ابن القسّام
09-08-2009, 05:51 PM
بقلم / وسيم فتح الله
شمَّر المسلمون اليوم للاجتهاد في العبادة واغتنام فضيلة رمضان، والله نسأل أن يوفقنا جميعاً لذلك؛ ولسوف ينهمك الغيورون على صحة العبادة في تحري أركانها واجتناب مفسداتها، ومعلومٌ أن الصيام إمساكٌ مخصوص في وقت مخصوص بنية مخصوصة، ولست في معرض الحديث عن التفصيلات الفقهية، ولكن وددت أن أذكر نفسي وإخواني قبل الانهماك في مشاريعنا الرمضانية وتقسيم برامجنا اليومية إلى فترة إمساكٍ صباحي وفترة إسرافٍ مسائي إلى أن المسلمين في واقع الأمر اليوم ليسوا جسداً واحداً وليسوا دماً متكافئاً وليسوا على عبادةٍ واحدة، وحتى ندرك ذلك فلننظر إلى ما يفتقر صيامنا إليه ثم لنقارن ذلك بما يفتقر إليه صيام بعض إخواننا المسلمين اليوم؛ أما صيامنا فيحتاج منا أن نترقب فترة السحر لتحصيل بركة السحور -وربما ملء شيء من معداتنا– وصيامنا يحتاج إلى ترقب أذان الفجر لنكفّ عن الأكل والشرب ومعاشرة الزوجة، وصيامنا يحتاج نوماً طويلاً في النهار لنريح أمعاءنا من شدة الامتلاء، ويحتاج منا أن ننهمك في ساعة ما قبل المغرب في تحضير شتى أنواع المأكولات والمقبلات، ويحتاج ويحتاج ويحتاج، ثم إن صيامنا يحتاج أن نستفتي بين الحين والآخر عن حكم من نسي تبييت نية الصيام من الليل، وعن حكم من لم ينوِ لكل يوم على حدة، وعن حكم من أكل وشرب وهو ناسٍ، وعن حكم من استنشق شيئاً من الروائح العطرية الزكية، وعن حكم تذوق الزوجة للطعام حتى لا يقلب لها زوجها الدار جحيما، نعم نحتاج كل هذه الأشياء وغيرها كثير.
وأما صيام إخواننا الذين أحدثكم عنهم فلا يفتقر إلا إلى شيء واحد؛ تبييت نية صيام وعقد نية إفطار، وكفى!
نعم، إخواننا الذين يهلكون جوعاً ليسوا بحاجة إلى الإمساك عن الطعام
وإخواننا الذين يقضون عطاشى ليسوا بحاجة إلى الإمساك عن الشراب
وإخواننا الذين شُردت عوائلهم ليسوا بحاجة إلى الإمساك عن الجماع
وإخواننا الذين يعيشون في خيام اللاجئين ومستنقعات الطين ليسوا بحاجة للسؤال عن حكم استنشاق عطر أو بخور
وإخواننا الذين لا يجدون قوت يومهم ناهيك عن فضلة طعامٍ ينسون فيأكلونها ليسوا بحاجة للسؤال عن حكم من أكل ناسيا
وإخواننا الذين لا يملكون لتحقيق عبادة الصوم سوى تغيير النية ليسوا بحاجة للسؤال عن حكم من نسي النية، لا ليسوا بحاجة إلى ذلك البتة...
إن المسلمين في واقع الأمر اليوم ليسوا جسداً واحداً وليسوا دماً متكافئا، لا أقول ذلك معارضةً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ الله، وإنما أقوله لأنه حكمٌ كونيٌ مؤلم ، كما أن قوله صلى الله عليه وسلم حكمٌ شرعيٌ ملزم، أقوله لندرك كم نحن بعيدون عن حالة الرضا الشرعي التي أرادها لنا الله تعالى وعلّمنا إياها صلى الله عليه وسلم ، وأقوله لأنّ رمضان هذا العام لن يكون كالذي مضى، فقد مضت أيام إسلام الدرجة الأولى حيث كنت تجد من يأتي ليأخذ صدقاتك وزكواتك وفضلة حاجاتك ليوصلها نيابةً عنك إلى البائس الفقير، ومضت أيام كتابة شيك وإرساله إلى جمعية كذا ومؤسسة كذا، ومضت أيام التبرع برقم بطاقة الائتمان، فأي فعلٍ من هذا القبيل قد أضحى إرهاباً وإجراماً أو مساندةً لهما، فما العمل يا إخوان؟. لقد تأملت فلم أجد إلا مخرجاً من اثنين :
أما الأول فهو أن نقوم بأنفسنا لنبحث ونفتش عن هؤلاء، لنوصل لهم الطعام بأيدينا ونوصل لهم الصدقة بأيدينا ونقوم بمسح دمعة اليتيم بأيدينا، أن نقوم ونحمل الطعام و الشراب والملبس والمال ونبحث ونجد ونكدّ ونتعب حتى نجد مستحقّه فنؤديه إليه، نعم إنه إسلام من الدرجة السياحية، إسلام اخدم نفسك بنفسك، إنه في الحقيقة الإسلام كما يجب أن يكون! ابحث فلعل المحتاج جارٌ لك شغلتك كتابة الشيكات عن معرفته، وابحث فلعل المحتاج قريب لك شغلتك الدنيا عن صلته، ابحث فلعلك لا تجد أحداً فترحل وتسافر وتتنقل إلى أن تجد ضالتك ذلك الفقير البائس واعلم أنك حينذاك سوف تفرح فرحاً شديداً إي والله.
وأما المخرج الثاني فهو المسارعة في البحث عمّن يفتينا بجواز صرف الصدقة في مصارف غير مشبوهة كدعم حملة انتخابية أو ترشيح نائب برلماني أو ربما المساهمة في شبكة فضائية "إسلامية" أو غيره من مصالح المسلمين العامة التي يوافق عليها مجلس الأمن الدولي ولا يعارضها مركز النقد الدولي أو ربما يفتينا بجواز تأخير الزكاة – قياساً على جواز تعجيلها– إلى أن يأذن ولاة الأمر أو ربما تقوم دولة إسلامية في يوم ما فتعود شرعية الصدقة والزكاة وإغاثة الملهوف، ربما..
إخواني في الله، جاءنا شهر القرآن فماذا أعددنا له؟ وجاءنا خبر إخواننا فماذا أعددنا لهم؟ هلا اجتهدنا في تغيير حالنا ليتطابق واقع المسلمين مع أمر النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون تتكافأ دماؤهم، ومع المبدأ الإسلامي الذي أطلقه عمر بن الخطاب عام الرمادة: إذا جاع مسلمٌ فلا مال لأحد، هلا فعلنا ذلك!..
شمَّر المسلمون اليوم للاجتهاد في العبادة واغتنام فضيلة رمضان، والله نسأل أن يوفقنا جميعاً لذلك؛ ولسوف ينهمك الغيورون على صحة العبادة في تحري أركانها واجتناب مفسداتها، ومعلومٌ أن الصيام إمساكٌ مخصوص في وقت مخصوص بنية مخصوصة، ولست في معرض الحديث عن التفصيلات الفقهية، ولكن وددت أن أذكر نفسي وإخواني قبل الانهماك في مشاريعنا الرمضانية وتقسيم برامجنا اليومية إلى فترة إمساكٍ صباحي وفترة إسرافٍ مسائي إلى أن المسلمين في واقع الأمر اليوم ليسوا جسداً واحداً وليسوا دماً متكافئاً وليسوا على عبادةٍ واحدة، وحتى ندرك ذلك فلننظر إلى ما يفتقر صيامنا إليه ثم لنقارن ذلك بما يفتقر إليه صيام بعض إخواننا المسلمين اليوم؛ أما صيامنا فيحتاج منا أن نترقب فترة السحر لتحصيل بركة السحور -وربما ملء شيء من معداتنا– وصيامنا يحتاج إلى ترقب أذان الفجر لنكفّ عن الأكل والشرب ومعاشرة الزوجة، وصيامنا يحتاج نوماً طويلاً في النهار لنريح أمعاءنا من شدة الامتلاء، ويحتاج منا أن ننهمك في ساعة ما قبل المغرب في تحضير شتى أنواع المأكولات والمقبلات، ويحتاج ويحتاج ويحتاج، ثم إن صيامنا يحتاج أن نستفتي بين الحين والآخر عن حكم من نسي تبييت نية الصيام من الليل، وعن حكم من لم ينوِ لكل يوم على حدة، وعن حكم من أكل وشرب وهو ناسٍ، وعن حكم من استنشق شيئاً من الروائح العطرية الزكية، وعن حكم تذوق الزوجة للطعام حتى لا يقلب لها زوجها الدار جحيما، نعم نحتاج كل هذه الأشياء وغيرها كثير.
وأما صيام إخواننا الذين أحدثكم عنهم فلا يفتقر إلا إلى شيء واحد؛ تبييت نية صيام وعقد نية إفطار، وكفى!
نعم، إخواننا الذين يهلكون جوعاً ليسوا بحاجة إلى الإمساك عن الطعام
وإخواننا الذين يقضون عطاشى ليسوا بحاجة إلى الإمساك عن الشراب
وإخواننا الذين شُردت عوائلهم ليسوا بحاجة إلى الإمساك عن الجماع
وإخواننا الذين يعيشون في خيام اللاجئين ومستنقعات الطين ليسوا بحاجة للسؤال عن حكم استنشاق عطر أو بخور
وإخواننا الذين لا يجدون قوت يومهم ناهيك عن فضلة طعامٍ ينسون فيأكلونها ليسوا بحاجة للسؤال عن حكم من أكل ناسيا
وإخواننا الذين لا يملكون لتحقيق عبادة الصوم سوى تغيير النية ليسوا بحاجة للسؤال عن حكم من نسي النية، لا ليسوا بحاجة إلى ذلك البتة...
إن المسلمين في واقع الأمر اليوم ليسوا جسداً واحداً وليسوا دماً متكافئا، لا أقول ذلك معارضةً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ الله، وإنما أقوله لأنه حكمٌ كونيٌ مؤلم ، كما أن قوله صلى الله عليه وسلم حكمٌ شرعيٌ ملزم، أقوله لندرك كم نحن بعيدون عن حالة الرضا الشرعي التي أرادها لنا الله تعالى وعلّمنا إياها صلى الله عليه وسلم ، وأقوله لأنّ رمضان هذا العام لن يكون كالذي مضى، فقد مضت أيام إسلام الدرجة الأولى حيث كنت تجد من يأتي ليأخذ صدقاتك وزكواتك وفضلة حاجاتك ليوصلها نيابةً عنك إلى البائس الفقير، ومضت أيام كتابة شيك وإرساله إلى جمعية كذا ومؤسسة كذا، ومضت أيام التبرع برقم بطاقة الائتمان، فأي فعلٍ من هذا القبيل قد أضحى إرهاباً وإجراماً أو مساندةً لهما، فما العمل يا إخوان؟. لقد تأملت فلم أجد إلا مخرجاً من اثنين :
أما الأول فهو أن نقوم بأنفسنا لنبحث ونفتش عن هؤلاء، لنوصل لهم الطعام بأيدينا ونوصل لهم الصدقة بأيدينا ونقوم بمسح دمعة اليتيم بأيدينا، أن نقوم ونحمل الطعام و الشراب والملبس والمال ونبحث ونجد ونكدّ ونتعب حتى نجد مستحقّه فنؤديه إليه، نعم إنه إسلام من الدرجة السياحية، إسلام اخدم نفسك بنفسك، إنه في الحقيقة الإسلام كما يجب أن يكون! ابحث فلعل المحتاج جارٌ لك شغلتك كتابة الشيكات عن معرفته، وابحث فلعل المحتاج قريب لك شغلتك الدنيا عن صلته، ابحث فلعلك لا تجد أحداً فترحل وتسافر وتتنقل إلى أن تجد ضالتك ذلك الفقير البائس واعلم أنك حينذاك سوف تفرح فرحاً شديداً إي والله.
وأما المخرج الثاني فهو المسارعة في البحث عمّن يفتينا بجواز صرف الصدقة في مصارف غير مشبوهة كدعم حملة انتخابية أو ترشيح نائب برلماني أو ربما المساهمة في شبكة فضائية "إسلامية" أو غيره من مصالح المسلمين العامة التي يوافق عليها مجلس الأمن الدولي ولا يعارضها مركز النقد الدولي أو ربما يفتينا بجواز تأخير الزكاة – قياساً على جواز تعجيلها– إلى أن يأذن ولاة الأمر أو ربما تقوم دولة إسلامية في يوم ما فتعود شرعية الصدقة والزكاة وإغاثة الملهوف، ربما..
إخواني في الله، جاءنا شهر القرآن فماذا أعددنا له؟ وجاءنا خبر إخواننا فماذا أعددنا لهم؟ هلا اجتهدنا في تغيير حالنا ليتطابق واقع المسلمين مع أمر النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون تتكافأ دماؤهم، ومع المبدأ الإسلامي الذي أطلقه عمر بن الخطاب عام الرمادة: إذا جاع مسلمٌ فلا مال لأحد، هلا فعلنا ذلك!..