أقول الحق
11-17-2009, 08:50 PM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإنَّ المسلمين يعيشون هذه الأيام موسماً عظيماً من مواسم الطاعات، يتقربون فيه إلى ربهم، وهي أيام عشر ذي الحجة، تلك الأيام الفاضلة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر) [متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما].
فهنيئاً فيها للقوم المتنافسين بالطاعات، المتزلفين إلى الله بالقربات، ويا حسرة المفرطين المعرضين، كم تمر عليهم الأيام وهم غافلون، وفي ميادين شهوات الدنيا منشغلون.
ونصيحتي لنفسي ولإخواني المسلمين أن يعمروا في هذه الأيام آخرتهم، وينظروا لمستقبلهم، ويتزودوا من الطاعات على اختلافها؛ فالصلاة، والصيام، والصدقة، والذكر ولا سيما التكبير ورفع الصوت به في مجامع الناس، وذبح الأضحية، وغيرها مما ينور القلب المؤمن ويرفعه درجات.
فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سبحانه قال في الحديث القدسي: (وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).
وإنَّ مما يأتي في مقدمة هذه الأعمال الصالحة التي تبدأ في هذه الأيام العشر؛ هو حج بيت الله الحرام، تلك العبادة العظيمة التي مدارها على تحقيق التوحيد في نفوس الناس والتخلص من كل العلائق، والتحرر من شوائب الشرك والبدعة، "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
ولكنّ ذروة السنام؛ هو الجهاد في سبيل الله، فالجهاد المتعين أوجب الواجبات بعد إقامة التوحيد.
قيل يا رسول الله: أي العمل أفضل؟ قال: (إيمان بالله)، قيل: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله)، قيل: ثم أي؟ قال: (حج مبرور).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فدفع العدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا ليس شيء بعد الإيمان أوجب من دفعه).
كما أن النافلة منه أفضل النوافل كما تقرر عند الصحابة، حيث استغربوا أن يكون العمل في الأيام العشر خيراً من الجهاد خارجها، لما رسخ عندهم من أن الجهاد أفضل العمل، فبين لهم صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح غير الجهاد في هذه الأيام العشر خير من كل عمل خارجها، حتى ولو كان هو الجهاد في سبيل الله.
ثم استثنى صلى الله عليه وسلم صورةً من الجهاد إذا عملها المسلم خارج العشر لم يعدل عملَه شيءٌ حتى العمل في أيام العشر، ألا وهي الخروج بنفسه وماله ثم عدم الرجوع منها بشيء.
فقال: (إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء).(1)
ففي هذا الموضع إشعارٌ بقيمة التضحية والفداء في باب الجهاد، وعظيم الأجر لمن باع نفسه لله.
وهو ما ننطلق منه - اليوم وكل يوم - لنذكر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بعظيم الواجب الملقى على عواتقهم من الجهاد المتحتم ضد الكفار المعتدين من الصليبيين واليهود.
فيا أيها المسلمون:
تذكروا نعمة الله عليكم أن هداكم للإيمان، ويسر لكم الأمور، فاشكروه على نعمه، وجاهدوا في سبيله، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا لله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون}.
وإنَّ من تيسير الله وفضله أن هيأ للأمة مجاهدين في سبيله سخرهم لخدمة دينه فهم من عشرات السنين يبذلون دماءهم رخيصة في سبيل الله، ويبيعون أرواحهم فداءً لدين الله، ونصرة للمستضعفين، فسيروا على ما ساروا عليه، والحقوا بهم قبل فوات الأوان، قبل أن تقول نفس؛ يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله، وقبل أن يأتي الفتح؛ فيصبح قوم على تقصيرهم نادمين، ولا تتواكلوا وتكتفوا بالكلام مع قدرتكم على النهوض، فإن لكم في الأجر لحاجة و {إن الله لغني عن العالمين}.
أيها المسلمون:
إنّ إخوانكم المجاهدين في جزيرة العرب - خاصة - قد رفعوا راية الجهاد في سبيل الله، وهم ماضون في طريقهم، مقتفين سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يتطلعون للنصر، ويتمنون الشهادة، وهم بين ذلك التطلع وتلك الأمنية؛ لا يكتفون بالأمنيات، ولا يعيشون الأحلام المثاليات، ولا يستعجلون قطف الثمار، بل يسعون جاهدين إلى القيام بحق الله، موقنين بنصره، ومصدقين بوعده، غير آبهين بكثرة عدوهم، وقوة عتاده، ولا بخذلان بني قومهم، بل يزيدهم ذلك إيماناً وتصديقاً لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من وصفه للطائفة المنصورة على الحق؛ بأنهم "لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم".
وهم يدركون تماماً ما تعنيه دماء الشهداء، وجهود المخلصين، وأنها لا تضيع سدى مهما ظن الأغرار ذلك، وأنها تثمر ولو بعد حين، حتى ولو كان ذلك الحين هو يوم القيامة، متسلين بما سلى الله به نبيه محمّداً صلى الله عليه وسلم: {وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون}.
عن مجلة صوت الجهاد
العدد التاسع
ذو الحجة / 1424 هـ
________________
رواه البخاري في صحيحه قال : حدثنا محمد بن عرعرة قال حدثنا شعبة عن سليمان عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي أنه قال : " ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه " . قالوا ولا الجهاد ؟ قال : " ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء .
" ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " يعني أيام العشر قالوا يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء " أخرجه أبو ادود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي في السنن الكبرى وغيرهم من طريق مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً .
أما بعد:
فإنَّ المسلمين يعيشون هذه الأيام موسماً عظيماً من مواسم الطاعات، يتقربون فيه إلى ربهم، وهي أيام عشر ذي الحجة، تلك الأيام الفاضلة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر) [متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما].
فهنيئاً فيها للقوم المتنافسين بالطاعات، المتزلفين إلى الله بالقربات، ويا حسرة المفرطين المعرضين، كم تمر عليهم الأيام وهم غافلون، وفي ميادين شهوات الدنيا منشغلون.
ونصيحتي لنفسي ولإخواني المسلمين أن يعمروا في هذه الأيام آخرتهم، وينظروا لمستقبلهم، ويتزودوا من الطاعات على اختلافها؛ فالصلاة، والصيام، والصدقة، والذكر ولا سيما التكبير ورفع الصوت به في مجامع الناس، وذبح الأضحية، وغيرها مما ينور القلب المؤمن ويرفعه درجات.
فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سبحانه قال في الحديث القدسي: (وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).
وإنَّ مما يأتي في مقدمة هذه الأعمال الصالحة التي تبدأ في هذه الأيام العشر؛ هو حج بيت الله الحرام، تلك العبادة العظيمة التي مدارها على تحقيق التوحيد في نفوس الناس والتخلص من كل العلائق، والتحرر من شوائب الشرك والبدعة، "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
ولكنّ ذروة السنام؛ هو الجهاد في سبيل الله، فالجهاد المتعين أوجب الواجبات بعد إقامة التوحيد.
قيل يا رسول الله: أي العمل أفضل؟ قال: (إيمان بالله)، قيل: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله)، قيل: ثم أي؟ قال: (حج مبرور).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فدفع العدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا ليس شيء بعد الإيمان أوجب من دفعه).
كما أن النافلة منه أفضل النوافل كما تقرر عند الصحابة، حيث استغربوا أن يكون العمل في الأيام العشر خيراً من الجهاد خارجها، لما رسخ عندهم من أن الجهاد أفضل العمل، فبين لهم صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح غير الجهاد في هذه الأيام العشر خير من كل عمل خارجها، حتى ولو كان هو الجهاد في سبيل الله.
ثم استثنى صلى الله عليه وسلم صورةً من الجهاد إذا عملها المسلم خارج العشر لم يعدل عملَه شيءٌ حتى العمل في أيام العشر، ألا وهي الخروج بنفسه وماله ثم عدم الرجوع منها بشيء.
فقال: (إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء).(1)
ففي هذا الموضع إشعارٌ بقيمة التضحية والفداء في باب الجهاد، وعظيم الأجر لمن باع نفسه لله.
وهو ما ننطلق منه - اليوم وكل يوم - لنذكر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بعظيم الواجب الملقى على عواتقهم من الجهاد المتحتم ضد الكفار المعتدين من الصليبيين واليهود.
فيا أيها المسلمون:
تذكروا نعمة الله عليكم أن هداكم للإيمان، ويسر لكم الأمور، فاشكروه على نعمه، وجاهدوا في سبيله، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا لله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون}.
وإنَّ من تيسير الله وفضله أن هيأ للأمة مجاهدين في سبيله سخرهم لخدمة دينه فهم من عشرات السنين يبذلون دماءهم رخيصة في سبيل الله، ويبيعون أرواحهم فداءً لدين الله، ونصرة للمستضعفين، فسيروا على ما ساروا عليه، والحقوا بهم قبل فوات الأوان، قبل أن تقول نفس؛ يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله، وقبل أن يأتي الفتح؛ فيصبح قوم على تقصيرهم نادمين، ولا تتواكلوا وتكتفوا بالكلام مع قدرتكم على النهوض، فإن لكم في الأجر لحاجة و {إن الله لغني عن العالمين}.
أيها المسلمون:
إنّ إخوانكم المجاهدين في جزيرة العرب - خاصة - قد رفعوا راية الجهاد في سبيل الله، وهم ماضون في طريقهم، مقتفين سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يتطلعون للنصر، ويتمنون الشهادة، وهم بين ذلك التطلع وتلك الأمنية؛ لا يكتفون بالأمنيات، ولا يعيشون الأحلام المثاليات، ولا يستعجلون قطف الثمار، بل يسعون جاهدين إلى القيام بحق الله، موقنين بنصره، ومصدقين بوعده، غير آبهين بكثرة عدوهم، وقوة عتاده، ولا بخذلان بني قومهم، بل يزيدهم ذلك إيماناً وتصديقاً لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من وصفه للطائفة المنصورة على الحق؛ بأنهم "لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم".
وهم يدركون تماماً ما تعنيه دماء الشهداء، وجهود المخلصين، وأنها لا تضيع سدى مهما ظن الأغرار ذلك، وأنها تثمر ولو بعد حين، حتى ولو كان ذلك الحين هو يوم القيامة، متسلين بما سلى الله به نبيه محمّداً صلى الله عليه وسلم: {وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون}.
عن مجلة صوت الجهاد
العدد التاسع
ذو الحجة / 1424 هـ
________________
رواه البخاري في صحيحه قال : حدثنا محمد بن عرعرة قال حدثنا شعبة عن سليمان عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي أنه قال : " ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه " . قالوا ولا الجهاد ؟ قال : " ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء .
" ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " يعني أيام العشر قالوا يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء " أخرجه أبو ادود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي في السنن الكبرى وغيرهم من طريق مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً .