أبو طه
10-09-2008, 07:45 PM
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1203758210647&pagename=Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1203758210647&pagename=Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout)
محمد أبو رمان (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1203758210647&pagename=Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout#***1)(كاتب أردني)
في المقاربة العامة بين حالة شبكة القاعدة اليوم وبين واقعها قبل أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) فإنّ المؤشرات الأوّلية تذهب إلى أنّ القاعدة حالياً أكثر صعوداً وأسرع انتشاراً، وتحظى بحضور في مناطق عديدة تمتد من أفغانستان إلى باكستان والعراق وصولاً إلى المغرب العربي. إلاّ أنّ القراءة الأدق تطرح أسئلة أكثر جدية وعمقاً حول مصير القاعدة ومستقبلها، وفيما إذا كان هذا «النجاح» مطّرداً أم أنه بين صعود وهبوط ومدٍّ وجزر؟... فالوجه الآخر من المشهد يقدم قراءة مختلفة تشير إلى تراجع التأييد الذي تحظى به القاعدة داخل العديد من المجتمعات العربية وإلى أزمات فكرية واستراتيجية تعصف بالشبكة.
ولعلّ المثال البارز على القراءة المغايرة يتمثل في حالة قاعدة العراق إذ يعاني نفوذها اليوم من انحسار كبير وعام من قبل المجتمع السني الذي شكّل حاضنة لها، كما تتراجع قدراتها بتسارع كبير بعد أن بسطت سيطرتها على العديد من المناطق السنية قبل سنوات، وأرادت من القوى الأخرى الدخول في بيعتها، ولا تنبيء الظروف الحالية عن عودة محتملة للقاعدة.
أمّا بعض النماذج الجديدة التي تُعدُّ دليلاً على انتشار ونمو القاعدة، بخاصة في المخيمات الفلسطينية في لبنان وفلسطين (فتح الإسلام، جيش الإسلام...) وفي المغرب العربي، فإنّ هذه النماذج، من وجه آخر، دليل جلي على غياب الرؤية الاستراتيجية والارتجال في الصراعات العسكرية والأمنية وضيق الأفق السياسي، والأهم من هذا وذاك انفضاض المجتمعات عنها وعدم القبول بها.
ربما المكان الوحيد الذي لا تزال تحظى به القاعدة بحضور وحاضنة اجتماعية هي المناطق الشمالية الغربية من باكستان المتاخمة للحدود الأفغانية، ولا يعود ذلك لشعبية القاعدة ذاتها، بل لقوة وتجذر ما يسمى «طالبان باكستان» بفعل الظروف السياسية والاقتصادية الحرجة التي تمرّ فيها باكستان خلال المرحلة الحالية. وربما يمثل إخفاق الأحزاب الإسلامية الباكستانية، المتعاطفة مع القاعدة، في الانتخابات التشريعية الباكستانية التي حدثت مؤخراً مؤشراً آخر على مستوى شعبية القاعدة، بخاصة بعد مقتل رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو على يد حلفاء للقاعدة في باكستان.
على صعيد آخر، فعلى الرغم من الوعود والتهديدات العديدة التي أطلقها زعماء تنظيم القاعدة، بخاصة ابن لادن والظواهري، ضد الإدارة الأميركية والدول الغربية، فإنّ القاعدة لم تستطع القيام بأية عملية نوعية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وبدلاً من ذلك لجأت إلى الأهداف «الرخوة» والناعمة التي يمكن بسهولة ضربها وتدميرها، وضحاياها في الغالب هم من المدنيين، كما حدث في تفجيرات النقل في مدريد ولندن أو تفجير المنتجعات السياحية في شرم الشيخ أو الفنادق في عمّان.
في المقابل فقد خسرت القاعدة حضورها في السعودية والكويت، واستنزفت رصيدها السابق من التأييد الشعبي أو الشباب المتعاطف معها والمؤمن بأفكارها، بسبب الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها هناك. الأزمة الأخرى التي تعاني منها القاعدة اليوم تتمثّل بالأزمة الفكرية في سياق حالة المراجعات العديدة التي تتم هنا وهناك من قبل قيادات وتنظيمات محسوبة على «السلفية الجهادية»، وهي التيار ذاته الذي تنتمي إليه القاعدة. ولعلّ كتاب الظواهري الأخير «التبرئة: رسالة في تبرئة أمة القلم والسيف من منقصة تهمة الخور والضعف» (بحدود 216 صفحة، والذي خصّ أغلبه للرد على وثيقة «ترشيد العمل الجهادي» لسيد إمام شريف أو الدكتور فضل، زعيم تنظيم الجهاد سابقاً)، هو أبرز الأدلة على خطورة المناظرة التي تدور داخل الأوساط المحيطة بالقاعدة.
وقد سبق كتاب شريف، الذي يقود جماعة الجهاد داخل السجون المصرية، المراجعات التي قامت بها الجماعة الإسلامية بمصر وأدت إلى إعلان تخلي الجماعة عن العنف ودخولها في مناظرات ومواجهات فكرية وإعلامية مع الخط الفكري والسياسي للقاعدة ومؤيديها.
يتضافر مع ما سبق من المراجعات، أو التراجعات، التي قام بها عدد من كتّاب القاعدة داخل السعودية ورجوع أعداد كبيرة من المعتقلين المؤيدين للقاعدة في اليمن، وتراجع كبير في دور التيار المؤيد للقاعدة في الأردن، مع إرهاصات لمراجعة يقوم به أبو محمد المقدسي، شيخ الزرقاوي وأحد أبرز منظري السلفية الجهادية في العالم، تنتقد العديد من أخطاء وزلات أنصار القاعدة، وإن لم يكن الرجل قد وصل إلى قناعات ومراجعات القيادات المصرية، إلاّ انّ ما قدّمه إلى الآن أحدث فتقاً ونقاشاً حادّاً داخل أنصار القاعدة.
لكن ما يدفع إلى طرح سؤال مستقبل القاعدة ونفوذها بصورة أكثر إلحاحاً من المؤشرات السابقة هو بروز ما يسمى محور الممانعة في المنطقة بقيادة إيران ومعها فصائل إسلامية شيعية وسنية تمتلك خطاباً استراتيجياً أكثر إقناعاً وحيوية من القاعدة ويقدمون مشروعاً سياسياً إقليمياً ما يؤهل هذا المحور اختطاف دور الممانعة الذي مارسته القاعدة سابقاً لضد السياسات الأميركية، وذلك في سياق الأزمة الحالية التي تعيشها القاعدة، مع فارق جوهري وكبير أنّ القاعدة تفتقد إلى أي مشروع استراتيجي بديل.
هذا لا يعني أنّ القاعدة ستنتهي أو تفقد كافة أوراقها، إنّما ستفقد جزءاً كبيراً من بريقها وحضورها لدى الشعوب العربية والمسلمة، والذي بُني على تناغم خطاب القاعدة وعملياتها مع «نزعة عداء الولايات المتحدة» في المنطقة، وعلى وقع أحداث الحادي عشر من أيلول. وسوف يعتمد نجاحها أو وجودها في المرحلة القادمة على مدى توافر شروط موضوعية محلية معينة (فوضى أو ضعف السلطة المركزية، حاضنة اجتماعية أو سياسية، شخصيات قيادية أو مفتاحية).
صحيح أنّ الظروف العامة (سياسياً واقتصادياً...) تدفع بشرائح من الشباب إلى التطرف الديني والسياسي وتؤدي إلى خلق مزاج عام محبط ناقم على الوضع القائم إلاّ أنّ «تجربة القاعدة» خلال السنوات الأخيرة، ما قبل أحداث سبتمبر وما بعدها، خلقت قناعة لدى نسبة كبيرة من المؤيدين لها سابقاً أنّ ضرر هذا الخطاب وتلك الممارسة أكبر بكثير من النتائج «الإيجابية» المتوقعة. وهو ما أدى إلى انفضاض شعبي عام عن القاعدة في العديد من المجتمعات.
محمد أبو رمان (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1203758210647&pagename=Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout#***1)(كاتب أردني)
في المقاربة العامة بين حالة شبكة القاعدة اليوم وبين واقعها قبل أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) فإنّ المؤشرات الأوّلية تذهب إلى أنّ القاعدة حالياً أكثر صعوداً وأسرع انتشاراً، وتحظى بحضور في مناطق عديدة تمتد من أفغانستان إلى باكستان والعراق وصولاً إلى المغرب العربي. إلاّ أنّ القراءة الأدق تطرح أسئلة أكثر جدية وعمقاً حول مصير القاعدة ومستقبلها، وفيما إذا كان هذا «النجاح» مطّرداً أم أنه بين صعود وهبوط ومدٍّ وجزر؟... فالوجه الآخر من المشهد يقدم قراءة مختلفة تشير إلى تراجع التأييد الذي تحظى به القاعدة داخل العديد من المجتمعات العربية وإلى أزمات فكرية واستراتيجية تعصف بالشبكة.
ولعلّ المثال البارز على القراءة المغايرة يتمثل في حالة قاعدة العراق إذ يعاني نفوذها اليوم من انحسار كبير وعام من قبل المجتمع السني الذي شكّل حاضنة لها، كما تتراجع قدراتها بتسارع كبير بعد أن بسطت سيطرتها على العديد من المناطق السنية قبل سنوات، وأرادت من القوى الأخرى الدخول في بيعتها، ولا تنبيء الظروف الحالية عن عودة محتملة للقاعدة.
أمّا بعض النماذج الجديدة التي تُعدُّ دليلاً على انتشار ونمو القاعدة، بخاصة في المخيمات الفلسطينية في لبنان وفلسطين (فتح الإسلام، جيش الإسلام...) وفي المغرب العربي، فإنّ هذه النماذج، من وجه آخر، دليل جلي على غياب الرؤية الاستراتيجية والارتجال في الصراعات العسكرية والأمنية وضيق الأفق السياسي، والأهم من هذا وذاك انفضاض المجتمعات عنها وعدم القبول بها.
ربما المكان الوحيد الذي لا تزال تحظى به القاعدة بحضور وحاضنة اجتماعية هي المناطق الشمالية الغربية من باكستان المتاخمة للحدود الأفغانية، ولا يعود ذلك لشعبية القاعدة ذاتها، بل لقوة وتجذر ما يسمى «طالبان باكستان» بفعل الظروف السياسية والاقتصادية الحرجة التي تمرّ فيها باكستان خلال المرحلة الحالية. وربما يمثل إخفاق الأحزاب الإسلامية الباكستانية، المتعاطفة مع القاعدة، في الانتخابات التشريعية الباكستانية التي حدثت مؤخراً مؤشراً آخر على مستوى شعبية القاعدة، بخاصة بعد مقتل رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو على يد حلفاء للقاعدة في باكستان.
على صعيد آخر، فعلى الرغم من الوعود والتهديدات العديدة التي أطلقها زعماء تنظيم القاعدة، بخاصة ابن لادن والظواهري، ضد الإدارة الأميركية والدول الغربية، فإنّ القاعدة لم تستطع القيام بأية عملية نوعية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وبدلاً من ذلك لجأت إلى الأهداف «الرخوة» والناعمة التي يمكن بسهولة ضربها وتدميرها، وضحاياها في الغالب هم من المدنيين، كما حدث في تفجيرات النقل في مدريد ولندن أو تفجير المنتجعات السياحية في شرم الشيخ أو الفنادق في عمّان.
في المقابل فقد خسرت القاعدة حضورها في السعودية والكويت، واستنزفت رصيدها السابق من التأييد الشعبي أو الشباب المتعاطف معها والمؤمن بأفكارها، بسبب الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها هناك. الأزمة الأخرى التي تعاني منها القاعدة اليوم تتمثّل بالأزمة الفكرية في سياق حالة المراجعات العديدة التي تتم هنا وهناك من قبل قيادات وتنظيمات محسوبة على «السلفية الجهادية»، وهي التيار ذاته الذي تنتمي إليه القاعدة. ولعلّ كتاب الظواهري الأخير «التبرئة: رسالة في تبرئة أمة القلم والسيف من منقصة تهمة الخور والضعف» (بحدود 216 صفحة، والذي خصّ أغلبه للرد على وثيقة «ترشيد العمل الجهادي» لسيد إمام شريف أو الدكتور فضل، زعيم تنظيم الجهاد سابقاً)، هو أبرز الأدلة على خطورة المناظرة التي تدور داخل الأوساط المحيطة بالقاعدة.
وقد سبق كتاب شريف، الذي يقود جماعة الجهاد داخل السجون المصرية، المراجعات التي قامت بها الجماعة الإسلامية بمصر وأدت إلى إعلان تخلي الجماعة عن العنف ودخولها في مناظرات ومواجهات فكرية وإعلامية مع الخط الفكري والسياسي للقاعدة ومؤيديها.
يتضافر مع ما سبق من المراجعات، أو التراجعات، التي قام بها عدد من كتّاب القاعدة داخل السعودية ورجوع أعداد كبيرة من المعتقلين المؤيدين للقاعدة في اليمن، وتراجع كبير في دور التيار المؤيد للقاعدة في الأردن، مع إرهاصات لمراجعة يقوم به أبو محمد المقدسي، شيخ الزرقاوي وأحد أبرز منظري السلفية الجهادية في العالم، تنتقد العديد من أخطاء وزلات أنصار القاعدة، وإن لم يكن الرجل قد وصل إلى قناعات ومراجعات القيادات المصرية، إلاّ انّ ما قدّمه إلى الآن أحدث فتقاً ونقاشاً حادّاً داخل أنصار القاعدة.
لكن ما يدفع إلى طرح سؤال مستقبل القاعدة ونفوذها بصورة أكثر إلحاحاً من المؤشرات السابقة هو بروز ما يسمى محور الممانعة في المنطقة بقيادة إيران ومعها فصائل إسلامية شيعية وسنية تمتلك خطاباً استراتيجياً أكثر إقناعاً وحيوية من القاعدة ويقدمون مشروعاً سياسياً إقليمياً ما يؤهل هذا المحور اختطاف دور الممانعة الذي مارسته القاعدة سابقاً لضد السياسات الأميركية، وذلك في سياق الأزمة الحالية التي تعيشها القاعدة، مع فارق جوهري وكبير أنّ القاعدة تفتقد إلى أي مشروع استراتيجي بديل.
هذا لا يعني أنّ القاعدة ستنتهي أو تفقد كافة أوراقها، إنّما ستفقد جزءاً كبيراً من بريقها وحضورها لدى الشعوب العربية والمسلمة، والذي بُني على تناغم خطاب القاعدة وعملياتها مع «نزعة عداء الولايات المتحدة» في المنطقة، وعلى وقع أحداث الحادي عشر من أيلول. وسوف يعتمد نجاحها أو وجودها في المرحلة القادمة على مدى توافر شروط موضوعية محلية معينة (فوضى أو ضعف السلطة المركزية، حاضنة اجتماعية أو سياسية، شخصيات قيادية أو مفتاحية).
صحيح أنّ الظروف العامة (سياسياً واقتصادياً...) تدفع بشرائح من الشباب إلى التطرف الديني والسياسي وتؤدي إلى خلق مزاج عام محبط ناقم على الوضع القائم إلاّ أنّ «تجربة القاعدة» خلال السنوات الأخيرة، ما قبل أحداث سبتمبر وما بعدها، خلقت قناعة لدى نسبة كبيرة من المؤيدين لها سابقاً أنّ ضرر هذا الخطاب وتلك الممارسة أكبر بكثير من النتائج «الإيجابية» المتوقعة. وهو ما أدى إلى انفضاض شعبي عام عن القاعدة في العديد من المجتمعات.