تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مسلمات في الإكوادور



من هناك
03-31-2010, 06:25 AM
"مجموعة من المسلمات المحجبات يقفن وهن يتجاذبن أطراف الحديث بحماس، في انتظار تلقي درسهن الديني الأسبوعي عن الإسلام", من المألوف أنّ نرى هذا المشهد أمام مسجد في القاهرة وإندونيسيا وربما لندن أو حتى نيويورك, لكننا أيضًا نستطيع رؤية هذا المشهد هنا في مدينة "كويتو" عاصمة الإكوادور، لكن باللغة الأسبانية. في قلب دولة الإكوادور, بأمريكا الجنوبية, التي تقطنها الأغلبية الكاثوليكية, يوجد مبنى مجهولًا في أحد الأحياء الراقية وسط العاصمة، يعتبر مركزًا للتنسيق مع آلاف المسلمين بالبلاد, إنّه المركز الإسلامي, ذو الجدران البيضاء والتصميمات الهندسية والمفروشات الفخمة الإسلامية والأرفف التي امتلأت بكتب الأدب الإسلامي. هؤلاء النسوة لديهن أسبابهن الخاصة والمتنوعة, لاعتناقهن الإسلام والتي ربما لا تختلف كثيرًا عما ذكرتها مثيلاتهن في بريطانيا, إحدى هؤلاء السيدات, ماريا فرناندا نوفليا, 29 عامًا, طبيبة بيطرية، نطقت بالشهادتين منذ ثلاث سنوات في المركز الإسلامي بالإكوادور, بعد أن ظلت لسنوات عديدة تتعلم الإسلام شيئًا فشيئًا, في البداية أثار حب الاستطلاع لديها وإعجابها بأحد أساتذتها بالجامعة والذي تصادف أنّه كان مسلمًا، إلى أن توصلت في نهاية المطاف باليقين أنّ الإسلام هو المسار الصحيح بالنسبة لها. وبعد إسلامها, وجدت أن والديها لم يكونا متحمسين لإسلامها، ونبع هذا الخوف ـ للأسف ـ من خوفهم من تحول ابنتهم إلى دين لا يعرفون عنه إلا القليل، وارتباط ذكره بالإرهاب.. حيث تستطرد ماريا قائلة: "بعض أفراد عائلتي من الكاثوليك المحافظين, لذلك كان إسلامي بمثابة صدمة لهم، لكن, وبعد ثلاث سنوات استسلموا لما اخترته، بل وقاموا بمساندتي على نطاق واسع, والأهم من ذلك اقتناعهم أن المسلمين ليسوا بإرهابيين". إحدى هؤلاء السيدات, هي كارلا سيلبيجلو التي اعتنقت الإسلام قبل خمس سنوات عن عمر يناهز السادسة والعشرين, حيث أنها كانت قد غادرت في ذلك الوقت الإكوادور للدراسة بنيويورك، وهناك التقت بالعديد من المسلمين وقررت معرفة المزيد عن دينهم. وتروي كارلا قصة إسلامها: "ولدت فوجدت آبائي وأجدادي يعتنقون الكاثوليكية, لذلك صرت كاثوليكية برغم ما كان يحيك في صدري من شكوك واستفسارات عن الكاثوليكية، والتي لم أجد لها جوابًا, ولكنني وجدت ملاذي لهذه الشكوك أثناء رحلة بحثي عن الإسلام". "بعد إسلامي تغير سلوكي كثيرًا, للأفضل بالطبع, وهذا ما بعث بالارتياح على عائلتي, حيث عزفت عن الحفلات الصاخبة ولا أشعر بالمتعة بها كما كنت قبل الاسلام".... كارلا تصف حالها بعد أن من الله عليها بالإسلام. ونظرًا لما تراه كارلا في المجتمع الإكوادوري, تشير إلى أن المسلمين في الإكوادور بإمكانهم الانفتاح على الجميع ومحاربة الجهل والعنف من خلال الحديث إلى الناس وتثقيفهم حول الإسلام وليس عن طريق الانعزال أو الوقوف موقف الدفاع عن النفس دائما, "منذ أحداث 11 سبتمبر, أخذ الناس في الإكوادور يحاولون معرفة المزيد عن المسلمين ودينهم, لذا كان ينبغي علينا نحن المسلمين أن نمد أيدينا إلى هؤلاء الذين يدينون بديانات أخرى ولا يعرفون الكثير عن الإسلام". أما شاهزادي سوكيليو, ابنة إمام مركز فرانسيسكو كاريرا والبالغة من العمر (17 عاما), وبما لديها من خبرة فريدة من نوعها تماما حيث أنها من الجيل الثاني لمسلمي الإكوادور, فإنها تصف الفتيات المسلمات في الإكوادور بأنهن "مثيري للاهتمام", فمن بين كل 500 طالب وطالبة ترتدي مسلمة الحجاب, وهذا ما لا يُنظر إليه سلبيا في المجتمع. وتلفت شاهزادي الانتباه إلى التشابه بين ثقافة دول أمريكا اللاتينية والثقافة الإسلامية، مثل الاهتمام بحسن الضيافة, وأنه برغم الاختلافات في الممارسة الدينية بينها وبين صديقاتها وجيرانها الكاثوليك فلا يخفى عليهم حقيقة أن الديانتين ينتمي كلاهما إلى الديانات السماوية، وبينهم الكثير من الأسس المشتركة. كما ترى شاهزادي أن تسليط الأضواء والتركيز على الإسلام والمسلمين من شأنه أن يبعث على الكثير من الفضول وفي ذلك فرصة لإطلاع على حقيقة الإسلام وتبديد الخرافات. ومع اعتبار أن الدين جزءًا لا يتجزأ من الحياة في الإكوادور، توضح شاهزادي أن الرموز الدينية مثل الحجاب لا يمكن استخدامه لتحقيق مآرب سياسية بزعم أنه استفزازي، كما هو الحال في فرنسا وبلدان أوروبية أخرى, وتردف قائلة, قد يثير ارتداء الحجاب هنا بعض الاهتمام ولكنه بصفة عامة مقبول اجتماعيًا من الشعب ورسميًا من قبل الحكومة في الإكوادور. أن تكون مسلمًا في الإكوادور هذا لا يعني إقصائك من الاتجاه السائد للمجتمع المتفاهم, بل لقد دُعي مؤخرًا والد شاهزادي من قبل الجمعية الوطنية، جنبا إلى جنب مع ممثلي الأقليات الدينية الأخرى، لمناقشة الامتيازات الدينية التي تتمتع بها حاليا الكنيسة الكاثوليكية وإمكانية توسيع نطاق القانون ليشمل جميع الأديان، أو حتى إلغاء تلك الامتيازات تمامًا حتى تكون جميع الأديان متساوية وفقا للقانون. وفي ظل هذا الجو من التعايش عثرت المسلمات في الإكوادور على مكان وصوت لهن في مجتمع حريص على التفاهم والقبول.


المصدر بالإنجليزية في صحيفة جارديان البريطانية
المصدر: الإسلام اليوم