جعفر الخابوري
10-05-2009, 08:06 AM
عام مضى على رحيل الشهيد بلال عابد دون أن تطوي الأيام صفحات العز ووقفات المجد التي صاغها القسام بوجع الضلوع التي لا تكسرها ضربات مطارق أو تثنيها حبال مشانق أو ترهبها صيحات العدا.. عام مضى ورحل بلال ليبقى دمه في ذمة الشهداء الأحياء عهداً على درب الفدا.
ولد الشهيد المغوار بلال محمد عابد وليد محمد عابد في دولة الإمارات العربية المتحدة لأسرةٍ عرف عنها التدين والصلاح وتتكون من 12 نفراً منهم أربعة أشقاء وخمس شقيقات .
التحق الشهيد بالمساجد وبركب الدعوة ليعد نفسه ليوم اللقاء المحتوم في جلسات العلم وحلق الذكر ووقفات التلاوة ويتزود من دقائق الليل الغالية ودموع السحر في جوف المحراب بخير زاد يعينه على مواصلة الطريق.
وفي العام 1992 عاد بلال مع أسرته ضمن آلاف المرحلين من الفلسطينيين الذين ضاق بهم حلم الوحدة العربية ليستقر به المقام في بلدته قبلان قرب نابلس.
وانتقل بلال إلى بلدة الرام قرب القدس ليلتحق بمدارسها الصناعية حيث أنهى هناك دراسة الثانوية العامة قائداً للحركة الطلابية الإسلامية قبل أن يلتحق بكلية الهندسة في بوليتكنك الخليل الجامعة التي منحت عشرات الشهادات السماوية لأبناء القسام والسرايا وحصلت على وسام الإغلاق من قبل القوات الصهيونية.
وعمل بلال هناك في مواقع متقدمة وفي دوائر صنع القرار في صفوف الكتلة الإسلامية قبل أن يعتقل من قبل القوات الصهيونية ليمضي اكثر من عام في سجن مجدو.
مدرسة الرجال
يصف الأسرى الذين عايشوا بلالاً في سجنه حاله داخل المعتقل بالقول :" لم يكن بلال من أولئك الذين يرون في السجن مقبرة الأحياء بل حوله إلى جنة فردوس وبستان وارقٍ بقيمٍ في صدره، فقد كان يستغل كل وقته عالماً أو متعلماً أو ساعياً للعلم ، يحفظ القرآن الكريم، ويتابع حلقاته وجلسات تفسيره وينفق وقته بسخاء في سبيل تعلم كل جديد والاطلاع على كل مفيد، وكان يؤم الأسرى في صلاتهم وأحد خطبائهم المميزين الذين لا يقيمون وزناً لسياط المحتل وأبراج حراسته وكلابه النابحة، كما يشهد الكثير ممن عرفوا بلالاً بالغيرة الشديدة والغضب البالغ لانتهاك محارم الله وشعائر دينه.
مع قساميّي النجاح
وبعد الإفراج عنه التحق بلال بجامعة النجاح الوطنية ، جامعة الشهداء الكبار والاستشهاديين الشاهقين ، وكان ذلك خلال انتفاضة الأقصى المبارك فحمل على كاهله هم العمل النقابي كأحد نشطاء الكتلة الإسلامية وعناصرها الفاعلين وأعضائها المميزين في كلية التربية وأمير لجنتها الدعوية بعد استشهاد مؤسسها رفيقه وزميله الشهيد القسامي مؤيد صلاح الدين، غير أن همَّ الوطن الجريح والأرض السليبة والشعب المسحوق كان يسيطر على بلال في كل جوانب حياته فالتحق بكتائب الشهيد عز الدين القسام رمز قوة الشعب الفلسطيني ومصدر كبريائه وفخره وعنوان عنفوانه في مسيرته الخالدة نحو التحرير، ليكون بلال أحد عناصر المجموعة الأولى لكتائب الشهيد عز الدين القسام في بلدة قبلان التي احتضنت أول لقاء للكتائب بين الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1992 وبوركت باجتماع القساميين القادة الشهداء والأسرى والمطاردين الأبطال يحيى عياش وسعد العرابيد وزاهر جبارين ومحمد ضيف حفظه الله.
وفي نيسان الأسود من العام 2002 كان بلال أحد أبطال الدفاع عن البلدة القديمة في جبل النار ضمن عشرات القساميين الذين حافظوا على مواقعهم صامدة حتى آخر الأنفاس وفشلت كل المحاولات الصهيونية لقتله أو إلقاء القبض عليه لتكتب حياة جديدة من المطاردة ضمن مجموعة الموت القسامية التي برعت في اقتحام المستوطنات وتنفيذ العمليات النوعية التي تثبت هشاشة القوات الصهيونية أمام مجموعة من المقاتلين الأبطال يقودهم القائد القسامي العملاق نصر الدين عصيدة.
مقاتل بالفطرة
عاش بلال حياة المطاردة ضمن مجموعات القسام التي تنقلت في جبال نابلس تنصب الكمائن وتعد للاشتباكات وترصد المستوطنات وتلاحق الدوريات وتوقع القتل والرعب في صفوف من يغتصبون أرضاً لم تكن يوماً لهم.
عاش مع الشهداء قبل رحيلهم مع عاصم ومحمد ريحان وعاصم عصيدة والحاج محمد ونصر الدين عصيدة وسامي زيدان والكثير الكثير من شهداء القسام وأحياءهم، عاشوا يفترشون الأرض أياماً ويلتحفون السماء، كلهم قد أعد نفسه لساعة اللقاء التي آذن بقربها تنفيذهم لعملية عمانوئيل النوعية الثانية والتي سقط فيها عشرة قتلى وجرح اكثر من 25 آخرين، حيث وصفت تلك المجموعة في حينه بأنها الأخطر والأجسر والأكثر تمتعاً بالمواصفات العسكرية والقدرات القتالية.
وبعد انتهاء المجموعة من تنفيذ العملية وانسحابها بسلام اشتبكت في اليوم الثاني مع قوات صهيونية كانت تقوم بعمليات البحث والتمشيط بمساندة المروحيات العسكرية حيث استشهد أحد أعضاء المجموعة (عاصم عصيدة) وقتل ضابط وجندي صهيوني آخر.
وتمكن أفراد المجموعة وهم بلال ورفيقاه الشهيدان (عنان دلهم مأمون قادوس) من قرية عراق بورين من الإفلات من الحصار الصهيوني مدة عشرة أيام رغم عمليات البحث المكثف حتى تم اكتشاف موقعهم في وادي قانا قرب قرية صرّة حيث اتصل بلال بقائد خليته لإبلاغه أن موقعهم قد انكشف وأنهم محاصرون وخيارهم القتال حتى الشهادة.
ودارت معركة حامية الوطيس في الواد الأكثر هدوءاً على وجه الأرض بين قوةٍ من ثلاثةِ مقاتلين هم بلال ورفاقه (مأمون وعنان)ومئاتٌ من الجنود الصهاينة المتترّسين داخل آلياتهم المحصنة واشتركت المروحيات في المعركة لتصيب بلال بصاروخ متفجر في رأسه ودع بعده الحياة مع رفاقه بعد أن أبلى في ميدان الشرف الذي لا يحتضن غير الأبطال خير بلاء.
ولد الشهيد المغوار بلال محمد عابد وليد محمد عابد في دولة الإمارات العربية المتحدة لأسرةٍ عرف عنها التدين والصلاح وتتكون من 12 نفراً منهم أربعة أشقاء وخمس شقيقات .
التحق الشهيد بالمساجد وبركب الدعوة ليعد نفسه ليوم اللقاء المحتوم في جلسات العلم وحلق الذكر ووقفات التلاوة ويتزود من دقائق الليل الغالية ودموع السحر في جوف المحراب بخير زاد يعينه على مواصلة الطريق.
وفي العام 1992 عاد بلال مع أسرته ضمن آلاف المرحلين من الفلسطينيين الذين ضاق بهم حلم الوحدة العربية ليستقر به المقام في بلدته قبلان قرب نابلس.
وانتقل بلال إلى بلدة الرام قرب القدس ليلتحق بمدارسها الصناعية حيث أنهى هناك دراسة الثانوية العامة قائداً للحركة الطلابية الإسلامية قبل أن يلتحق بكلية الهندسة في بوليتكنك الخليل الجامعة التي منحت عشرات الشهادات السماوية لأبناء القسام والسرايا وحصلت على وسام الإغلاق من قبل القوات الصهيونية.
وعمل بلال هناك في مواقع متقدمة وفي دوائر صنع القرار في صفوف الكتلة الإسلامية قبل أن يعتقل من قبل القوات الصهيونية ليمضي اكثر من عام في سجن مجدو.
مدرسة الرجال
يصف الأسرى الذين عايشوا بلالاً في سجنه حاله داخل المعتقل بالقول :" لم يكن بلال من أولئك الذين يرون في السجن مقبرة الأحياء بل حوله إلى جنة فردوس وبستان وارقٍ بقيمٍ في صدره، فقد كان يستغل كل وقته عالماً أو متعلماً أو ساعياً للعلم ، يحفظ القرآن الكريم، ويتابع حلقاته وجلسات تفسيره وينفق وقته بسخاء في سبيل تعلم كل جديد والاطلاع على كل مفيد، وكان يؤم الأسرى في صلاتهم وأحد خطبائهم المميزين الذين لا يقيمون وزناً لسياط المحتل وأبراج حراسته وكلابه النابحة، كما يشهد الكثير ممن عرفوا بلالاً بالغيرة الشديدة والغضب البالغ لانتهاك محارم الله وشعائر دينه.
مع قساميّي النجاح
وبعد الإفراج عنه التحق بلال بجامعة النجاح الوطنية ، جامعة الشهداء الكبار والاستشهاديين الشاهقين ، وكان ذلك خلال انتفاضة الأقصى المبارك فحمل على كاهله هم العمل النقابي كأحد نشطاء الكتلة الإسلامية وعناصرها الفاعلين وأعضائها المميزين في كلية التربية وأمير لجنتها الدعوية بعد استشهاد مؤسسها رفيقه وزميله الشهيد القسامي مؤيد صلاح الدين، غير أن همَّ الوطن الجريح والأرض السليبة والشعب المسحوق كان يسيطر على بلال في كل جوانب حياته فالتحق بكتائب الشهيد عز الدين القسام رمز قوة الشعب الفلسطيني ومصدر كبريائه وفخره وعنوان عنفوانه في مسيرته الخالدة نحو التحرير، ليكون بلال أحد عناصر المجموعة الأولى لكتائب الشهيد عز الدين القسام في بلدة قبلان التي احتضنت أول لقاء للكتائب بين الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1992 وبوركت باجتماع القساميين القادة الشهداء والأسرى والمطاردين الأبطال يحيى عياش وسعد العرابيد وزاهر جبارين ومحمد ضيف حفظه الله.
وفي نيسان الأسود من العام 2002 كان بلال أحد أبطال الدفاع عن البلدة القديمة في جبل النار ضمن عشرات القساميين الذين حافظوا على مواقعهم صامدة حتى آخر الأنفاس وفشلت كل المحاولات الصهيونية لقتله أو إلقاء القبض عليه لتكتب حياة جديدة من المطاردة ضمن مجموعة الموت القسامية التي برعت في اقتحام المستوطنات وتنفيذ العمليات النوعية التي تثبت هشاشة القوات الصهيونية أمام مجموعة من المقاتلين الأبطال يقودهم القائد القسامي العملاق نصر الدين عصيدة.
مقاتل بالفطرة
عاش بلال حياة المطاردة ضمن مجموعات القسام التي تنقلت في جبال نابلس تنصب الكمائن وتعد للاشتباكات وترصد المستوطنات وتلاحق الدوريات وتوقع القتل والرعب في صفوف من يغتصبون أرضاً لم تكن يوماً لهم.
عاش مع الشهداء قبل رحيلهم مع عاصم ومحمد ريحان وعاصم عصيدة والحاج محمد ونصر الدين عصيدة وسامي زيدان والكثير الكثير من شهداء القسام وأحياءهم، عاشوا يفترشون الأرض أياماً ويلتحفون السماء، كلهم قد أعد نفسه لساعة اللقاء التي آذن بقربها تنفيذهم لعملية عمانوئيل النوعية الثانية والتي سقط فيها عشرة قتلى وجرح اكثر من 25 آخرين، حيث وصفت تلك المجموعة في حينه بأنها الأخطر والأجسر والأكثر تمتعاً بالمواصفات العسكرية والقدرات القتالية.
وبعد انتهاء المجموعة من تنفيذ العملية وانسحابها بسلام اشتبكت في اليوم الثاني مع قوات صهيونية كانت تقوم بعمليات البحث والتمشيط بمساندة المروحيات العسكرية حيث استشهد أحد أعضاء المجموعة (عاصم عصيدة) وقتل ضابط وجندي صهيوني آخر.
وتمكن أفراد المجموعة وهم بلال ورفيقاه الشهيدان (عنان دلهم مأمون قادوس) من قرية عراق بورين من الإفلات من الحصار الصهيوني مدة عشرة أيام رغم عمليات البحث المكثف حتى تم اكتشاف موقعهم في وادي قانا قرب قرية صرّة حيث اتصل بلال بقائد خليته لإبلاغه أن موقعهم قد انكشف وأنهم محاصرون وخيارهم القتال حتى الشهادة.
ودارت معركة حامية الوطيس في الواد الأكثر هدوءاً على وجه الأرض بين قوةٍ من ثلاثةِ مقاتلين هم بلال ورفاقه (مأمون وعنان)ومئاتٌ من الجنود الصهاينة المتترّسين داخل آلياتهم المحصنة واشتركت المروحيات في المعركة لتصيب بلال بصاروخ متفجر في رأسه ودع بعده الحياة مع رفاقه بعد أن أبلى في ميدان الشرف الذي لا يحتضن غير الأبطال خير بلاء.