منال
11-28-2008, 11:38 AM
القصة القصيرة بين الغاية والوسيلة
بقلم: أ. محمد علي البدوي
تحتل القصة القصيرة كلون أدبي ذائع الصيت موقعاً متميزاً على خارطة الأدب العالمي؛ إذ ينتشر أعلامها والناشئون في رحابها على طول العالم وعرضه، ولا تكاد تلم بمطبوعة أدبية أو صحيفة سيارة إلا وتجد بين طياتها قصة أو نقداً لقصة أو حديثاً يمتّ لها بصلة من قريب أو بعيد؛ فلماذا كل هـذا الاهتمـام بهــذه المساحــة الصغيرة مـن الأدب؟
لعل السر يكمن في السحر؛ سحر القصة وسيطرتها على النفس الإنسانية، إضافة إلى مقدرتها على الإمتاع والإقناع «الإمتاع: من خلال رؤاها الجمالية المختلفة، ومن خلال نزوعها التواق إلى التكامل مع الأجناس الأدبية الأخرى، والإقناع: من خلال مناقشة هموم الواقع، وطرح آمال الإنسان العادي الصغيرة». وإن كان مرجع ذلك كله إلى مقدرة الكاتب وإلمامه بأدوات وتقنيات القص «فالقصة في العصر الحديث تشهد رواجاً وازدهاراً؛ باعتباره العصر الذهبي لها، وباعتبارها فناً من فنون النثر التي لا تزال قادرة على مواكبة العصر».
لذا سارع الكثير من الكتاب على اختلاف مشاربهم، وتوجهاتهم إلى استخدام هذا الفن الأدبي كوسيلة من وسائل الترويج لأفكارهم، ومبادئهم على أرضية المشهد الثقافي؛ فالحداثيون وبعد أن قوضوا معالم الشعر العربي الأصيل معنى ومبنى يمموا أقلامهم قِبَل القصة، وأخذوا يجلبون عليها بخيلهم وخيالهم، ويبثون من خلالها سمومهم، حتى أضحت القصة الحداثية اليوم داعية فُحش وإثارة، بل شركاً يُخرِج صاحبه من الملة، خصوصاً إذا «ما عملت القصة على طمس معالم الإيمان بالله ـ عز وجل ـ في نفوس المسلمين، والنيل من الدين وأهله، وتكاد تكون هذه من الموضوعات الأثيرة لدى كثرة من كتاب القصة في البلدان العربية».
وإلى جانب الحداثيين قام الشهوانيون الذين ما انفكوا يتاجرون بالقصص الهابطة، ويمتهنون فن الإغراء؛ فقد جعلوا من القصة مطية ذلولاً لإشباع نهمهم وإمتاع غرائزهم على النحو الذي نجده في قصصهم التي تنضح بالثورة على الدين، والقيم، والأعراف، والتي استهوت فئاماً من المراهقين، لا سيما إذا ما يُقدَّم في صورة أفلام، ومشاهـد تدغــدغ الحــواس، وتنبـت الرذيلة في القلب كما ينبت المـاء البقـل.
وغير بعيد عن هؤلاء نجد الشيوعيين قد أفادوا من القصة في الترويج لبضاعتهم المزجاة، وتعاليمهم الحمراء؛ فقد كانت «قصة الأم لمكسيم جوركي أفضل في الدعوة إلى الفكر الشيوعي من كتابات (ماركس، ولينين، وتروتسكي) وغيرهم من الشيوعيين» «كما جعل بعض كتابهم القصة طريقاًَ للنيل من دين الله والسخرية منه، كما هو الحال عند الجزائري (الفرانكفوني) الهالك (كاتب ياسين) وسيئ الذكر البعثي (عبد الرحمن المنيف) وغيرهما».
ومن بين هذه القصص السوداء والقذارات الأدبية المتلاحقة التي تبعث على التقيؤ يبرز القصص الإسلامي كمَعْلَم جميل من معالم الأدب الناضج، ورافداً من روافد الدعوة الحقة، بما تخطه من إبداع، وما تقدمه من إمتاع في نفس القارئ، وإن كانت الأرض الأدبية المجدبة عطشى لمثل هذه التجارب الحية، والقصص المؤثرة. يقول الراحل الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا ـ رحمه الله ـ: «إذا كنا نريد التصدي لهذا الغزو الهائل من الفنون المنحرفة المدمرة التي تشيع الإباحية والانحلال بين الناس فلا يكون ذلك باستنكارها أو الإعراض عنها، ولا يتحقق ذلك بالصراخ والعويل، وإنما يكون بالعمل الإيجابي البنــاء؛ وذلك بأن نواجه الأدب الذي لا نريــد بالأدب الـذي نريـد».
بقلم: أ. محمد علي البدوي
تحتل القصة القصيرة كلون أدبي ذائع الصيت موقعاً متميزاً على خارطة الأدب العالمي؛ إذ ينتشر أعلامها والناشئون في رحابها على طول العالم وعرضه، ولا تكاد تلم بمطبوعة أدبية أو صحيفة سيارة إلا وتجد بين طياتها قصة أو نقداً لقصة أو حديثاً يمتّ لها بصلة من قريب أو بعيد؛ فلماذا كل هـذا الاهتمـام بهــذه المساحــة الصغيرة مـن الأدب؟
لعل السر يكمن في السحر؛ سحر القصة وسيطرتها على النفس الإنسانية، إضافة إلى مقدرتها على الإمتاع والإقناع «الإمتاع: من خلال رؤاها الجمالية المختلفة، ومن خلال نزوعها التواق إلى التكامل مع الأجناس الأدبية الأخرى، والإقناع: من خلال مناقشة هموم الواقع، وطرح آمال الإنسان العادي الصغيرة». وإن كان مرجع ذلك كله إلى مقدرة الكاتب وإلمامه بأدوات وتقنيات القص «فالقصة في العصر الحديث تشهد رواجاً وازدهاراً؛ باعتباره العصر الذهبي لها، وباعتبارها فناً من فنون النثر التي لا تزال قادرة على مواكبة العصر».
لذا سارع الكثير من الكتاب على اختلاف مشاربهم، وتوجهاتهم إلى استخدام هذا الفن الأدبي كوسيلة من وسائل الترويج لأفكارهم، ومبادئهم على أرضية المشهد الثقافي؛ فالحداثيون وبعد أن قوضوا معالم الشعر العربي الأصيل معنى ومبنى يمموا أقلامهم قِبَل القصة، وأخذوا يجلبون عليها بخيلهم وخيالهم، ويبثون من خلالها سمومهم، حتى أضحت القصة الحداثية اليوم داعية فُحش وإثارة، بل شركاً يُخرِج صاحبه من الملة، خصوصاً إذا «ما عملت القصة على طمس معالم الإيمان بالله ـ عز وجل ـ في نفوس المسلمين، والنيل من الدين وأهله، وتكاد تكون هذه من الموضوعات الأثيرة لدى كثرة من كتاب القصة في البلدان العربية».
وإلى جانب الحداثيين قام الشهوانيون الذين ما انفكوا يتاجرون بالقصص الهابطة، ويمتهنون فن الإغراء؛ فقد جعلوا من القصة مطية ذلولاً لإشباع نهمهم وإمتاع غرائزهم على النحو الذي نجده في قصصهم التي تنضح بالثورة على الدين، والقيم، والأعراف، والتي استهوت فئاماً من المراهقين، لا سيما إذا ما يُقدَّم في صورة أفلام، ومشاهـد تدغــدغ الحــواس، وتنبـت الرذيلة في القلب كما ينبت المـاء البقـل.
وغير بعيد عن هؤلاء نجد الشيوعيين قد أفادوا من القصة في الترويج لبضاعتهم المزجاة، وتعاليمهم الحمراء؛ فقد كانت «قصة الأم لمكسيم جوركي أفضل في الدعوة إلى الفكر الشيوعي من كتابات (ماركس، ولينين، وتروتسكي) وغيرهم من الشيوعيين» «كما جعل بعض كتابهم القصة طريقاًَ للنيل من دين الله والسخرية منه، كما هو الحال عند الجزائري (الفرانكفوني) الهالك (كاتب ياسين) وسيئ الذكر البعثي (عبد الرحمن المنيف) وغيرهما».
ومن بين هذه القصص السوداء والقذارات الأدبية المتلاحقة التي تبعث على التقيؤ يبرز القصص الإسلامي كمَعْلَم جميل من معالم الأدب الناضج، ورافداً من روافد الدعوة الحقة، بما تخطه من إبداع، وما تقدمه من إمتاع في نفس القارئ، وإن كانت الأرض الأدبية المجدبة عطشى لمثل هذه التجارب الحية، والقصص المؤثرة. يقول الراحل الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا ـ رحمه الله ـ: «إذا كنا نريد التصدي لهذا الغزو الهائل من الفنون المنحرفة المدمرة التي تشيع الإباحية والانحلال بين الناس فلا يكون ذلك باستنكارها أو الإعراض عنها، ولا يتحقق ذلك بالصراخ والعويل، وإنما يكون بالعمل الإيجابي البنــاء؛ وذلك بأن نواجه الأدب الذي لا نريــد بالأدب الـذي نريـد».