مقاوم
10-14-2010, 12:10 PM
حينما تكون المقاومة عقيدة وروح تسري بالدماء: جورج جالاوي نموذجاً
كتب أ. رضا عبد الودود*
294
نموذج فريد ندر وجوده في الوقت التي تسيطر فيه لغة المصالح وحسابات الربح والخسارة بل والاتجار بالمبادئ..
النائب البريطاني السابق جورج جالاوي الذي طالما أقسم أن يعود إلى أهل غزة ويوفي بعهده رغم الأثمان الباهظة التي يتكلفها جراء رفضه للهيمنة الصهيونية والعدوان السافر على أهل غزة وعلى جميع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة..يقدم نموذجا للشخصية المقاومة التي تحتاج إليها البشرية في طورها الراهن..
فها هو الآن يقود قافلة شريان الحياة 5 التي انطلقت السبت 19/9/2010 من لندن إلى قطاع غزة، وتلتقى القافلة في ميناء اللاذقية السوري في مطلع أكتوبر القادم باثنتين آخريتين إحداهما تنطلق من العاصمة القطرية الدوحة والأخرى المغرب والجزائر، وتضم القافلة أكثر من 200 سيارة و400 مشارك.
جورج جالاوي صديق العرب .. الذي تعرّض للاضطهاد في بلاده بسبب هذه الصداقة وبسبب إيمانه بضرورة نصرة قضاياهم في العراق وفلسطين ..
هذا هو جورج جالاوي الذي قاد قافلة سابقة لكسر الحصار عن العراق .. وهاهو يقود قوافل الإغاثة لكسر الحصار عن غزة .. مضحّيا بوقته وراحته متجشّما مشقة السفر الطويل .. والحياة بعيدا عن منزله وأسرته وما يكفلونه له من وسائل الراحة ...
جورج جالاوي حورب من قيادات حزبه (حزب العمال البريطاني) و من زعيمه توني بلير.. وحورب من قِبل الصحافة الصهيونية في بريطانيا بسبب مواقفه المبدئية الشجاعة ضد الحصار الأمريكي البريطاني على شعب العراق ..وضد الحصار والممارسات الإجرامية للاحتلال الصهيوني في فلسطين .. لقد تآمرت عليه كل القوى الشريرة في بريطانيا فطرد من الحزب الذي كرّس كل حياته لخدمته .. وقُدّم للمحاكمة بتهم مزيفة أشترك في تزييف وثائقها الحاكم العسكري الأمريكي في العراق .. وكان المقصود بكل هذا: القضاء على مستقبله السياسي وتشويه سمعته .. وصرف الناخبين البريطانيين في دائرته عن تأييده ...
ولكن يشاء الله .. أن تنقلب كل هذه التدابير الشريرة على رؤوس أصحابها .. فقد برّأه القضاء البريطاني من كل التهم الموجّهة إليه .. وأكد أن وثائق الاتهام التي قُدّمت ضده للمحكمة قد أثبت الخبراء زيفها .. ثم جاءت نتيجة الانتخابات العامة التالية خلافا لكل توقعات أعدائه .. فقد حصل على أغلبية ساحقة من أصوات الناخبين في دائرته التي رشح نفسه فيها مستقلا .. بينما رسب المرشح العمّالي الذي اختاره توني بلير ...
لم يهدأ جورج جالاواي بل تصاعد نشاطه السياسي فأنشأ حزبا معارضا باسم(رسبكت RESPICT) .. وقاد مظاهرات حاشدة ضد الحرب في العراق اشترك فيها مئات الآلاف من البريطانيين.. تصاعدت أعدادها خلال السنوات الأريعة الماضية لتصل إلى نصف مليون .. ثم بلغت ذروتها في آخر مظاهرة احتجاجا على محرقة غزة لتصل إلى مليون شخص ...
إنه الرجل الذي بلغت شجاعته حد المواجهة للسياسة الأمريكية في عقر دارها.. عندما دُعي للإدلاء بشهادته أمام الكونجرس الأمريكي ليسألوه عن سر عدائه لأمريكا وافترائه عليها (في زعمهم) .. كانوا يظنون أنهم سيفحموه بمنطق الاستعلاء الأمريكي، وسيضطروه لطأطأة الرأس تحت سطوة الكونجرس، وأبّهة المكان .. ويجبروه في النهاية على التوبة والاعتذار .. فإذا به يقف شامخا هادئا واثقا أثناء الحوار .. فيقلب المائدة عل محاوريه ...
قال جالاوي: " ليس عندي سبب واحد يجعلني أخجل مما قلت أو فعلت .. فما قلتُ غير الحقيقة وما فعلتُ غير الواجب الذي تفرضه معرفة الحقيقة على كل إنسان ذي ضمير حيّ يحترم الحقيقة ويحترم نفسه .. أما الذي كان ينبغي أن يخجل من نفسه .. فهو أنتم .. لقد كذبتم على العالم وعلى الشعب الأمريكي ودفعتم بشبابكم لحرب لا مبرّر لها على الشعب العراقي .. حرب قائمة على مجموعة من الأكاذيب والافتراءات ثبت عدم صحتها .. فمن هو أولى بالخجل أنا لقولي الحقيقة أم أنتم لكذبكم ...!؟"
النشأة :
وُلد جورج جالاوي في مدينة "داندي" في اسكتلندا في 16 أغسطس عام 1954 لأسرة أيرلندية كاثوليكية متدينة، ودرس في كلية "هاريس"، بدأ الانخراط في العمل السياسي مبكراً فانضم لحزب العمال في سن الخامسة عشرة. ثم انتخب أمينا عاما لفرع الحزب في داندي وكان آذاك في السادسة والعشرين من عمره. وأصبح منظم الحزب عام 1977.
ثم أصبح أمينًا عامًا لهيئة مكافحة الحرب ضد الحرمان بين عامي 83 19، 87 19.
أصبح جالاوي نائباً في البرلمان للمرة الأولى ممثلاً عن حزب العمال في عام 1987 حتى عام 97 19عن منطقة "هيلهد" ، ثم نائبًا عن "جلاسجو" من العام 1997.
ثم اختير رئيساً للجنة الشئون الخارجية في البرلمان البريطاني عن حزب العمال، ورئيس اللجنة البرلمانية للصداقة بين بريطانيا والبرتغال ورئيس المنتدى البريطاني- العراقي، ومنسق لجنة الطوارئ الخاصة بالعراق وفلسطين.
ويعد جاولاي نائب مخضرم في مجلس العموم البريطاني، حيث خاض معارك ضارية في الانتخابات ضد أنصار الصهيونية وأنصار نموذج الاستعمار الجديد، ويكتب مقالاً أسبوعيًا في صحيفة "ميل أون صنداي" .
من العمال إلى الاحترام:
وصل الصدام بين جالاوي وحزب العمال إلى مداه في عام 2003 حين عارض بشدة الحرب على العراق، في لقاء تلفزيوني قال فيه إن كل من "توني بلير" و"جورج بوش" كذبا على شعوبهما وجرا بلادهما إلى الحرب بناء على مجموعة من الأكاذيب.
كما تبادل جورج جالاوي ووزير الدولة للشؤون الخارجية (بن براتشو) آنذاك الاتهامات والشتائم ، مما دفع إلي رفع الجلسة وأدي إلى زيادة عدد المعارضين داخل الحكومة ومجلس الوزراء البريطاني ليزيد عن سبعين عضواً.
ووصف حكومة حزب العمال بـ: "آلة كذب توني بلير"، ووصل به الأمر إلى حد اتهام "بلير" ـ زعيم حزبه ـ بتوريط البلاد في حربٍ لحساب الولايات المتحدة الأمريكية، كما اتهم "بلير" بأنه ذيل للرئيس الأمريكي "جورج بوش"، وناشد الجنود البريطانيين أن "يرفضوا تنفيذ الأوامر غير الشرعية". وبسبب هذه التصريحات والمواقف طرد جالاوي من حزب العمال البريطاني بعد أكثر من 34 عاما قضاها كعضو فيه.
لم يتوقف جالاوي عند تلك المحطة بل أسس حزب "الاحترام respect"، الذي ضم المعارضين لحرب العراق، وخاض الانتخابات عام 2005 ليكسب مرة أخرى مقعداً في البرلمان، وفي أعقاب فوزه وجه خطاباً لرئيس الوزراء توني بلير قائلا: "من أجل العراق يا سيد بلير، من أجل كل من قتلت هناك، فقد عدت مرة أخرى لأطاردك".
ويعود السبب الرئيس لابتعاد جالاوي عن حزب العمال انخراط حزب العمال في منظومة الشركات العملاقة ذات النزعة الإمبريالية ، بل أصبح في هذا منافساً لحزب المحافظين ، فلما تساويا أصبح أفضلهما من يقدم تنازلات أكثر وخدمات أكبر ، وكانت هذه لعبة بلير الذي نجح في إقناع حكومة حزب العمال الجديد أن تنشط في مجال الخصخصة وتمنح عقوداً بالمليارات لشركات الصناعات الحربية .. تعود ببعضها على حزب العمال لينفق على حملاته الانتخابية ويطيل عمره في السلطة لمنحها بدوره عقوداً جديدة .. لقد حرص جالاوي على طهارة يديه من المال الحرام، وهو حالة نادرة بين جميع السياسيين فهو لا يقرب الخمر .. لقد حمل حياته ومستقبله السياسي على كفّيه وهو يخوض معارك ضارية ضد الظلم والقهر والاستغلال في شجاعة نادرة .. وهو اليوم يقود أكبر حركة احتجاج ومقاومة ضد الحروب الإمبريالية ..
جالاوي مؤيد للقضايا العربية :
فلسطين:
بدأت علاقته بالقضية الفلسطينية عام 1974 حينما تمت التوأمة بين مدينة داندي ونابلس وأيد اثر ذلك قرار المجلس البلدي برفع العلم الفلسطيني على دار البلدية وكانت تلك أول مرة في الغرب يرفع فيها العلم الفلسطيني على مبنى عام. وفي عام 1989 أقام توأمة بين مدينة غلاسكو وبين بيت لحم. وفي عام 1980 أنشأ اتحاد أصدقاء فلسطين برئاسته . ثم اختير منسق لجنة الطوارئ الخاصة بالعراق وفلسطين في البرلمان البريطاني عام 1997.
وخاض جالاوي العديد من المعارك ضد أنصار الصهيونية في شتى أنحاء المعمورة عبر وسائل الإعلام وعبر البرلمان واللجان الشعبية، وفي مقابلة مع قناة (سكاي نيوز) أجرتها معه مراسلة القناة في القدس المحتلة، هاجم جالاوي وسائل الإعلام البريطانية المنحازة للكيان الصهيوني، ووصف أسئلة المراسلة المتحيزة بأنها "سخيفة".
وقبل أن تستكمل المذيعة أسئلتها – ظهر عليها الارتباك والحرج من أسلوب جالاوي- وفاجأها بقوله: يا لك من شخصية سخيفة، الكذب يظهر على تعبيرات وجهك، فأنتم الصهاينة لا تفهمون إلا لغة الدم..هل تعرفين اسم شخص واحد من الأسرة التي قتلتها إسرائيل علي شواطئ غزة في فلسطين؟ أنت تعرفين كل شيء عن الجنديين الأسيرين ؟ واختتم جالاوي حديثه بالقول: "مشكلتكم أنكم تعتبرون الدماء الإسرائيلية أغلي من الدماء الأخرى" .
وقد أثار جالاوي جدلا واسعا عام 2006 عندما شارك في البرنامج التلفزيوني الأخ الأكبر (نسخة المشاهير). وكان قد أعلن انه في حال فوزه فانه سيتبرع بقيمة الجائزة إلى انتربال وهي منظمة خيرية تقدم الدعم للشعب الفلسطيني.
وتعود أصل الحكاية والارتباط بالشأن الفلسطيني كما يقول جالاوي في الفصل الثالث –من كتابه أنا لست الوحيد- عن الواقعة التي غيّرت مجرى حياته .. فقد حدثت عام 1975 وكان حينذاك قد أمضى ثمانية أعوام في خدمة حزب العمال حتى أصبح رئيساً لفرع الحزب في اسكتلاندا .. قال: حضر إلى مكتبي رجل غريب وقدّم نفسه باسم "سعيد حمامي" فلسطيني من الأردن .. وكانت هذه أول مرة ألتقي فيها برجل عربي .. كان يبدو لي مثل نجم السينما المشهور عمر الشريف .. قال: أنا أمثّل إتحاد الطلبة الفلسطينيين في جامعة "دندى" وأريد أن أناقش قضيتنا مع قادة حزب العمال .. قلت له : لا يوجد هنا أحد من القادة .. ولكن يمكنك أن تناقش معي قضيتك .. مكثت أستمع إليه لمدة ساعتين فأدهشني لبساطة حديثه وصدقه .. أقنعني بقوة حجته فوجدت نفسي أقول له : اعتبرني من هذه اللحظة عضواً في المقاومة الفلسطينية .. تضمّن حديث الشاب الفلسطيني سرداً كاملاً مفصلاً لوقائع النكبة التي حلت بوطنه وشعبه .. وكيف اختفى وطن بأكمله من خريطة العالم .. وتشتّت شعبه في الأرض ليقاسي ويلات اللجوء والتشرد، والأسوأ من كل هذا أن يغمض العالم عينيه عن هذه المأساة فلا يعبأ بها ...
بدأ جالاوي يتحدّث عن القضية الفلسطينية في مجموعة من أصدقائه الاشتراكيين والثوريين الذين كانوا يقفون ضد الإمبريالية العالمية ويؤيدون حركات التحرير في أفريقيا وأمريكا اللاتينية .. ولكنهم يقفون مع إسرائيل ضد الفلسطينيين .. فأثار هذا الموقف استغرابه وراح يحلل هذه الظاهرة حتى اهتدى إلى سببين أساسيين :
الأول: أن الصهيونية دأبت على ترويج وترسيخ فكرة أن "فلسطين أرض بلا شعب وأن اليهود شعب بلا أرض" .. والحقيقة هي أن الصهيونية هي الوجه الآخر لعملة اللاسامية، وأما الوجه الأول فيتمثل في جميع الأوربيين الكارهين لليهود الذين عملوا بكل قوة لتهجير اليهود من أوروبا ، وكانت الصهيونية تتآزر معهم وتتعاون على اقتلاع اليهود من أوروبا وتهجيرهم إلى أرض فلسطين.. يضاف إلى ذلك أن اليهود قبل شيوع الحركة الصهيونية كانوا من أكثر خلق الله انخراطاً في الحركات الثورية والاشتراكية وكانوا من أبرز قادتها فكراً وعملا .. كان ماركس وتروتسكى يهوديين.
وللأسف لم يكن أحد من أصدقاء جالاوى يفهم أن الاحتلال العسكري الاستيطاني في فلسطين ظاهرة إمبريالية، ولا علاقة لها مطلقاً بالأفكار الثورية التي عرفت عن اليهود في أوربا.
أما السبب الثاني لدعم اليساريين لإسرائيل فيرجع إلى أنه في الستينات والسبعينات من القرن العشرين كان يحكم إسرائيل حزب العمال الذي كان يفخر بانتمائه للاشتراكية الدولية ويروج للطبيعة الاشتراكية لإسرائيل ويشجع الشبان على زيارة الكيبوتزات في إسرائيل، ليروا بأنفسهم كيف تهتم إسرائيل بتربية أطفالها تربية اشتراكية .. وفي نفس الوقت يتمتع الشباب بالإقامة المجانية وأطايب الطعام والحب المتحرر من كل القيود .. الشيء الوحيد الذي حُجب عن هؤلاء الشبان هو أن الأرض التي أقيمت عليها هذه الكيبوتزات أرض مغتصبة .. وأن أصحابها الحقيقيين يرتعدون من البرد والجوع في مخيمات اللاجئين المتناثرة في كل مكان ...!!
كذلك حجبوا عنهم حقيقة أخرى وهي أن إسرائيل التي تدّعى الاشتراكية كانت تعتمد اعتماداً كلياً على الولايات المتحدة أكبر رأسمالية إمبريالية في العالم .. تمدها بعناصر الحياة والقوة كما كانت تساند – في نفس الوقت – نظاماً عنصرياً مثيلاً في جنوب أفريقيا ضد الأغلبية السوداء المقهورة .. بهذا الفهم العميق تبنى جالاوي القضية الفلسطينية .. وأكدت له الأحداث .. والمعرفة المتراكمة عبر ثلاثين سنة أن اختياره كان صحيحاً ...
العراق في يقين جالاوي ..معاداة البعث والأمريكان:
أسس جالاوي مع ناشطين آخرين في سبعينيات القرن الماضي حملة ضد القمع ومن أجل الحريات المدنية في العراق، شنت هجوما حادا على ممارسات نظام صدام حسين خاصة قمعه للحزب الشيوعي العراقي.
وكان من أشد المنتقدين للعقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق في أعقاب حرب الخليج الثانية عام 1991، والتي رأى أن المتضررين منها هم أطفال العراق وليس النظام، ولذلك أسس قافلة إغاثة طبية عرفت باسم "قافلة مريم"، لكسر الحصار الاقتصادي عن العراق وقيامه بزيارة صدام حسين عام 1994 و 2002 ، وقد شجعت حملته قادة وسياسيين آخرين (مثل هوغو شافيز) بكسر الحصار على العراق وتشجع من بعدهم بعض الزعماء العرب.
وقد زار جالاوى سوريا ولبنان والمغرب ومصر ودولاً عربية أخرى ولكن الدولة الوحيدة التي لم تدْعه لزيارتها كانت العراق .. وكان يعلم أنه لو ذهب إلى العراق لأُلقى القبض عليه .. ذلك لأنه كان يكتب ويخطب ضد حزب البعث وجرائمه ضد الشعب العراقي ( خلال السبعينات) وكان ينادى بالديمقراطية والحرية للشعب العراقي .. حتى خشي عليه أصدقاؤه الفلسطينيون من تهديدات حزب البعث له بالقتل.
يقول جالاوى : كنت أقود المظاهرات في لندن خارج السفارة العراقية ضد صدام حسين بينما كان صدّام في ذلك الوقت هو الصديق المدلّل للحكومتين البريطانية والأمريكية .. لأنه كان يحارب إيران نيابة عنهما، وكانت الصفقات التجارية وشحنات الأسلحة تجرى إليه على قدم وساق .. وكان رامسفيلد يزور العراق ويلتقي بصدام حسين يشجعه على استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الإيرانيين .. كانت أمريكا وبريطانيا تبيعان الأسلحة لصدام حسين حتى بعد واقعة حلبجة التي استخدم فيها صدام أسلحة كيماوية ضد الأكراد من أبناء شعبه الأبرياء .. وكانت أمريكا وبريطانيا تعلمان كل تفاصيل هذه المجزرة المأساوية ولكنهما هوّنتا من شأنها وأخفتا حقائقها ..! قالوا : إن ضحاياها لا يزيدون عن أربعمائة .. فلما خاصمتا العراق وأرادتا اختلاق ذرائع للحرب ارتفع عدد ضحايا حلبجة في تصريحاتهم إلى ثمانية آلاف ضحية ..!.
خرج صدام حسين من حرب إيران بجيش كبير قوامه مليون جندي مسلح بترسانة عسكرية أمريكية بريطانية .. ولكن أحد أخطائه الفادحة أنه أعلن في أحد مؤتمرات القمة العربية: أنه إذا قامت إسرائيل بالهجوم على أي دولة عربية فإن لدينا السلاح الذي يستطيع أن يحرق نصف إسرائيل .. هنا بدأ أصدقاء الأمس يستشعرون خطره على إسرائيل فاستدرجوه لغزو الكويت .. وكانت هي الصخرة التي حطم رأسه عليها ..ثم بدأت حملات الدعاية الأمريكية البريطانية حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل تمهيداً لشن الحرب على العراق ...
يقول جالاواى: "شعرت بخطر المنزلق الذي تجرنا إليه الإمبريالية الأمريكية .. وبدأ اليسار البريطاني ينضم إلينا في حركتنا ضد الحرب" .. فلما بدأ غزو العراق تحدّث جالاوى في لقاء مع تليفزيون دُبَيّ فوصف بلير وبوش بأنهما هبطا كالذئاب الجائعة على شعب العراق الأعزل .. فالتقطها أحد المنافقين من وزراء بلير وكتب مقالاً فاحشاً ضد جالاوى، وأرسله إلى صحيفة إسكوتلاندية هي "إسكوتش ديلى ريكورد" فرفض رئيس تحريرها "بيتركوكس" أن ينشرها وبعث برسالة إلى صديقه جالاوى يحذّره .. قال: "لم أستطع أن ألوّث يدي بدم جالاوى لأنك واحد من القلائل من أصحاب المبادئ في هذه الحكومة .. لقد جلست إليك وعرفت وجهة نظرك وأوافقك عليها .. ولكن كُنْ حذراً يا جورج فإن الوحوش قد نزلت إلى الساحة لافتراسك" ...!!
فقد "بيتر كوكس" وظيفته بسبب موقفه ، وهذا ما يحدث للصحفيين الشرفاء اليوم في بريطانيا كما يحدث في أمريكا .. وهى مسألة تدور في الخفاء ولا يجرؤ أحد على الخوض فيها خوفا على مصيره الشخصي ..
إن الصحفيين البريطانيين والأمريكيين يعلمون أن صحفهم جزء من إمبراطوريات إعلامية يملكها أباطرة غلاظ الأكباد مثل روبرت موردوك وأمثاله من الصهاينة ...
تسرب المقال فنشرته صحيفة الـ "صن" ( وهى تابعة للإمبراطور موردوك ) تحت عنوان ضخم [ الخائــن ] في صفحتها الأولى .. وعندها فُتحت أبواب جهنم باللعنات تتدفق على رأس جالاوى من كل مكان .. وفى هذا يقول : " امتلأ بريدي وموقعي على الإنترنت بسيل من الإهانات والشتائم المقذعة .. وتدفقت المكالمات التليفونية الجارحة ليل نهار على مساعدي مكتبي فانقلبت حياة الجميع إلى جحيم".
يصف جالاوى السنوات الخمسة الأولى من الحصار فيما بين 1990 و 1995 وكيف تحولت الحياة فى بغداد إلى جحيم .. ثم جاءت مرحلة (النفط مقابل الغذاء) مع استمرار الحالة المأساوية لشعب العراق وأطفال العراق .. مرحلة بالغة القسوة راح ضحيتها نصف مليون طفل عراقي ...
ذهبت مذيعة أمريكية من تليفزيون (CBS) هي "ليزلى ستيل" إلى بغداد وشهدت ما حلّ بأطفال العراق من كوارث .. وسألت "مادلين أولبرايت" وزيرة الخارجية : كيف نبرر موت نصف مليون طفل عراقي ..!؟ فأجابت الوزيرة بكلمات يصفها جالاوى بأنها [ أوزار ستحملها أولبرايت على كتفيها يوم القيامة وهى في طريقها إلى جهنم ] .. قالت: إنه أمر مؤسف ولكننا نعتقد أن الأمر يستحق هذا الثمن ..!!.
السلام عليك يا مريم :
يقول جالاوي : في زيارتي لبغداد سنة 1989 دخلت عنبر الأطفال في مستشفى بغداد وشاهدت مئات المرضى الذين كُتب عليهم الموت بسبب الحصار ونقص الدواء المناسب .. وبينما كنت أمر على المرضى استوقفتْ نظري طفلة في الرابعة من عمرها لها وجه ملائكي واسم ملائكي إنها "مريم حمزة" .. استمعت إلى تشخيص حالتها من الطبيب .. شيء يوجع القلب ..! خصوصا وأن المستشفى يفتقر إلى الأدوية والأجهزة اللازمة لعلاجها .. وقررت أن آخذها معي إلى بريطانيا للعلاج : لم أفكر لحظتها فيما إذا كانت أسرتها ستسمح بذلك أم لا ..؟ أو هل يسمح النظام بذلك أولا يسمح ..؟ .. أو هل يوافق "روبين كوك" وزير خارجيتنا على منح مريم تأشيرة دخول ..!؟ .. بل لم أفكر من أين نأتي بالمال للإنفاق على رحلتها وإقامتها مع ذويها وعلاجها في بريطانيا .. وماذا سيكون موقف الإعلام البريطاني من هذه المغامرة غير المسبوقة ...؟ لم أفكر في شيء سوى ضرورة علاج مريم في بريطانيا مهما كان الثمن ...
لما شرعنا في الإجراءات بدأت العُقد تنحل واحدة بعد الأخرى .. واستقرت مريم في مستشفى جلاسجو .. كل مشكلات مريم انحلت إلا مشكلتي مع الصحافة والإعلام البريطاني فقد وُجّهتْ إليّ موجة جديدة من الهجوم بدأتها صحيفة "الديلى تلجراف" [ وهي من ممتلكات مردوك الصهيوني] تحت عنوان "الغبي المفيد لصدام " ثم توالت الهجمات المتلفزة تصف الطفلة البريئة بأنها " سلاح صدام السري".. وخرج طبيب نفسي لا أدري من أي مستنقع جاء ليتّهمني على التليفزيون [وياللعجب] بتعريض طفلة شرقية للاضطرابات النفسية..!
والسبب عنده هو أنها صُدمت عندما رأت في مطار جلاسجو نساءً يلبسن "سكيرت" إزار قصير فوق الركبة وقد اعتادت أن ترى أهلها من النساء يلبسن الشادور الأسود الذي يغطيهن من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين .. هُراء ما بعده هُراء!! تحمّلته كله وأنا أتابع علاج الطفلة .. حتى حدثت المعجزة وزالت حالة الخطر عن مريـم ..
يتابع جالاوي حديثه فيقول: كم كنت سعيدًا بهذا الخبر ..! ولكن حكومة بلير لم تدعني أنعم بهذه اللحظة السعيدة إذ سلّطت علىّ "جولد سميث" النائب العام ، الذي أفتى من قبل بشرعية غزو العراق نفاقاً لسيده .. وهو هنا يريد فتح تحقيق لمعرفة ما إذا كان جمْع أموال تبرعات لغرض العلاج في حالة مريم العراقية فيه مخالفة للقانون ..؟! لقد أرادوا بذلك أن يدخلوني في دوامة جديدة من التحقيقات والإثارة الإعلامية للتغطية على ما ظهر من حقائق في حملتنا لعلاج مريم .. فقد عرف الناس أن حكومتهم ترتكب جرائم حرب في العراق ، وبرز بوضوح للرأي العام البريطاني التأثير المدمر للأسلحة المصنوعة من اليورانيوم المنضّب .. في نشر السرطان بين السكان المدنيين في العراق .. مما يشكّل جرائم حرب حقيقية .. فالولايات المتحدة وحدها أسقطت على العراق ثلاثين ألف قذيفة من هذا النوع ، وأطلقت تسعمائة ألف رصاصة ، إضافة إلى 30 ألف طن من المخلفات المشعّة‘ كل هذا لتلويث الهواء والماء والتربة والطعام والأجسام .. وكان الأكثر تأثّراً بذلك هم أطفال العراق ...
إغاثة الشعب العراقي :
من "بيج بن" إلى بغداد في رحلة لكسر الحصار : يقول جالاواى عن هذه الرحلة: "قصدنا بهذه الرحلة عام 1999 إذاعة عملية "إغاثة مريم" ونشرها بين عشرات الملايين من المشاهدين في أنحاء العالم خرجنا في حافلة كبيرة من أمام ساعة "بيج بن" وسط لندن حتى وصلنا إلى فرنسا ومنها إلى أسبانيا ثم عبرنا مضيق جبل طارق إلى المغرب .. ثم الجزائر وتونس وليبيا ومصر والأردن، وهناك عبرنا الحدود حتى وصلنا إلى بغداد .. حيث فوجئنا بطوفان من البشر قُدر عددهم بثلاثة ملايين .. استقبلونا بالأهازيج والهتافات ولافتات الترحيب .. كانت البعثة مؤلفة من مجموعة مختارة من نشطاء حزب العمال والثوريين السابقين من الطلاب والموسيقيين والأكاديميين ..وقد تكلّف الشيخ زايد آل نهيان بنفقات الرحلة التي استغرقت ستة أيام عبرنا فيها ثلاثة قارات .. وكنا نعيش معاً : نعد طعامنا ونأكل ونغسل ثيابنا بأنفسنا .. توثقت علاقتنا الإنسانية وارتفعت روحنا المعنوية .. وكنت حريصاً ألا يصحبنا في هذه الرحلة أحد من النساء اتّقاءً للشبهات ، وحتى لا نعطى للمتربّصين بنا فرصة لمهاجمتنا وتشويه أهدافنا الإنسانية" ..تلت هذه رحلة جوية سنة 2000م لخرق الحصار الجوي فلما وصلنا إلى مطار بغداد خرجت التايم اللندنية بعنوان كبير: [عضو البرلمان يخرق الحصار الجوي على العراقي] ...
اتهامات باطلة لكسر روح المقاومة :
يقول جورج جالاوى في رده على اتهامات حكومة بلير بالعمالة لصدام حسين: "في جميع رحلاتي إلى العراق لم ألتق بصدام سوى مرتين، في الأولى التقيت به مع مجموعة كبيرة من الناس، وفي الثانية حاولت إقناعه بالسماح لفريق تفتيش الأمم المتحدة لدخول العراق ظناً مني أن هذا سوف يؤدى إلى إنهاء الحصار ووضع حد لمعاناة الشعب العراقي"، و قد تبيّن لي فيما بعد أنني كنت مخطئاً في تقديري ..فقد كان استمرار الحصار مقصودا وكانت الحرب في طريقها إلى العراق لا محالة ... فعندما عدت إلى بريطانيا أعلنت لهم في البرلمان أن صدام لا يملك أسلحة دمار شامل وسوف يسمح لفريق التفتيش بالعمل في العراق .. ولكن لم يصدقني أحد في الحكومة ولا في الصحافة .. ثم أظهرت الأحداث أن الدكتاتور الشرير كان صادقاً في كلامه وفي وعده كليهما .. أما قادة العالم المتحضر أمثال بوش وبلير فقد كذبوا على شعوبهم وعلى العالم تبريراً لجريمة غزو العراق ..".
يذكر لنا جورج جالاوى هنا عبارة بالغة الدلالة يقول فيها : " لقد قامت بريطانيا وأمريكا بغزو العراق وتدميره لأنه لا يملك أسلحة دمار شامل ولا يمثل خطراً عليهم وهما يعلمان هذه الحقيقة .. ولم يقوما بغزو كوريا الشمالية لأنها تملك بالفعل أسلحة نووية وستكون خطرا عليهم لو أنهم أقدموا على غزوها أو الاقتراب من حدودها ...!! "
لبنان :
لم يتوان جالاوي عن دعم القضية اللبنانية منذ بداياتها وبقي على نشاطه من أجل حقوق الفلسطينيين حتى الحرب الصهيونية ضد لبنان في 1982، فسافر جالاوي إلى هناك مع زميله روبرت فيسك، وشكلا في لندن لجنة طوارئ وإغاثة ضد الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان.
وفي يوليو 2006 أثناء الاعتداء الصهيوني على لبنان، قاد جالاوي مظاهرة في لندن تحت عنوان "ارفعوا أيديكم عن لبنان"، وصف خلالها الكيان الصهيوني بالدولة الإرهابية والحكام العرب بالخونة الفاسدين.
وعارض جالاوي حرب إسرائيل على لبنان وحمل إسرائيل المسؤولية قائلا في مقابلة مع شبكة سكاي3: "حزب الله جزء من المقاومة الوطنية اللبنانية التي تحاول طرد الإسرائيليين مما تبقى من أراضيها إضافةً إلى استرجاع آلاف الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال 18 عاماً من احتلالها غير الشرعي للبنان" واصفا إسرائيل بالدولة الإرهابية. واعتبر جالاوي أن قرار الأمم المتحدة حول لبنان "لن يحلّ الأزمة لأنه لن يمنح لبنان شيئاً"، مشيراً إلى أن "الاتفاق الشامل والعادل يحلّها، لأن السلام لا يحلّ بانعدام العدالة".
قوافل شريان الحياة "تكفير عما اقترفته الأنظمة":
ولعل ولعه بالحق الفلسطيني ورفضه القاطع للحصار الصهيوني الغاشم على قطاع غزة يرجعه بالأساس إلى " أنا بريطاني الأصل، والبريطانيون كانوا طرفًا في كتابة الوثيقة التي سبَّبت المأساة الفلسطينية الحالية حين وعد "بلفور" باسمه طرفًا آخر إعطاء أرض فلسطين لطرف ثالث، وهو ما يجعلني ويجعل كثيرًا من النشطاء نشعر بالذنب العميق تجاه هذا الشعب الأعزل".
نظم جالاوي قافلة شريان الحياة 1 التي انطلقت من بريطانيا ودخلت قطاع غزة في مارس 2009 وضمت نحو 300 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية ودوائية وغذائية.
كما دعم جالاوي قافلة "فيفا باليستينا" أو "عاشت فلسطين"يوليو 2009؛ والتي جمعت نحو مليوني دولار من ولايات أمريكية عدة، ضمت 200 ناشط من حاملي الجنسية الأمريكية، ولكن أصولهم مختلفة؛ هنود وأمريكان وأفارقة وألمان وباكستانيون ومصريون وفلسطينيون وفرنسيون وكوريون وغيرهم، وكذلك أصحاب المناصب العليا وبعض المسئولين، فضلاً عن نشطاء من كافة الأديان اليهود والمسيحيون والمسلمون. وهي القافلة الثانية لبعض نشطاء العالم، وقطعت "فيفا بالاستينا" آلاف الكيلو مترات ومرَّت بما يقرب من ثماني دول تعرَّضت خلالها لصعوبات عديدة، الأمر الذي يستسهله جالاوي بقوله : كنت قد وعدت شعب غزة بالعودة مرةً أخرى بقافلة تنطلق من الولايات المتحدة..ولعل أبرز ما دفع جالاوي لتحريك قافلة عاشت فلسطين من أمريكا: بحسب قوله- أن كل حجر وسلاح يستخدمه الكيان في عدوانه على فلسطين يُقدَّم مجانًا من الولايات المتحدة، وهو ما سبَّب المأساة الحقيقية، لذلك رأيت أن الشعبَين الأمريكي والبريطاني عليهما تحمُّل أخطاء حكامهم لصمتهم عليها حينها، ولذلك قررت أن تكون نقطة انطلاق "فيفا بالاستينا" من الولايات المتحدة.
شريان الحياة 3 :
وفي 5 يناير 2010، قاد جالاوي قافلة شريان الحياة لرفع الحصار عن شعب فلسطين في غزة بالمشاركة مع نواب من تركيا وكانت القافلة تحمل مساعدات وأدوية وسيارات.
قاد جالاوي القافلة من تركيا إلى سوريا ثم الأردن ولكن عند الوصول للعقبة فوجئوا بمعارضة شديدة من الحكومة المصرية وأجبرتهم للعودة من الأردن ثم اللاذقية للإبحار إلى العريش مسافة تقارب 1800 كم وتكاليف إضافية تقارب أكثر من نصف مليون دولار أمريكي، وبعد الوصول إلى ميناء العريش يوم 5 يناير احتجزت القافلة في ميناء العريش لعدة ساعات دون توفير الأكل أو الشرب لهم، مما أدى إلى وقوع صدامات مع الأمن المصري.
إثر ذلك، قام النائب العام المصري بفتح تحقيق في الحادث تم على إثره اعتبار جالاوي شخصاً غير مرغوب فيه قي مصر وممنوع من دخولها مستقبلاً، كما طلب القبض على سبعة أشحاص من القافلة اتهمهم بالقيام بأعمال إجرامية والتخريب واحتجاز موظفين مدنيين بالميناء بالمخالفة للقيم والأعراف. وعند الوصول إلى غزة عبر معبر رفح كان في استقبالهم أبناء غزة حكومة وشعباً وقابلوهم بكل حفاوة.
ورغم ما واجهه جالاوي من صعوبات نجح في تسيير قوافل شريان الحياة 1، 2، 3، ويعد العدة لإطلاق شريان الحياة 4، ويؤكد أنه لن يتوقف، رغم الصعوبات العربية والمصرية منها بشكل أخص، التي واجهها ويواجهها، وآخرها حظر دخوله الأراضي المصرية، ومع إصراره على دعم الحق الفلسطيني نجح جالاوي في حشد أنظمة دولية كماليزيا وتركيا وجنوب أفريقيا وفنزويلا لمناصرة أبناء غزة.
وإزاء الصلف الصهيوني ضد أسطول الحرية، قال جالاوي: 6 سفن أحرجت العالم وأربكت العدو الصهيوني.كيف سيتصرف العالم حين تتحرك 60 سفينة في شهر سبتمبر 2010 إلى قطاع غزة، وكذلك مئات الشاحنات من كل الاتجاهات نحو غزة، وذلك خلال زيارته لليبيا في يوليو 2010، موضحا: "هذا ما قدمنا من أجله وهذا ما سنعمل على تحقيقه ولن نتوقف حتى يرفع الحصار كليا عن غزة مهما كان الثمن ومهما طال الزمن وسنعمل على تحرير فلسطين.. أن لم اشهد هذا فسيشهده(ابني زين الدين جورج جالاوي) ..".
ويؤكد جالاوي أن الرسالة التي يحملها بقوافل الإغاثة التي لن تتوقف حتى يفك الحصار عن شعب غزة الأعزل: نقول للشعب الفلسطيني وللعالم بأسره إذا كانت الحكومات العربية والغربية قد تخلت عن الشعب الفلسطيني، فإن الشعوب العربية والعالمية لم ولن تتخلى عنهم أبدًا.
مناصرة فنية:
يعتزم عضو مجلس العموم البريطاني السابق جورج جالاوي، المشاركة فيلم سينمائي عالمي عن القضية الفلسطينية من إخراج المخرج الأمريكي الشهير مايكل مور. فبعد أن فقد مقعده البرلماني في الانتخابات البريطانية العامة مؤخرا، سافر جالاوي إلى الولايات المتحدة، للبحث في إمكانية المشاركة فيلم سينمائي بالتعاون مع مور، يتكلف الفيلم نحو 2 مليون جنيه إسترليني.
رفض الهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية :
يعلل جالاوي رفضه للمخططات الأمريكية والبريطانية وحلفائهم من قوى الاستعمار العالمي (أمر لا يحتاج إلى عبقرية آينشتاين، وأن الأمريكان يريدون النفط العربي، ويرغبون في تقسيم العرب من جديد، لأن ضعفهم وتفرقهم ضمانة للسيطرة الاستعمارية الأميركية والإسرائيلية على هذه المنطقة، بغرض امتصاص خيراتها حتى آخر رمق ، وليس من اهتمام أميركي من أي نوع بالقيّم الديمقراطية، أو ما أشبه من كلام لم يعد يستهلكه أحد)....وهكذا يقدم جورج جالاوي نموذجا للمقاومة والروح القتالية الداعمة للحقوق المشروعة للشعوب العربية .زفكم نحتاج إلى آلاف الشخصيات من أمثال جورج جالاوي ليرفع عنا عار الكارازيات الخانعين للهيمنة الأمريكية والصهيونية التي تجتاح شعوب المسلمين بأيدي فئة من بني جلدتنا المتاجرين بدماء شعوبهم....
*صحفي وكاتب إسلامي مصري.
"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"
كتب أ. رضا عبد الودود*
294
نموذج فريد ندر وجوده في الوقت التي تسيطر فيه لغة المصالح وحسابات الربح والخسارة بل والاتجار بالمبادئ..
النائب البريطاني السابق جورج جالاوي الذي طالما أقسم أن يعود إلى أهل غزة ويوفي بعهده رغم الأثمان الباهظة التي يتكلفها جراء رفضه للهيمنة الصهيونية والعدوان السافر على أهل غزة وعلى جميع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة..يقدم نموذجا للشخصية المقاومة التي تحتاج إليها البشرية في طورها الراهن..
فها هو الآن يقود قافلة شريان الحياة 5 التي انطلقت السبت 19/9/2010 من لندن إلى قطاع غزة، وتلتقى القافلة في ميناء اللاذقية السوري في مطلع أكتوبر القادم باثنتين آخريتين إحداهما تنطلق من العاصمة القطرية الدوحة والأخرى المغرب والجزائر، وتضم القافلة أكثر من 200 سيارة و400 مشارك.
جورج جالاوي صديق العرب .. الذي تعرّض للاضطهاد في بلاده بسبب هذه الصداقة وبسبب إيمانه بضرورة نصرة قضاياهم في العراق وفلسطين ..
هذا هو جورج جالاوي الذي قاد قافلة سابقة لكسر الحصار عن العراق .. وهاهو يقود قوافل الإغاثة لكسر الحصار عن غزة .. مضحّيا بوقته وراحته متجشّما مشقة السفر الطويل .. والحياة بعيدا عن منزله وأسرته وما يكفلونه له من وسائل الراحة ...
جورج جالاوي حورب من قيادات حزبه (حزب العمال البريطاني) و من زعيمه توني بلير.. وحورب من قِبل الصحافة الصهيونية في بريطانيا بسبب مواقفه المبدئية الشجاعة ضد الحصار الأمريكي البريطاني على شعب العراق ..وضد الحصار والممارسات الإجرامية للاحتلال الصهيوني في فلسطين .. لقد تآمرت عليه كل القوى الشريرة في بريطانيا فطرد من الحزب الذي كرّس كل حياته لخدمته .. وقُدّم للمحاكمة بتهم مزيفة أشترك في تزييف وثائقها الحاكم العسكري الأمريكي في العراق .. وكان المقصود بكل هذا: القضاء على مستقبله السياسي وتشويه سمعته .. وصرف الناخبين البريطانيين في دائرته عن تأييده ...
ولكن يشاء الله .. أن تنقلب كل هذه التدابير الشريرة على رؤوس أصحابها .. فقد برّأه القضاء البريطاني من كل التهم الموجّهة إليه .. وأكد أن وثائق الاتهام التي قُدّمت ضده للمحكمة قد أثبت الخبراء زيفها .. ثم جاءت نتيجة الانتخابات العامة التالية خلافا لكل توقعات أعدائه .. فقد حصل على أغلبية ساحقة من أصوات الناخبين في دائرته التي رشح نفسه فيها مستقلا .. بينما رسب المرشح العمّالي الذي اختاره توني بلير ...
لم يهدأ جورج جالاواي بل تصاعد نشاطه السياسي فأنشأ حزبا معارضا باسم(رسبكت RESPICT) .. وقاد مظاهرات حاشدة ضد الحرب في العراق اشترك فيها مئات الآلاف من البريطانيين.. تصاعدت أعدادها خلال السنوات الأريعة الماضية لتصل إلى نصف مليون .. ثم بلغت ذروتها في آخر مظاهرة احتجاجا على محرقة غزة لتصل إلى مليون شخص ...
إنه الرجل الذي بلغت شجاعته حد المواجهة للسياسة الأمريكية في عقر دارها.. عندما دُعي للإدلاء بشهادته أمام الكونجرس الأمريكي ليسألوه عن سر عدائه لأمريكا وافترائه عليها (في زعمهم) .. كانوا يظنون أنهم سيفحموه بمنطق الاستعلاء الأمريكي، وسيضطروه لطأطأة الرأس تحت سطوة الكونجرس، وأبّهة المكان .. ويجبروه في النهاية على التوبة والاعتذار .. فإذا به يقف شامخا هادئا واثقا أثناء الحوار .. فيقلب المائدة عل محاوريه ...
قال جالاوي: " ليس عندي سبب واحد يجعلني أخجل مما قلت أو فعلت .. فما قلتُ غير الحقيقة وما فعلتُ غير الواجب الذي تفرضه معرفة الحقيقة على كل إنسان ذي ضمير حيّ يحترم الحقيقة ويحترم نفسه .. أما الذي كان ينبغي أن يخجل من نفسه .. فهو أنتم .. لقد كذبتم على العالم وعلى الشعب الأمريكي ودفعتم بشبابكم لحرب لا مبرّر لها على الشعب العراقي .. حرب قائمة على مجموعة من الأكاذيب والافتراءات ثبت عدم صحتها .. فمن هو أولى بالخجل أنا لقولي الحقيقة أم أنتم لكذبكم ...!؟"
النشأة :
وُلد جورج جالاوي في مدينة "داندي" في اسكتلندا في 16 أغسطس عام 1954 لأسرة أيرلندية كاثوليكية متدينة، ودرس في كلية "هاريس"، بدأ الانخراط في العمل السياسي مبكراً فانضم لحزب العمال في سن الخامسة عشرة. ثم انتخب أمينا عاما لفرع الحزب في داندي وكان آذاك في السادسة والعشرين من عمره. وأصبح منظم الحزب عام 1977.
ثم أصبح أمينًا عامًا لهيئة مكافحة الحرب ضد الحرمان بين عامي 83 19، 87 19.
أصبح جالاوي نائباً في البرلمان للمرة الأولى ممثلاً عن حزب العمال في عام 1987 حتى عام 97 19عن منطقة "هيلهد" ، ثم نائبًا عن "جلاسجو" من العام 1997.
ثم اختير رئيساً للجنة الشئون الخارجية في البرلمان البريطاني عن حزب العمال، ورئيس اللجنة البرلمانية للصداقة بين بريطانيا والبرتغال ورئيس المنتدى البريطاني- العراقي، ومنسق لجنة الطوارئ الخاصة بالعراق وفلسطين.
ويعد جاولاي نائب مخضرم في مجلس العموم البريطاني، حيث خاض معارك ضارية في الانتخابات ضد أنصار الصهيونية وأنصار نموذج الاستعمار الجديد، ويكتب مقالاً أسبوعيًا في صحيفة "ميل أون صنداي" .
من العمال إلى الاحترام:
وصل الصدام بين جالاوي وحزب العمال إلى مداه في عام 2003 حين عارض بشدة الحرب على العراق، في لقاء تلفزيوني قال فيه إن كل من "توني بلير" و"جورج بوش" كذبا على شعوبهما وجرا بلادهما إلى الحرب بناء على مجموعة من الأكاذيب.
كما تبادل جورج جالاوي ووزير الدولة للشؤون الخارجية (بن براتشو) آنذاك الاتهامات والشتائم ، مما دفع إلي رفع الجلسة وأدي إلى زيادة عدد المعارضين داخل الحكومة ومجلس الوزراء البريطاني ليزيد عن سبعين عضواً.
ووصف حكومة حزب العمال بـ: "آلة كذب توني بلير"، ووصل به الأمر إلى حد اتهام "بلير" ـ زعيم حزبه ـ بتوريط البلاد في حربٍ لحساب الولايات المتحدة الأمريكية، كما اتهم "بلير" بأنه ذيل للرئيس الأمريكي "جورج بوش"، وناشد الجنود البريطانيين أن "يرفضوا تنفيذ الأوامر غير الشرعية". وبسبب هذه التصريحات والمواقف طرد جالاوي من حزب العمال البريطاني بعد أكثر من 34 عاما قضاها كعضو فيه.
لم يتوقف جالاوي عند تلك المحطة بل أسس حزب "الاحترام respect"، الذي ضم المعارضين لحرب العراق، وخاض الانتخابات عام 2005 ليكسب مرة أخرى مقعداً في البرلمان، وفي أعقاب فوزه وجه خطاباً لرئيس الوزراء توني بلير قائلا: "من أجل العراق يا سيد بلير، من أجل كل من قتلت هناك، فقد عدت مرة أخرى لأطاردك".
ويعود السبب الرئيس لابتعاد جالاوي عن حزب العمال انخراط حزب العمال في منظومة الشركات العملاقة ذات النزعة الإمبريالية ، بل أصبح في هذا منافساً لحزب المحافظين ، فلما تساويا أصبح أفضلهما من يقدم تنازلات أكثر وخدمات أكبر ، وكانت هذه لعبة بلير الذي نجح في إقناع حكومة حزب العمال الجديد أن تنشط في مجال الخصخصة وتمنح عقوداً بالمليارات لشركات الصناعات الحربية .. تعود ببعضها على حزب العمال لينفق على حملاته الانتخابية ويطيل عمره في السلطة لمنحها بدوره عقوداً جديدة .. لقد حرص جالاوي على طهارة يديه من المال الحرام، وهو حالة نادرة بين جميع السياسيين فهو لا يقرب الخمر .. لقد حمل حياته ومستقبله السياسي على كفّيه وهو يخوض معارك ضارية ضد الظلم والقهر والاستغلال في شجاعة نادرة .. وهو اليوم يقود أكبر حركة احتجاج ومقاومة ضد الحروب الإمبريالية ..
جالاوي مؤيد للقضايا العربية :
فلسطين:
بدأت علاقته بالقضية الفلسطينية عام 1974 حينما تمت التوأمة بين مدينة داندي ونابلس وأيد اثر ذلك قرار المجلس البلدي برفع العلم الفلسطيني على دار البلدية وكانت تلك أول مرة في الغرب يرفع فيها العلم الفلسطيني على مبنى عام. وفي عام 1989 أقام توأمة بين مدينة غلاسكو وبين بيت لحم. وفي عام 1980 أنشأ اتحاد أصدقاء فلسطين برئاسته . ثم اختير منسق لجنة الطوارئ الخاصة بالعراق وفلسطين في البرلمان البريطاني عام 1997.
وخاض جالاوي العديد من المعارك ضد أنصار الصهيونية في شتى أنحاء المعمورة عبر وسائل الإعلام وعبر البرلمان واللجان الشعبية، وفي مقابلة مع قناة (سكاي نيوز) أجرتها معه مراسلة القناة في القدس المحتلة، هاجم جالاوي وسائل الإعلام البريطانية المنحازة للكيان الصهيوني، ووصف أسئلة المراسلة المتحيزة بأنها "سخيفة".
وقبل أن تستكمل المذيعة أسئلتها – ظهر عليها الارتباك والحرج من أسلوب جالاوي- وفاجأها بقوله: يا لك من شخصية سخيفة، الكذب يظهر على تعبيرات وجهك، فأنتم الصهاينة لا تفهمون إلا لغة الدم..هل تعرفين اسم شخص واحد من الأسرة التي قتلتها إسرائيل علي شواطئ غزة في فلسطين؟ أنت تعرفين كل شيء عن الجنديين الأسيرين ؟ واختتم جالاوي حديثه بالقول: "مشكلتكم أنكم تعتبرون الدماء الإسرائيلية أغلي من الدماء الأخرى" .
وقد أثار جالاوي جدلا واسعا عام 2006 عندما شارك في البرنامج التلفزيوني الأخ الأكبر (نسخة المشاهير). وكان قد أعلن انه في حال فوزه فانه سيتبرع بقيمة الجائزة إلى انتربال وهي منظمة خيرية تقدم الدعم للشعب الفلسطيني.
وتعود أصل الحكاية والارتباط بالشأن الفلسطيني كما يقول جالاوي في الفصل الثالث –من كتابه أنا لست الوحيد- عن الواقعة التي غيّرت مجرى حياته .. فقد حدثت عام 1975 وكان حينذاك قد أمضى ثمانية أعوام في خدمة حزب العمال حتى أصبح رئيساً لفرع الحزب في اسكتلاندا .. قال: حضر إلى مكتبي رجل غريب وقدّم نفسه باسم "سعيد حمامي" فلسطيني من الأردن .. وكانت هذه أول مرة ألتقي فيها برجل عربي .. كان يبدو لي مثل نجم السينما المشهور عمر الشريف .. قال: أنا أمثّل إتحاد الطلبة الفلسطينيين في جامعة "دندى" وأريد أن أناقش قضيتنا مع قادة حزب العمال .. قلت له : لا يوجد هنا أحد من القادة .. ولكن يمكنك أن تناقش معي قضيتك .. مكثت أستمع إليه لمدة ساعتين فأدهشني لبساطة حديثه وصدقه .. أقنعني بقوة حجته فوجدت نفسي أقول له : اعتبرني من هذه اللحظة عضواً في المقاومة الفلسطينية .. تضمّن حديث الشاب الفلسطيني سرداً كاملاً مفصلاً لوقائع النكبة التي حلت بوطنه وشعبه .. وكيف اختفى وطن بأكمله من خريطة العالم .. وتشتّت شعبه في الأرض ليقاسي ويلات اللجوء والتشرد، والأسوأ من كل هذا أن يغمض العالم عينيه عن هذه المأساة فلا يعبأ بها ...
بدأ جالاوي يتحدّث عن القضية الفلسطينية في مجموعة من أصدقائه الاشتراكيين والثوريين الذين كانوا يقفون ضد الإمبريالية العالمية ويؤيدون حركات التحرير في أفريقيا وأمريكا اللاتينية .. ولكنهم يقفون مع إسرائيل ضد الفلسطينيين .. فأثار هذا الموقف استغرابه وراح يحلل هذه الظاهرة حتى اهتدى إلى سببين أساسيين :
الأول: أن الصهيونية دأبت على ترويج وترسيخ فكرة أن "فلسطين أرض بلا شعب وأن اليهود شعب بلا أرض" .. والحقيقة هي أن الصهيونية هي الوجه الآخر لعملة اللاسامية، وأما الوجه الأول فيتمثل في جميع الأوربيين الكارهين لليهود الذين عملوا بكل قوة لتهجير اليهود من أوروبا ، وكانت الصهيونية تتآزر معهم وتتعاون على اقتلاع اليهود من أوروبا وتهجيرهم إلى أرض فلسطين.. يضاف إلى ذلك أن اليهود قبل شيوع الحركة الصهيونية كانوا من أكثر خلق الله انخراطاً في الحركات الثورية والاشتراكية وكانوا من أبرز قادتها فكراً وعملا .. كان ماركس وتروتسكى يهوديين.
وللأسف لم يكن أحد من أصدقاء جالاوى يفهم أن الاحتلال العسكري الاستيطاني في فلسطين ظاهرة إمبريالية، ولا علاقة لها مطلقاً بالأفكار الثورية التي عرفت عن اليهود في أوربا.
أما السبب الثاني لدعم اليساريين لإسرائيل فيرجع إلى أنه في الستينات والسبعينات من القرن العشرين كان يحكم إسرائيل حزب العمال الذي كان يفخر بانتمائه للاشتراكية الدولية ويروج للطبيعة الاشتراكية لإسرائيل ويشجع الشبان على زيارة الكيبوتزات في إسرائيل، ليروا بأنفسهم كيف تهتم إسرائيل بتربية أطفالها تربية اشتراكية .. وفي نفس الوقت يتمتع الشباب بالإقامة المجانية وأطايب الطعام والحب المتحرر من كل القيود .. الشيء الوحيد الذي حُجب عن هؤلاء الشبان هو أن الأرض التي أقيمت عليها هذه الكيبوتزات أرض مغتصبة .. وأن أصحابها الحقيقيين يرتعدون من البرد والجوع في مخيمات اللاجئين المتناثرة في كل مكان ...!!
كذلك حجبوا عنهم حقيقة أخرى وهي أن إسرائيل التي تدّعى الاشتراكية كانت تعتمد اعتماداً كلياً على الولايات المتحدة أكبر رأسمالية إمبريالية في العالم .. تمدها بعناصر الحياة والقوة كما كانت تساند – في نفس الوقت – نظاماً عنصرياً مثيلاً في جنوب أفريقيا ضد الأغلبية السوداء المقهورة .. بهذا الفهم العميق تبنى جالاوي القضية الفلسطينية .. وأكدت له الأحداث .. والمعرفة المتراكمة عبر ثلاثين سنة أن اختياره كان صحيحاً ...
العراق في يقين جالاوي ..معاداة البعث والأمريكان:
أسس جالاوي مع ناشطين آخرين في سبعينيات القرن الماضي حملة ضد القمع ومن أجل الحريات المدنية في العراق، شنت هجوما حادا على ممارسات نظام صدام حسين خاصة قمعه للحزب الشيوعي العراقي.
وكان من أشد المنتقدين للعقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق في أعقاب حرب الخليج الثانية عام 1991، والتي رأى أن المتضررين منها هم أطفال العراق وليس النظام، ولذلك أسس قافلة إغاثة طبية عرفت باسم "قافلة مريم"، لكسر الحصار الاقتصادي عن العراق وقيامه بزيارة صدام حسين عام 1994 و 2002 ، وقد شجعت حملته قادة وسياسيين آخرين (مثل هوغو شافيز) بكسر الحصار على العراق وتشجع من بعدهم بعض الزعماء العرب.
وقد زار جالاوى سوريا ولبنان والمغرب ومصر ودولاً عربية أخرى ولكن الدولة الوحيدة التي لم تدْعه لزيارتها كانت العراق .. وكان يعلم أنه لو ذهب إلى العراق لأُلقى القبض عليه .. ذلك لأنه كان يكتب ويخطب ضد حزب البعث وجرائمه ضد الشعب العراقي ( خلال السبعينات) وكان ينادى بالديمقراطية والحرية للشعب العراقي .. حتى خشي عليه أصدقاؤه الفلسطينيون من تهديدات حزب البعث له بالقتل.
يقول جالاوى : كنت أقود المظاهرات في لندن خارج السفارة العراقية ضد صدام حسين بينما كان صدّام في ذلك الوقت هو الصديق المدلّل للحكومتين البريطانية والأمريكية .. لأنه كان يحارب إيران نيابة عنهما، وكانت الصفقات التجارية وشحنات الأسلحة تجرى إليه على قدم وساق .. وكان رامسفيلد يزور العراق ويلتقي بصدام حسين يشجعه على استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الإيرانيين .. كانت أمريكا وبريطانيا تبيعان الأسلحة لصدام حسين حتى بعد واقعة حلبجة التي استخدم فيها صدام أسلحة كيماوية ضد الأكراد من أبناء شعبه الأبرياء .. وكانت أمريكا وبريطانيا تعلمان كل تفاصيل هذه المجزرة المأساوية ولكنهما هوّنتا من شأنها وأخفتا حقائقها ..! قالوا : إن ضحاياها لا يزيدون عن أربعمائة .. فلما خاصمتا العراق وأرادتا اختلاق ذرائع للحرب ارتفع عدد ضحايا حلبجة في تصريحاتهم إلى ثمانية آلاف ضحية ..!.
خرج صدام حسين من حرب إيران بجيش كبير قوامه مليون جندي مسلح بترسانة عسكرية أمريكية بريطانية .. ولكن أحد أخطائه الفادحة أنه أعلن في أحد مؤتمرات القمة العربية: أنه إذا قامت إسرائيل بالهجوم على أي دولة عربية فإن لدينا السلاح الذي يستطيع أن يحرق نصف إسرائيل .. هنا بدأ أصدقاء الأمس يستشعرون خطره على إسرائيل فاستدرجوه لغزو الكويت .. وكانت هي الصخرة التي حطم رأسه عليها ..ثم بدأت حملات الدعاية الأمريكية البريطانية حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل تمهيداً لشن الحرب على العراق ...
يقول جالاواى: "شعرت بخطر المنزلق الذي تجرنا إليه الإمبريالية الأمريكية .. وبدأ اليسار البريطاني ينضم إلينا في حركتنا ضد الحرب" .. فلما بدأ غزو العراق تحدّث جالاوى في لقاء مع تليفزيون دُبَيّ فوصف بلير وبوش بأنهما هبطا كالذئاب الجائعة على شعب العراق الأعزل .. فالتقطها أحد المنافقين من وزراء بلير وكتب مقالاً فاحشاً ضد جالاوى، وأرسله إلى صحيفة إسكوتلاندية هي "إسكوتش ديلى ريكورد" فرفض رئيس تحريرها "بيتركوكس" أن ينشرها وبعث برسالة إلى صديقه جالاوى يحذّره .. قال: "لم أستطع أن ألوّث يدي بدم جالاوى لأنك واحد من القلائل من أصحاب المبادئ في هذه الحكومة .. لقد جلست إليك وعرفت وجهة نظرك وأوافقك عليها .. ولكن كُنْ حذراً يا جورج فإن الوحوش قد نزلت إلى الساحة لافتراسك" ...!!
فقد "بيتر كوكس" وظيفته بسبب موقفه ، وهذا ما يحدث للصحفيين الشرفاء اليوم في بريطانيا كما يحدث في أمريكا .. وهى مسألة تدور في الخفاء ولا يجرؤ أحد على الخوض فيها خوفا على مصيره الشخصي ..
إن الصحفيين البريطانيين والأمريكيين يعلمون أن صحفهم جزء من إمبراطوريات إعلامية يملكها أباطرة غلاظ الأكباد مثل روبرت موردوك وأمثاله من الصهاينة ...
تسرب المقال فنشرته صحيفة الـ "صن" ( وهى تابعة للإمبراطور موردوك ) تحت عنوان ضخم [ الخائــن ] في صفحتها الأولى .. وعندها فُتحت أبواب جهنم باللعنات تتدفق على رأس جالاوى من كل مكان .. وفى هذا يقول : " امتلأ بريدي وموقعي على الإنترنت بسيل من الإهانات والشتائم المقذعة .. وتدفقت المكالمات التليفونية الجارحة ليل نهار على مساعدي مكتبي فانقلبت حياة الجميع إلى جحيم".
يصف جالاوى السنوات الخمسة الأولى من الحصار فيما بين 1990 و 1995 وكيف تحولت الحياة فى بغداد إلى جحيم .. ثم جاءت مرحلة (النفط مقابل الغذاء) مع استمرار الحالة المأساوية لشعب العراق وأطفال العراق .. مرحلة بالغة القسوة راح ضحيتها نصف مليون طفل عراقي ...
ذهبت مذيعة أمريكية من تليفزيون (CBS) هي "ليزلى ستيل" إلى بغداد وشهدت ما حلّ بأطفال العراق من كوارث .. وسألت "مادلين أولبرايت" وزيرة الخارجية : كيف نبرر موت نصف مليون طفل عراقي ..!؟ فأجابت الوزيرة بكلمات يصفها جالاوى بأنها [ أوزار ستحملها أولبرايت على كتفيها يوم القيامة وهى في طريقها إلى جهنم ] .. قالت: إنه أمر مؤسف ولكننا نعتقد أن الأمر يستحق هذا الثمن ..!!.
السلام عليك يا مريم :
يقول جالاوي : في زيارتي لبغداد سنة 1989 دخلت عنبر الأطفال في مستشفى بغداد وشاهدت مئات المرضى الذين كُتب عليهم الموت بسبب الحصار ونقص الدواء المناسب .. وبينما كنت أمر على المرضى استوقفتْ نظري طفلة في الرابعة من عمرها لها وجه ملائكي واسم ملائكي إنها "مريم حمزة" .. استمعت إلى تشخيص حالتها من الطبيب .. شيء يوجع القلب ..! خصوصا وأن المستشفى يفتقر إلى الأدوية والأجهزة اللازمة لعلاجها .. وقررت أن آخذها معي إلى بريطانيا للعلاج : لم أفكر لحظتها فيما إذا كانت أسرتها ستسمح بذلك أم لا ..؟ أو هل يسمح النظام بذلك أولا يسمح ..؟ .. أو هل يوافق "روبين كوك" وزير خارجيتنا على منح مريم تأشيرة دخول ..!؟ .. بل لم أفكر من أين نأتي بالمال للإنفاق على رحلتها وإقامتها مع ذويها وعلاجها في بريطانيا .. وماذا سيكون موقف الإعلام البريطاني من هذه المغامرة غير المسبوقة ...؟ لم أفكر في شيء سوى ضرورة علاج مريم في بريطانيا مهما كان الثمن ...
لما شرعنا في الإجراءات بدأت العُقد تنحل واحدة بعد الأخرى .. واستقرت مريم في مستشفى جلاسجو .. كل مشكلات مريم انحلت إلا مشكلتي مع الصحافة والإعلام البريطاني فقد وُجّهتْ إليّ موجة جديدة من الهجوم بدأتها صحيفة "الديلى تلجراف" [ وهي من ممتلكات مردوك الصهيوني] تحت عنوان "الغبي المفيد لصدام " ثم توالت الهجمات المتلفزة تصف الطفلة البريئة بأنها " سلاح صدام السري".. وخرج طبيب نفسي لا أدري من أي مستنقع جاء ليتّهمني على التليفزيون [وياللعجب] بتعريض طفلة شرقية للاضطرابات النفسية..!
والسبب عنده هو أنها صُدمت عندما رأت في مطار جلاسجو نساءً يلبسن "سكيرت" إزار قصير فوق الركبة وقد اعتادت أن ترى أهلها من النساء يلبسن الشادور الأسود الذي يغطيهن من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين .. هُراء ما بعده هُراء!! تحمّلته كله وأنا أتابع علاج الطفلة .. حتى حدثت المعجزة وزالت حالة الخطر عن مريـم ..
يتابع جالاوي حديثه فيقول: كم كنت سعيدًا بهذا الخبر ..! ولكن حكومة بلير لم تدعني أنعم بهذه اللحظة السعيدة إذ سلّطت علىّ "جولد سميث" النائب العام ، الذي أفتى من قبل بشرعية غزو العراق نفاقاً لسيده .. وهو هنا يريد فتح تحقيق لمعرفة ما إذا كان جمْع أموال تبرعات لغرض العلاج في حالة مريم العراقية فيه مخالفة للقانون ..؟! لقد أرادوا بذلك أن يدخلوني في دوامة جديدة من التحقيقات والإثارة الإعلامية للتغطية على ما ظهر من حقائق في حملتنا لعلاج مريم .. فقد عرف الناس أن حكومتهم ترتكب جرائم حرب في العراق ، وبرز بوضوح للرأي العام البريطاني التأثير المدمر للأسلحة المصنوعة من اليورانيوم المنضّب .. في نشر السرطان بين السكان المدنيين في العراق .. مما يشكّل جرائم حرب حقيقية .. فالولايات المتحدة وحدها أسقطت على العراق ثلاثين ألف قذيفة من هذا النوع ، وأطلقت تسعمائة ألف رصاصة ، إضافة إلى 30 ألف طن من المخلفات المشعّة‘ كل هذا لتلويث الهواء والماء والتربة والطعام والأجسام .. وكان الأكثر تأثّراً بذلك هم أطفال العراق ...
إغاثة الشعب العراقي :
من "بيج بن" إلى بغداد في رحلة لكسر الحصار : يقول جالاواى عن هذه الرحلة: "قصدنا بهذه الرحلة عام 1999 إذاعة عملية "إغاثة مريم" ونشرها بين عشرات الملايين من المشاهدين في أنحاء العالم خرجنا في حافلة كبيرة من أمام ساعة "بيج بن" وسط لندن حتى وصلنا إلى فرنسا ومنها إلى أسبانيا ثم عبرنا مضيق جبل طارق إلى المغرب .. ثم الجزائر وتونس وليبيا ومصر والأردن، وهناك عبرنا الحدود حتى وصلنا إلى بغداد .. حيث فوجئنا بطوفان من البشر قُدر عددهم بثلاثة ملايين .. استقبلونا بالأهازيج والهتافات ولافتات الترحيب .. كانت البعثة مؤلفة من مجموعة مختارة من نشطاء حزب العمال والثوريين السابقين من الطلاب والموسيقيين والأكاديميين ..وقد تكلّف الشيخ زايد آل نهيان بنفقات الرحلة التي استغرقت ستة أيام عبرنا فيها ثلاثة قارات .. وكنا نعيش معاً : نعد طعامنا ونأكل ونغسل ثيابنا بأنفسنا .. توثقت علاقتنا الإنسانية وارتفعت روحنا المعنوية .. وكنت حريصاً ألا يصحبنا في هذه الرحلة أحد من النساء اتّقاءً للشبهات ، وحتى لا نعطى للمتربّصين بنا فرصة لمهاجمتنا وتشويه أهدافنا الإنسانية" ..تلت هذه رحلة جوية سنة 2000م لخرق الحصار الجوي فلما وصلنا إلى مطار بغداد خرجت التايم اللندنية بعنوان كبير: [عضو البرلمان يخرق الحصار الجوي على العراقي] ...
اتهامات باطلة لكسر روح المقاومة :
يقول جورج جالاوى في رده على اتهامات حكومة بلير بالعمالة لصدام حسين: "في جميع رحلاتي إلى العراق لم ألتق بصدام سوى مرتين، في الأولى التقيت به مع مجموعة كبيرة من الناس، وفي الثانية حاولت إقناعه بالسماح لفريق تفتيش الأمم المتحدة لدخول العراق ظناً مني أن هذا سوف يؤدى إلى إنهاء الحصار ووضع حد لمعاناة الشعب العراقي"، و قد تبيّن لي فيما بعد أنني كنت مخطئاً في تقديري ..فقد كان استمرار الحصار مقصودا وكانت الحرب في طريقها إلى العراق لا محالة ... فعندما عدت إلى بريطانيا أعلنت لهم في البرلمان أن صدام لا يملك أسلحة دمار شامل وسوف يسمح لفريق التفتيش بالعمل في العراق .. ولكن لم يصدقني أحد في الحكومة ولا في الصحافة .. ثم أظهرت الأحداث أن الدكتاتور الشرير كان صادقاً في كلامه وفي وعده كليهما .. أما قادة العالم المتحضر أمثال بوش وبلير فقد كذبوا على شعوبهم وعلى العالم تبريراً لجريمة غزو العراق ..".
يذكر لنا جورج جالاوى هنا عبارة بالغة الدلالة يقول فيها : " لقد قامت بريطانيا وأمريكا بغزو العراق وتدميره لأنه لا يملك أسلحة دمار شامل ولا يمثل خطراً عليهم وهما يعلمان هذه الحقيقة .. ولم يقوما بغزو كوريا الشمالية لأنها تملك بالفعل أسلحة نووية وستكون خطرا عليهم لو أنهم أقدموا على غزوها أو الاقتراب من حدودها ...!! "
لبنان :
لم يتوان جالاوي عن دعم القضية اللبنانية منذ بداياتها وبقي على نشاطه من أجل حقوق الفلسطينيين حتى الحرب الصهيونية ضد لبنان في 1982، فسافر جالاوي إلى هناك مع زميله روبرت فيسك، وشكلا في لندن لجنة طوارئ وإغاثة ضد الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان.
وفي يوليو 2006 أثناء الاعتداء الصهيوني على لبنان، قاد جالاوي مظاهرة في لندن تحت عنوان "ارفعوا أيديكم عن لبنان"، وصف خلالها الكيان الصهيوني بالدولة الإرهابية والحكام العرب بالخونة الفاسدين.
وعارض جالاوي حرب إسرائيل على لبنان وحمل إسرائيل المسؤولية قائلا في مقابلة مع شبكة سكاي3: "حزب الله جزء من المقاومة الوطنية اللبنانية التي تحاول طرد الإسرائيليين مما تبقى من أراضيها إضافةً إلى استرجاع آلاف الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال 18 عاماً من احتلالها غير الشرعي للبنان" واصفا إسرائيل بالدولة الإرهابية. واعتبر جالاوي أن قرار الأمم المتحدة حول لبنان "لن يحلّ الأزمة لأنه لن يمنح لبنان شيئاً"، مشيراً إلى أن "الاتفاق الشامل والعادل يحلّها، لأن السلام لا يحلّ بانعدام العدالة".
قوافل شريان الحياة "تكفير عما اقترفته الأنظمة":
ولعل ولعه بالحق الفلسطيني ورفضه القاطع للحصار الصهيوني الغاشم على قطاع غزة يرجعه بالأساس إلى " أنا بريطاني الأصل، والبريطانيون كانوا طرفًا في كتابة الوثيقة التي سبَّبت المأساة الفلسطينية الحالية حين وعد "بلفور" باسمه طرفًا آخر إعطاء أرض فلسطين لطرف ثالث، وهو ما يجعلني ويجعل كثيرًا من النشطاء نشعر بالذنب العميق تجاه هذا الشعب الأعزل".
نظم جالاوي قافلة شريان الحياة 1 التي انطلقت من بريطانيا ودخلت قطاع غزة في مارس 2009 وضمت نحو 300 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية ودوائية وغذائية.
كما دعم جالاوي قافلة "فيفا باليستينا" أو "عاشت فلسطين"يوليو 2009؛ والتي جمعت نحو مليوني دولار من ولايات أمريكية عدة، ضمت 200 ناشط من حاملي الجنسية الأمريكية، ولكن أصولهم مختلفة؛ هنود وأمريكان وأفارقة وألمان وباكستانيون ومصريون وفلسطينيون وفرنسيون وكوريون وغيرهم، وكذلك أصحاب المناصب العليا وبعض المسئولين، فضلاً عن نشطاء من كافة الأديان اليهود والمسيحيون والمسلمون. وهي القافلة الثانية لبعض نشطاء العالم، وقطعت "فيفا بالاستينا" آلاف الكيلو مترات ومرَّت بما يقرب من ثماني دول تعرَّضت خلالها لصعوبات عديدة، الأمر الذي يستسهله جالاوي بقوله : كنت قد وعدت شعب غزة بالعودة مرةً أخرى بقافلة تنطلق من الولايات المتحدة..ولعل أبرز ما دفع جالاوي لتحريك قافلة عاشت فلسطين من أمريكا: بحسب قوله- أن كل حجر وسلاح يستخدمه الكيان في عدوانه على فلسطين يُقدَّم مجانًا من الولايات المتحدة، وهو ما سبَّب المأساة الحقيقية، لذلك رأيت أن الشعبَين الأمريكي والبريطاني عليهما تحمُّل أخطاء حكامهم لصمتهم عليها حينها، ولذلك قررت أن تكون نقطة انطلاق "فيفا بالاستينا" من الولايات المتحدة.
شريان الحياة 3 :
وفي 5 يناير 2010، قاد جالاوي قافلة شريان الحياة لرفع الحصار عن شعب فلسطين في غزة بالمشاركة مع نواب من تركيا وكانت القافلة تحمل مساعدات وأدوية وسيارات.
قاد جالاوي القافلة من تركيا إلى سوريا ثم الأردن ولكن عند الوصول للعقبة فوجئوا بمعارضة شديدة من الحكومة المصرية وأجبرتهم للعودة من الأردن ثم اللاذقية للإبحار إلى العريش مسافة تقارب 1800 كم وتكاليف إضافية تقارب أكثر من نصف مليون دولار أمريكي، وبعد الوصول إلى ميناء العريش يوم 5 يناير احتجزت القافلة في ميناء العريش لعدة ساعات دون توفير الأكل أو الشرب لهم، مما أدى إلى وقوع صدامات مع الأمن المصري.
إثر ذلك، قام النائب العام المصري بفتح تحقيق في الحادث تم على إثره اعتبار جالاوي شخصاً غير مرغوب فيه قي مصر وممنوع من دخولها مستقبلاً، كما طلب القبض على سبعة أشحاص من القافلة اتهمهم بالقيام بأعمال إجرامية والتخريب واحتجاز موظفين مدنيين بالميناء بالمخالفة للقيم والأعراف. وعند الوصول إلى غزة عبر معبر رفح كان في استقبالهم أبناء غزة حكومة وشعباً وقابلوهم بكل حفاوة.
ورغم ما واجهه جالاوي من صعوبات نجح في تسيير قوافل شريان الحياة 1، 2، 3، ويعد العدة لإطلاق شريان الحياة 4، ويؤكد أنه لن يتوقف، رغم الصعوبات العربية والمصرية منها بشكل أخص، التي واجهها ويواجهها، وآخرها حظر دخوله الأراضي المصرية، ومع إصراره على دعم الحق الفلسطيني نجح جالاوي في حشد أنظمة دولية كماليزيا وتركيا وجنوب أفريقيا وفنزويلا لمناصرة أبناء غزة.
وإزاء الصلف الصهيوني ضد أسطول الحرية، قال جالاوي: 6 سفن أحرجت العالم وأربكت العدو الصهيوني.كيف سيتصرف العالم حين تتحرك 60 سفينة في شهر سبتمبر 2010 إلى قطاع غزة، وكذلك مئات الشاحنات من كل الاتجاهات نحو غزة، وذلك خلال زيارته لليبيا في يوليو 2010، موضحا: "هذا ما قدمنا من أجله وهذا ما سنعمل على تحقيقه ولن نتوقف حتى يرفع الحصار كليا عن غزة مهما كان الثمن ومهما طال الزمن وسنعمل على تحرير فلسطين.. أن لم اشهد هذا فسيشهده(ابني زين الدين جورج جالاوي) ..".
ويؤكد جالاوي أن الرسالة التي يحملها بقوافل الإغاثة التي لن تتوقف حتى يفك الحصار عن شعب غزة الأعزل: نقول للشعب الفلسطيني وللعالم بأسره إذا كانت الحكومات العربية والغربية قد تخلت عن الشعب الفلسطيني، فإن الشعوب العربية والعالمية لم ولن تتخلى عنهم أبدًا.
مناصرة فنية:
يعتزم عضو مجلس العموم البريطاني السابق جورج جالاوي، المشاركة فيلم سينمائي عالمي عن القضية الفلسطينية من إخراج المخرج الأمريكي الشهير مايكل مور. فبعد أن فقد مقعده البرلماني في الانتخابات البريطانية العامة مؤخرا، سافر جالاوي إلى الولايات المتحدة، للبحث في إمكانية المشاركة فيلم سينمائي بالتعاون مع مور، يتكلف الفيلم نحو 2 مليون جنيه إسترليني.
رفض الهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية :
يعلل جالاوي رفضه للمخططات الأمريكية والبريطانية وحلفائهم من قوى الاستعمار العالمي (أمر لا يحتاج إلى عبقرية آينشتاين، وأن الأمريكان يريدون النفط العربي، ويرغبون في تقسيم العرب من جديد، لأن ضعفهم وتفرقهم ضمانة للسيطرة الاستعمارية الأميركية والإسرائيلية على هذه المنطقة، بغرض امتصاص خيراتها حتى آخر رمق ، وليس من اهتمام أميركي من أي نوع بالقيّم الديمقراطية، أو ما أشبه من كلام لم يعد يستهلكه أحد)....وهكذا يقدم جورج جالاوي نموذجا للمقاومة والروح القتالية الداعمة للحقوق المشروعة للشعوب العربية .زفكم نحتاج إلى آلاف الشخصيات من أمثال جورج جالاوي ليرفع عنا عار الكارازيات الخانعين للهيمنة الأمريكية والصهيونية التي تجتاح شعوب المسلمين بأيدي فئة من بني جلدتنا المتاجرين بدماء شعوبهم....
*صحفي وكاتب إسلامي مصري.
"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"