امرأة عربية تقود النضال دفاعاً عن الدعوة السلفية


د. عبدالمنعم إبراهيم الدسوقي الجميعي
المصدر: مجلة العرب، العدد 1، السنة 25، ص81-84


الباحث في تاريخ المرأة العربية دائماً يتجشم المشقة في بحثه، ويتعرض للعقبات الكأْداء التي لا يذللها إلا التنقيب في بطون الأسفار، سواء أكانت المطبوعة أم المخطوطة لعله يصل إلى حاجته.
وتاريخ غالية البقميّة[1] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn1) – تلك المرأة العربية التي خرجت في وقت المحن، تثير حَمِيَّة الرجال المدافعين عن وطنها، وتنفق الغالي والنفيس من أجل مواجهة قوات محمد علي الغازية لبلادها، لدرجة أنها كانت تثير الرعب والخوف بين صفوف هذه القوات عند سماعهم باسمها[2] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn2) – هذا التاريخ لهو جدير حقاً بالتعريف به، وإبراز دور صاحبته حتى يتعرف أبناء هذه الأمة حقيقة البطولات الضخمة والمواقف الحاسمة التي لم تقتصر على الرجال بل شملت النساء أيضاً.


وللتعريف بتلك السيدة نقول: إنها من عرب البقوم، من بادية ما بين الحجاز ونجد، كانت أرملة رجل من أثرياء البقوم، وأحد مشايخ سبيع[3] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn3) الذين كانوا أسبق أهل الحجاز إلى موالاة نجد، ومساندة للدعوة الإصلاحية التي قادها الشيخ محمد بن عبدالوهاب والذين كانت لهم مواقف معروفة في أثناء محاربة العثمانيين وقوات محمد علي للدعوة ورجالاتها[4] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn4).
وكانت غالية من سراة قومها أوتيت من الثروة حظاً كبيراً فكان لديها من الثروة ما يفوق ما لدى أسرة عربية في منطقتها، واشتهرت بالكرم حيث كان بيتها مقصداً للمحتاجين، فكانت توزع نقوداً ومؤناً على فقراء قبيلتها الذين كانوا على استعداد لقتال الغزاة الطامعين في بلادها. كما كان بَيْتُها مَلْجأً لكل رجالات الدعوة المخلصين الذين يعقد زعماؤهم مجالسهم في بيتها[5] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn5).
وكانت هذه السيدة سديدة الرأي نافذة البصيرة، على معرفة بأمور القبائل المحيطة بها.


وبالرغم من أن البقوم كان لهم زعيم رسمي اسمه ابن جرشان[6] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn6) فقد كان صوت (غالية) مسموعاً في كافة المجالس تشارك أبناء وطنها في تصريف الأمور، كما كان لها في معظم الأحوال الكلمة العليا والرأي المطاع[7] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn7) لدرجة أن بَالَغَ أبناءُ بلدتها في تقديرها فَنَعَتُوها بالأميرة[8] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn8)، كما بالغ الأعداءُ في التَّشْهير بها فوصفوها بالساحرة الذين أصبح قادة الدعوة بفضل وسائلها لا يغلبون[9] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn9).
وعن قصة بطولة هذه السيدة نقول: إن اسمها ذاع في معظم أنحاء الجزيرة العربية بعد أنْ أنفذ طوسون باشا جيشاً بقيادة مصطفى بك أحد قواده لمهاجمة رجالات الدعوة الذين اتخذوا من تُربة[10] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn10) معسكراً لهم، وأحاطوها بالخنادق[11] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn11) وشاركت هذه السيدة المدافعين في الدفاع عن بلدتها[12] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn12) وضَاعَفتْ من هِمَمِهِمْ وأثارتْ فيهم الحمية والحماسة[13] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn13) وألهبتْ فيهم روح الانتقام من الغزاة مما زاد من مخاوف الجنود الأتراك، وثَبْط من هممهم، وزادت من ثقة الأهالي بأنفسهم[14] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn14) وانْتَهى الأمر بهزيمة قوات مصطفى باشا وقتل معظم أفرادها، وارتداد الباقين منهم على أعقابهم[15] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn15) بعد أن تركوا مدافعهم وذخيرتهم[16] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn16).


ونتيجة لفشل هذه الحملة صمم محمد علي على قِيام قواته بهجوم آخر في ذي الحجة 1228هـ/ نوفمبر 1813م فأرسل ابنه طوسون على رأس قوة مؤلفة من ألفي جُنْدِيٍّ من أجل الاستيلاء على تربة[17] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn17)، وغسل عار الهزيمة التي لحقتْ بقواته ولكنه لم يتمكن من ذلك بل مُنِيَتْ قواتُه بأفدح الخسائر.
وعن هذه الواقعة نعرض لما ذكره بعض المؤرخين. يقول المؤرخ النجدي عثمان بن بشر: "أقبل طوسون ومن معه من العساكر والجموع، ونازلوا أهل بلدة تُرَبة وحاصروها نحو أربعة أيام، ونَصبوا على قُصورها المدافع والقنابر، ورموها رَمْياً كثيراً فلم يؤثر فيها شيئاً، وأنزل الله الرعب فيه وفي عساكره، ورحل عنها بعدما قتل من قومه قتلى كثيرة"[18] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn18).
ويقول المؤرخ المصري عبدالرحمن الجبرتي: "إن طوسون باشا وعابدين بك ركبوا بعساكرهم على ناحية تربة التي بها المرأة التي يقال لها غالية، فَوقَعتْ بينهم حروب ثمانية أيام ثم رجعوا منهزمين، ولم يظفروا بطائل"[19] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn19).


ويقول محمود فهمي المهندس: "ففي أوائل نوفمبر 1813م (ذي الحجة 1228هـ) سافر طوسون من الطائف ومعه ألفا نَفْسٍ، للغارة على تربة وأمر عساكره بالهجوم. وكان العرب محافظين على أسوار المدينة بشجاعة ومستبشرين بوجود (غالية) معهم وهي المقدمة عليهم فَصَدُّوا طوسون وعساكره، واضطر هؤلاء إلى ترك خيامهم وسلاحهم وقتل منهم في ارتدادهم نحو سبع مَئة نفس، ومات كثيرون جوعاً وعطشاً"[20] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn20).
أما عن الرحالة السويسري بوركهارت فيقول: "إن طوسون أمر جنوده بمهاجمة البلدة فَوْراً، ولكن العرب دافعوا عن أسوارها ببسالة تشجعهم جهود غالية"[21] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn21).
ولما أصدر طوسون أوامره بإعادة الهجوم على تربة مرة أخرى أعلن جنوده صراحة أنهم يرفُضون محاربة غالية كما أعربوا عن خشيتهم من الهزيمة مرة أخرى، وحثوه على الانسحاب إلى الطائف.
وخلال انسحاب قوات طوسون خرج البدو الذين شعروا بالوضع الحرج للقوات المهاجمة، وهاجموها بِعُنْفٍ، واستولوا على الممرات التي في طريقها لدرجة أن هذه القوات اضطرت في نهاية الأمر إلى الهرب تاركة أمْتِعَتَها وخيامها وأقواتها ومدافعها[22] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn22).
ونتيجة لذلك أَرسل طوسون إلى أبيه يطلب النجدة فاعتزم محمد علي أن يسير بنفسه إلى الحجاز لمتابعة القتَال، وكان أول ما فعله أن اعْتَقَل الشريف غالب أمير مكة لارتيابه في اخلاصه، وعهد إلى ابنه طوسون أن يتخذ من الطائف مقرًّا لقيادته.


وعلى كل حال فإنه نتيجة للهزائم المتكررة التي لحقت بقوات محمد علي في تربة أرسل زعماء هذه المنطقة برسالة إلى محمد علي يتهكمون عليه ومضمونها: إنَّ أعقل خطة له هو أن يعود إلى مصر، ويتمتع بِماء النيل، أما إذا رأى أن يعاود الكرة معهم مرة أخرى فينبغي عليه أن يأتي بجنود أفضل من أولئك الذين يقودهم الآن[23] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn23).
واستمر انتصارُ أهالي تُرَبة أَمام قوات محمد علي ماثلاً للعيان، وحافزاً لأهالي الجزيرة العربية على المقاومة والنضال حتى تمكنَتْ قواتُ محمد علي من الانْتصار في بِسْل[24] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn24) والوصول إلى تربة، ونتيجة لذلك لجأت (غالية) إلى البدو ولما كان محمد علي يطمع في القبض عليها وإرسالها إلى عاصمة الدولة العثمانية تذكاراً لانتصاره، فقد حاول إقناعها بالعودة إلى بلدتها، وبذل لها الوعود والأماني ولكنها لم تثق فيها عرض عليها من وعود[25] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftn25)، وظَلَّتْ بعيدة عن أنظار محمد علي وقواته.
ومما سبق يتّضِحُ أن غالية البقمية قد نجحت في إثارة الحمية والحماسة في أبناء وطنها حتى نجحوا في رَدَّ مطامع القوات الغازية لبلادها، ورَدَّ كيدها إلى نحورها. فقد خرجتْ في وقت المحنة تثير حمية الرجال، معرضة نفسها للموت، ولا سبيل أمامها سوى النّصر أو الشهادة، مستعذبة في ذلك كل المشاق والمتَاعب.
ــــــــــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref1) البقوم من القبائل العربية الكبيرة مقرها جبل حضن وأطرافه حتى تربة والخرمة وأصل البقوم من الأزد، وهم أهل قوة وبأس.
انظر. فؤاد حمزة: في بلاد عسير، القاهرة، دار الكتاب العربي 1951 ص26.
[2] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref2) جامعة الرياض: دراسات تاريخ الجزيرة العربية – مصادر تاريخ الجزيرة العربية جـ2، الرياض، مطابع جامعة الرياض 1399هـ/ 1979م ص460.
[3] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref3) بيير كرابيتيس: إبراهيم باشا – ترجمة محمد بدران – القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر 1937 ص21 – 22.
[4] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref4) عمر رضا كحالة: أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام، بيروت، الرسالة، الطبعة الخامسة 1404هـ/1984م، جـ4 (العرب: كيف يكون من البقوم وشيخاً لقبيلة سبيع؟!).
[5] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref5) جوهان لودفيج بوركهارت: مواد التاريخ الوهابيين – ترجمة د.عبدالله الصالح العثيمين، الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ/1985م ص141.
[6] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref6) نفسه.
[7] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref7) كرابيتيس: المرجع السابق ص22.
[8] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref8) خير الدين الزركلي: الأعلام – قاموس تراجم، المجلد الخامس بيروت، دار العلم للملايين ص115.
[9] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref9) بوركهارت: المرجع السابق ص141.
[10] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref10) على مسافة 80 ميلاً من الطائف، وتعتبر مفتاح نجد إلى الشرق واليمن إلى الجنوب.
[11] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref11) عبدالرحمن الرافعي: ((عصر محمد علي))، القاهرة، النهضة المصرية الطبعة الثالثة 1370هـ/1951م ص139.
[12] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref12) كرابيتيس: المرجع السابق ص21 – 22.
[13] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref13) عبدالرحمن زكي: ((التاريخ الحربي لعصر محمد علي))، القاهرة، دار المعارف 1950م ص50.
[14] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref14) بوركهارت: المرجع السابق ص141.
[15] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref15) للتفاصيل انظر، عبدالرحمن الجبرتي: ((عجائب الآثار في التراجم والأخبار)) جـ3، بيروت، دار الجبل، حوادث شهر صفر يوم الأحد 1229هـ ص447.
[16] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref16) الرافعي: المرجع السابق ص140.
[17] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref17) بوركهارت: المرجع السابق ص142.
[18] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref18) انظر ((عنوان المجد في تاريخ نجد)) جـ1، الرياض، الطبعة الثالثة 1385هـ ص201.
[19] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref19) الجبرتي: المصدر السابق جـ3 حوادث شهر جمادى الأولى 1299هـ ص453.
[20] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref20) انظر ((البحر الزاخر في تاريخ العالم وأخبار الأوائل والأواخر)) جـ1 ص183.
[21] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref21) بوركهارت: المرجع السابق ص142.
[22] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref22) نفسه.
[23] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref23) بوركهارت: المرجع السابق ص166.
[24] (http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=391#_ftnref24) تقع بين الطائف وتربةَ، وقد تمكنت قوات محمد علي من احتلالها في 28 من محرم 1230هـ الموافق 10 يناير 1815م وذلك بعد معركة عنيفة مع قوات الأمير فيصل بن سعود. لتفاصيل ذلك انظر، عبدالرحمن الرافعي: المرجع السابق ص112.
[25] بوركهارت: المرجع السابق ص176، ويذكر محمود فهمي المهندس أن محمد علي تكدر كثيراً من هرب غالية ونجاتها من يده لأنه في اشتياق زائد لإرسالها إلى القسطنطينية انظر ((البحر الزاخر)) وأيضاً مجلة ((العرب)) س15 رمضان شوال 1400هـ ص263.

رغم إنحياز المؤلف ضد الأتراك وإعتبارهم من الغزاة، لكنهم كانوا بقية من بقايا الدولة الإسلامية. هذه المرأة صورة اخرى من صور النجاح ما إن يلتزم الإنسان بعقيدة ما.

ولكن كيف تركوها تتجول بين الناس ولم يحكموا عليها بالإختلاط؟

أخي بلال ليس معناه ان لا ولد لها ولا اخ يسير معها او محرم لكن اسمها علا كل اسم من ذويها فكان اسمها الشمس الذي حجب كل نجم رحمها الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
حيا الله الأخوين العزيزين بلال وهنا الحقيقة
بالنسبة لمسألة الحجاب والاختلاط فلم يكن الأمر على ما هو عليه اليوم: إما الإفراط في التبرج والاختلاط دون حشمة واحترام، وإما التشدد في فرض الحجاب على المرأة والحجر عليها ومنعها من أن ترى أحدا او تسمع أحدا ، فهذه - وأقصد الحالة الثانية - ظاهرة مرضية ، وليس بالضرورة أن تكون مطابقة لتعاليم الدين .
فالحال في الماضي لم يكن كما هو عليه اليوم ، فالنساء المسلمات في عصر التنزيل كان لهن دورهن في الجهاد ، - وإن كان دورا تكميليا إلا أنه لم يكن هناك غنى عنه ، أقرأ دورهن على سبيل المثال يوم أحد ، أو يوم القادسية أو يوم اليرموك ، بل أن هناك من النساء من ركبن البحر مع جيش المسلمين ،
وفي يوم اليرموك تحديدا - وبالإضافة إلى دور النساء التقليدي - فقد كانت نساء المسلمين يمنعن الناس من الفرار من ساحة المعركة إمتثالا لأوامر خالد بن الوليد - وهناك شوهد أخرى كثيرة . وكل ذلك لم ينقص شيء من عفة المرأة ، فهذا هو الوضع الطبيعي ، لا سيما مع الالتزام بقاعدة غض البصر التي كان يلتزم بها المسلمون رجالا ونساء ، وهو ما يتعارض مع التزمت السائد - أحيانا - في زماننا هذا .

رحمها الله تعالى واسكنها فسيح جناته

هي مشهوره جداً عندنا


ملحوظه : ارجو تعديل العنوان اخي الكريم بارك الله بك
فهي غاليه البقمي او البقميه بما انها امرأه لا اشكال في ذلك

بالنسبة لشبهة الخروج على الدولة العثمانية
هذه الشبهة أثارها الحاقدون على الدعوة الوهابية ضدها وخاصة كتاب الرافضة ، من ضمن شبههم الكثيرة حولها والنابعة من حقدهم عليها لكونها تدعو إلى التوحيد الخالص لله وتنقية العقيدة مما علق بها عبر القرون الماضية من بدع وشركيات ما أنزل الله بها من سلطان ، - وهو ما يتناقض مع عقيدة الشيعة والرافضة والصوفية القبوريين.

ومع حبي الشديد لدولة الخلافة العثمانية وشعوري بالامتنان تجاهها واعترافي بفضلها في نشر الإسلام والدفاع عن ديار المسلمين أزاء الحملات الصليبية في العصر الحديث، وكذا مع عدم إضفاء طابع الكمال والعصمة على الدعوة الوهابية ، إلا ان الحق يجب ان يُقال ، وهو أن الدولة العثمانية في أوأخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين، إبّان انتشار دعوة وحركة الإمام المصلح المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كانت قد شاخت، ووصلت إلى طور الهرم، واصبح اعداؤها الأوربيون يطلقون عليها ( الرجل المريض الذي لا يرجى شفاؤه)، وكانت قد صارت دولة خلافة بالإسم فقط بينما أفعالها وحقيقتها كانت في واقع الأمر تتناقض مع هذه الصفة، فهي كانت حينئذ عاجزة عن حماية نفسها فضلا عن حماية ديار المسلمين، والدليل على ذلك هو أن حركة التوحيد ( الوهابية ) تزامنت مع احتلال الفرنسيين لمصر بقيادة نابليون بونارت عام 1798 - وحصار عكا الشهير الذي هزم نابليون تحت أسوارها هزيمة قاسية على يد أحمد باشا الجزار ودون أن تقدم الدولة العثمانية أي مساعدة تذكر لأنها كانت مشغولة بهمومها الداخلية وبالمؤامرات الداخلية والخارجية التي كانت تهددها وتعصف بها - ثم بعد ذلك احتلال الفرنسيين الوحشي الهمجي للجزائر ، بعد حوالي ثلاثين عاما ، وعجز العثمانيين عن مد يد العون للمجاهدين الجزاريين في حربهم للتصدي للغزاة الفرنسيين بقيادة المناضل الكبير عبد الجزائري رحمه الله، وأيضا تزامن انتشار الدعوة ( الوهابية ) مع احتلال الانجليز للهند الإسلامية، وأيضا احتلالهم لميناء عدن ومضيق باب المندب الاستراتيجي إضافة إلى اليمن وساحل البحر العربي وذلك في سنة 1839 - فضلا عن سقوط مناطق شاسعة في أقليم البلقان وتخلي الدولة العثمانية عن مناطق شاسعة في قارة أسيا الوسطى واحجامهم - أو بالأصح عجزهم - عن دعم ثورة الأمام شامل في الشيشان والقوقاز تلك الثورة التي كانت ترفع راية الإسلام ضد الصليبية الروسية القيصرية والتي انتهت بالفشل بعد أن مرغت الروس بالوحل نتيجة للخيانة وعدم وجود الدعم الإسلامي من خارج الحدود مثلها مثل ثورة الأمير عبد القادر الجزائري السالفة الذكر- وهذه كلها كانت ولايات عثمانية عجزت الدولة العثمانية عن حمايتها أو تخلت عنها طائعة أو مرغمة لصالح أعدائها وخصومها النصارى الذين تكالبوا عليها من الجهات الأربع ، بعد أن دب الضعف والوهن إلى جسمها وبعد أن تغلغلت المنظمات السرية الماسونية واليهودية الهدامة في أعماقها ، وبعد أن تحول الدين الإسلامي إلى قشور وأصبح الدرويش والصوفيين القبوريين ببدعهم وخزعبلاتهم وشركياتهم ، هم الممثلون له على الساحة الإسلامية .
فضلا عن ذلك فإن الحركة ( الوهابية ) لم تكن هي الدعوة الوحيدة في العالم الإسلامي الداعية إلى الإصلاح ، فهي كانت متزامنة مع الحركتين المهدية والسنوسية في السودان وليبيا ومع دعوة محمد بن اسماعيل الأمير الصنعاني في اليمن - وطبعا هذا مع الفارق في طبيعة الدعوة التي دعى إليها كل هؤلاء - فالدعوة الوهابية امتازت عن هذه الدعوات بخصائص جوهرية معروفة هي التي كفلت لها البقاء والاستمرار حتى اليوم ببالرغم من كل التحديات التي واجهتها ولا زالت تواجهه.
فدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية التوحيدية ، إذن بريئة من تهمة الخروج على الدولة العثمانية ، وهـذه آخر الانتقادات التي يمكن أن توجه إليها - وطبعا أنا لا أقدسها ولا أزعم لها العصمة وإنما أحسب علماء هذه الدعوة كذلك والله حسيبهم - لأن الدولة العثمانية في ذلك الوقت كانت في طور التفكك والانحلال ولم تكن قادرة على الاستمرار وكان يجب على العرب أن يدتيروا أمرهم وهذا هو الكلام الذي يقوله المحققون والمؤرخون المنصفون - بما فيهم المؤرخون والباحثون الأجانب - ولمن يريد أن يعرف أن اعداء الحركة الوهابية مغرضون ، يكفي أن ينظر إلى عقيدة هؤلاء أنفسهم، وما هم عليه.