عزام
11-03-2008, 03:31 PM
من جديد خواطري النقدية
عزام
طرقاتنا العزيزة
لا ادري لم أتذكر قصة سندباد البحري حينما أقوم برحلتي اليومية من منزلي إلى مقر عملي في الجامعة .. لكن غالب الظن لأنه علي ان اقطع سبع بحور وسبع وديان في سبيل الوصول إلى مملكة الحسن والجمال كليتي العزيزة التي استقبلتني طالبا ثم أستاذا.. في بداية رحلتي الميمونة أودع أهلي وداع المفارق الذي قد لا يراهم من جديد ومن ثم استقل سيارتي العزيزة بعد ان امسح على نواصيها الشقراء المغبرة من مخلفات جيراني النجارين ومن ثم أتوكل على الله وأدعو دعاء السفر..
أتعجب كثيرا ممن ينتقد دولتنا الكريمة او بلديتنا الموقرة في موضوع الطرقات.. ذلك ان المواطن غشيم ولا يفهم للأسف ولا يقدر جهد الدولة في الترفيه عنه و إمتاعه والإنسان من طبيعته كفران النعمة ونكران الجميل.. في بلاد الغرب يدفع المغامرون آلافا مؤلفة من الدولارات حتى يتسنى لهم ان يعيشوا مغامرات حقيقية أما في لبنان فهذا الأمر مؤمن للكل ومجانا... تصوروا اني كنت مدمن ألعاب الكترونية ولكني توقفت عن اللعب بها مذ رأيت بأم العين الدولة الكريمة قد أمنت لي ما أجابه من مخاطر في ألعاب الحاسوب على ارض الواقع .. فهل بعد هذا كلام؟
يقول المفترون على سمعة لبنان ان الوضع في لبنان زفت وهذا كذب محض وافتراء صرف فطرقاتنا اكبر شاهد على ما أقول إذ لو كان الوضع زفتا فلم لا تزفت الطريق؟؟ ولكن هي أبواق السوء فحسب التي تنعق بما تسمع لأنها لا ترى ابعد من أنوفها.. جذور القصة تبتدأ يوم قررت شركة المياه ان تشق أخاديد جديدة في صدر البلد وتقوم بعمليات قلب مفتوح لإصلاح قساطل مياه مهترئة أكل عليها الدهر وشرب وتواصلت مع مجاري الصرف الصحي وتوطدت بينهما أواصر جيرة وصبحيات مشتركة ووحدة حال .. وخيرا فعلت الدولة لاهتمامها بصحتنا ولو اني بت امرض إذا شربت من المياه النظيفة بعد أن تعود جسمنا على المياه الملوثة. المهم وبلا طول سيرة.. كانت هذه الشركة تحفر ولا تردم فاشتكى الأهالي من منظر الطرقات واستشهدوا بالمثل لذي يقول "من طلع الحمار على المئذنة ينزله".. مما اضطر الشركة إلى إنزال الحمار ولكن بالدركبة من فوق لتحت فردموا الحفر كيفما اتفق "من قفا ايدهم" كما نقول بالعامية وملؤها بكل ما وقع تحت أيديهم من رمل وحصى وحجارة و أحذية و شراطيط (للأمانة ما في ولا حبة زفت او قطران او نيكوتين).
طبعا مهما وصفت لكم فلن أفي الدولة والبلدية وشركة المياه حقوقها وليس السماع كالمعاينة.. فقد تحولت طرقاتنا بعد هذه العملية إلى مجموعة حفر موصولة بأشلاء طرقات سابقة وصار عندنا خطوط طول وخطوط عرض في كل مكان تساعدنا في فهم جغرافية الأرض بعد أن كنا "مطلمسين" في صغرنا في فهم هذه الأمور.. لكن طبعا الحصى لا يطيب لها ان تستقر طويلا في الحفر التي ردمتها، فهي متحررة - كبنات هذه الأيام - وتحب أن تتنفس الهواء الطلق لذا تراها تلتصق بإطار كل سيارة تمر فوقها وكأنها فارسها الجميل الذي جاءها مخلصا على ظهر حصان ابيض، وتسرح من ثم في الشارع على حل شعرها.. فصار وضعنا كمن استنجد من الرمضاء بالنار ومن البعوض بالضفادع .. الحفر عادت إلى سابق عهدها والحصى ملأت الشوارع.. وكان الأمر ليهون لولا ان رمضان الكريم انتهى بخيراته وبركاته وتوقفت محلات بيع الألعاب عن بيع المفرقعات لأطفال الشارع الأبرياء الذين لم يجدوا من تسلية بديلة الا ان يتراشقوا بالحصى الموجودة على الطريق.. وكم من حجر طائش اخطأ مساره وهشم جمجمة مار بريء او كسر زجاج سيارة وجدت في المكان الخطأ وفي الزمان الخطأ..
لكن من المعيب علي أن أنكر سابق فضل الدولة علي فليست هذه التسالي مستجدة كلها .. لا أبدا ، متاعب الطرقات في لبنان تراث أصيل منذ أبصرت عيني النور.. فإضافة إلى الحفر هناك ضرتها المطبات محطمة قلوب الامورتيسيرات وقاصمة ظهور الاشكمونات .. فلكل حفرة مطب في المقابل.. والمطبات فيها كل الأحجام والمقاييس والألوان تماما مثل حفاضات البامبرز.. وتنتشر وتتكاثر كالأرانب لدرجة أن شارع ابن سينا في القبة تغير اسمه ليصبح في عرف الناس شارع المطبات..
ومما زاد الطين بلة حلول فصل الشتاء وتساقط الأمطار- وهنا اقصد العبارة بالمعنيين المجازي والفعلي في آن معا- فالأمطار حولت طرقاتنا إلى مستنقعات طينية وفي نفس الوقت زادت من متاعبنا ومغامراتنا.. فأصبح لدينا انهار جديدة وبرك وترعات ومستنقعات نشأت من تزاوج الحفر الجديدة مع غياب وسائل تصريف المياه.. لذا غرقت معالم الطريق تحت المياه كجزر الاطلنطيس فلم تعد تدري ماذا تخفي هذه البركة التي تعبرها : مطبا أم حفرة.. وكل ما عليك ان تقوم به هو ان تخاطر وتجرب بنفسك او تتنحى جانبا سامحا لأحد السذج أن يمر قبلك كي تسير على خطاه كما كان الإنكليز يزجون بالهنود أمامهم لتفجير الألغام المحتملة في الحروب العالمية.. والشاطر هو الذي يتعلم من كيس غيره..
وكي لا يساء الظن بدولتنا الكريمة وتتهم بأنها مادية في طريقة تعاملنا معنا.. أحب أن أؤكد أن التسالي لا تقتصر على هندسة الطرقات فقد اعتنت الدولة بوضع خلفية طبيعية لها أيضا. فنظرا لغياب مساحة واسعة تقام عليها حديقة حيوانات في طرابلس ارتأت بلدية القبة أن تحول المنطقة كلها لمحمية طبيعية تسرح فيها قطعان الماشية.. فليس غريبا أن تنتظر مثلا ربع ساعة حتى يخطر للآنسة بقرة (آنسة على سبيل الاحتياط كي لا تزعل مني وإلا فقد تكون مدام) أن تتجاوب مع زمامير سيارتك المبحوحة وتترك كومة النفايات التي تجترها وتتنحى بالتالي عن الطريق كي تدعك تمر.. كذلك ليس غريبا أن تقف ربع ساعة حتى يمر فيلق الأغنام كاملا أمامك مستعرضا كل رتبه العسكرية ومنتظما في طاعة عمياء لراع غير منظور.. أما الماعز فحدث ولا حرج فكثيرا ما تراها تتسلق أسقف السيارات في كراج الجامعة مؤكدة المثل الذي يقول من طلب العلى سهر الليالي ومن طلب أوراق الأشجار العالية تسلق السيارات.. وتبقى الحمير.. لم يحدث أن رأيت حميرا في المنطقة ولكن سائق التاكسي الذي اقلني حين تحشرجت أنفاس سيارتي يوما -بسبب تقاعسي عن تغيير البوجيهات- أكد لي هناك حميرا كثيرا في المنطقة وبعضهم يقود سيارات أيضا.. هذا على ذمة الراوي..
وأخيرا ليس آخرا أحب أن اذكر أن مدينتنا أصبحت –بلا فخر- المعقل الأول للإرهاب وهذا أمر لا يحتمل النقاش أبدا فقد أكده على التوالي كل من شقيقتنا وعمنا سام وأمنا الحنون فقد جمعهم –رغم عداوتهم- حب لبنان وحب مصلحة لبنان ومن الحب ما قتل.. وقبل سمعة الإرهاب كانت الحرب الضروس التي نشأت حين قررت المعارضة والموالاة في بلادي أن يخوضوا حربهم في طرابلس على أساس أن تحرير القدس يمر من هناك مما ترك طرقاتنا عرضة للقنص والمتفجرات ومع أن الحرب انتهت –استراحة محارب لا تفهموني غلط- إلا أن حواجز الجيش ما زالت تزين الطرقات .. لكم هو فريد من نوعه هذا الوطن هذا الذي ينشر جيشه بين أحياءه بدل أن ينشرها في حدوده؟؟ ولكم هو مميز حين يبني المتاريس حول دبابات جيشه؟؟ لكم هو ممتع أن ترى الدبابة التي تفتخر جيوش العالم بالتنافس بسرعتها وقدرتها على المناورة مسجونة بأكياس رمل كعصفور في قفص؟
لا يفوتني أن أنسى حواجز الدرك أيضا حيث أوقفني احدهم مرة ليؤنبني بابتسامة تحذيرية إلى ضرورة وضع حزام الأمان فذكرني بذلك الرجل الذي يحذر زوجته من مخاطر أشعة الميكروايف وهم لا يملكون إلا بابور كاز.. نسي شرطينا المسكين أن طرقاتنا آمنة لا مجال للسرعة فيها ونسي أن فضل الدولة سابق في هذه الأمور ولو انه كان منصفا لنصحني أن أزود سيارتي بكرسي قاذف كطائرات الاف 16 في حال كبت في حفرة عميقة يوما ما..
المهم وبلا طول سيرة ، الذاهب في مدينتنا من بيته إلى مقر عمله سيصادف مغامرة جديدة في كل يوم وسيحمد الله على سلامته حين عودته وسيستقبله أهله بالأحضان حين يعود ظافرا غانما إلى بيته حتى لو عاد بخفي حنين.. فهل بعد هذا من سعادة؟؟ لكم احزن حقا على سكان الدول الأخرى الذين يقومون كل يوم برحلة روتينية مملة من بيوتهم إلى مقر أعمالهم يرون فيها نفس الوجوه ونفس الطرقات ويكاد الوقت لا يمر معهم من الملل.. أتذكر هذا وتدمع عيناي فاحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
عزام
طرقاتنا العزيزة
لا ادري لم أتذكر قصة سندباد البحري حينما أقوم برحلتي اليومية من منزلي إلى مقر عملي في الجامعة .. لكن غالب الظن لأنه علي ان اقطع سبع بحور وسبع وديان في سبيل الوصول إلى مملكة الحسن والجمال كليتي العزيزة التي استقبلتني طالبا ثم أستاذا.. في بداية رحلتي الميمونة أودع أهلي وداع المفارق الذي قد لا يراهم من جديد ومن ثم استقل سيارتي العزيزة بعد ان امسح على نواصيها الشقراء المغبرة من مخلفات جيراني النجارين ومن ثم أتوكل على الله وأدعو دعاء السفر..
أتعجب كثيرا ممن ينتقد دولتنا الكريمة او بلديتنا الموقرة في موضوع الطرقات.. ذلك ان المواطن غشيم ولا يفهم للأسف ولا يقدر جهد الدولة في الترفيه عنه و إمتاعه والإنسان من طبيعته كفران النعمة ونكران الجميل.. في بلاد الغرب يدفع المغامرون آلافا مؤلفة من الدولارات حتى يتسنى لهم ان يعيشوا مغامرات حقيقية أما في لبنان فهذا الأمر مؤمن للكل ومجانا... تصوروا اني كنت مدمن ألعاب الكترونية ولكني توقفت عن اللعب بها مذ رأيت بأم العين الدولة الكريمة قد أمنت لي ما أجابه من مخاطر في ألعاب الحاسوب على ارض الواقع .. فهل بعد هذا كلام؟
يقول المفترون على سمعة لبنان ان الوضع في لبنان زفت وهذا كذب محض وافتراء صرف فطرقاتنا اكبر شاهد على ما أقول إذ لو كان الوضع زفتا فلم لا تزفت الطريق؟؟ ولكن هي أبواق السوء فحسب التي تنعق بما تسمع لأنها لا ترى ابعد من أنوفها.. جذور القصة تبتدأ يوم قررت شركة المياه ان تشق أخاديد جديدة في صدر البلد وتقوم بعمليات قلب مفتوح لإصلاح قساطل مياه مهترئة أكل عليها الدهر وشرب وتواصلت مع مجاري الصرف الصحي وتوطدت بينهما أواصر جيرة وصبحيات مشتركة ووحدة حال .. وخيرا فعلت الدولة لاهتمامها بصحتنا ولو اني بت امرض إذا شربت من المياه النظيفة بعد أن تعود جسمنا على المياه الملوثة. المهم وبلا طول سيرة.. كانت هذه الشركة تحفر ولا تردم فاشتكى الأهالي من منظر الطرقات واستشهدوا بالمثل لذي يقول "من طلع الحمار على المئذنة ينزله".. مما اضطر الشركة إلى إنزال الحمار ولكن بالدركبة من فوق لتحت فردموا الحفر كيفما اتفق "من قفا ايدهم" كما نقول بالعامية وملؤها بكل ما وقع تحت أيديهم من رمل وحصى وحجارة و أحذية و شراطيط (للأمانة ما في ولا حبة زفت او قطران او نيكوتين).
طبعا مهما وصفت لكم فلن أفي الدولة والبلدية وشركة المياه حقوقها وليس السماع كالمعاينة.. فقد تحولت طرقاتنا بعد هذه العملية إلى مجموعة حفر موصولة بأشلاء طرقات سابقة وصار عندنا خطوط طول وخطوط عرض في كل مكان تساعدنا في فهم جغرافية الأرض بعد أن كنا "مطلمسين" في صغرنا في فهم هذه الأمور.. لكن طبعا الحصى لا يطيب لها ان تستقر طويلا في الحفر التي ردمتها، فهي متحررة - كبنات هذه الأيام - وتحب أن تتنفس الهواء الطلق لذا تراها تلتصق بإطار كل سيارة تمر فوقها وكأنها فارسها الجميل الذي جاءها مخلصا على ظهر حصان ابيض، وتسرح من ثم في الشارع على حل شعرها.. فصار وضعنا كمن استنجد من الرمضاء بالنار ومن البعوض بالضفادع .. الحفر عادت إلى سابق عهدها والحصى ملأت الشوارع.. وكان الأمر ليهون لولا ان رمضان الكريم انتهى بخيراته وبركاته وتوقفت محلات بيع الألعاب عن بيع المفرقعات لأطفال الشارع الأبرياء الذين لم يجدوا من تسلية بديلة الا ان يتراشقوا بالحصى الموجودة على الطريق.. وكم من حجر طائش اخطأ مساره وهشم جمجمة مار بريء او كسر زجاج سيارة وجدت في المكان الخطأ وفي الزمان الخطأ..
لكن من المعيب علي أن أنكر سابق فضل الدولة علي فليست هذه التسالي مستجدة كلها .. لا أبدا ، متاعب الطرقات في لبنان تراث أصيل منذ أبصرت عيني النور.. فإضافة إلى الحفر هناك ضرتها المطبات محطمة قلوب الامورتيسيرات وقاصمة ظهور الاشكمونات .. فلكل حفرة مطب في المقابل.. والمطبات فيها كل الأحجام والمقاييس والألوان تماما مثل حفاضات البامبرز.. وتنتشر وتتكاثر كالأرانب لدرجة أن شارع ابن سينا في القبة تغير اسمه ليصبح في عرف الناس شارع المطبات..
ومما زاد الطين بلة حلول فصل الشتاء وتساقط الأمطار- وهنا اقصد العبارة بالمعنيين المجازي والفعلي في آن معا- فالأمطار حولت طرقاتنا إلى مستنقعات طينية وفي نفس الوقت زادت من متاعبنا ومغامراتنا.. فأصبح لدينا انهار جديدة وبرك وترعات ومستنقعات نشأت من تزاوج الحفر الجديدة مع غياب وسائل تصريف المياه.. لذا غرقت معالم الطريق تحت المياه كجزر الاطلنطيس فلم تعد تدري ماذا تخفي هذه البركة التي تعبرها : مطبا أم حفرة.. وكل ما عليك ان تقوم به هو ان تخاطر وتجرب بنفسك او تتنحى جانبا سامحا لأحد السذج أن يمر قبلك كي تسير على خطاه كما كان الإنكليز يزجون بالهنود أمامهم لتفجير الألغام المحتملة في الحروب العالمية.. والشاطر هو الذي يتعلم من كيس غيره..
وكي لا يساء الظن بدولتنا الكريمة وتتهم بأنها مادية في طريقة تعاملنا معنا.. أحب أن أؤكد أن التسالي لا تقتصر على هندسة الطرقات فقد اعتنت الدولة بوضع خلفية طبيعية لها أيضا. فنظرا لغياب مساحة واسعة تقام عليها حديقة حيوانات في طرابلس ارتأت بلدية القبة أن تحول المنطقة كلها لمحمية طبيعية تسرح فيها قطعان الماشية.. فليس غريبا أن تنتظر مثلا ربع ساعة حتى يخطر للآنسة بقرة (آنسة على سبيل الاحتياط كي لا تزعل مني وإلا فقد تكون مدام) أن تتجاوب مع زمامير سيارتك المبحوحة وتترك كومة النفايات التي تجترها وتتنحى بالتالي عن الطريق كي تدعك تمر.. كذلك ليس غريبا أن تقف ربع ساعة حتى يمر فيلق الأغنام كاملا أمامك مستعرضا كل رتبه العسكرية ومنتظما في طاعة عمياء لراع غير منظور.. أما الماعز فحدث ولا حرج فكثيرا ما تراها تتسلق أسقف السيارات في كراج الجامعة مؤكدة المثل الذي يقول من طلب العلى سهر الليالي ومن طلب أوراق الأشجار العالية تسلق السيارات.. وتبقى الحمير.. لم يحدث أن رأيت حميرا في المنطقة ولكن سائق التاكسي الذي اقلني حين تحشرجت أنفاس سيارتي يوما -بسبب تقاعسي عن تغيير البوجيهات- أكد لي هناك حميرا كثيرا في المنطقة وبعضهم يقود سيارات أيضا.. هذا على ذمة الراوي..
وأخيرا ليس آخرا أحب أن اذكر أن مدينتنا أصبحت –بلا فخر- المعقل الأول للإرهاب وهذا أمر لا يحتمل النقاش أبدا فقد أكده على التوالي كل من شقيقتنا وعمنا سام وأمنا الحنون فقد جمعهم –رغم عداوتهم- حب لبنان وحب مصلحة لبنان ومن الحب ما قتل.. وقبل سمعة الإرهاب كانت الحرب الضروس التي نشأت حين قررت المعارضة والموالاة في بلادي أن يخوضوا حربهم في طرابلس على أساس أن تحرير القدس يمر من هناك مما ترك طرقاتنا عرضة للقنص والمتفجرات ومع أن الحرب انتهت –استراحة محارب لا تفهموني غلط- إلا أن حواجز الجيش ما زالت تزين الطرقات .. لكم هو فريد من نوعه هذا الوطن هذا الذي ينشر جيشه بين أحياءه بدل أن ينشرها في حدوده؟؟ ولكم هو مميز حين يبني المتاريس حول دبابات جيشه؟؟ لكم هو ممتع أن ترى الدبابة التي تفتخر جيوش العالم بالتنافس بسرعتها وقدرتها على المناورة مسجونة بأكياس رمل كعصفور في قفص؟
لا يفوتني أن أنسى حواجز الدرك أيضا حيث أوقفني احدهم مرة ليؤنبني بابتسامة تحذيرية إلى ضرورة وضع حزام الأمان فذكرني بذلك الرجل الذي يحذر زوجته من مخاطر أشعة الميكروايف وهم لا يملكون إلا بابور كاز.. نسي شرطينا المسكين أن طرقاتنا آمنة لا مجال للسرعة فيها ونسي أن فضل الدولة سابق في هذه الأمور ولو انه كان منصفا لنصحني أن أزود سيارتي بكرسي قاذف كطائرات الاف 16 في حال كبت في حفرة عميقة يوما ما..
المهم وبلا طول سيرة ، الذاهب في مدينتنا من بيته إلى مقر عمله سيصادف مغامرة جديدة في كل يوم وسيحمد الله على سلامته حين عودته وسيستقبله أهله بالأحضان حين يعود ظافرا غانما إلى بيته حتى لو عاد بخفي حنين.. فهل بعد هذا من سعادة؟؟ لكم احزن حقا على سكان الدول الأخرى الذين يقومون كل يوم برحلة روتينية مملة من بيوتهم إلى مقر أعمالهم يرون فيها نفس الوجوه ونفس الطرقات ويكاد الوقت لا يمر معهم من الملل.. أتذكر هذا وتدمع عيناي فاحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه.