأحد المساجد القرآنية التي تخرّج علماء الغد العاملين في المساجد، كما تخرّج أيضا الآلاف من التلاميذ الأذكياء والفقراء، كحالة الشاب أردوغان. بعدما تلقى تكويناً علمياً في جامعة اسطانبول بدأ العمل كاقتصادي في شركة للنقل. لكنه قبل ذلك كان قد بدأ مشواره السياسي على يد مؤسس الحركة الإسلامية التركية، نجم الدين أربكان، الذي هو اليوم منافسه في حزب السعادة الصغير الذي يدعو إلى نزعة وطنية إسلامية تقع ما بين تطبيق الشريعة الإسلامية وتقسيم المجتمع على الطريقة الموسولينية. انخرط أردوغان في حزب النظام الوطني لأربكان، مؤسسه، وتبعه بعد تأسيس حزب الرفاه لاحقا .
عندما بلغ أردوغان الأربعين من عمره انتخب عمدة لمدينة اسطنبول، وتزعّم التغيير الذي قام به حزب الرفاه بانتصاره الانتخابي في تشريعيات ديسمبر 1995، وبعد ذلك بفترة قصيرة أصبح الرئيس الأول للحكومة الإسلامية لتركيا الحديثة.
لكن حزب الرفاه تجاوز حدود الدولة الكمالية بسياسة التقريب التي اعتمدها بين إيران وليبيا، وبتسلل أتباع من حزبه الإسلامي إلى الأجهزة الإدارية للدولة، فوجّه الجنرالات رسالة لم يستطع رفض تلقيها ، واستقال عام 1997. وفي السنة الموالية كان على أردوغان أن يتخلّى عن السلطة إثر إدانته من قبل محكمة أمن الدولة(مؤسسة قضائية مكونة من مدنيين اثنين وعسكري واحد) بعشرة أشهر سجناً ومنعه من النشاط السياسي لمدة ست سنوات، أما جريمته فهي أنه قرأ في تجمع جماهيري بمدينة سرت، شرق البلاد حيث تنحدر زوجته، أبياتاً شعرية عثمانية قديمة ذات طابع حربي إسلامي منها: "قباب المساجد خوذنا والمآذن رماحنا".
بعدما أتم محكوميته بتهمة"التحريض على الكراهية الدينية" غادر السجن عام 1999 ، وأسس مع بعض الشباب الآخرين المعتدلين دينياً حزب العدالة والتنمية. وقد حقق الحزب انتصاراً باهراً في انتخابات عام 2002 بحصوله على 34% من الأصوات، أي حوالي ثلثي المقاعد، بسبب تراجع مصداقية الأحزاب العلمانية التقليدية التي تلاحقها فضائح الفساد، وكذا الأزمة الاقتصادية لعام 2001، حزب الشعب الجمهوري وحده استطاع أن يتجاوز عتبة 10% من الأصوات.
لكن زعيم الحزب لم يستطع إعلان نصره كنائب برلماني؛ لأن الحكم الصادر ضده كان سارياً، فكان على الرجل الثاني في الحزب، عبد الله غول، أن يتولى مهمة رئيس الوزراء ريثما يسترجع أردوغان أهليته السياسية من خلال قانون صادر عن البرلمان، حيث انتخب كنائب برلماني في انتخابات جزئية عن دائرة سرت عام 2003.
تولى أردوغان قيادة الحكومة عشية حرب الخليج التي أطاحت بنظام صدام حسين. وقد تبنى البرلمان التركي في عهده قرارا تاريخيا يمنع غزو العراق من الشمال عبر الأراضي التركية، ومنذ ذلك الوقت والعلاقات بين أنقرة وواشنطن لم تكف عن البرود. من ناحية أخرى شكلت مبادرته التفاوضية مع قبرص التي أثارت انتقادات حادة من قبل الجيش والدوائر القومية المتطرفة في تركيا، ورقة جيدة أمام الاتحاد الأوروبي لكي يحصل على الدعم في مشروع انضمام تركيا إلى الاتحاد، لكن بروكسل جمّدت المحادثات مع أنقرة بانتظار تشكيل الحكومة التركية الجديدة بعد إجراء الانتخابات.
لقد أظهر أردوغان طيلة ولايته السابقة أن حزبه ينهج خطاً إصلاحياً موالياً لأوروبا، وفق النموذج المحافظ والديموقراطي في الديموقراطية المسيحية الألمانية، لكن المسألة الدينية ظلت هي وجع الدماغ بالنسبة إليه في دولة علمانية، فمبادراته من أجل السماح للطلبة خريجي المدارس الدينية بالدخول إلى الجامعات اصطدمت بفيتو رئيس الجمهورية، الكمالي أحمد نجدت سيزار ، الذي سدّد للحكومة خلال السنوات الخمس الماضية العديد من الضربات. وقد كان تعيين رئيس جديد مكان سيزار بعد انتهاء ولايته في أبريل الماضي وراء إجراء الانتخابات الأخيرة. وقد رفضت المحكمة الدستورية مرشح أردوغان، عبد الله غول الذي سبق أن تخلى له عن موقعه كرئيس للوزراء قبل أربع سنوات. وجاء رفض المعارضة العلمانية دخول امرأة ترتدي الحجاب الإسلامي إلى قصر الرئاسة لكي يزيد من تعقيد المشكلة منذ الإطاحة بحكومة أربكان، ذلك أن زوجة غول وابنتيه يرتدين الحجاب الإسلامي، والأخيرتان تدرسان في الولايات المتحدة، بينما تمنع الجامعات التركية الطلبة من ارتداء الحجاب و"الرموز الدينية" !!
_____________
رابط المقال :
HTTP://WWW.ELPAIS.COM/ARTI...T_3/TES (http://www.elpais.com/ARTICULO/INTERNACIONAL/LIDER/LANZO/PULSO/EJERCITO/ELPEPUINT/20070723ELPEPIINT_3/TES)
J. C. SANZ
ترجمة : إدريس الكنبوري
10/7/1428
24/07/2007
"بتحديه للعسكريين عندما رشّح لرئاسة الجمهورية شخصاً من مرجعية إسلامية حاول رئيس الوزراء تجاوز الحدود التي رسمها أتاتورك للدولة، واليوم سوف يثبت عن قدراته الحقيقية من خلال صناديق الاقتراع؛ لكي يعرف إلى أي حد يمكن أن تصل الإصلاحات التي يقترحها ".
هذه الكلمات لدبلوماسي أوروبي يعمل في أنقرة تحدد بوضوح مهارة رجل الحركة والإستراتيجي رجب طيب أردوغان الذي يبلغ من العمر اليوم (53) سنة.
مثلما يفعل قروي في الأناضول لكي يتأكد من عمق الوادي حتى يعرف كيف يعبره في فترات الفيضان، يستعد زعيم حزب العدالة والتنمية ليقود حكومة جديدة في أنقرة، ببرنامج يتضمن التفكيك الممنهج للدولة الشمولية والمركزية العلمانية في تركيا التي يبلغ عدد سكانها (75) مليون نسمة، 99% منهم من المسلمين.
وُلد أردوغان في بلدة " ريزة " على جانب البحر الأسود شمال تركيا ، وقضى حياته في أحياء إسطانبول التي هاجرت إليها أسرته. على ضفاف البوسفور الآهل بالسكان، أكبر أحواض المتوسط، تعلّم كيف يعيش كبائع لليمون في الشارع، قبل أن يبدأ في تلقي دروسه الأولى بأحد المساجد القرآنية التي تخرّج علماء الغد العاملين في المساجد، كما تخرّج أيضا الآلاف من التلاميذ الأذكياء والفقراء، كحالة الشاب أردوغان. بعدما تلقى تكويناً علمياً في جامعة اسطانبول بدأ العمل كاقتصادي في شركة للنقل. لكنه قبل ذلك كان قد بدأ مشواره السياسي على يد مؤسس الحركة الإسلامية التركية، نجم الدين أربكان، الذي هو اليوم منافسه في حزب السعادة الصغير الذي يدعو إلى نزعة وطنية إسلامية تقع ما بين تطبيق الشريعة الإسلامية وتقسيم المجتمع على الطريقة الموسولينية. انخرط أردوغان في حزب النظام الوطني لأربكان، مؤسسه، وتبعه بعد تأسيس حزب الرفاه لاحقا .
عندما بلغ أردوغان الأربعين من عمره انتخب عمدة لمدينة اسطنبول، وتزعّم التغيير الذي قام به حزب الرفاه بانتصاره الانتخابي في تشريعيات ديسمبر 1995، وبعد ذلك بفترة قصيرة أصبح الرئيس الأول للحكومة الإسلامية لتركيا الحديثة.
لكن حزب الرفاه تجاوز حدود الدولة الكمالية بسياسة التقريب التي اعتمدها بين إيران وليبيا، وبتسلل أتباع من حزبه الإسلامي إلى الأجهزة الإدارية للدولة، فوجّه الجنرالات رسالة لم يستطع رفض تلقيها ، واستقال عام 1997. وفي السنة الموالية كان على أردوغان أن يتخلّى عن السلطة إثر إدانته من قبل محكمة أمن الدولة(مؤسسة قضائية مكونة من مدنيين اثنين وعسكري واحد) بعشرة أشهر سجناً ومنعه من النشاط السياسي لمدة ست سنوات، أما جريمته فهي أنه قرأ في تجمع جماهيري بمدينة سرت، شرق البلاد حيث تنحدر زوجته، أبياتاً شعرية عثمانية قديمة ذات طابع حربي إسلامي منها: "قباب المساجد خوذنا والمآذن رماحنا".
بعدما أتم محكوميته بتهمة"التحريض على الكراهية الدينية" غادر السجن عام 1999 ، وأسس مع بعض الشباب الآخرين المعتدلين دينياً حزب العدالة والتنمية. وقد حقق الحزب انتصاراً باهراً في انتخابات عام 2002 بحصوله على 34% من الأصوات، أي حوالي ثلثي المقاعد، بسبب تراجع مصداقية الأحزاب العلمانية التقليدية التي تلاحقها فضائح الفساد، وكذا الأزمة الاقتصادية لعام 2001، حزب الشعب الجمهوري وحده استطاع أن يتجاوز عتبة 10% من الأصوات.
لكن زعيم الحزب لم يستطع إعلان نصره كنائب برلماني؛ لأن الحكم الصادر ضده كان سارياً، فكان على الرجل الثاني في الحزب، عبد الله غول، أن يتولى مهمة رئيس الوزراء ريثما يسترجع أردوغان أهليته السياسية من خلال قانون صادر عن البرلمان، حيث انتخب كنائب برلماني في انتخابات جزئية عن دائرة سرت عام 2003.
تولى أردوغان قيادة الحكومة عشية حرب الخليج التي أطاحت بنظام صدام حسين. وقد تبنى البرلمان التركي في عهده قرارا تاريخيا يمنع غزو العراق من الشمال عبر الأراضي التركية، ومنذ ذلك الوقت والعلاقات بين أنقرة وواشنطن لم تكف عن البرود. من ناحية أخرى شكلت مبادرته التفاوضية مع قبرص التي أثارت انتقادات حادة من قبل الجيش والدوائر القومية المتطرفة في تركيا، ورقة جيدة أمام الاتحاد الأوروبي لكي يحصل على الدعم في مشروع انضمام تركيا إلى الاتحاد، لكن بروكسل جمّدت المحادثات مع أنقرة بانتظار تشكيل الحكومة التركية الجديدة بعد إجراء الانتخابات.
لقد أظهر أردوغان طيلة ولايته السابقة أن حزبه ينهج خطاً إصلاحياً موالياً لأوروبا، وفق النموذج المحافظ والديموقراطي في الديموقراطية المسيحية الألمانية، لكن المسألة الدينية ظلت هي وجع الدماغ بالنسبة إليه في دولة علمانية، فمبادراته من أجل السماح للطلبة خريجي المدارس الدينية بالدخول إلى الجامعات اصطدمت بفيتو رئيس الجمهورية، الكمالي أحمد نجدت سيزار ، الذي سدّد للحكومة خلال السنوات الخمس الماضية العديد من الضربات. وقد كان تعيين رئيس جديد مكان سيزار بعد انتهاء ولايته في أبريل الماضي وراء إجراء الانتخابات الأخيرة. وقد رفضت المحكمة الدستورية مرشح أردوغان، عبد الله غول الذي سبق أن تخلى له عن موقعه كرئيس للوزراء قبل أربع سنوات. وجاء رفض المعارضة العلمانية دخول امرأة ترتدي الحجاب الإسلامي إلى قصر الرئاسة لكي يزيد من تعقيد المشكلة منذ الإطاحة بحكومة أربكان، ذلك أن زوجة غول وابنتيه يرتدين الحجاب الإسلامي، والأخيرتان تدرسان في الولايات المتحدة، بينما تمنع الجامعات التركية الطلبة من ارتداء الحجاب و"الرموز الدينية" !!
_____________
رابط المقال :
HTTP://WWW.ELPAIS.COM/ARTI...T_3/TES (http://www.elpais.com/ARTICULO/INTERNACIONAL/LIDER/LANZO/PULSO/EJERCITO/ELPEPUINT/20070723ELPEPIINT_3/TES)