ابوخالد عبدالله
09-29-2009, 02:52 PM
المأزق الباكستاني : من حروب بوش إلى حروب أوباما…
المخاوف الباكستانية تتصاعد و تتنامى إزاء تعزيز الحضور العسكري الأميركي في باكستان تمثل ذلك بوضوح جلي خلال الأيام الماضية بسماح الحكومة الباكستانية بتوسيع السفارة الأميركية لمبانيها لتتسع كما يتردد لأحد عشر ألفا من قوات المارينز الأميركي الذين يشكلون فيلقا عسكريا أميركيا حقيقيا، لا تملكه باكستان نفسها في العاصمة كون قواتها متمركز في عاصمتها العسكرية راولبندي القريبة من إسلام آباد، وتسربت معلومات شبه يقينية عن فراغ شركة تركية تتولى مشاريع الإعمار في داخل السفارة من بناء 250 وحدة سكنية، إذ أن الميزانية المرصودة لتوسيع السفارة الأميركية بلغت حسب المعلن مليار دولار أميركي، ينضاف إليه شراء القنصلية الأميركية في بيشاور لمبنى فندق الكونتيننتال والانتقال من مبناها القديم إلى الجديد كونه أكثر أمنا …
بالتأكيد عبرت دول مثل الصين عن قلقها من توسيع السفارة الأميركية، لكن كالعادة القلق الصيني لا يعدو مجرد قلق، وفي ظل الثقة الشعبية المفقودة بين المواطنين و المسؤولين الباكستانيين تظل الإشاعات والحكايات المترددة في العاصمة هي الحقيقة، فقبل أيام أعلن الناطق باسم الخارجية الباكستانية أن مسألة توسيع السفارة غير مطروح، ليتبين بعد أيام معدودة فقط كذب تلك التصريحات، وكل من تابع يذكر تصريحات الرئيس السابق برفيز مشرف عن عدم سماحه للاختراقات الجوية الأميركية ليُتأكد لاحقا كذب ذلك أيضا، والآن تسري التقارير والشائعات عن وجود عناصر لشركة البلاك ووتر الأميركية في إسلام آباد والمدن الرئيسة والحكومة تنفي إلا أن بلدية إسلام آباد تتحدث عن استئجار أكثر من 400 منزل من قبل الأميركيين، ويتحدث الباكستانيون هذه الأيام عن انتشار دوريات أميركية بلباس مدني في بعض أحياء المدينة ، وبغض النظر عن صحة انتشار هذه الدوريات إلا أنه مرة أخرى فقدان الثقة بين الحكومة والمواطن يجعل الإشاعة حقيقة …
إصرار القادة العسكريين الأميركيين في أفغانستان على إرسال مزيد من القوات إلى هناك لضبط الوضع لصالح الغرب وإلا فإننا سنخسر أفغانستان حسب توصيف قائد القوات الأميركية هناك الجنرال ماكريستال، يقابله موقف معارض في واشنطن يمثله نائب الرئيس جو بايدن الذي زار المنطقة أخيرا ودعا إلى التعويض عن ذلك بتكثيف الضربات الجوية على مناطق القبائل الباكستانية كونها معقل ومأوى قادة القاعدة وطالبان أفغانستان قواد التمرد المسلح هناك،ويكتسي ذلك مصداقية في أميركا بعد تعهد وزراء دفاع المجتمع الأوربي بعدم إرسال مزيد من القوات وتصريحات قائد الناتو من أن الدول الأوربية بدأت تتهرب من أفغانستان، مما يجعل الأميركيين فقط وربما البريطانيين الوحيدين في الميدان العسكري ، مثل هذا الوضع يعني باكستانيا باختصار نقل المعركة ومسرح العمليات من أفغانستان إلى باكستان، وهو ما يستتبعه عودة حركة طالبان باكستان إلى سابق عهدها من الانتقام من الحكومة التي تسمح للأميركيين بالضربات الجوية ..
لعل هذا ما يفسر نصيحة القادة الباكستانيين وحتى السابقين منهم مثل الرئيس السابق برفيز مشرف إرسال مزيد من القوات والتعجيل بذلك لعلهم يضمنون مسألة تأجيل نقل المعركة البرية والمباشرة إلى أراضيهم، لكن الظاهر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما فقد شعبيته التي كان يتمتع بها لحظة وصوله إلى السلطة، بعد أن تراجع في قرارات وسياسات كثيرة إما لصالح رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو أو لصالح المؤسسة العسكرية الأميركية التي أثبتت أنها الحاكم الأول والأخير لأميركا إن كان على مستوى العمليات الحاصلة على الأرض أو من خلال اجتراح السياسات العامة، فقادة الحرب ووزير الدفاع هم الحاكمون الحقيقيون وما يقوم به الرئيس حقيقة وفعلا سوى خاتم لكل مطالبهم وقراراتهم بغض النظر عن مشروعه الانتخابي الذي جيء به إلى السلطة ..
التحضيرات النفسية والإعلامية المتواصلة بشأن نقل المعركة إلى باكستان لا تخلو منها صحيفة غربية أو تصريح مسئول غربي أيضا ففي الواشنطن بوست أخيرا نقلت عن مسئولين قولهم إن المخابرات الباكستانية هي التي توفر الدعم المادي للتمرد في أفغانستان رغم إنكار الحكومة الباكستانية لذلك، وترافق ذلك مع نقل الصنداي تايمز عن مصادر أميركية تحذيرها من أن غارات أميركية ستبدأ على كويتا في اقليم بلوشستان بناء على معلومات وردت لها عن وجود زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وزعيم حركة طالبان الملا محمد عمر هناك بحماية المخابرات الباكستانية، وبالتأكيد فإن مثل هذه الغارات في اقليم بلوشستان المضطرب والذي يمور بحركات انفصالية بلوشية سيزعزع ويضعضع الأمن القومي الباكستاني بشكل خطير، وهو ما يجعل كثيرا من الباكستانيين يرون مخاطر استمرار التعاون مع واشنطن في الحرب على ما يوصف بالإرهاب ..
إذاً على ضوء المعلومات السابقة وتغير السياسات الماضية لماذا سيقرر الأميركيون الانسحاب إلى باكستان وما الذي تعني باكستان لهم بالضبط، فوفقا لبعض المطلعين والديبلوماسيين المعنيين فإن الأميركيين يعنيهم أمران وعلى جناح السرعة في باكستان والمدن الرئيسة الأول ما يسربه الأميركيون هذه الأيام عن وجود زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في المدن الرئيسة وهو ما يبرر وجود وانتشار المارينز فيها من أجل القبض عليه وتقديمه قربانا لانتصارهم للشعب الأميركي، والثاني هو السيطرة والتحكم بالسلاح النووي الباكستاني وهو ما يفسره استئجار أكثر من أربعمائة بيت في إسلام آباد للانقضاض في لحظة ووقت معين محدد على المواقع والمراكز التي رصدوها من قبل والتي لها علاقة بالنووي الباكستاني …
التوجه العام الغربي أنهم فقدوا أفغانستان وأجراس الفشل بدأت تُقرع هناك، وقضية عودة حركة طالبان الأفغانية ثم القاعدة للنشاط في أفغانستان أصبحت في حكم الواقع ومسألة منعه وصده ليس بالسهل والممكن ،وبالتالي على ضوء هذا الواقع الغربي المرير لا بد من وجهة النظر الغربية الخروج بأقل الخسائر، وأقل الخسائر الآن هو تفكيك قدرات باكستان وعلى رأسها القوة النووية لتفادي وقوعها كما يصورون بأيدي أعداء واشنطن، رغم أن الغربيين يشهدون بشكل دائم أن المؤسسة العسكرية الباكستانية من أكثر المؤسسات العسكرية الدولية المشهود لها بالضبط والالتزام ، وبالتالي فمسألة فقدان الجيش لهذا الرصيد الاستراتيجي مستحيل في ظل الحماية العسكرية للمنشآت النووية، لكن واشنطن وغيرها تود أن تجد الذرائع لمبررها وسيطرتها على هذا السلاح النووي الذي يشكل قلقا لهما …
في هذه الأثناء ومن أجل شراء الوقت يسعى الأميركيون إلى تطمين الحكومة الباكستانية بتقديم الأموال والمنح لها المشروطة بالطبع إما بتعزيز الحضور العسكري الأميركي في المدن الرئيسة أو مشروطة بشروط لا يعرف المواطن العادي عنها شيئا ، فغدا وجود المبعوث الأميركي ريتشارد هولبرك في باكستان أكثر من وجوده في أميركا ملتقيا بكل أطياف الشارع الباكستاني ومتجاوزا في أحايين كثيرة الحكومة وقوانينها، كل ذلك يشير إلى أن وراء الأكمة ما وراءها، وهنا تساءلت صحيفة ذي نيشن الباكستانية عن ادعاءات الحكومة في أنها حرة باتخاذ قراراتها وسياساتها العامة بمقال لاذع عنوان" الشحاذ لا يمكن أن يكون مختارا" …
د ـ أحمد موفق زيدان
المخاوف الباكستانية تتصاعد و تتنامى إزاء تعزيز الحضور العسكري الأميركي في باكستان تمثل ذلك بوضوح جلي خلال الأيام الماضية بسماح الحكومة الباكستانية بتوسيع السفارة الأميركية لمبانيها لتتسع كما يتردد لأحد عشر ألفا من قوات المارينز الأميركي الذين يشكلون فيلقا عسكريا أميركيا حقيقيا، لا تملكه باكستان نفسها في العاصمة كون قواتها متمركز في عاصمتها العسكرية راولبندي القريبة من إسلام آباد، وتسربت معلومات شبه يقينية عن فراغ شركة تركية تتولى مشاريع الإعمار في داخل السفارة من بناء 250 وحدة سكنية، إذ أن الميزانية المرصودة لتوسيع السفارة الأميركية بلغت حسب المعلن مليار دولار أميركي، ينضاف إليه شراء القنصلية الأميركية في بيشاور لمبنى فندق الكونتيننتال والانتقال من مبناها القديم إلى الجديد كونه أكثر أمنا …
بالتأكيد عبرت دول مثل الصين عن قلقها من توسيع السفارة الأميركية، لكن كالعادة القلق الصيني لا يعدو مجرد قلق، وفي ظل الثقة الشعبية المفقودة بين المواطنين و المسؤولين الباكستانيين تظل الإشاعات والحكايات المترددة في العاصمة هي الحقيقة، فقبل أيام أعلن الناطق باسم الخارجية الباكستانية أن مسألة توسيع السفارة غير مطروح، ليتبين بعد أيام معدودة فقط كذب تلك التصريحات، وكل من تابع يذكر تصريحات الرئيس السابق برفيز مشرف عن عدم سماحه للاختراقات الجوية الأميركية ليُتأكد لاحقا كذب ذلك أيضا، والآن تسري التقارير والشائعات عن وجود عناصر لشركة البلاك ووتر الأميركية في إسلام آباد والمدن الرئيسة والحكومة تنفي إلا أن بلدية إسلام آباد تتحدث عن استئجار أكثر من 400 منزل من قبل الأميركيين، ويتحدث الباكستانيون هذه الأيام عن انتشار دوريات أميركية بلباس مدني في بعض أحياء المدينة ، وبغض النظر عن صحة انتشار هذه الدوريات إلا أنه مرة أخرى فقدان الثقة بين الحكومة والمواطن يجعل الإشاعة حقيقة …
إصرار القادة العسكريين الأميركيين في أفغانستان على إرسال مزيد من القوات إلى هناك لضبط الوضع لصالح الغرب وإلا فإننا سنخسر أفغانستان حسب توصيف قائد القوات الأميركية هناك الجنرال ماكريستال، يقابله موقف معارض في واشنطن يمثله نائب الرئيس جو بايدن الذي زار المنطقة أخيرا ودعا إلى التعويض عن ذلك بتكثيف الضربات الجوية على مناطق القبائل الباكستانية كونها معقل ومأوى قادة القاعدة وطالبان أفغانستان قواد التمرد المسلح هناك،ويكتسي ذلك مصداقية في أميركا بعد تعهد وزراء دفاع المجتمع الأوربي بعدم إرسال مزيد من القوات وتصريحات قائد الناتو من أن الدول الأوربية بدأت تتهرب من أفغانستان، مما يجعل الأميركيين فقط وربما البريطانيين الوحيدين في الميدان العسكري ، مثل هذا الوضع يعني باكستانيا باختصار نقل المعركة ومسرح العمليات من أفغانستان إلى باكستان، وهو ما يستتبعه عودة حركة طالبان باكستان إلى سابق عهدها من الانتقام من الحكومة التي تسمح للأميركيين بالضربات الجوية ..
لعل هذا ما يفسر نصيحة القادة الباكستانيين وحتى السابقين منهم مثل الرئيس السابق برفيز مشرف إرسال مزيد من القوات والتعجيل بذلك لعلهم يضمنون مسألة تأجيل نقل المعركة البرية والمباشرة إلى أراضيهم، لكن الظاهر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما فقد شعبيته التي كان يتمتع بها لحظة وصوله إلى السلطة، بعد أن تراجع في قرارات وسياسات كثيرة إما لصالح رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو أو لصالح المؤسسة العسكرية الأميركية التي أثبتت أنها الحاكم الأول والأخير لأميركا إن كان على مستوى العمليات الحاصلة على الأرض أو من خلال اجتراح السياسات العامة، فقادة الحرب ووزير الدفاع هم الحاكمون الحقيقيون وما يقوم به الرئيس حقيقة وفعلا سوى خاتم لكل مطالبهم وقراراتهم بغض النظر عن مشروعه الانتخابي الذي جيء به إلى السلطة ..
التحضيرات النفسية والإعلامية المتواصلة بشأن نقل المعركة إلى باكستان لا تخلو منها صحيفة غربية أو تصريح مسئول غربي أيضا ففي الواشنطن بوست أخيرا نقلت عن مسئولين قولهم إن المخابرات الباكستانية هي التي توفر الدعم المادي للتمرد في أفغانستان رغم إنكار الحكومة الباكستانية لذلك، وترافق ذلك مع نقل الصنداي تايمز عن مصادر أميركية تحذيرها من أن غارات أميركية ستبدأ على كويتا في اقليم بلوشستان بناء على معلومات وردت لها عن وجود زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وزعيم حركة طالبان الملا محمد عمر هناك بحماية المخابرات الباكستانية، وبالتأكيد فإن مثل هذه الغارات في اقليم بلوشستان المضطرب والذي يمور بحركات انفصالية بلوشية سيزعزع ويضعضع الأمن القومي الباكستاني بشكل خطير، وهو ما يجعل كثيرا من الباكستانيين يرون مخاطر استمرار التعاون مع واشنطن في الحرب على ما يوصف بالإرهاب ..
إذاً على ضوء المعلومات السابقة وتغير السياسات الماضية لماذا سيقرر الأميركيون الانسحاب إلى باكستان وما الذي تعني باكستان لهم بالضبط، فوفقا لبعض المطلعين والديبلوماسيين المعنيين فإن الأميركيين يعنيهم أمران وعلى جناح السرعة في باكستان والمدن الرئيسة الأول ما يسربه الأميركيون هذه الأيام عن وجود زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في المدن الرئيسة وهو ما يبرر وجود وانتشار المارينز فيها من أجل القبض عليه وتقديمه قربانا لانتصارهم للشعب الأميركي، والثاني هو السيطرة والتحكم بالسلاح النووي الباكستاني وهو ما يفسره استئجار أكثر من أربعمائة بيت في إسلام آباد للانقضاض في لحظة ووقت معين محدد على المواقع والمراكز التي رصدوها من قبل والتي لها علاقة بالنووي الباكستاني …
التوجه العام الغربي أنهم فقدوا أفغانستان وأجراس الفشل بدأت تُقرع هناك، وقضية عودة حركة طالبان الأفغانية ثم القاعدة للنشاط في أفغانستان أصبحت في حكم الواقع ومسألة منعه وصده ليس بالسهل والممكن ،وبالتالي على ضوء هذا الواقع الغربي المرير لا بد من وجهة النظر الغربية الخروج بأقل الخسائر، وأقل الخسائر الآن هو تفكيك قدرات باكستان وعلى رأسها القوة النووية لتفادي وقوعها كما يصورون بأيدي أعداء واشنطن، رغم أن الغربيين يشهدون بشكل دائم أن المؤسسة العسكرية الباكستانية من أكثر المؤسسات العسكرية الدولية المشهود لها بالضبط والالتزام ، وبالتالي فمسألة فقدان الجيش لهذا الرصيد الاستراتيجي مستحيل في ظل الحماية العسكرية للمنشآت النووية، لكن واشنطن وغيرها تود أن تجد الذرائع لمبررها وسيطرتها على هذا السلاح النووي الذي يشكل قلقا لهما …
في هذه الأثناء ومن أجل شراء الوقت يسعى الأميركيون إلى تطمين الحكومة الباكستانية بتقديم الأموال والمنح لها المشروطة بالطبع إما بتعزيز الحضور العسكري الأميركي في المدن الرئيسة أو مشروطة بشروط لا يعرف المواطن العادي عنها شيئا ، فغدا وجود المبعوث الأميركي ريتشارد هولبرك في باكستان أكثر من وجوده في أميركا ملتقيا بكل أطياف الشارع الباكستاني ومتجاوزا في أحايين كثيرة الحكومة وقوانينها، كل ذلك يشير إلى أن وراء الأكمة ما وراءها، وهنا تساءلت صحيفة ذي نيشن الباكستانية عن ادعاءات الحكومة في أنها حرة باتخاذ قراراتها وسياساتها العامة بمقال لاذع عنوان" الشحاذ لا يمكن أن يكون مختارا" …
د ـ أحمد موفق زيدان