FreeMuslim
11-11-2007, 07:26 AM
إنها إرهاصات عودة دولة إسلامية كبرى
بقلم سعود بن عبد الله المعيقلي (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.authors&authorsID=660)
في يوم من أيام العرب، دفع الجيش العراقي بثلثي قواته المدرعة وثلاثة أرباع قواته الجوية وخُمس مشاته إلى أرض المعركة، دفاعا عن دمشق، التي وعد وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشي دايان بدخولها، فتجمع بناء على وعده لفيف من الصحافيين الأجانب انتظارا لوصول طلائع الجيش الإسرائيلي.
ذهب وعد دايان أدراج الرياح، ولم يصل الجيش الإسرائيلي إلى دمشق أبدا. كان الثمن باهظا، فقد خسر الجيش العراقي حوالي ألف جندي و30 طائرة حربية و110 دبابات وحوالي ألف آلية من مختلف المعدات العسكرية. لقد حالت بسالة الجيش العراقي دون دخول الصهاينة إلى عاصمة الخلافة الأموية، وعاد الصحافيون الأجانب بخفي حنين.
كان هذا أحد المشاهد البطولية في حرب أكتوبر 1973، التي تغيرت بعدها خطط وإستراتيجيات الغرب والصهاينة تجاه هذه المنطقة، فأصبح شغلهم الشاغل هو الحيلولة دون تكرار مشاهد التعاون والتلاحم العربي التي سادت في تلك الحرب.
اتجهت الأنظار الغربية والصهيونية إلى العراق وجيشه، فبلد كهذا يجب أن يُحتل كخطوة أولى في مخطط "الفوضى الخلاقة" الأمريكي، الذي يهدف إلى فك دول المنطقة وإعادة تركيبها، حسب ما تمليه المصالح الغربية والصهيونية المتجددة، لضمان السيطرة على النفط، ولقتل أي بارقة أمل تلوح بالأفق لتكرار أي شكل من أشكال التعاون والعمل العربي المشترك.
إذا، فمشروع تقسيم العراق الذي تقدم به الديمقراطيون وأقره الكونجرس الأمريكي، ليس بدعا من الخطط، وإنما هو جزء من مخطط تفتيت المنطقة. وبالتكيد، لن يختلف معي أحد إن قلت بأن الولايات المتحدة لم تتكبد كل هذه الخسائر، لتحافظ على وحدة العراق.
وأما كون من تقدم بهذا القرار هم الديمقراطيون، فليس إلا من قبيل توزيع الأدوار بين الحزبين الكبيرين. فالجمهوريون هم أصحاب قرار احتلال العراق، والديمقراطيون هم من سيتولى مهمة تقسيمه، فالكل يسير في نفس المخطط التفتيتي "الفوضى الخلاقة".
من هنا أستطيع القول بأن "استغراب" قرار التقسيم، واعتباره بأنه مجرد "خطأ" وقعت فيه الإدارة الأمريكية، هو من باب إحسان الظن بالمحتل، وتصديقه في حججه الواهية التي ساقها لتبرير احتلاله وتدميره لدولة عربية مسلمة ونهب خيراتها. والصحيح هو أن التقسيم هدف إستراتيجي، يهدف إلى جر المنطقة بأسرها إلى الفوضى وعدم الاستقرار.
يجب أن نعلم أن أي تقسيم لأي أرض عربية هو مصلحة صهيو أمريكية عليا. فمن مصلحة أمريكا وإسرائيل قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق، لأنها ستكون حليفا وثيقا لهم وعامل توتر وعدم استقرار لكل الدول المجاورة لها، كون هذه الدولة ستنشأ ومعها أحلام توسعية، فيما تعتبره حقوقا طبيعية للأكراد في كل الدول المجاورة لها، كسوريا وتركيا وإيران.
ورغم أن أكثر المتضررين من تنفيذ هذا القرار هم العرب، فإنهم أهون المعترضين عليه لدى الإدارة الأمريكية. ومن المؤسف أن ما يعطل تنفيذه حتى الآن هو إيجاد صيغة مناسبة له تجعله مقبولا لدى الأتراك. أما العرب، فأقصى ما يستطيعون فعله هو تأييد تركيا في موقفها المتشدد حيال قيام دولة كردية في شمال العراق.
بالتأكيد، لا نستطيع فصل التوتر الحادث حاليا في شمال العراق بين تركيا والأكراد عن قرار التقسيم الآنف الذكر، وإلا فاشتباكات حزب العمال الكردستاني مع الجيش التركي انطلاقا من شمال العراق ليست بالجديدة، وما التشدد التركي هذه المرة إلا تعبيرا عن التذمر من هذا القرار، إضافة إلى قرار آخر يعتبر مجازر الأرمن التي حدثت في تركيا عام 1915 إبادة جماعية.
ما يحدث في شمال العراق، يشكل حرجا سياسيا كبيرا بالنسبة للإدارة الأمريكية. يظهر ذلك في توسلاتها المتكررة للقيادة التركية بالتروي في العمل العسكري. لأنها تعلم أن أي تصرف خاطئ وغير محسوب منها تجاه تركيا، قد تنشأ عنه تحالفات جديدة، قد تقلب أوضاع المنطقة بأسرها وليس العراق فقط رأسا على عقب، في وقت تريد فيه تسخير كل طاقاتها وتحالفاتها لمواجهة إيران.
تركيا هي حليف إستراتيجي للولايات المتحدة وإسرائيل. وقد تنبهت كلا الدولتان لخطورة الدور الذي قد تلعبه مبكرا، فكان ضمها لحلف الناتو سنة 1952. ثم توقيعها على ثلاث اتفاقيات عسكرية مع إسرائيل، كان أولها سنة 1958. فتحولت تركيا بذلك من عمق إستراتيجي للعرب وجبهة خلفية ضد إسرائيل، إلى عامل حصار شمالي ضد العرب. لذا فإن هناك حرصا كبيرا من إسرائيل وأمريكا لإبقاء وضع تركيا الحالي كما هو عليه.
أما الأكراد، فهم أحد أقرب الحلفاء إلى الولايات المتحدة، فقد ساهموا بشكل فعال في إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين رحمه الله. كما تعول عليهم الإدارة الأمريكية كثيرا كي يكونوا عامل عدم استقرار في المنطقة في حال رحيلهم عنها.
إذا الولايات المتحدة أمام خيارين أحلاهما مر؛ فإما أن ترضي الأتراك على حساب الأكراد؛ وإما العكس. فإن أرضت الأتراك فإنها ستفقد الأكراد كحليف إستراتيجي وكعامل مؤثر في خططها المستقبلية في المنطقة.
وإن أرضت الأكراد على حساب الأتراك، فإن ذلك سيجعل تركيا على المدى القريب تيمم وجهها شطر ما تسميه أمريكا محور الشر، أي سوريا وإيران، كونهما يرفضان إقامة دولة كردية في شمال العراق أيضا.
أما على المدى البعيد، فقد يدفعها ذلك إلى إعادة حساباتها في مدى الفائدة التي تعود عليها من تحالفها الإستراتيجي مع الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة وأن الأمر قد وصل إلى حد تهديد أمنها القومي على يد الولايات المتحدة.
وهذا ما ظهر جليا في تصريحات أردوغان، عندما قال إن "الحزب المتمرد يختبئ وراء الحكومتين الأميركية والعراقية ويستخدم أسلحة أميركية ضد القوات التركية". كما اتهم أردوغان الكونغرس الأميركي "بإطلاق رصاصة" على العلاقات التركية الأمريكية، بتبنيه قرارا يصف مقتل الأرمن على يد العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، على أنه عملية إبادة، وقال: "ربما خسرت أمريكا صديقا مهما".
فهل تكون هذه الأحداث هي الإرهاصات الأولى لعودة تركيا للعب دورها الطبيعي كعمق إستراتيجي للعرب وجبهة خلفية ضد إسرائيل؟ ... هذا ما نتمناه نحن ... وما يخشاه بالضبط الصهاينة ومن خلفهم الولايات المتحدة ...
بقلم سعود بن عبد الله المعيقلي (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.authors&authorsID=660)
في يوم من أيام العرب، دفع الجيش العراقي بثلثي قواته المدرعة وثلاثة أرباع قواته الجوية وخُمس مشاته إلى أرض المعركة، دفاعا عن دمشق، التي وعد وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشي دايان بدخولها، فتجمع بناء على وعده لفيف من الصحافيين الأجانب انتظارا لوصول طلائع الجيش الإسرائيلي.
ذهب وعد دايان أدراج الرياح، ولم يصل الجيش الإسرائيلي إلى دمشق أبدا. كان الثمن باهظا، فقد خسر الجيش العراقي حوالي ألف جندي و30 طائرة حربية و110 دبابات وحوالي ألف آلية من مختلف المعدات العسكرية. لقد حالت بسالة الجيش العراقي دون دخول الصهاينة إلى عاصمة الخلافة الأموية، وعاد الصحافيون الأجانب بخفي حنين.
كان هذا أحد المشاهد البطولية في حرب أكتوبر 1973، التي تغيرت بعدها خطط وإستراتيجيات الغرب والصهاينة تجاه هذه المنطقة، فأصبح شغلهم الشاغل هو الحيلولة دون تكرار مشاهد التعاون والتلاحم العربي التي سادت في تلك الحرب.
اتجهت الأنظار الغربية والصهيونية إلى العراق وجيشه، فبلد كهذا يجب أن يُحتل كخطوة أولى في مخطط "الفوضى الخلاقة" الأمريكي، الذي يهدف إلى فك دول المنطقة وإعادة تركيبها، حسب ما تمليه المصالح الغربية والصهيونية المتجددة، لضمان السيطرة على النفط، ولقتل أي بارقة أمل تلوح بالأفق لتكرار أي شكل من أشكال التعاون والعمل العربي المشترك.
إذا، فمشروع تقسيم العراق الذي تقدم به الديمقراطيون وأقره الكونجرس الأمريكي، ليس بدعا من الخطط، وإنما هو جزء من مخطط تفتيت المنطقة. وبالتكيد، لن يختلف معي أحد إن قلت بأن الولايات المتحدة لم تتكبد كل هذه الخسائر، لتحافظ على وحدة العراق.
وأما كون من تقدم بهذا القرار هم الديمقراطيون، فليس إلا من قبيل توزيع الأدوار بين الحزبين الكبيرين. فالجمهوريون هم أصحاب قرار احتلال العراق، والديمقراطيون هم من سيتولى مهمة تقسيمه، فالكل يسير في نفس المخطط التفتيتي "الفوضى الخلاقة".
من هنا أستطيع القول بأن "استغراب" قرار التقسيم، واعتباره بأنه مجرد "خطأ" وقعت فيه الإدارة الأمريكية، هو من باب إحسان الظن بالمحتل، وتصديقه في حججه الواهية التي ساقها لتبرير احتلاله وتدميره لدولة عربية مسلمة ونهب خيراتها. والصحيح هو أن التقسيم هدف إستراتيجي، يهدف إلى جر المنطقة بأسرها إلى الفوضى وعدم الاستقرار.
يجب أن نعلم أن أي تقسيم لأي أرض عربية هو مصلحة صهيو أمريكية عليا. فمن مصلحة أمريكا وإسرائيل قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق، لأنها ستكون حليفا وثيقا لهم وعامل توتر وعدم استقرار لكل الدول المجاورة لها، كون هذه الدولة ستنشأ ومعها أحلام توسعية، فيما تعتبره حقوقا طبيعية للأكراد في كل الدول المجاورة لها، كسوريا وتركيا وإيران.
ورغم أن أكثر المتضررين من تنفيذ هذا القرار هم العرب، فإنهم أهون المعترضين عليه لدى الإدارة الأمريكية. ومن المؤسف أن ما يعطل تنفيذه حتى الآن هو إيجاد صيغة مناسبة له تجعله مقبولا لدى الأتراك. أما العرب، فأقصى ما يستطيعون فعله هو تأييد تركيا في موقفها المتشدد حيال قيام دولة كردية في شمال العراق.
بالتأكيد، لا نستطيع فصل التوتر الحادث حاليا في شمال العراق بين تركيا والأكراد عن قرار التقسيم الآنف الذكر، وإلا فاشتباكات حزب العمال الكردستاني مع الجيش التركي انطلاقا من شمال العراق ليست بالجديدة، وما التشدد التركي هذه المرة إلا تعبيرا عن التذمر من هذا القرار، إضافة إلى قرار آخر يعتبر مجازر الأرمن التي حدثت في تركيا عام 1915 إبادة جماعية.
ما يحدث في شمال العراق، يشكل حرجا سياسيا كبيرا بالنسبة للإدارة الأمريكية. يظهر ذلك في توسلاتها المتكررة للقيادة التركية بالتروي في العمل العسكري. لأنها تعلم أن أي تصرف خاطئ وغير محسوب منها تجاه تركيا، قد تنشأ عنه تحالفات جديدة، قد تقلب أوضاع المنطقة بأسرها وليس العراق فقط رأسا على عقب، في وقت تريد فيه تسخير كل طاقاتها وتحالفاتها لمواجهة إيران.
تركيا هي حليف إستراتيجي للولايات المتحدة وإسرائيل. وقد تنبهت كلا الدولتان لخطورة الدور الذي قد تلعبه مبكرا، فكان ضمها لحلف الناتو سنة 1952. ثم توقيعها على ثلاث اتفاقيات عسكرية مع إسرائيل، كان أولها سنة 1958. فتحولت تركيا بذلك من عمق إستراتيجي للعرب وجبهة خلفية ضد إسرائيل، إلى عامل حصار شمالي ضد العرب. لذا فإن هناك حرصا كبيرا من إسرائيل وأمريكا لإبقاء وضع تركيا الحالي كما هو عليه.
أما الأكراد، فهم أحد أقرب الحلفاء إلى الولايات المتحدة، فقد ساهموا بشكل فعال في إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين رحمه الله. كما تعول عليهم الإدارة الأمريكية كثيرا كي يكونوا عامل عدم استقرار في المنطقة في حال رحيلهم عنها.
إذا الولايات المتحدة أمام خيارين أحلاهما مر؛ فإما أن ترضي الأتراك على حساب الأكراد؛ وإما العكس. فإن أرضت الأتراك فإنها ستفقد الأكراد كحليف إستراتيجي وكعامل مؤثر في خططها المستقبلية في المنطقة.
وإن أرضت الأكراد على حساب الأتراك، فإن ذلك سيجعل تركيا على المدى القريب تيمم وجهها شطر ما تسميه أمريكا محور الشر، أي سوريا وإيران، كونهما يرفضان إقامة دولة كردية في شمال العراق أيضا.
أما على المدى البعيد، فقد يدفعها ذلك إلى إعادة حساباتها في مدى الفائدة التي تعود عليها من تحالفها الإستراتيجي مع الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة وأن الأمر قد وصل إلى حد تهديد أمنها القومي على يد الولايات المتحدة.
وهذا ما ظهر جليا في تصريحات أردوغان، عندما قال إن "الحزب المتمرد يختبئ وراء الحكومتين الأميركية والعراقية ويستخدم أسلحة أميركية ضد القوات التركية". كما اتهم أردوغان الكونغرس الأميركي "بإطلاق رصاصة" على العلاقات التركية الأمريكية، بتبنيه قرارا يصف مقتل الأرمن على يد العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، على أنه عملية إبادة، وقال: "ربما خسرت أمريكا صديقا مهما".
فهل تكون هذه الأحداث هي الإرهاصات الأولى لعودة تركيا للعب دورها الطبيعي كعمق إستراتيجي للعرب وجبهة خلفية ضد إسرائيل؟ ... هذا ما نتمناه نحن ... وما يخشاه بالضبط الصهاينة ومن خلفهم الولايات المتحدة ...