سـمـاح
11-22-2008, 02:08 PM
الإشاعة: خطرها و علاجها
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسوله الأمين و بعد فبين الحين و الأخر نسمع عن إشاعات تبث و تنشر و أكاذيب تبعث و ترسل.
هذه الإشاعات التي لها خطر عظيم و شرير كبير.
فكم دمرت من مجتمعات و هدمت من أسر، و فرقت بين أحبة.
كم أهدرت من أموال، و ضيعت من أوقات.
كم أحزنت من قلوب، و أولعت من أفئدة، و أورثت من حسرة.
و إذا أردت أن تعلم عظيم شرها، فانظر في حادثة الإفك: كيف أن النبي صلى الله عليه و سلم مكث شهرا كاملا وهو مهموم محزون، لا وحي ينزل يبين له حقيقة الأمر، و لا يعرف عن أهل بيته إلا الطهر و العفاف.
و لقد فتن كثير من المسلمين بنشر هذه الإشاعات و ترديدها دون نظر في النتائج، و دون نظر في الشرور الناتجة عنها.
لقد عالج الإسلام قضية الإشاعة عن طريق ثلاث نقاط:
أ- النقطة الأولى: التثبت.
ب- النقطة الثانية: الناقل للإشاعة من الفاسقين.
ت- النقطة الثالثة: التفكر في عواقب الإشاعة.
و قبل البدء في تفصيل هذه النقاط لابد من التنبيه على لأمر مهم جدا، ألا وهو : أن الله سبحانه و تعالى جعل العلاج لقضية الإشاعة من خلال الناقلين لها من المؤمنين أنفسهم دون التركيز على مصدر الإشاعة و ذلك لان مصدر الإشاعة قد يكون من أهل النفاق أو من الكفار أو من الأعداء، و هؤلاء لا حيلة معهم، فان من دأبهم نشر الإشاعة لإضعاف المسلمين.
نعم قد ورد تحذير للمسلمين أن يكذبوا الكذبة ثم يبثوها ( كما في حديث جابر بن سمرة عند البخاري).
لكن هذه الإشاعات ما كان لها أن تنتشر لو قابلها المؤمنون بالمنهج الرباني لتلقي الأخبار و تلقي الإشاعات.
و إليك تفصيل تلك النقاط:
أ - النقطة الأولى: التثبت:
يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ...) و في قراءة أخرى ( فتثبتوا ).
فأمر الله بالتبين و التثبت، لأنه لا يحل للمسلم أن يبث خبرا دون أن يكون متأكدا من صحته.
و التثبت له طرق كثيرة؛ فمنها :
أ- إرجاع الأمر لأهل الاختصاص:
يقول الله تعالى: ( و إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به و لو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ).
قال الشيخ السعدي: ( هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم غير اللائق ، و أنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة و المصالح العامة ؛ ما يتعلق بسرور المؤمنين أو الخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا و لا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر ، بل يردونه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم ؛ أهل الرأي و العلم و العقل الذين يعرفون المصالح و ضدها.
فإن رأوا في إذاعته مصلحة و نشاطا للمؤمنين و سرورا لهم و تحرزا من أعدائهم : فعلوا ذلك.
فان رأوا ليس من المصلحة أو فيه مصلحة و لكن مضرته تزيد على مصلحته لم يذيعوه ) ا. هـ فكم من إشاعة كان بالمكان تلافي شرها بسؤال أهل الاختصاص.
هذه الإشاعة الأخيرة التي انتشرت عن إدخال شمام به فيروس الايدز؛ ترى الواحد منا يرسل عشرات بل مئات الرسائل لهذه الإشاعات و لا يكلف نفسه أن يتصل على طبيب فيسأله: هل يمكن أن ينتقل هذا الفيروس به الطريقة ؟ لو أرجعنا هذه الإشاعة لولاة الأمر عبر الجهات المختصة لوجدنا عندها العلم بحال تلك الإشاعة.
ب- التفكر في محتوى الإشاعة:
إن كثير من المسلمين لا يفكر في مضمون الإشاعة الذي قد يحمل في طياته كذب تلك الإشاعة، بل تراه يستسلم لها و ينقاد لها و كأنها من المسلمات.
و لو أعطينا أنفسنا و لو للحظات في التفكر في تلك الإشاعات لما انتشرت إشاعة أبدا.
لقد بين الله حال المؤمنين الذين تكلموا في حادثة الإفك فقال سبحانه: ( إذ تلقونه بألسنتكم و تقولون بأفواهكم ما ليس به علم ).
انظر يا أخي:
( إذ تلقونه بألسنتكم ) أنه من البديهي أن الإنسان يتلقى الأخبار بسمعه لا بلسانه ، و لكن أولئك النفر من الصحابة لم يستعملوا التفكير، لم يمروا ذلك الخبر على عقولهم ليتدبرا فيه، بل قال الله عنهم أنهم يتلقون حادثة الإفك بألسنتهم ثم يتكلمون بها بأفواههم من شدة سرعتهم في نقل الخبر و عدم التفكر فيه.
و لو تفكر الصحابة قليلا لوجدوا أنه من أمحل المحال أن يكون في فراش أطهر الخلق شيء يعيبه، كيف يمكن أن تتهم زوجة أفضل البشرية الذي اصطفاه الله بتهمة الفاحشة؟ إن هذا لا يعقل أبدأ.
ب- النقطة الثانية: الناقل للإشاعة من الفاسقين.
في الآية السابقة يقول الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ...) فجعل الله من نقل الخبر دون تثبت من الفاسقين.
فمجرد نقل الأخبار دون التأكد من صحتها موجب للفسق؛ و ذلك لان هذه الأخبار ليس كلها صحيح، بل فيها الصحيح و الكاذب، فكان من نقل كل خبر و أشاعه؛ داخل في نقل الكذب، لذا جعله الله من الفاسقين.
و قد صرح النبي بذلك ففي صحيح مسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ).
فالمؤمن لابد له من الحذر في أن يكون عند الله من الفاسقين( الكاذبين ).
و كفى - و الله - بذلك كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب.
فالعاقل يعلم أنه ليس كل ما يسمع يقال.
و لا كل ما يعلم يصلح للإشاعة و النشر.
بل قد يكون الخبر صحيحا و لكن لا مصلحة في نشره أبدا، كما مر معنا في كلام الشيخ السعدي.
ث- النقطة الثالثة: التفكر في عواقب الإشاعة.
و عودة مرة ثالثة للآية السابقة في سورة الحجرات يقول الله تعالى: ( أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )
هلا تفكرت في نتائج الإشاعة.
هلا تدبرت في عواقبها.
اعلم أخي:
إن كل خسارة، كل هم و غم أصاب أخاك المسلم، كل أموال أهدرت بسبب إشاعتك التي نشرتها أو ساعدت في نشرها فلك نصيب من الإثم فيها.
هذه الإشاعة الأخيرة ( إشاعة فيروس الايدز في الشمام )
كم من الأموال خسر أصحاب الشركة.
كم من الهم أصابهم.
كل ريال أهدر، و كل فاكهة أتلفت، و كل خسارة حدثت فلك نصيب منها.
( فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)
و يظهر الندم في الدنيا لمن تفكر في عاقبة نشر الإشاعة، و يظهر في الآخرة للغافلين عندما يجدون الجبال من السيئات كتبت عليهم ( و تحسبونه هينا و هو عند الله عظيم )
فيا أخي:
( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا أن كنتم مؤمنين ).
أخوكم محمد الجابري
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسوله الأمين و بعد فبين الحين و الأخر نسمع عن إشاعات تبث و تنشر و أكاذيب تبعث و ترسل.
هذه الإشاعات التي لها خطر عظيم و شرير كبير.
فكم دمرت من مجتمعات و هدمت من أسر، و فرقت بين أحبة.
كم أهدرت من أموال، و ضيعت من أوقات.
كم أحزنت من قلوب، و أولعت من أفئدة، و أورثت من حسرة.
و إذا أردت أن تعلم عظيم شرها، فانظر في حادثة الإفك: كيف أن النبي صلى الله عليه و سلم مكث شهرا كاملا وهو مهموم محزون، لا وحي ينزل يبين له حقيقة الأمر، و لا يعرف عن أهل بيته إلا الطهر و العفاف.
و لقد فتن كثير من المسلمين بنشر هذه الإشاعات و ترديدها دون نظر في النتائج، و دون نظر في الشرور الناتجة عنها.
لقد عالج الإسلام قضية الإشاعة عن طريق ثلاث نقاط:
أ- النقطة الأولى: التثبت.
ب- النقطة الثانية: الناقل للإشاعة من الفاسقين.
ت- النقطة الثالثة: التفكر في عواقب الإشاعة.
و قبل البدء في تفصيل هذه النقاط لابد من التنبيه على لأمر مهم جدا، ألا وهو : أن الله سبحانه و تعالى جعل العلاج لقضية الإشاعة من خلال الناقلين لها من المؤمنين أنفسهم دون التركيز على مصدر الإشاعة و ذلك لان مصدر الإشاعة قد يكون من أهل النفاق أو من الكفار أو من الأعداء، و هؤلاء لا حيلة معهم، فان من دأبهم نشر الإشاعة لإضعاف المسلمين.
نعم قد ورد تحذير للمسلمين أن يكذبوا الكذبة ثم يبثوها ( كما في حديث جابر بن سمرة عند البخاري).
لكن هذه الإشاعات ما كان لها أن تنتشر لو قابلها المؤمنون بالمنهج الرباني لتلقي الأخبار و تلقي الإشاعات.
و إليك تفصيل تلك النقاط:
أ - النقطة الأولى: التثبت:
يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ...) و في قراءة أخرى ( فتثبتوا ).
فأمر الله بالتبين و التثبت، لأنه لا يحل للمسلم أن يبث خبرا دون أن يكون متأكدا من صحته.
و التثبت له طرق كثيرة؛ فمنها :
أ- إرجاع الأمر لأهل الاختصاص:
يقول الله تعالى: ( و إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به و لو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ).
قال الشيخ السعدي: ( هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم غير اللائق ، و أنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة و المصالح العامة ؛ ما يتعلق بسرور المؤمنين أو الخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا و لا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر ، بل يردونه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم ؛ أهل الرأي و العلم و العقل الذين يعرفون المصالح و ضدها.
فإن رأوا في إذاعته مصلحة و نشاطا للمؤمنين و سرورا لهم و تحرزا من أعدائهم : فعلوا ذلك.
فان رأوا ليس من المصلحة أو فيه مصلحة و لكن مضرته تزيد على مصلحته لم يذيعوه ) ا. هـ فكم من إشاعة كان بالمكان تلافي شرها بسؤال أهل الاختصاص.
هذه الإشاعة الأخيرة التي انتشرت عن إدخال شمام به فيروس الايدز؛ ترى الواحد منا يرسل عشرات بل مئات الرسائل لهذه الإشاعات و لا يكلف نفسه أن يتصل على طبيب فيسأله: هل يمكن أن ينتقل هذا الفيروس به الطريقة ؟ لو أرجعنا هذه الإشاعة لولاة الأمر عبر الجهات المختصة لوجدنا عندها العلم بحال تلك الإشاعة.
ب- التفكر في محتوى الإشاعة:
إن كثير من المسلمين لا يفكر في مضمون الإشاعة الذي قد يحمل في طياته كذب تلك الإشاعة، بل تراه يستسلم لها و ينقاد لها و كأنها من المسلمات.
و لو أعطينا أنفسنا و لو للحظات في التفكر في تلك الإشاعات لما انتشرت إشاعة أبدا.
لقد بين الله حال المؤمنين الذين تكلموا في حادثة الإفك فقال سبحانه: ( إذ تلقونه بألسنتكم و تقولون بأفواهكم ما ليس به علم ).
انظر يا أخي:
( إذ تلقونه بألسنتكم ) أنه من البديهي أن الإنسان يتلقى الأخبار بسمعه لا بلسانه ، و لكن أولئك النفر من الصحابة لم يستعملوا التفكير، لم يمروا ذلك الخبر على عقولهم ليتدبرا فيه، بل قال الله عنهم أنهم يتلقون حادثة الإفك بألسنتهم ثم يتكلمون بها بأفواههم من شدة سرعتهم في نقل الخبر و عدم التفكر فيه.
و لو تفكر الصحابة قليلا لوجدوا أنه من أمحل المحال أن يكون في فراش أطهر الخلق شيء يعيبه، كيف يمكن أن تتهم زوجة أفضل البشرية الذي اصطفاه الله بتهمة الفاحشة؟ إن هذا لا يعقل أبدأ.
ب- النقطة الثانية: الناقل للإشاعة من الفاسقين.
في الآية السابقة يقول الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ...) فجعل الله من نقل الخبر دون تثبت من الفاسقين.
فمجرد نقل الأخبار دون التأكد من صحتها موجب للفسق؛ و ذلك لان هذه الأخبار ليس كلها صحيح، بل فيها الصحيح و الكاذب، فكان من نقل كل خبر و أشاعه؛ داخل في نقل الكذب، لذا جعله الله من الفاسقين.
و قد صرح النبي بذلك ففي صحيح مسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ).
فالمؤمن لابد له من الحذر في أن يكون عند الله من الفاسقين( الكاذبين ).
و كفى - و الله - بذلك كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب.
فالعاقل يعلم أنه ليس كل ما يسمع يقال.
و لا كل ما يعلم يصلح للإشاعة و النشر.
بل قد يكون الخبر صحيحا و لكن لا مصلحة في نشره أبدا، كما مر معنا في كلام الشيخ السعدي.
ث- النقطة الثالثة: التفكر في عواقب الإشاعة.
و عودة مرة ثالثة للآية السابقة في سورة الحجرات يقول الله تعالى: ( أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )
هلا تفكرت في نتائج الإشاعة.
هلا تدبرت في عواقبها.
اعلم أخي:
إن كل خسارة، كل هم و غم أصاب أخاك المسلم، كل أموال أهدرت بسبب إشاعتك التي نشرتها أو ساعدت في نشرها فلك نصيب من الإثم فيها.
هذه الإشاعة الأخيرة ( إشاعة فيروس الايدز في الشمام )
كم من الأموال خسر أصحاب الشركة.
كم من الهم أصابهم.
كل ريال أهدر، و كل فاكهة أتلفت، و كل خسارة حدثت فلك نصيب منها.
( فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)
و يظهر الندم في الدنيا لمن تفكر في عاقبة نشر الإشاعة، و يظهر في الآخرة للغافلين عندما يجدون الجبال من السيئات كتبت عليهم ( و تحسبونه هينا و هو عند الله عظيم )
فيا أخي:
( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا أن كنتم مؤمنين ).
أخوكم محمد الجابري